مستجدات الأحداث

No More Articles

هل تنجح الإمارات في تحويل جنوب اليمن إلى مقاطعة خاصة بها؟

المرصاد نت - متابعات

تتغلغل الإمارات في جنوب اليمن تحت غطاء الدفاع عن هذا البلد وحماية أراضيه ومساعدته إنسانياً ولكن ممن تحميه.. من نفسها؟، كيف يمكن أن تدافع عن بلد هي من يساهم في خرابه وتقسيمه Socatraa2019.6.19وكيف يمكن أن تساعده إنسانياً وهي وحليفتها الرياض تدمران كل مظاهر الحياة هناك؟.

بعد أن جنّدت الامارات مجموعات يمنية في جنوب البلاد، تسعى اليوم عبر هذه الجماعات إلى القيام بانقلاب عسكري هناك ضد ما يسمى بـ “الحكومة الشرعية” المدعومة سعودياً.

هذا الانقلاب تحدث عنه “اللواء الرابع حماية رئاسية” مهران القباطي في تسجيل صوتي مسرّب، تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كشف من خلاله أن الإمارات تخطط لانقلاب ضد ما يسمى “الحكومة الشرعية” ببسط السيطرة على ما تبقى من مؤسسات حكومية في المدينة.

وأوضح القباطي أن الانفصاليين فيما يُعرف بـ“المجلس الانتقالي الجنوبي”، المدعوم إماراتياً، يحشدون لتشكيل “مجلس عسكري” في عدن وأشار القباطي إلى أن المخطط يشمل السيطرة على مقر البنك المركزي اليمني وشركة مصافي عدن وقصر الرئاسة في منطقة معاشيق “مقر الحكومة الفعلي في عدن”.

وفي التسجيل الصوتي كشف القباطي عن اجتماع عُقد في مدينة عدن ترأسه وزير الداخلية أحمد الميسري السبت الماضي، ناقش التطورات وما تحتاجه الوحدات العسكرية التابعة للشرعية.
هذا التطور الجديد ينذر بمعارك طاحنة بين قوات “الحزام الأمني” المدعومة إماراتياً والقوات التابعة لـ عبد ربه منصور هادي المدعومة سعودياً وحصل هذا الأمر سابقاً وتمكنت الرياض من ضبط الأمور ولكن لا نعرف إن كانت ستتدخل هذه المرة خاصة وأنها لم تعدّ تعير أي أهمية لمنصور هادي.

أطماع الإمارات في الجنوب - الموانئ

ما إن بدأت الحرب السعودية على اليمن حتى سارعت الإمارات لدعم هذه الحرب والمشاركة بها لتحقيق مطامعها القديمة في السيطرة على موانئ الجنوب. قصة السيطرة على هذه الموانئ ليست بالأمر الجديد فقد سبق وأن حاولت الإمارات السيطرة عليها بالسلم قبل الحرب، وذلك في مطلع تسعينات القرن الماضي عقب الوحدة اليمنية عندما أقرّت الحكومة آنذاك إنشاء منطقة التجارة الحرة في المدينة وهو القرار الذي أثار مخاوف أبوظبي من أن ينعكس ذلك على حركة ميناء دبي.

ووفقاً لمسؤول يمني فإن الإمارات أسهمت في تعطيل المفاوضات مع عديد الشركات العالمية لتطوير الميناء وتشغيل المنطقة الحرة إلى أن خضعت الحكومة وسلّمت الأمر لشركة موانئ دبي التي تعمّدت المماطلة في تطوير الميناء والمنطقة الحرة.

لم يكن للإمارات مصلحة في تشغيل موانئ اليمن الجنوبية لكونها تؤثر على نشاطها التجاري وحركة موانئها وأهميتها وعلى هذا الأساس وبعد أن نجحت الإمارات في الاستحواذ على ميناء عدن ومنطقته الحرة باتفاقية مع الحكومة اليمنية، لم تفِ بالاتفاق المبرم لتطوير الميناء إلى أن تهالكت أدواته وتراجع نشاطه فبعد أن كان الميناء يستوعب 500 ألف حاوية في العام الواحد وكان من المفترض أن يرتفع استيعابه إلى مليون حاوية خلال مدة محددة انخفض العدد، وفي عام 2011 لم يستوعب الميناء سوى 130 ألف حاوية فقط.

وهكذا بقيت الأمور إلى أن بدأت الحرب على اليمن وعلى الفور سارعت الإمارات إلى جنوب البلاد وبدأت بعسكرة الجنوب تمهيداً للسيطرة على الموانئ والجزر هناك، وهذا ما حصل بالفعل حيث سيطرة أبو ظبي على موانئ عدن وحضرموت والمخا، وحوّلت الأخير إلى قاعدة عسكرية ممنوع الاقتراب منها، وسيطرت على الجزر كسقطرى وميون ولهذه السيطرة أهدافها الاقتصادية.

