مستجدات الأحداث

No More Articles

استسلام هندي وتصلّب صيني ..طهران: سنعمل على كسر العقوبات الأميركية!

المرصاد نت - متابعات

لا تظهر طهران منذ إعلان واشنطن إلغاء الاستثناءات لثماني دول من عقوباتها على النفط الإيراني مطلع أيار/ مايو، ردّ فعل عمليّاً على القرار التصعيدي. في هذا الوقت تنشغل دوائرها في تثبيت Iran Usa2019.4.24قواعد جديدة للمرحلة المقبلة تفترض التعامل مع الواقع عبر برامج الالتفاف على العقوبات والحفاظ على حد أدنى من التصدير فضلاً عن حماية الاقتصاد من التأثّر أبعد من الحدود الدنيا. ولا تزال التصريحات الرسمية تؤكد أمرين: الأول إدانة القرار «غير القانوني» والتقليل من شأنه لكونه «يظهر عجز» الإدارة الأميركية كما رأى وزير الخارجية محمد جواد ظريف. الثاني، التأكيد على لسان مسؤولين آخرين، بينهم وزير النفط أن واشنطن لن تحقق الهدف الاستراتيجي الذي وضعه الرئيس دونالد ترامب ألا وهو «تصفير النفط».

وفي تغريدة على «تويتر» أمس كتب ظريف: «زيادة الإرهاب الاقتصادي ضد إيران يظهر عجز الولايات المتحدة الأميركية ويأسها والعجز المزمن لشركائها وأتباعها في المنطقة». بدوره، هاجم وزير الدفاع العميد أمير حاتمي لدى وصوله أمس إلى موسكو للمشاركة في مؤتمر أمني الرئيس الأميركي معتبراً أن أهم موضوع يواجهه العالم اليوم هو «الظاهرة الترامبية» مشبّهاً إياها بالظاهرة النازية، لأنها «جعلت الأمن العالمي يواجه أخطاراً جادة بخصائصها من قبيل الأنانية والظلم وانتهاك المبادئ الإنسانية والأعراف الدولية».

أما وزير النفط بيجن زنغنة، فرأى أن الولايات المتحدة «ترتكب خطأً سيئاً بتسييس النفط واستخدامه كسلاح في ظل الحالة الهشة للسوق». وأكد في جلسة برلمانية أن واشنطن لن تحقق حلمها بخفض الصادرات النفطية إلى الصفر مضيفاً: «سنعمل بكل ما أوتينا من قوة من أجل كسر العقوبات الأميركية». وشكّك زنغنة بالقدرة على تعويض الإمدادات الإيرانية مشيراً إلى أنه «لا يمكن التيقن من إنتاج نفط يكفي لتلبية الطلب... لأن بعض دول المنطقة تعلن عن طاقات إنتاج أعلى من مستوياتها الحقيقية».

 في الصين حيث أكبر مشترٍ للنفط الإيراني (بمعدّل أزيد من 585 ألف برميل يومياً) أعلنت وزارة الخارجية أنها خاطبت رسمياً الولايات المتحدة. وقال متحدث باسم الوزارة إن بكين تعارض بحزم فرض واشنطن عقوبات أحادية الجانب محذراً من أن القرار الأميركي «سيسهم في عدم الاستقرار بالشرق الأوسط وفي سوق الطاقة العالمية». وحثّت الصين الجانب الأميركي على «اتباع نهج مسؤول والاضطلاع بدور بناء وليس العكس» وأن «يحترم بصدق مصالح الصين وبواعث قلقها وألا يتخذ أي خطوات خاطئة تضر بمصالح الصين».

وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية أن التعاون «الطبيعي» للصين ودول أجرى في مجال الطاقة مع إيران في إطار القانون الدولي هو تعاون مشروع ومعقول ويجب احترامه مشدداً على أن بلاده ستواصل العمل لحماية الحقوق الشرعية للشركات الصينية. الموقف الصيني المتصلّب في رفض الضغوط الأميركية جددت أنقرة تأكيده من جانبها. وكرر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو انتقاد القرار وأسلوب العقوبات الأحادية وقال إن القرار «سيؤثر حقاً بالبلدان كافة فالأمر ليس بهذه السهولة ونحن ندعم نظاماً دولياً والتعددية القائمة على قواعد القانون».

