المرصاد نت
قبل عشرة أعوام لم يكن (الحوبان) أكثر من مفترق طرق للذاهبين الى صنعاء اوعدن لكنه اليوم قلب مدينة ينبض بالحياة! (كذلك تخرج الحياة من الموت
وتتشكل المُدن والعمران في زمن الحرب والهدم) وهذه ميزة فريدة يختص بها اليمنيون وذلك نتيجة لحركة النزوح اليمنية التي هي حركة نزوح داخلية في إطار المحافظة ذاتها او بين المحافظات، في أسوأ الأحوال.
كما انتقلت الى الحوبان كثير من المكاتب الرسمية في المحافظة كمكتب التربية والصحية والأوقاف والرياضة وغيرها من الجهات الحكومية كإدارة الامن وإدارة مديرية التعزية، وغيرها من المكاتب التي تؤدي عملها من منطقة الحوبان.
ومن (محاسن القدر) ان منطقة الحوبان وشارعها الرئيسي كانت شِبه خالية من العُمران فاستوعبت النازحين من وسط المدنية والمحلات التجارية المختلفة ومن يمشي في شارع الحوبان يجد لافتات المحال التجارية التي كان يشاهدها وسط المدنية سواء التي كانت في شارع المغتربين او شارع جمال و 26 سبتمبر والحوض وأسماء المطاعم ذاتها والبوفيات ومحلات الذهب والملابس وغيرها وكأن المكان تبدل أو انتقل كما نُقل عرش بلقيس!
هاربون من شبح المدينة!
اصبحت مناطق وسط المدينة مرتعاً للمجرمين واللصوص اصحاب السوابق، ومنطقة غير صالحة للنشاط التجاري والحياة اليومية وقد مثلت الفترة الزمنية ما بين العامين 2016 والعام 2017م موسماً لنهب المحلات التجارية في تعز حيث شهدت مدينة تعز عاصفة من اقتحامات المحال التجارية والتقطعات والقتل من أجل المال ناهيك عن اقتحام البيوت وكسر الأقفال. ففي مارس 2016م نفذ المرتزقة عمليات نهب منظمة استهدفت عددا من المحلات التجارية في شارع جمال وكان ابرز المنهوبات محلات "شارب" التجارية حيث تم الاستيلاء على كامل محتوياتها.
وهذه الجماعات المسلحة التي تفتقد المرجعية المركزية ولا تقاتل عن قضية يصعب السيطرة عليها وتتناقض مع حل الأزمة في تعز واليمن عموما.
حركة العمران
شهدت منطقة الحوبان حركة عمران كبيرة منذ بداية الحرب سواء من النازحين من وسط المدينة وغيرها من أرياف تعز التي تشهد معارك او من العائدين من الغُربة، وكذلك المُستثمرين العقاريين فبعد حل كثير من قضايا الأراضي وارتفاع قبضة النافذين والفاسدين عن الأراضي تسهلت عملية انتقال حيازة الملكية والبناء كل هذه العوامل تظافرت وأدت الى عملية العُمران الغير مسبوقة في الحوبان، وتكمن المشكلة في ان منطقة الحوبان من المناطق غير المخططة مدنيا وهو ما يجعل حركة العمران تأخذ مجرىً عشوائياً.
قدمت الحوبان ومناطق الجيش واللجان الشعبية نموذجاً للدولة مغايراً للمناطق الخاضعة لمرتزقة العدوان وباتت مركز جذب للنازحين من وسط المدينة والمديريات الساحلية وغيرها من المناطق المتضررة إلا ان هذا النموذج الناجح من حيث حضور الدولة والآمان لا يخلوا من المُعاناة فقد أنتقل النازحون بأوجاعهم ومعاناتهم.
نزح غالبية سكان مدينة تعز - نتيجة سيطرة المرتزقة على مناطق سكنهم وأعمالهم - الى مديرية التعزية وبقية المناطق الخاضعة لسلطة صنعاء ويصل عدد النازحين إلى الحوبان من بداية العدوان حتى هذا الشهر(أغسطس) حوالي ثمانية عشر ألف أسرة، كما أفاد لـ(سبأ) رئيس الوحدة التنفيذية لتنسيق جهود الإغاثة في محافظة تعز القاضي/ أحمد أمين المساوى. الذي أكد بأن ما يقدم من المنظمات الإنسانية لا يغطي كل ألاحتياجات وعلى سبيل المثال: "في مديرية التعزية يقدم برنامج الغذاء العالمي ٢١٧٠٠ سلة غذائية بالشهر فيما احتياج المديرية نظرا لاتساعها جغرافيا وتوافد غالبية نازحي المدينة إليها يصل الاحتياج الفعلي فيها لأربعين الف سلة غذائية".
