المرصاد نت - متابعات
دخل العدوان السعودي على اليمن عامه الثالث لم يختلف هذا الدخول كثيراً عن العام الثاني حيث لا يزال تحالف العدوان يراوح مكانه ميدانيّاً.
بعد العجز الميداني ولاحقاً فشل المفاوضات في الكويت ومسقط لا يزال التحالف السعودي يناور ميدانياً في ظل صمت دولي غير مسبوق حتى في الحروب الإسرائيلية لاسيّما عن المجاعة التي طالت الملايين من أبناء الشعب اليمني أطفالاً وشباباً وشيبة.
إلا أن المناورات الميدانيّة السعودية في البر والبحر والجو لم تغن من الحسم العسكري شيئاً بل زادت الطين بلّة مع سلسة من الضربات النوعيّة التي جاءت في سياق سياسة الصبر الاستراتيجي التي أطلقها قائد الثورة السيّد عبد الملك الحوثي في العام الأول للعدوان أبرزها استهداف البارجة السعودية "مدينة" وقصف الرياض بصواريخ بالستية للمرّة الثانية على التولي.
جملة من المتغيرات والثوابت يتّصف فيها المشهد اليمني بعد معانات فاقت الأربعة وعشرين شهراً. في الثوابت يمكن الحديث عن العجز الميداني السعودي على تحقيق أهدافه التي رسمها منذ بداية مايسمي بعاصفّة الحزم بدءاً من تدمير القوّة العسكريّة وتحديداً الصاروخية للجيش واليمني وليس انتهاءً "بتحرير صنعاء" وفق أدبياته إضافةً إلى ارتفاع عدد الشهداء والجرحى لأكثر من 34863 بينهم أكثر من 10 آلاف طفل وامرأة و أكثر من 20 ألف شاب.
في الثوابت أيضاً لا بد من التأكيد على الصمت الدولي في حقبتي بان كي مون وأنطونيو غوتيريش إزاء المجا
زر والانتهاكات السعوديّة التي كانت عنواناً لعشرات وربّما مئات التقارير الحقوقية التي تؤكد انتهاك قوات التحالف لحقوق الإنسان تعمّد استهداف المدنيين ارتكاب جرائم حرب واستخدام الأسلحة محرّمة دولياً في المناطق المأهولة. وهنا لا يمكن التغافل عن الدعم الأمريكي في الملف اليمني والذي كان من المتوقّع أن ينخفض بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض إلا أن شيئاً لم يحصل بل هناك وقائع تشي بالعكس تماماً.
وأما بالنسبة لمتغيرات المشهد اليمني خلال عامين على هذا العدوان فلا بد من الإشارة إلى التالي:
أوّلاً: من أبرز المتغيرات تطوير قدرات الردع العسكرية للجيش واللجان الشعبية وتحديداً القوّة الصاروخية التي استهدفت جدّة والرياض مرّة ومرتين على التوالي. الردع الصاروخي لا يقتصر على البعد الاستراتيجي بل هناك جملة من المنظومات تحاكي أبعاداً تكتيكية من الناحية العسكرية تماماً كما يحصل في الدرع الصاروخيّة متعدّدة المستويات وسياسات الردع الحديثة في العلوم العسكرية، ليس آخر هذه الصواريخ"عاصف1" قصير المدى الذي كشفت عنه وحدة التصنيع العسكري في الجيش اليمني واللجان الشعبية قبل أيام، معلنة دخوله ميدان المعركة بإطلاق ثلاث صواريخ على معسكر رجلا السعودي بنجران.