حقول النفط والغاز

لم تبحث الإمارات فقط عن الموانئ وحركة السفن والتجارة عبر البحر الأحمر وخليج عمان بل تعدّت ذلك إلى حقول النفط وخاصة حقول “شبوة” ومحطة النفط في الشحر المصنع اليمني الوحيد لتسييل الغاز والذي يقع في بلحاف.

أطماع الإمارات أصبحت واضحة للجميع حتى إن سكان الجنوب بدؤوا يستشعرون خطر الإمارات لاسيما بعد إداراتها للعديد من السجون هناك واعتقال كل من يخالفها الرأي وحذّر من هذا الأمر القيادي في الحراك الجنوبي العميد علي محمد السعدي عندما شنّ هجوماً عنيفاً على الإمارات واصفاً وجودها في عدن والمحافظات اليمنية الأخرى بالاحتلال.

وكتب السعدي في صفحته على فيسبوك منتقداً الإمارات “إن البعض لديهم وهم، ويقولون إن الإمارات شكّلت جيشاً جنوبياً ودعمته بالمال والسلاح ولكن الحقيقة أنه حتى اللحظة لا يوجد جيش وإنما مليشيات مناطقية وهذه المليشيات هي عبارة عن لغم موقوت ستفجّره الإمارات في الجنوب متى ما شعرت أنه غير مرغوب في بقائها بالبلاد”.

وطالب كثر من الحراك الجنوبي عبد ربه منصور هادي بإخراج الإماراتيين من جنوب البلاد لكن يبدو أن منصور هادي ليس بيده حيلة، ويخشى الجنوبيون اليوم أن يتحوّل الجنوب إلى مقاطعة إماراتية أو إمارة جديدة تابعة لها في حال لم يوقف اليمنيون هذا المدّ الإماراتي الباحث عن إدارة الجنوب بأكمله ولعقود طويلة تمهيداً للتوجّه نحو إفريقيا.

وبحسب موقع ميدل إيست آي البريطاني فإن الإمارات تلعب دوراً في تعميق الانقسامات في اليمن لتحقيق “أهداف فردية” إذ بات الهدف طويلَ المدى الذي رسمته الإمارات واضحاً لكل متابعي هذا الملف وهو تقسيم اليمن وخلق دولة في الجنوب حليفة لها وبذلك ستتمكن الإمارات من تأمين خطوط التجارة عبر ميناء عدن نحو باقي أنحاء العالم إلى جانب استغلال الموارد الطبيعية في اليمن وبسط الهيمنة على المنطقة كما أن الدعم الإماراتي لقوى الانفصال في الجنوب، أفشل كل محاولات خلق الوحدة اليمنية.

ومنذ بداية الحرب على اليمن تسعى القوات الإماراتية لاجتزاء جزيرة سقطرى واحتلالها عبر عمليات التجنيس وشراء الذمم والولاءات اضافة إلى نشر قواتها في الجزيرة وتجنيد شباب الجزيرة خارج اطار الدولة اليمنية ونقل الكثير من ثروات الجزيرة النباتية والحيوانية إلى أبوظبي.

تصعيد الإمارات في سقطرى وشبوة .. دلالات وأبعاد

ازدادت حدة التوتر بين حكومة هادي والنظام الإماراتي بعد التصعيد الذي قامت به الأخيرة ضد الشرعية في بعض المحافظات اليمنية فقد تمكنت مؤخرا مليشيات بسقطرى من السيطرة على بوابة ميناء حولاف بعد اقتحامه والاشتباك مع أفراد الحراسة. تمكنت عقبها القوات الحكومية من استعادة السيطرة عليه بعد ذلك بساعات.

 أما في شبوة فقد قامت مليشيات باستحداث نقاط ومواقع تمركزت فيها داخل المدينة كما نشرت مدرعات دون إذن أو تنسيق مع اللجنة الأمنية بالمحافظة. وصدت كذلك قوات الأمن هجوما لتلك الجماعات التي حاولت السيطرة على مطار عتق.

يأتي التصعيد الإماراتي كما يرى المحلل السياسي عبدالناصر المودع ضمن خطة لتثبيت أمر واقع من خلال تمكين القوى الانفصالية في عدن والأحزمة والنخب التي تنشئها في شبوة وسقطرى للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الجنوب واعتبر الأنباء التي تتحدث عن إنشاء ألوية عسكرية في أبين بأنها تأتي في ذلك السياق وتحسباً لمواجهة محتملة مع ألوية الحماية الرئاسية في عدن والتي تتشكل في معظمها من أبين وشبوة. وفي حال هزيمة هذه القوات في عدن ستنسحب إلى أبين وتتخذها مركز لمقاومة الإمارات وعملائها، ولهذا تريد الإمارات تشكيل الوية تابعة لها في أبين لتمنع حدوث ذلك، على حد قوله. كل هذه التطورات تشير –وفق المودع- إلى اهتراء السلطة واستهتار الإمارات بها وباليمنيين عموماُ وتنفيذ لأحلامهم في أن يتحولوا إلى إمبراطورية إقليمية.

