مستجدات الأحداث

No More Articles

«الإصلاح» أكثر قرباً من «أنصار الله»: نحو مصالحة تقلب التحالفات؟

المرصاد نت - الأخبار

تتزايد يوماً بعد يوم المؤشرات على تقارب بين «الإصلاح» و«أنصار الله» عماده ظهور جناح في الأول مناهض لـ«التحالف» وداعٍ إلى التصالح مع «الحوثيين». وعلى رغم alhothi aleslah2018.10.8الممانعة التي لا يزال يبديها إلى الآن الجناح الآخر إلا أنّ مصادر «إخوانية» تؤكد أنه يبارك ضمناً تحركات القيادات الوسطية فيما تتلقى «أنصار الله» بالترحاب دعوات المصالحة، مبدية استعدادها لتقديم الضمانات اللازمة.

بعد ثلاث سنوات ونصف سنة على إعلانه تأييد «عاصفة الحزم» يجد حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (إخوان مسلمون) نفسه اليوم ضحية حسابات خاطئة وأجندة سعودية – إماراتية لا تتوافق مع أهداف الحزب. لقد تلقّى «الإصلاح» الضربة تلو الضربة، واقتُحمت مقارّه في عدن والجنوب وقُتل العشرات من أعضائه بعمليات اغتيال تشير أصابع الاتهام بالوقوف وراءها إلى السلفية المتطرفة التي تدعمها الإمارات وتنمّيها.

شبح الاجتثاث الذي يواجه حزب «الإصلاح» أفضى إلى تحوّل كبير في مواقفه وظهور ما صار يُعرف بـ«جناح الإصلاح في تركيا وقطر». قيادات شابة تحظى بتأييد كبير من قواعد الحزب تناهض التدخل السعودي – الإماراتي في اليمن وترى فيه احتلالاً.

الوجه الأبرز في هذا الجناح الناشطة الحقوقية الحائزة «جائزة نوبل للسلام» توكل كرمان التي دعت أخيراً إلى «مصالحة وطنية مع الحوثيين وتشكيل حكومة وحدة وطنية». دعوة أثارت جدلاً واسعاً وتفسيرات متباينة لكنها قوبلت بترحيب من قِبَل «أنصار الله» التي أعلن القيادي البارز فيها وعضو مكتبها السياسي محمد البخيتي استعداد الحركة لتقديم «كل الضمانات الممكنة والعادلة» لبناء الثقة مع «الإصلاح».

وتوجّه البخيتي في رسالة مفتوحة إلى الحزب بالقول: «لا تتنصّلوا من المسؤولية بحجة أن قيادتكم محتجزة في السعودية، وقرارها مُصادَر، لأن حل ذلك الإشكال التنظيمي بسيط، وأنتم مكون تنظيمي وحزبي عريق وتعرفونه جيداً» مضيفاً: «ليس المطلوب منكم ولا منا أي تنازلات، بل المطلوب أن نتوقف عن قتل بعضنا البعض… ونتوصل لسلام مشرّف».

هذا الغزل السياسي بين حزب «الإصلاح» و«أنصار الله» أعقبته تسريبات عن لقاء احتضنته الدوحة أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي جمع الناطق الرسمي لـ«أنصار الله» محمد عبد السلام والقيادية في «الإصلاح» توكل كرمان والقيادي في الحراك الجنوبي فادي باعوم وهو ما نفته كرمان مُوارَبة قائلة إن «إعلام الإمارات اختلق تهمة وجود حوار سري وتفاهمات بين حزب الإصلاح والحوثيين ولو أن هناك حواراً وتفاهمات فهذه مفخرة كبيرة وتُحسب للإصلاح لا عليه». وأضافت: «أتطلع إلى مصالحة وطنية تضم الإصلاح والحوثيين وكافة المكونات اليمنية بما يحفظ لليمن سيادتها واستقلالها في ظلّ نظام جمهوري ديمقراطي عادل».

