المرصاد نت - محمد العيد
يخوض مسؤولو أكبر حزبين في صفوف الموالاة في الجزائر، «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديموقراطي»، حرب تصريحات واتهامات منذ الانتخابات المحلية الأخيرة.
ورغم أن الخلاف يبدو في ظاهره قائماً على اعتبارات شخصية وبعض الخيارات الاقتصادية فإنّ كثيراً من القراءات تربط بين ما يجري والانتخابات الرئاسية المرتقبة العام المقبل
لا يترك الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني» (صاحب الأغلبية البرلمانية) جمال ولد عباس، مناسبة إلا ويوجّه فيها انتقاداً شديداً إلى الوزير الأول (رئيس الوزراء) أحمد أويحيى الذي يقود بدوره حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» وهو الحزب الثاني من حيث التمثيل في البرلمان وذلك على الرغم من أن الحزبين يشتركان في الظاهر في مساندة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إذ يحوزان معاً أكثر من ثلثي مقاعد البرلمان وهو ما يضمن للحكومة المشكَّلة هي الأخرى من وزراء ينتمون إلى الحزبين، أن تمرر كل قوانينها بأريحية تامة.
وقد بدأ حزب «جبهة التحرير» الذي يبقى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيساً له في توجيه الانتقادات إلى أحمد أويحيى منذ بداية تعيينه وزيراً أول في آب/أغسطس الماضي، إذ «لم تهضم» قيادات هذا الحزب تعيين هذه الشخصية التي تنتمي إلى حزب منافس لهم. علماً أنّ هذا الرفض يبقى داخلياً فقط ولا يمكن التصريح به علنياً لكون التعيين قد حصل من قبل الرئيس بوتفليقة. غير أن رفض الوزير الأول الجديد أصبح يظهر علناً عبر اتخاذ مواقف مضادة لمعظم القرارات التي يتخذها أو التصريحات التي يدلي بها والتشكيك أحياناً في نياته الحقيقية إزاء مساندة الرئيس بوتفليقة.
وازدادت حدة الهجوم ضراوة خاصة أنّ التعيين جاء إثر الانتخابات التشريعية (أيار/مايو 2017) التي حقق فيها حزب الوزير الأول تقدماً لافتاً في عدد المقاعد، في مقابل انخفاض مقاعد «جبهة التحرير»، ثم جاءت انتخابات المجالس المحلية (تشرين الثاني/نوفمبر 2017) التي أبقى فيها حزب «التجمع» على الوتيرة التصاعدية نفسها من حيث عدد المجالس، وهو ما دفع «جبهة التحرير» إلى عقد تحالفات مضادة في كل المحافظات بغية عرقلة فوز حزب أويحيى بأكبر عدد ممكن من المجالس. وقد حصل ذلك بمساعدة واضحة من قبل المحافظين ضمن عدد من المجالس ما دفع وقتها إلى طرح تساؤلات كثيرة عن الجهة التي تعمل ضد الوزير الأول داخل السلطة.
ويبدي جمال ولد عباس مواقف لافتة، خاصة في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي للجزائر. ففي الوقت الذي كان فيه الوزير الأول يتحدث عن مرور البلاد بأزمة مالية حقيقية قد تمنعها من تسديد حتى الأجور خرج ولد عباس بتصريحات مضادة، تؤكد أن الوضع في الجزائر ليس خطيراً وأن الدولة ما زال بإمكانها القيام بواجباتها تجاه مواطنيها، متهماً منافسه بتهويل الوضع وتسويده.
كذلك حرص جمال ولد عباس بعد إعلان الحكومة اعتزامها إعادة إطلاق مشروع التنقيب عن الغاز الصخري الذي أُوقف بسبب الضغوط الشعبية وضعف الموارد المالية، على التشديد على أن حزبه يرفض الاستعجال في هذا المشروع إلا بعد الرجوع إلى الخبراء وفتح نقاش جدي في مدى ضرره على البيئة.
وواصل حزب «جبهة التحرير» مسار الطعن في الوزير الأول بعد التوقيع على ما سُمي «ميثاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص» بين الحكومة والنقابة الأم وأكبر تجمع لأرباب العمال الذي يقضي بأن تفتح رساميل المؤسسات العمومية أمام الخواص (القطاعات الخاصة). وقد أطلق حزب «الجبهة» وابلاً من التشكيك في قرار الوزير الأول محذراً إياه من التفريط في القطاع العام وبيعه بثمن بخس لعدد من رجال الأعمال.
وفي موقف لافت من هذا الحزب استدعى أمينه العام الشخصيات نفسها التي وقّع معها أحمد أويحيى هذا الميثاق وعقد معها اجتماعاً موازياً شبيهاً أكد فيه أن قرارات الخصخصة لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تفرط في القطاع العام أو في اليد العاملة التي تشتغل فيه. وبدا جمال ولد عباس منزعجاً للغاية من أن أويحيى عقد هذا الاجتماع دون أن يوجه له الدعوة رغم أنه القوة السياسية الأولى في البلاد.
