المرصاد نت - متابعات
لا يتعلق المشهد في فلسطين اليوم بقضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس رغم فظاعة الحدث أو إحياءٍ لذكرى النكبة إنما يُفرَض على الشعب الفلسطيني تحدٍّ تاريخي وكبير في وقت تتخلى فيه سلطته عن مسؤولياتها فيما تقف فصائله مربكة أمام الحسابات الإقليمية وهو ما يضعه أمام اختبار صعب وخاصة في ظل الحشد الإسرائيلي والاستفزاز الكبير المدبر من الحكومة والمستوطنين
بينما تسكن السلطة الفلسطينية إلى أقل من الحد الأدنى من ردود الأفعال على الخطوات الأميركية الأخيرة بحق القدس واللاجئين وصار صوتها لا يكاد يُسمع، تتصاعد الإجراءات الإسرائيلية إلى حالة تتخطى الاستنفار والتحشيد العسكري والأمني للتصدي للفلسطينيين على أكثر من جبهة في القدس والضفة وغزة. فقد أمّنت قوات العدو اقتحاماً حاشداً للمستوطنين لباحات المسجد الأقصى قبيل الاحتفالات الرسمية بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة وذلك في وقت تساهم فيه مصر في المحاولة العربية لكبح «مسيرات العودة» المقرر تصعيدها على الحدود في غزة خلال اليوم والغد.
ففي خطوة استفزازية وغير مسبوقة اقتحم أكثر من ألف مستوطن المسجد الأقصى من باب المغاربة في ظل حراسة أمنية مشددة، بعدما وفّرت شرطة العدو الحماية الكاملة للمستوطنين الذين نفذوا جولاتهم في باحات الأقصى ثم خرجوا من باب السلسلة. وعادة ما تكون اقتحامات المستوطنين شبه الأسبوعية مقتصرة على العشرات وفي أسوأ الأحوال لا يتجاوزون المئتين لكن أمس شهد دخول 1042 مستوطناً وعنصر مخابرات وشرطة على مجموعات تجوّلت في أنحاء متفرقة من باحات المسجد وسط هتافات وأداء شعائر دينية خاصة بهم، فيما رد المصلون الفلسطينيون المحدودون عدداً الذين فوجئوا بهذا العدد الكبير بالتكبيرات. وعملت قوات الاحتلال خلال الاقتحام على اعتقال عدد من حراس الأقصى التابعين للأوقاف الدينية والشباب الفلسطينيين.
بعد ذلك سمحت شرطة العدو لمجموعات أخرى من المستوطنين باقتحام الأقصى ليصل عددهم منذ صباح أمس حتى إغلاق باب المغاربة إلى 1451 مستوطناً. ووفق شهود عيان، عمد المستوطنون إلى الغناء والرقص بصورة مستفزة للمصلين بعد خروجهم من باب السلسلة. كذلك قدم مرشدون يهود شروحاً عن «الهيكل» للمستوطنين أثناء الاقتحامات. وأتت هذه الاقتحامات بدعوة أطلقتها «منظمات الهيكل» لتنظيم اقتحام واسع تزامناً مع ما يسمى ذكرى توحيد القدس، وعشية نقل السفارة الأميركية. ويحتفل الإسرائيليون هذا العام بالذكرى الـ 51 لاحتلال الشطر الشرقي للقدس في حرب الخامس من حزيران 1967، ويسمّونه «يوم توحيد القدس» (كانت المدينة قبل هذا التاريخ مقسّمة: القسم الغربي بيد الاحتلال والشرقي مع الأردن).
في وقت متزامن وصلت ابنة الرئيس دونالد ترامب إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر ضمن وفد أميركي يضم نحو 300 شخصية رسمية إلى القدس للمشاركة في احتفال نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى المدينة المحتلة المقرر اليوم. وعلّقت إيفانكا على دخولها القدس بالقول إنها تشعر بـ«الفخر» لزيارتها القدس وذلك لتمثيل والدها في هذه «الاحتفالية المميزة»، كما أنها ستشارك في الاحتفال السبعين لـ«إقامة دولة إسرائيل».
ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن الوفد يضم عدداً من «القامات السياسية الأميركية، على رأسها نائب وزير الخارجية جون سوليفان، والمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، ووزير الخزانة ستيفن منوتشين والسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان وعشرات من أعضاء الكونغرس» فيما نقلت صحيفة «معاريف» عن غرينبلات قوله، إن «مشاركتي في افتتاح السفارة في القدس شرف كبير يحدث مرة واحدة في العمر». كذلك قال السفير فريدمان إن ترامب سيتحدث اليوم في كلمة مصورة خلال حفل تدشين السفارة في القدس، لكن من دون أن يكشف هل يتعلق الأمر برسالة مسجلة مسبقاً أو مباشرة.