 ولا يذهب بعيدا عن ذلك المحلل السياسي ياسين التميمي الذي بدا له التصعيد بأنه جزء من مخطط مكشوف وسافر لخلق وقائع جديدة في المحافظات الجنوبية تمهد لما يمثل هدفا نهائيا بالنسبة لهذا التحالف بشقيه السيئين الإمارات والسعودية والمتمثل في تدمير الدولة اليمنية وتحويلها كانتونات ووضع اليد على المناطق الحيوية فيها وأوضح أنه وفي إطار هذا المخطط الخبيث يجري وضع اليد على المقدرات الحيوية للدولة اليمنية والتي تشمل المنشآت النفطية والموانئ وغير من المرافق المرتبطة بالموارد التي تحتاجها السلطة الشرعية لإدارة الدولة.

واستطرد "هم يريدون شل قدرات الدولة وارتهانها بالكامل لهذا التحالف وأدواته، فيما يمكن النظر الى ما تقوم به أبوظبي عبر أدواتها القذرة في سقطرى بأنه محاولة يائسة أخرى للسيطرة على الأرخبيل، وتجريف النواة الصلبة للمشروع الوطني في الأرخبيل والذي تمثله الوحدات العسكرية والأمنية والسلطة المحلية والغالبية من سكان تلك المحافظة".

 وأضاف التميمي تكرار محاولات السطو على مقدرات الدولة يأتي مع الزيارة الرسمية لرئيس الوزراء إلى الإمارات وهو ما يعكس مدى الاستهتار الذي تنزلق إليه أبوظبي في التعامل مع اليمن ورموزه وتعمد الانفتاح على بعض قيادات الدولة اليمنية لتقوم بهذه المحاولات اليائسة في الهيمنة وكأن زيارات رجال الدولة للإمارات تم استغلالها كغطاء لمخطط الاستحواذ على الأراضي اليمنية بوقاحة قل نظيرها، على حد تعبيره. وتوقع المحلل السياسي اليمني أن تشهد مخططات هذا التحالف المزيد من الانكشاف والفشل في ظل تنامي المواقف الرافضة لهذه المخططات من الغالبية العظمى للشعب اليمني.

 بينما يعتقد الإعلامي عبدالكريم الخياطي أنه قد لا يكون لرئيس الوزراء أي علاقة مباشرة بما يدور في سقطرى مشيرا إلى مساعي الإمارات لاستعادة الجزيرة منذ أن وقفت ضدها الحكومة السابقة برئاسة أحمد بن دغر. لكنه بيَّن أن دعوة الإمارات لرئيس الحكومة الحالي له أبعاد استراتيجية فهي طريقة أبوظبي في صنع الحدث ورجالاتها أيضا، فهي برغم ابتعاد عبدالملك عن التصادم السياسي مع الأطراف الاخرى في الشرعية، لكنه مقبول في عدن بتحركات محدودة، وله ظهور إعلامي وتطبيع لعلاقة حكومية مع إدارة أمنية مستقلة و مرتبطة بالإمارات، وهو ما يجعل الأخيرة تقبل بشخصية كهذه طامحة ولا تتدخل في نيات التحالف المستقبلية.

 ولفت الخياطي إلى قيام الإمارات بإعداد النخبة السقطرية المدربة في عدن وإرتيريا،، وإضفائها على تلك التحركات "الشرعية"، فهي تحاول اثبات أن تحركاتها مدنية أيضا، ومرتبطة بتطبيع الجنوب لإدارة الحكومة لذلك تم دعوة الدكتور معين. متوقعا أن تكون الزيارة تلك متعلقة بجوانب خدمية واقتصادية.

 لكن الحقيقة أن وصول القوات المدعومة إماراتيا بالتزامن مع هذه الزيارة و التحركات الإماراتية في شبوة تفضح الهدف الرئيسي من استضافة رئيس حكومة لا يتدخل في القضايا السيادية ، لكنه يعطي شرعية للتحركات الإماراتية أمام الخارج، بأنها تحدث بتنسيق مع الحكومة ومحاولة لطمئنة السعوديين الذين يعتبرون رئيس الحكومة الحالي رجلهم، وبأنها لن تتعدى تواجد ونفوذ مشترك ومحدود، وفق الخياطي.

 وتطرق الخياطي إلى قيام الإمارات بتسويق نفسها أمام الإدارة الأمريكية أنها قادرة على أن تحصل دونالد ترامب على دعم تشريعي من الكونغرس، بأن تحركات أبوظبي لصالح تواجد القوات الأمريكية في البحر العربي والمحيط الهندي وخليج عمان، وأنها ليست بمعزل عن التنسيق مع الحكومة الشرعية التي يصر الأمريكان على عدم تهميشها حتى الآن. وخلص من كل ذلك إلى أن الأمر هو أيضا تهميش لدور الرئيس هادي كواقع سياسي وسيادي واستخدام لموقع رئيس الحكومة للحصول على قبول دولي بهذه التحركات.

 

 

المزيد في هذا القسم:

No More Articles