وفيما لا تزال كوريا الجنوبية تأمل منح واشنطن إعفاءً تحتاجه وسترسل لهذا الغرض وفداً إلى واشنطن هذا الأسبوع للتفاوض أبدت الهند التزامها العقوبات عبر إعلان وزير للنفط والغاز دارمندرا برادان أن نيودلهي ستحصل على مزيد من الإمدادات من دول أخرى من كبار منتجي النفط لتعويض النفط الإيراني.

وفي ردود الفعل المتواصلة على القرار الأميركي أسف الاتحاد الأوروبي لإعلان واشنطن وقال على لسان المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية مايا كوسيانسيتش: «نشعر بالحزن تجاه القرار الأميركي». وأكدت أن الاتحاد سيواصل التزام الاتفاق ما دامت إيران تتحمّل مسؤولياتها. موقف مشابه أعلنته باريس حيث قالت متحدثة باسم الخارجية أن فرنسا تنوي مع شركائها الأوروبيين «مواصلة جهودها لتستفيد إيران من المنافع الاقتصادية (المرتبطة بالاتفاق النووي) ما دامت تفي بالتزاماتها النووية».

على ضفة المؤيدين للقرار ظلت السعودية وحلفاؤها الخليجيون مع إسرائيل الجهات الوحيدة المرحبة بالموقف الأميركي. وبينما أصدرت البحرين بياناً مؤيداً أعرب وزير الخارجية السعودي إبراهيم العساف دعم بلاده الكامل للخطوة «باعتبارها خطوة لازمة لحمل النظام الإيراني على وقف سياساته المزعزعة للاستقرار ودعمه ورعايته للإرهاب حول العالم».

مخاوف تل أبيب: من صمود طهران... إلى تراجع واشنطن

لم يكن الترحيب الإسرائيلي بالقرار الأميركي تشديد العقوبات على إيران عبر محاولة منعها من تصدير نفطها مجرّد موقف تقليدي تتناغم فيه المؤسسة الرسمية الإسرائيلية مع السياسات الأميركية بل تجسيداً لطموح سعت إليه القيادة السياسية في تل أبيب. وهو ما رأت فيه تل أبيب، منذ سنوات، أنه المسار المجدي الذي يمكن أن تراهن من خلاله على احتواء التهديد الذي تشكله الجمهورية الإسلامية على حاضر إسرائيل ومستقبلها. المؤكد أن رهانات تل أبيب ارتفعت إزاء الخطوات التصاعدية التي أقدم عليها ترامب في مواجهة إيران وهو ما انطوى عليه موقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بوصف قرار الإدارة الأميركية، بأنه «ذو أهمية بالغة لزيادة الضغط على نظام الإرهاب الإيراني وأنه السبيل الصحيح لوقف العدوانية الإيرانية».

من هنا، ليس مفاجئاً ما كشفه محلّلون عن أن يكون نتنياهو على اطلاع مسبق على قرار الإدارة الأميركية إلغاء الإعفاءات على شراء النفط الإيراني بل لن يكون مفاجئاً أن يكون نتنياهو وطاقمه الخاص قد أسهما مباشرةً في بلورة هذه الخيارات. لكن كل ذلك لا يطمس حقيقة أن الكيان الإسرائيلي الذي اعتاد أن يؤدي دور الوكيل التنفيذي في مواجهة التهديدات المحدقة بالهيمنة الأميركية على المنطقة بات أعجز عن أداء دور المقاول الناجح بفعل التحولات التي استجدت على معادلات الصراع. نتيجة لذلك باتت واشنطن مضطرة إلى أن تقلب الأدوار فدخلت مباشرة على خط الصراع بهدف حماية إسرائيل واحتواء مفاعيل وتداعيات الانتصارات التي حققها محور المقاومة.

مع ذلك لا يزال الموقف التصعيدي لإدارة ترامب مسقوفاً بخيار العقوبات الاقتصادية ومدعوماً بسياسة تهويل تهدف إلى تعزيز قوة الردع الأميركي في المنطقة. وفي المقابل تسود في تل أبيب مخاوف متعددة، تنطلق من صمود إيران ونجاحها في الالتفاف على العقوبات الأميركية إلى حصول مفاجآت محسوبة وغير محسوبة، وصولاً إلى تراجع الولايات المتحدة عن هذا الخيار.