مرتكزات المصالحة التي استندت إليها مبادرة كرمان اعتبرتها «أنصار الله» عقلانية ومنطقية. وقال عضو «اللجنة الثورية العليا» السابقة صادق أبو شوارب : «(إننا) جاهزون للتعاطي الإيجابي مع المبادرة وإن تأخرت فهي تعبّر عن التيار العقلاني في حزب الإصلاح، وتتلاقى مع تطلعات الشعب اليمني» مضيفاً أن «الرئيس الشهيد صالح الصماد كان المبادر في الدعوة إلى المصالحة الوطنية في سبتمبر (أيلول) 2017 لكن قيادات الأحزاب المُرتهَنة للرياض وأبو ظبي لم تتفاعل مع الدعوة التي جاءت اليوم من قيادية في حزب الإصلاح ونتمنى من قيادة حزبها أن تتحلّى بالشجاعة وتعود إلى اليمن لإقامة مصالحة وطنية». وأشار إلى أن «أنصار الله وحزب الإصلاح في محافظة عمران غلّبا المصلحة الوطنية ووقّعا العام الماضي معاهدة للحفاظ على السلم المجتمعي والاصطفاف في وجه العدوان».

وإلى جانب تلك الاتفاقات الموضعية، برزت مؤشرات سياسية وإعلامية عدة إلى تقارب بين الطرفين قابل للتطور. ففي وقت حُكي فيه عن لقاءات جمعت قيادات من «أنصار الله» و«الإصلاح» في تركيا سُجّل تحوّل واضح في خطاب القنوات الفضائية التابعة لـ«الإصلاح» خلال الشهور الماضية حيث تلاقت مع القنوات التابعة لـ«أنصار الله» في إبراز جرائم النظامين السعودي والإماراتي والتشهير بمشاريعهما التوسعية والتدميرية. كذلك إن ظهور القيادي في «أنصار الله» محمد البخيتي قبل أيام لأول مرة على قناة «بلقيس» التي تبثّ من أنقرة، مثّل تطوراً لافتاً عدّه مراقبون مقدمة لتقارب أكبر وأكثر وضوحاً.

مقدمة يرفدها تصاعد السخط في أوساط منتسبي «الإصلاح» الذي يقول النائب عنه في البرلمان شوقي القاضي إن «التحالف السعودي الإماراتي انحرفت أهدافه في اليمن، وتكشّفت أجندته الخفية باحتلال الجزر وقضم الأراضي والسيطرة على الموانئ ونهب الثروات… ومن العار أن نظلّ صامتين تجاه هذا الاستعمار الجديد المتلبّس عباءة إنقاذ اليمن». وعن موقفه من دعوة كرمان إلى المصالحة أجاب: «الحوثيون يؤمنون بالسلاح ولا يمتلكون الذكاء السياسي ولا يدركون أهمية المصالحة مع أن وصول البلد إلى الانهيار الشامل يحتّم عليهم وعلى غيرهم الاقتناع بأن الحل لن يكون إلا يمنياً وأن الرهان على الخارج أو القوة لن يضمن البقاء لأي مكون ومهما طالت الحرب فلا بد من العودة إلى الحوار».

ابتعد حزب «الإصلاح» كثيراً عن «التحالف السعودي» ليقترب بمواقفه من «أنصار الله». ولم تعد البيانات الصادرة عن قيادة الحزب المقيمة في الرياض والتي تعيش عزلة حقيقية عن القيادات الوسطية وقواعد الحزب تجدي في إخفاء النفاق السياسي الذي تمارسه. قيادي في حزب «الإصلاح» في محافظة تعز طلب عدم الإفصاح عن اسمه قال  إن «رئيس الحزب محمد اليدومي والأمين العام للحزب عبد الوهاب الآنسي وبجانبهما مجموعة من القيادات يعيشون في الأسر لدى السلطات السعودية ومنذ أكثر من عامين وهم تحت الإقامة الجبرية في فنادق بالرياض وجدة وإذا سُمح لهم بتحركات محدودة أو عقد لقاءات فإن وحدة من قوات الأمن السعودي ترافقهم».