وأشار المساوى إلى وجود توجه لدى المنظمات الدولية لإثارة النزاعات وزعزعة المجتمع بتعمد تقديم اغاثة لنصف المستحقين، وهو تحدي تم مواجهته كما أوضح رئيس الوحدة التنفيذية: "اننا من خلال تفعيل السلطة المحلية وتشكيل لجان مجتمعية في كل مركز لتحديد المستحقين استطعنا رفع مستوى وعي المجتمع والمستحقين أنفسهم وتوضيح لهم أبعاد نشاط المنظمات وقد ادهشونا بالتكافل والإيثار فيما بينهم الأمر الذي استطعنا من خلاله تجاوز ذلك التحدي الى حد ما وقد حرصنا على تقديم عون انساني للمستحقين بغض النظر عن الانتماءات السياسية.
وجدير بالذكر ان الوحدة التنفيذية لتنسيق جهود الإغاثة خاض معركة إنسانية ووطنية من أجل دخول المساعدات بالتنسيق مع صنعاء وكشف المساوى عن "سعي بعض الجهات الدولية لتمكين أطراف محددة من المرتزقة من الامكانيات المخصصة للشأن الانساني حتى أصبحت إحدى مصادر تمويل الحرب في مرحلة من المراحل وجعلوا من قضية حصار تعز احد ابواب التكسب والإرتزاق".
ويضيف المساوى: "تم تنظيم حركة المساعدات الإنسانية بطلبات تقدم من المنظمات الاوتشا(OCHA) وتصاريح من قبلنا للجهات الأمنية والعسكرية بتسهيل وصول المساعدات وتكليف مندوبين بالإشراف والرقابة على توزيعها حتى في مناطق سيطرة الطرف الآخر وحاولنا إعادة خارطة توزيع الاحتياجات الإنسانية لتغطي غالبية مديريات المحافظة بعد أن كان اهتمام المنظمات منحصر بمديريتين فقط ".
(وثيقة تكذب إدعاءات حصار مدينة تعز من الأدوية وتُثبت قيام الوحدة التنفيذية لتنسيق جهود الإغاثة بإيصال الادوية إلى المستشفيات الخاضعة لسيطرة مرتزقة العدوان وسط مدينة تعز)
وتواجه جهود الإغاثة مشكلة التقطع ونهب المساعدات من قبل العصابات المسلحة في مناطق المرتزقة، ففي الشهر الماضي تم نهب ٨٠٠ سلة غذائية في الجحملية من مساعدات برنامج الغذاء المخصصة لمديرية صالة وقبل ذالك تم نهب قرابة ١٠٠٠ كيس قمح في منطقة المجلية من الكمية المخصصة لمديرية المسراخ، وكذلك نهب أحد مخازن رعاية الأسرة في منطقة الضباب.
وطالب رئيس المكتب التنفيذي لتنسيق جهود الإغاثة بمساعدات إنسانية تغطي احتياجات كل مديريات محافظة تعز وليس فقط مناطق سيطرة السلطة الوطنية، محذراً من محاولة تعزيز تصور انقسام المجتمع في تعز عبر ربط مناطق المرتزقة في تعز بإدارة الاوتشا في محافظة عدن، ومؤكداً أنه بالرغم من ذلك لا يمكن قسمة المجتمع في تعز واحد والفواصل الطارئة سوف تزول.
المعاناة الصحية
فرضت الكثافة السُكانية في الحوبان اعباء صحية اضافية على قطاع الصحة الذي يفتقر الامكانيات أللازمة خاصة ان معظم المستشفيات العامة كالثورة والجمهوري والعسكري تقع في مناطق سيطرة المرتزقة وتعرضت للنهب. وشكل ضعف البنية التحتية الصحية في الحوبان أزمة في عدم مقدرة المستشفيات الخاصة على استيعاب الحالات المرضية بالإضافة إلى غلاء تكاليف المشافي الخاصة وعدم قدرة المواطنين على تحمل نفقاتها، وهو الأمر الذي يجعل معظم الحالات الصحية تُنقل إلى محافظة إب.
وفي خصوص التعامل مع هذه القضية واثق الفقيه نائب مدير مكتب الصحة في تعز قائلاً: " قمنا في مكتب الصحة، وبإمكانيات بسيطة بفتح مخيمات طبية وكذا فتح مراكز صحية كانت مغلقة منذ عشرات السنوات حتى اننا اضطررنا لفتح المركز البيطري في الحوبان وتحويله مكتب للصحة وأيضا تحويل جزء منه إلى مركز للعلاج وهو يشهد اقبالا كبير خصوصا من اوساط النازحين وهناك نقص حاد في أدوية الأمراض المزمنة".
وأفاد الفقيه ان كل هذه الاجراءات "لم تلبي الحاجة الكاملة، خاصة مع الحرب والحصار الذي استهدف العدوان بعض المراكز الصحية في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، بالإضافة إلى الافتقار إلى وسائل النقل وسيارات الاسعاف بسبب تعرض الكثير منها للقصف المتعمد من قبل طيران العدوان".