ثانياً: دخول أطراف دوليّة بشكل أكبر على الخارطة اليمنية. بعد التجاهل الأمريكي السابق الذي يدخل في سياق الضوء الأخضر، يبدو أن واشنطن دخلت بقوّة أكبر عبر سلاح البحرية، ولاحقاً استكمال بيع السلاح للسعودية من قبل ترامب بعدما حظر أوباما في أيامه الأخيرة إن لم تكن ساعاته، جزءاً منه. ولكن اللافت أيضاً، دخول الجانب الروسي بشكل أكبر على خط المواجهة، والذي قدّ تجلّى بشكل واضح قبل أيام في مجلس الأمن فيما يتعلّق بميناء الحديدة الذي رفضت روسيا وضعه تحت إشراف أممي وفق مطالبات تحالف العدوان الذي كان ينادي "بتحريره" في وقت سابق.
ثالثاً: تعزيز القدرتين السياسة والميدانية لليمنيين سياسياً من خلال تشكيل المجلس السياسي الأعلى وانعقاد مجلس النواب وتشكيل حكومة الإنقاذ. وأما ميدانياً عبر انتقال جزء معتد به من المواجهة إلى جبهة ما وراء الحدود والتي بات يصفها البعض بورقة اليمنيين الرابحة.
رابعاً: في المتغيرات أيضاً رفع مستوى الحصار للشعب اليمني ومحاربة اليمنيين بلقمة عيشهم عبر نقل البنك المركزي إلى عدن. فرغم الاختلاف السياسي القائم إلا أن ما تجمع عليه كافّة الأطراف هي الأوضاع الإنسانية الصعبة للشعب اليمني جراء الحصار وتحذيرات المجاعة الدوليّة التي أكّدت أن17 مليون يمني بينهم أكثر من 2.2 مليون طفل يعانون من انعدام الأمن الغذائي وفق الأمم المتحدة.
تبقى نقطة وحيدة قد يغفل عنها الكثيرون لا ندري أين نضعها في الثوابت أو المتغيرات وهي التي تتعلّق بالرئيس السابق علي عبدالله صالح وتحالفه أو تقاطع المصالح كما يسمّيها البعض مع حركة أنصار الله. لا يختلف أن هذا التحالف، تقاطع المصالح قد يخدم الطرفين في مواجهة العدوان باعتبار أن الوحدة اليمنيّة من أهم سبل المواجهة إلا أنّه لا يمكن التغافل عن كون هذا التقارب مع شخص صالح وليس حزب المؤتمر يمثّل تحدّياً أساسياً لحركة أنصار الله. لا لناحية تنافسه على السلطة بل لكونه شخصيّة غير مرحب بها لفئة كبيرة من اليمنيين وتحديداً الجنوبيين وبالتالي في حال قرّرت الحركة المضي بهذا التحالف قد تخسر الكثير من شعبيتها وفي حال عمدت إلى العكس قد أؤكد قد تخسر اليمن بأكمله!
لم يعد بالإمكان إلغاء أي طرف على حساب آخر ولعل التقارب بين أنصار الله وأبناء المناطق الجنوبيّة وكذلك إقناع القبائل اليمنية بالتنسيق لإدارة البلاد أحد أهم السبل للخروج من نفق العدوان. السعودية كذلك اقتنعت أن لا بديل لها عن الرضوخ لخيار الشعب اليمني إلا أنّها تناور اليوم للحد من مكاسب صنعاء السياسيّة ولكنها مناورة قد تطول كثيراً!
وفي ذات السياق وبمناسبة دخول العدوان السعودي على اليمن عامه الثالث أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان أن أكثر من 30 ألفا ما بين شهيد وجريح حصيلة ضحايا العدوان خلال عامين من العدوان وقالت الوزارة في مؤتمر صحفي عقدته صباح السبت في العاصمة صنعاء إن حصيلة الشهداء والجرحى توزعت على النحو 4541 طفلا و3551 امرأة ونحو 20619 رجلا حصيلة شهداء وجرحى العدوان خلال عامين تبلغت بهم وزارة الصحة.
وأشارت الوزارة إلى أن أكثر من 412 منشأة ووحدة صحية استهدفها العدوان بإجمالي خسائر تقدر بأكثر من 8 مليار ريال، ولفتت إلى أن 80 كادرا من الطواقم الصحي استشهدوا وجرح220 آخرين خلال عامين من العدوان.