على جهة مقابلة وبينما يبلغ التصعيد الإسرائيلي ذروته تعمل الأنظمة العربية الموقعة اتفاقات تسوية مع إسرائيل أو التي تهرول باتجاه التطبيع معها على تثبيط الردود الفلسطينية. ضمن هذا السياق، جاءت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية القاهرة لساعات قليلة أمس بعدما اشترط أن يغادر في اليوم نفسه وذلك قبل وقت قصير على بدء «مسيرات العودة الكبرى» التي ستنطلق صباح اليوم في المناطق الحدودية لقطاع غزة كافة إضافة إلى فعاليات احتجاجية أخرى في الضفة والقدس والداخل المحتل.
هنية الذي وصل إلى القاهرة على متن طائرة عسكرية مصرية من مدينة العريش قال إنه ذهب استجابة لعرض مصري قُدّم منذ مدة لكن الحركة اشترطت أن تكون الزيارة سريعة بعدما كانت قد رفضت دعوات سابقة، فيما تؤكد مصادر قيادية لـ«الأخبار» أن الطائرة العسكرية التي نقلت الوفد «جاءت بسبب تعطل الطائرات المدنية في العريش، وتنفيذاً لرغبتنا في إنجاز الزيارة خلال يوم واحد»، علماً بأن معبر رفح عمل أمس لليوم الثاني من أصل أربعة أيام من الفتج الجزئي.
وأن «العرض المصري جاء دون المستوى الذي جاء به القطريون إلى حماس قبل عدة أيام» إذ إنه مقابل وقف «مسيرات العودة»، تتعهد السلطات المصرية بفتح معبر رفح بصورة دائمة مع السماح بإدخال البضائع بأنواعها كافة إلى غزة إضافة إلى توفير الاحتياجات العاجلة للقطاع، بما في ذلك الكهرباء. وأوضحت المصادر أن «اللهجة المصرية كانت حادة مع حماس فقد أُخبرت الحركة أن إصرارها على السير في مسيرات العودة سيؤدي إلى صدام عسكري كبير مع إسرائيل في حال تعرض الأخيرة لأضرار وضغط كبير من الفلسطينيين».
وسبقت هذه الزيارة عروض عدة قدمتها أطراف مختلفة أبرزهم المبعوث الأممي لـ«عملية السلام»، نيكولاي ملادينوف، والسفير القطري، محمد العمادي.
وبينما زار العمادي غزة قبل أيام، وكان في جعبته 14 مليون دولار، فإنه لم يطرح قضية المسيرات بصراحة، مكتفياً بعرض الأموال عبر البوابة الإنسانية لحل أزمات غزة، ومن بينها الكهرباء والرواتب.
أما ملادينوف الذي سبقه بأسابيع، فجاء بوضوح مستفسراً عن ماهية «مسيرات العودة» وإلى أين يمكن أن تذهب لكن من دون أن يقدم أي عرض متكامل ما دفع الحركة إلى توجيهه إلى الفصائل الأخرى وتأكيد أن قرار المسيرات ليس بيدها وحدها. وكذلك فعلت «حماس»، كما تشرح المصادر مع المصريين أمس إذ قالت إنها ستلتقي قيادة الفصائل في غزة لمناقشة ما تلقته من الجانب المصري لكن المصادر نفسها أوضحت أن العرض لم يكن «بالمستوى الذي نريده... لا يمكن الحكم بالفشل أو النجاح على هذه الزيارة الآن».
في هذا الجانب قال القيادي في «حماس» يحيى موسى إن حركته التقت ملادينوف وأطرافاً أخرى مرات عدة، لكن أياً منها «لم تحمل في أجندتها عروضاً جدية أو حقيقية... الوفود التي تزور غزة تستطلع آراء وتنقل رسائل ولا تقدم أي رؤية سياسية متكاملة». كذلك قال القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» خالد البطش إن هذه العروض «لم تُجب عن أسئلة سكان القطاع بشأن قضاياهم المصيرية والحصار المفروض عليهم».
وأضاف البطش إن «مسيرة العودة وَضعت أهدافاً استراتيجية تتمثل بحق العودة وأخرى تكتيكية تتمثل بإفشال صفقة القرن وكسر الحصار... العروض المقدمة لم تضع حلولاً جذرية، لذلك لن يتوقف الحراك الفلسطيني».