وبعد مدة من الصمت استغل أويحيى مناسبة عقد حزبه لاجتماع تنظيمي، ليوجه رسائل شديدة الوضوح يردّ فيها على اتهامات «الجبهة». وقال في اختتام دورة المجلس الوطني لحزبه إن «التجمع» يبتعد عن الشعبوية في ممارسة السياسة ويعتمد نظرة واقعية تحاول تنوير الرأي العام وتبصيره بما يجري في بلاده. وانتقد أويحيى بتهكم نظرة «الجبهة» التي تتسم بـ«الماضوية» فقال: «وا حسرتاه على أيام الاشتراكية خيار لا رجعة فيها» وهو الشعار الذي كان يرفعه حزب «الجبهة» الذي حكم البلاد في ظل نظام الحزب الواحد (1962-1989) قبل مجيء التعددية الحزبية. وأضاف أنه ينبغي التخلص من ذلك التفكير القديم واستغلال كل الفرص المتاحة في الجزائر في إشارة إلى ضرورة الاستعانة بالقطاع الخاص في بناء نهضة للبلاد.
وبخصوص الرئيس بوتفليقة، أكد أويحيى، خلافاً لما يروجه عنه خصومه أن دعمه سيبقى ثابتاً وغير مشروط للرئيس متهماً ضمنياً «جبهة التحرير» باحتكار الرئاسة والرئيس، بينما بوتفليقة «ملك لكل الجزائريين». ونقل قيادي رفيع في حزب «التجمع» عن أحمد أويحيى انزعاجه الشديد إزاء محاولة إجراء الوقيعة بينه وبين الرئيس بوتفليقة. وقال هذا القيادي الذي رفض ذكر اسمه في تصريح إلى «الأخبار» إن أويحيى «لا يمكنه الترشح في منافسة الرئيس بوتفليقة كذلك لا يمكنه أيضاً الترشح في حال اختياره مرشح إجماع داخل منظومة الحكم ليكون خليفة للرئيس بوتفليقة».
ويعزو مراقبون هذا الصراع المحموم بين حزبي السلطة إلى وجود مخاوف لدى «جبهة التحرير» من أن يترشح أحمد أويحيى إلى رئاسة الجمهورية، في وقت هي لا تملك شخصية وازنة بإمكانها منافسته إذا قرر الرئيس بوتفليقة الذي يعاني من متاعب صحية جمة عدم الترشح. من جانبها تربط المعارضة ما يجري بغياب الرئيس بوتفليقة عن المشهد حيث اعتبر جيلالي سفيان وهو رئيس حزب «جيل جديد» أن هذا الصراع هو بالأساس صراع على تركة الرئيس بينما حذر علي بن فليس وهو رئيس «حزب طلائع الحريات» من أن ما يجري سيغذي أكثر الانسداد السياسي في البلاد وهو ما يوافقه عليه عبد الرزاق مقري رئيس «حركة مجتمع السلم» المحسوبة على التيار الإسلامي.
المزيد في هذا القسم:
- النفط يقفز 18 في المئة وتوقعات بارتفاع الأسعار! المرصاد نت - متابعات حرص شديد أبداه الإعلام الأميركي لدى تناول الهجمات التي استهدفت «أرامكو» أول من أمس تجلّى خصوصاً في مقاربة الردّ من قِبَل إدارة الرئيس الأ...
- انتخابات تونس: قراءة في تراجُع "النهضة" وتقدّم آخرين! المرصاد نت - متابعات فاجأت الانتخابات التونسية الأوساط السياسية والمُراقبين في الداخل والخارج بنتائجها التي تصدَّرت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. الم...
- عزم سوري على ردود جريئة وحازمة تجاه الاحتراقات الصهيونية المرصاد نت - محمد الباشا ردّةُ الفعل السورية إزاء الاختراقات الصهيونية كما الانتصاراتُ التي يحققُها الجيشُ العربي على بقايا الأذناب التابعة للمخطّط الغربي ...
- نبذه مختصره عن مرشحي الانتخابات الرئاسية بسورية اعلنت المحكمة الدستورية في دمشق طلبات الترشح لمنصب رئيس الجمهورية السورية من ماهر الحجار و حسان النوري و بشار الأسد ، وفيما يلي نبذة بسيطة عن المرشحين. ...
- عدوان يستهدف مطار «T4» العسكري في ريف حمص! المرصاد نت - متابعات تصدّت الدفاعات الجوية السورية، في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء لعدوان استهدف مطار «T4» العسكري في ريف حمص ولم يتّضح على الفور ما ...
- هل تسمح واشنطن بانتقال 5000 جندي تركي إلى قطر؟ المرصاد نت - متابعات على عكس ما تشتهي سفن «المحمدان» في أبو ظبي والرياض توسّعت رقعة الكباش الخليجي لتدخل مرحلة جديدة عنوانها «التدويل»...
- دمشق: انتهاكات «تحالف واشنطن» تتكامل مع الاعتداءات الإسرائيلية المرصاد نت - متابعات اعتبرت دمشق في رسالة وجّهتها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة تتكامل مع ما يقوم ب...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات أعلن الجيش العربي السوري أن وحداته القتالية بدأت بالتحرك باتجاه شمال البلاد لمواجهة العدوان التركي. مصدر عسكري أكد أنّ الجيش يستكمل اليوم...
- برلين توافق على صفقة أسلحة مثيرة للجدل مع السعودية المرصاد نت - متابعات أطلع وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابريل البرلمان الألماني (بوندستاغ) على قرار مجلس الأمن الاتحادي الذي ينعقد سرا في خطاب نُشر اليوم الأ...
- حصاد أوباما عربياً .. هكذا انتهت الكذبة المرصاد نت - الوقت في عام 2008 وعندما انتخب باراك حسين أوباما كأول رئيس من اصول أفريقية لرئاسة أمريكا تعشم الكثير من العرب والمسلمين خيراً أقله بأن توقف حقبة ...