وحتمت الوزاراة بالتاكيد على أن القطاع الصحي في اليمن يقبع على شفا الانهيار بسبب منع العدوان عبر الحصار إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية الكافية لتشغيل المستشفيات والوحدات الصحية.
المزيد في هذا القسم:
- كيف يتم تسليح تنظيم القاعدة بالمحافظات الجنوبية ؟ المرصاد نت - متابعات تتواصل شحنات الأسلحة بكميات ضخمة في الوصول إلى تنظيم القاعدة جنوب اليمن قادمة من مناطق سيطرة حكومة هادي بمحافظة مأرب وتمر بعد حصولها على ...
- “حرب بريطانيا الخفية”.. كيف انخرطت لندن في حرب اليمن؟ المرصاد نت - متابعات بثت القناة الرابعة البريطانية تحقيقا استقصائيا ضمن برنامجها الشهير ديسباتشيز (Dispatches) عن مدى الانخراط الحقيقي لبريطانيا في حرب اليمن....
- اتفاقات السويد: خرق يفعّل السياسة ولا يوقف الحرب ! المرصاد نت - لقمان عبدالله على رغم الجدل الدائر حول اتفاقات السويد يبدو واضحاً أن صنعاء تسعى إلى تطبيق تلك الاتفاقات بكامل نصوصها ومندرجاتها بغضّ النظر عن قبو...
- لوبلوج: تصعيد الإمارات في سقطرى يعكس الانقسام بين الرياض وأبوظبي! المرصاد نت - متابعات قال موقع "لوبلوج" الأمريكي إن "الإمارات تدعم انفصال اليمن وتسعى لتثبيت أقدامها في باب المندب" مشيرا إلى أن تصعيد الإمارات في جزيرة أرخبيل...
- ألف يوم على الحرب: بن سلمان يواصل ضرب الرأس بالجدار المرصاد نت - خليل كوثراني قبل أيام قدّم محمد بن سلمان إحدى أهم «وثائق» حرب اليمن التي سيحتفظ بها أرشيف المؤرخين كما سيتعاملون مع وثيقة لا تقل أهمي...
- "قائمة العار" تخبركم عن دور الأمم المتحدة اليوم المرصاد نت - متابعات لا يبدو أن أحداً من صنّاع السياسة في العالم الغربي يريدون أن تنتهي الحرب على اليمن التي تتسبب يومياً بمقتل وتجويع ملايين الأطفال والنساء ...
- الاقتصادُ اليمني : عامان من التدمير.. عامان من الصمود المرصاد نت - رشيد الحداد تكبَّدَ الاقْتصَادُ اليمني بمختلف قطاعاته خسائرَ فادحةً جراء العدوان والحصار خلال العامين الماضيين ولاستمرار العدوان والحصار وإمعانه ف...
- من المسؤول؟ محطات الغاز .. قنابل موقوتة .. ووكلاء بلا ضوابط المرصاد نت - متابعات امتطى البعض الحالة التي تمر بها بلادنا جراء العدوان وما نتج عنه من أثر سلبي أوجد تجاراً وعبيداً للمال العام يسرقون لقمة العيش ويتاجرون بها...
- سلطنة عُمان تحرك عجلة الجهود السياسية لحل الأزمة اليمنية ... فهل ستنجح؟ المرصاد نت - متابعات يبدو أن عجلة الجهود السياسية لحل الأزمة اليمنية قد تحركت وهذه المرة من بوابة سلطنة عُمان الجار الشرقي لليمن والوسيط المعروف منذ تصاعد الع...
- «التحالف» لا يمسك معسكراته: تضعضع وفرارٌ وتمرّد المرصاد نت - لقمان عبد الله تشهد المعسكرات التابعة لـ«تحالف العدوان» في كل جبهة من جبهات القتال الدائر في اليمن حالة تضعضع وتململ على خلفية تعاظم ...