واعتبر الفقيه بان قطع رواتب الموظفين مع نقل البنك المركزي الى عدن خلق من أزمة كوادر حيث غادر المحافظة الكثير من الاطباء ذو الكفاءة وبحثوا عن العمل في محافظات أُخرى وفي القطاع الخاص.
وفي الحديث عن دور المنظمات الدولية أكد الفقيه على هزاله دورها وعدم تقديمها شيئا يُذكر: " باستثناء منظمة أطباء بلا حدود والهيئة الدولية للأدوية". واعتبر الفقيه ان ما تقدمه اطباء بلا حدود والهيئة الدولية للأدوية: "بسيط جداً لا يلبي الحاجة الملموسة أما بقية المنظمات فأقتصر نشاطها على تقديم حبوب منع الحمل ومواد التنظيف!".
وأشار نائب مدير مكتب الصحة في محافظة تعز إلى ظهور حالات من التشوهات الخلقية للأجنة وإسقاط الحوامل وخصوصا في المناطق المحيطة بمناطق الصراع والقصف بالصورايخ المحرمة اضافة الي تسمم المياه وفي موسم الأمطار اصبحت هذه المناطق بيئة خصبة لإنتشار الامراض وخصوصا الكوليرا والملاريا وغيرها.
وناشد نائب مدير مكتب صحة تعز من وزير الصحة الزام الأطباء والعاملين العودة الي عملهم كما خاطب العالم الصامت امام ما يرتكبه العدوان من جرائم بحق اليمن أرضا وإنسانا ان يتحركوا لإيقاف هذي الجرائم.
تقرير : أنس القاضي - سبأ
المزيد في هذا القسم:
- الخيانة ليست وجهة نظر ... المرصاد في حوار مع صحيفة الميثاق الصادرة عن المؤتمر الشعبي العام بصنعاء الصادرة يوم الإثنين, 09-نوفمبر-2020 مع الك...
- اليمنية شوشانا ذماري الي أصبحت ملكة الغناء العبري المرصاد -متابعات مطلع القرن العشرين، ازدادت الإجراءات والقوانين المعادية لليهود في اليمن. على سبيل المثال، حُظر عليهم ركوب الخيول أو السير في الشوارع ا...
- ثلاثة أعوام من لظى الحقد التاريخي على الإرث الثقافي لليمن المرصاد نت - متابعات لا يستهدف العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي الأماكن التاريخية والمعالم الأثرية في اليمن لمجرد كسر جرّة الفخّار في بيت الزجاج أو لأنه بلا...
- تراث وحضارة اليمن تحت قصف العدوان! المرصاد نت للتراث الثقافي قيمته وأهميته الحضارية لدى الشعوب والأمم وتراث كل أمة هو ملك للإنسانية جمعاء وهو ملك للأجيال وسجل مجد لكل أمة وشعب، فهذا التراث هو ا...
- السفارة اليمنية في دمشق تحتفل بذكرى عيد قيام الجمهورية اليمنية ,, أقامت السفارة اليمنية في دمشق حفلاً وطنياً بمناسبة العيد الوطني الـ24 للجمهورية اليمنية 22 مايو ، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والطلبية وأعضاء ال...
- أزمة الصحافة والإعلام في زمن الصمت العربي المرصاد نت بقدر ما يتزايد عدد المطبوعات السياسية صحفاً يومية ومجلات أسبوعية في مختلف أنحاء الوطن العربي مشرقاً ومغرباً، تكاد تختفي الحياة السياسية حتى الان...
- الشعر في محراب الوطن ! المرصاد نت بالشعر يعبر الشعراء عن ضمائرهم المتوهجة بحب الوطن وعشقه ويعبرون من خلال كلماتهم الشعرية عن ذلك الحب وذلك الانتماء والتغني بأمجاد الوطن وبطولات فرسا...
- في ذكرى النكبة…صباحية شعرية في كلية الآداب تزامناً مع ذكرى النكبة العربية المشؤمة ومحاولات تغييب القضية الفلسطينة ووفاءً للقدس والمقدسات المنهوبة , اقام ملتقى الطالب الجامعي (كليتي الآداب والعلوم )...
- عودي لوهمِ العصفِ ... عودي… للشاعر عبدالقوي محب الدين المرصاد نت عودي لوهمِ العصفِ ، عودي… ...
- التاريخ اليمني وحَّد الأرض والإنسان! المرصاد نت كثيرة هي الأسماء التي تعرف بها اليمن وهي أسماء تواترت إلينا من أعماق التاريخ القديم وكانت ذات مدلولات استمدت من الواقع ولم تكن من ضرب الخيال فاليمن...