وأكد القيادي في الحزب أن «اليدومي والآنسي يباركان في السر أداء ومواقف شباب وقيادات الإصلاح المقيمة في قطر وتركيا وماليزيا وكل القيادات في الداخل اليمني» كاشفاً عن «صفقات جرت بين قيادات عسكرية منتمية إلى الإصلاح وقيادات ميدانية من الحوثيين بعيداً عن تدخل قيادة القوات المشتركة جرى بموجبها تبادل عشرات الأسرى وجثامين قتلى من الطرفين في مأرب والجوف وتعز».

وأشار إلى أن «القيادات العسكرية المنتمية إلى الإصلاح، وكذا قيادات المقاومة الشعبية فقدت كامل الثقة في الإمارات والسعودية ولم تعد ترى في القتال ضد الحوثيين أي قيمة، وأن جميع المنتمين إلى الإصلاح هم اليوم على قناعة بأن أبو ظبي والرياض قاتلتا بشباب الإصلاح وقادته، وهما اليوم تقتلانهم وتنكّلان بهم… وكل ذلك لتمكين فلول نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح من العودة إلى السلطة».

من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي علي السقاف أن «الخلافات بين الإصلاح والحوثيين خلافات عقائدية ولكن في السياسة لا أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون. فحزب الإصلاح صار في مرمى سهام الإمارات والسعودية ومنذ اقتحام قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات معسكرات الحزب في عدن بدأ تبادل الضرب تحت الحزام وتنامت الحرب غير المعلنة وجُمّدت جبهات القتال التي يسيطر عليها الإصلاح في الجوف ومأرب كذلك حرف الإصلاح بندقيته في تعز من خنادق القتال ضد الحوثيين إلى قتال السلفيين التابعين للإمارات».

ولفت إلى أن «قطر عادت إلى الساحة اليمنية بقوة منذ بداية العام الحالي لتصفية حساباتها مع الرياض وأبو ظبي» مؤكداً أن «الدوحة ستدفع حزب الإصلاح إلى تقارب جدي مع الحوثيين وأن خريطة التحالفات ستشهد تغيراً كبيراً في الشهور القادمة».

«ترميم المؤتمر»: إحراج لهادي ورسالة تطمين للأمم المتحدة

في الوقت الذي لم تتمكن فيه قيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام» من لملمة الحزب واتخاذ أي إجراء على طريق استعادة الحزب استقراره ولو نسبياً جاءت من صنعاء بوادر وصفها سياسيون بأنها جيّدة. رئيس الحزب صادق أمين أبو راس أصدر قراراً بتعيين أحمد علي عبدالله صالح عضواً في اللجنة الدائمة للحزب وأصدر قراراً مماثلاً بتعيين عوض عارف الزوكا عضواً في اللجنة الدائمة للحزب.Ahmedali2018.10.8

قرار أبو راس جاء بعد يوم واحد من إفراج «أنصار الله» عن نجلَي صالح صلاح ومديَن المحتجزان منذ أحداث ديسمبر الماضي. وقرار الإفراج خطوة لم تكن متوقعة، ولكن حركة «أنصار الله» بادرت وأفرجت عن نجلي صالح بترتيب محلي وتنسيق إقليمي ودولي. وفي سياق الرتيب نفسه أتى كان الإعلان عن تعيين أحمد علي عبدالله صالح عضواً في اللجنة الدائمة لـ«المؤتمر».

مصادر سياسية أكدت على أن القرار «كان مفاجئاً للجميع على مستوى مؤتمر صنعاء وعلى مستوى مؤتمر الخارج الذين هم تفاجؤوا أيضاً بهذه الخطوة غير المتوقعة» وكشفت المصادر عن «اتفاق جرى بين أنصار الله والمؤتمر في صنعاء وبوادر هذا الاتفاق بدأت علاماته ونتائجه تظهر على السطح بشكل واضح ربما فقد تم الإفراج عن نجلي صالح وهذه الخطوة ليست بسيطة إضافة إلى ما تم الإعلان عنه من قبل أبو راس بتعيين نجلي صالح الأكبر عضوا في اللجنة الدائمة وهناك قرارات قادمة ستعلن عنها في هذا السياق في الأيام المقبلة».