في غضون ذلك، تتواصل التجهيزات للمسيرات اليوم وغداً إذ يستعد عشرات الآلاف من الفلسطينيين في القطاع للذهاب إلى المناطق الحدودية في وقت أعلنت فيه المؤسسات الرسمية والأهلية إجازة عن العمل. كما أعلنت «الهيئة العليا لمسيرات العودة» تسيير قوافل تحمل اسم قرى العودة (المحتلة) وهي ستحمل المشاركين إلى المناطق الحدودية. وفي ظل التوتر الأمني المتوقع ورد في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن جنود العدو لن يخرجوا لعطلة حالياً، وستنشط نحو 11 كتيبة عسكرية على الحدود أي أكثر من عدد القوات التي تعمل غالباً هناك وخاصة أن الجيش يتوقع مشاركة نحو مئة ألف فلسطيني في التظاهرات التي قد تؤدي إلى اختراق السياج الحدودي.
المزيد في هذا القسم:
- غارات سعودية تستهدف منازل سكنية ومباني حكومية وجسور في عبس وسقوط عشرات الضحايا بين شهيد وج... قصف على مديرية عبسشن طيران العدوان السعودي الأمريكي اليوم الثلاثاء الـ 12 من مايو 2015 م سلسله غارات على المباني والمؤسسات الحكومية في مديرية عبس بمحافظة حجة . ...
- العبادي يحافظ على ضبابيته: مع أميركا وضدها! المرصاد نت - متابعات بعدما انتفت إمكانية توجهه إلى طهران يقصد رئيس الوزراء العراقي أنقرة في زيارة لا يؤمل منها الكثير. وفي وقت يستمرّ فيه الجدل بشأن الموقف ال...
- هل سيتعض سفاح العصر من مصير أقرانه؟! المرصاد نت - متابعات مقتل أكثر من 5000 طفل في اليمن و3000 طفل في العراق و8000 في سوريا و15 طفلاً في البحرين و27 طفلاً في العريش بسيناء؛ هي حصيلة إجرام سفاح ال...
- حزب الله: بين شرعيّة المقاومة وتهمة الإرهاب! المرصاد نت - متابعات شكّلت أحداث 11 سبتمبر مرحلة جديدة في الصراع الدولي لم يقتصر ثأر واشنطن على احتلال أفغانستان والعراق بل شهدت المفاهيم الدوليّة خصوصاً تلك ...
- تونس... الصراع على السلطة مستمر المرصاد نت - ليليا بلاز تحكم تونس منذ عام 2014 أي بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة حكومة توافق وطني تضم حركتي «النهضة» (تصوّر نفسها كمسل...
- وزير الزراعة الفرنسي يحذر من خطر أزمة الغذاء بسبب أوكرانيا المرصاد=متابعات حذر وزير الزراعة والغذاء الفرنسي جوليان دينورماندي من أزمة غذاء عالمية هذا العام على خلفية الأوضاع في أوكرانيا. وقال الوزير بحسب صحيفة "ل...
- رداً على محاولات عزلها عربياً: مصر نحو دورٍ إقليميٍ فاعل وعبر الشراكة مع العراق المرصاد نت - متابعات بدأ العام 2017 بأحداثٍ يبدو أنها ستكون بداية التحولات السياسية المتوقعة حيث شكَّلت المساعي التقاربية بين مصر والعراق موضوع اهتمام الخبراء...
- عزلة دولية غير مسبوقة.. هل وصلت أمريكا إلى بداية النهاية؟ المرصاد نت - متابعات هزيمة جديدة لحقت بأمريكا ولكن هذه المرّة في أروقة الأمم المتحدة إذ شهدت الجلسة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة تصويت 120 دولة للقرار...
- صحيفة أمريكية : أداء الجيش السعودي في اليمن ضعيف ومهين المرصاد نت - متابعات وصفت صحيفة The HILLالأمريكية أداء الجيش السعودي في اليمن بالضعيف والمهين وإنه لم يحرز أي تقدم في المناطق الشمالية منذ ثلاث سنوات ولآ يرقى...
- بالأسماء.. من هم الأرهابيون الذين ذابحو الطفل عبد الله عيسى بحندرات؟ المرصاد نت - متابعات أثار الفيديو الذي نشرته "حركة نور الدين الزنكي" استياءاً كبيراً بعد أن أقدم عدد من عناصرها على ذبح الطفل الفلسطيني السوري عبد الله عيسى ب...