تدرك تل أبيب أن فرض العقوبات على إيران وسائر أطراف محور المقاومة شيء وخضوع هذه الأطراف شيء آخر. والمسافة بينهما قد تكون طويلة جداً ومحفوفة بالكثير من التطورات. وعلى هذه الخلفية، تأتي إشارة السفير الأميركي السابق في إسرائيل دان شابيرو إلى أن «الولايات المتحدة قادرة وحدها على ممارسة ضغوط ثقيلة على إيران لكن من الصعب جداً أن يؤدي ذلك إلى تغيير في سياسة إيران من دون دعم دول أخرى وهذا هو التحدي المركزي لإدارة ترامب ومؤيديها أي الانتقال من ممارسة الضغط إلى تغيير السياسة».

ومع أن فرض هذه العقوبات يلبّي ما تطمح إليه إسرائيل، إلا أن مسار التطورات ينطوي أيضاً على مخاوف في تل أبيب خصوصاً أن إيران وحلفاءها لديهم العديد من الأوراق التي أثبتت تجارب العقود السابقة أنها بالمستوى الذي قد يُحدث تغييراً جذرياً في مسار التطورات. ويندرج في هذا السياق أيضاً ما أورده معلقون إسرائيليون عن أن الإيرانيين يلتفون حول بعضهم في مواجهة الخطر الخارجي فيما ذهب آخرون إلى إمكانية تبلور نظام مالي بديل وهو ما يشكل أمراً خطيراً جداً.

لكن رئيس «معهد أبحاث الأمن القومي»، اللواء عاموس يادلين رأى أنّ «من الصعب جداً رؤية النهاية»، لافتاً إلى أن الإيرانيين تصرّفوا حتى الآن «بصبر استراتيجي وأملوا تغيير الإدارة في واشنطن، والآن يبدو أنه لن يكون أمامهم خيار إلا تنفيذ عدة خطوات مضادة، لكن الكرة ستعود إلى الملعب الإسرائيلي والأميركي الأمر الذي من شأنه أن يرفع التوتر إلى أماكن لم نصل إليها من قبل». في المقابل، رأى شابيرو أنه «لا يوجد مؤشر على أن ترامب الذي انتقد بشدة الحرب في العراق ويريد إخراج القوات الأميركية من سوريا يريد شنّ هجوم في إيران. وهو لا يتطلع إلى خوض حرب أخرى في الشرق الأوسط».

إلى جانب هذه المخاوف ومع اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري العام المقبل حضر ما سمّته صحيفة «هآرتس» «الكابوس السياسي» في إسرائيل الناتج من مخاوف من تعهّد مرشحي الحزب الديموقراطي للرئاسة الأميركية في الأسابيع الأخيرة بالتوقيع مجدداً على اتفاق نووي مع إيران في حال وصول أحدهم إلى منصب الرئيس. ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مسؤولين رسميين إسرائيليين تخوّفهم من سيناريو تحوّل القضية الإيرانية إلى موضوع مركزي في انتخابات الرئاسة الأميركية لتبدو في ضوء ذلك المواقف الإسرائيلية حول هذه القضية كأنها تدخل في السياسة الداخلية الأميركية.

ولفتت «هآرتس» إلى أن ستة مرشحين ديموقراطيين أعلنوا حتى الآن أنه في حال انتخابهم لمنصب الرئيس الأميركي فإنهم سيعيدون التوقيع على الاتفاق النووي. ويرجح أن يعلن مرشحون ديموقراطيون آخرون تعهّداً مشابهاً، في الأسابيع المقبلة بينهم جو بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما الذي شارك في بلورة الاتفاق النووي. وفي السياق ذاته، أصدر المؤتمر الديموقراطي المسؤول عن سياسة الحزب بياناً يدعو إلى العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.

حتى الآن قد تشعر تل أبيب بقدر من الرضى إزاء الخيارات التي يتبنّاها الرئيس الأميركي مقابل إيران، لكنه يبقى محفوفاً بقدر واسع من اللايقين إزاء تطورات المستقبل، المفتوح على أكثر من سيناريو، ينطوي بعضها على كوابيس حقيقية للكيان الإسرائيلي.

المزيد في هذا القسم:

No More Articles