وقالت المصادر إن مؤتمر صنعاء يعمل عن كثب وبترتيب داخلي وخارجي نحو توحيد الحزب تحت قيادة واحدة وصنعاء هي المكان الوحيد لتوحيد الحزب خصوصا بعد أن فشلت كل المحاولات في توحيد الحزب من قبل قيادات واجنحة الخارج سواء الذين يقيمون في القاهرة أو أبو ظبي أو الرياض.

من جهة أخرى كشفت مصادر سياسية عن أن «هناك توجه جديد لدى أنصار الله لإعادة ترتيب الوضع السياسي في صنعاء ومساعدة المؤتمر الشعبي العام في إعادة ترتيب وضعه والخطوتين التي تمت في صنعاء تأتي في هذا السياق».

ولفتت المصادر إلى أن «هذا الترتيب تم بناء على وساطة عُمانية ونقاشات جرت بين قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي وبين المبعوث الأممي مارتن جريفيث خصوصاً بشأن ملف المعتقلين السياسيين وبشأن الحوار القادم». وأشارت إلى أن «جريفيث أكد أثناء مغادرته صنعاء قبل أيام وفي زيارته الأخيرة، على أنه التقى أنصار الله وهناك نتائج طيبة بشأن الذهاب نحو المفاوضات وبشأن ملف المعتقلين السياسيين. مشدّداً على «تفهّم واستعداد أنصار الله بهذا الشأن وبشكل جدي».

مصادر سياسية في صنعاء قالت إن «الإفراج عن نجلي صالح وقرار المؤتمر الذي اتخذه صادق أمين أبو راس هي رسالة واضحة من قبل الأنصار للداخل والخارج" للسعودية وهادي ولأبو ظبي وغيرهم». وتابعت أن «صنعاء تتفق مع متناقضاتها وتسوي ملعبها من مشاكل مستقبلية بهذا الإجراء ورسالة الأنصار للجميع هي أن صنعاء تصنع التغيير وتقبل الكل مهما كان رأس السلطة وتقدم نموذج أفضل من مأرب وعدن ولكل اليمنيين».

 مصادر سياسية مؤتمرية في الخارج قالت إن «خطوة أنصار الله فيها رسالة واضحة إلى الأمم المتحدة كتدشين لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ورسالة لمحبي صالح بهدف استعادة التحالف مع مؤتمر الداخل». وعن التقدير لدى حكومة هادي بشأن قرار تعيين أحمد علي عضواً في اللجنة الدائمة قالت المصادر المقرّبة من هادي ومن جناح مؤتمر «الخارج» إن «خطوة أنصار الله فيها إحراج لهادي وأيضاً يبدو أنها محاولة لسحب المؤتمريين الذين في الخارج إلى الداخل وبالتالي اضعاف هادي مؤتمرياً».

ولفتت المصادر إلى أن «هادي لن يتمكن من اتخاذ ترفيع أحمد علي وهو ما زال تحت العقوبات لأن ذلك سيدفع إلى إعادة النظر بالقرار الأممي وخصوصاً 2216». وتذهب المصادر بالقول إن «مؤتمر صنعاء يبدو أنه سيتمسك بأحمد علي وكورقة سياسية سيحاول الضغط بها عند التسويات القادمة ومن ناحية ثانية يبدو أن أنصار الله اتخذت وساعدت المؤتمر على هذه الخطوة التي تهدف إلى ترميم سمعة المؤتمر كما وترميم وضعه» لكنها رأت أنها «ترميمات لشروخ لا تترمم».

المزيد في هذا القسم:

No More Articles