المرصاد نت - متابعات
الساعة الرابعة من فجر أمس وصل ريكس تيلرسون إلى واشنطن آتياً من جولته الأفريقية التي لم يستكملها بدعوى المرض.
وبعد أقل من خمس ساعات حسم دونالد ترامب كافة التكهنات التي راجت في واشنطن خلال الأشهر القليلة الماضية لِجهة التخلص من وزير خارجيته وتعيين مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، مايك بومبيو بدلاً منه
في بدايات العام الماضي حين اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب ريكس تيلرسون لمنصب وزير الخارجية كان يسعى إلى استغلال قدرات الأخير كرجل أعمال تولّى رئاسة إحدى أكبر شركات النفط الأميركية «إكسون موبيل» وبإمكانه عقد الصفقات وتجيير علاقاته خارج الولايات المتحدة بما يؤهّله لدعم شعار «أميركا أولاً».
أيضاً حظي اختيار تيلرسون بتوصيات وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس ووزير الدفاع الأسبق روبرت غيتس. ولكن شهر العسل بين الرجلين انقطع باكراً بفعل بروز الخلافات بينهما: من مسألة اتفاق باريس بشأن تغيّر المناخ مروراً بـ«حصار قطر» وكيفية التعاطي مع ملف كوريا الشمالية وليس انتهاءً بملف الاتفاق النووي مع إيران.
الأكيد أنّ تيلرسون لم يكن يتوقع إقالته بهذه السرعة؛ فوكيل وزارة الخارجية للدبلوماسية والشؤون العامة ستيف غولدشتاين قال كما فعل غيره من مسؤولي الخارجية إنّ «تيلرسون لم يعلم بإقالته حتى رأى تغريدة ترامب ولم يسبق له أن ناقشها مع الرئيس». ولفت إلى أنه كانت لدى تيلرسون «النية للبقاء» (بعد ساعات، أُقيل غولدشتاين أيضاً!).
رغم ما جرى وكيفية حصوله فإنّ صحافياً فرنسياً بدا مُصيباً حين علّق بالقول: «لعلّ واحداً من أبرز ألغاز عهد ترامب يتمثّل في أنّ أشخاصاً لا يليقون بمناصبهم يكادون يتحوّلون إلى شهداء فور طردهم». جدير بالذكر أنّ تيلرسون ينضم إلى قائمة طويلة من كبار المسؤولين الذين إما استقالوا أو أقيلوا منذ تولى ترامب منصبه في بداية 2017. ومن بين هؤلاء ستيف بانون ومستشار الأمن القومي مايكل فلين ومدير مكتب التحقيقات الاتحادي جايمس كومي وكبير موظفي البيت الأبيض رينس بيربوس ووزير الصحة توم برايس ومديرا الاتصالات هوب هيكس وأنتوني سكاراموتشي والمستشار الاقتصادي غاري كوهن والمتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر.
الإقالة... من أفريقيا
عودة ريكس تيلرسون من جولته الأفريقية بصورة مفاجئة لم تكن بسبب المرض وفق ما ادّعى إذ إنّ صحيفة «واشنطن بوست» ذكرت أنّ الرئيس دونالد ترامب «طلب (إليه) يوم الجمعة التنحّي فقرر قطع جولته والعودة إلى واشنطن لشكّه في أنّ الجولة قد تُمثّل آخر مهماته كوزير». لم يقُم ترامب شخصياً بإبلاغ تيلرسون بخبر الإقالة ولكنه قال أمس إن هذه الخطوة تمّ النظر فيها «لفترة طويلة» مضيفاً: «اختلفنا على الأشياء... (ذاكراً) الصفقة الإيرانية... ولذلك لم نكن نفكر في نفس الشيء؛ مع مايك بومبيو لدينا عملية تفكير مشابهة».
وفي تغريدة على «تويتر» أيضاً أشار ترامب إلى أنّه اختار جينا هاسبل نائبة بومبيو لتكون المديرة الجديدة لـ«سي آي إيه» لافتاً إلى أنّها «ستصبح أوّل امرأة» تُدير هذا المنصب. وفي تفاصيل ما أعلنه ترامب كان لافتاً حديثه عن «هذا المنعطف الحرج» وقوله إنّ بومبيو «سيقوم بعمل رائع... وسيواصل برنامجنا لاستعادة مكانة أميركا في العالم وتعزيز تحالفاتنا ومواجهة خصومنا والسعي لنزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية».
وفق مسؤولين أميركيين فإنّ التوتر بين ترامب وتيلرسون استمر لعدة أشهر ولكنهما وصلا إلى نقطة الانهيار خلال الأسبوع الماضي. وقال مسؤولون إنّ رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض جون كيلي اتصّل بتيلرسون يومي الجمعة والسبت وذلك لتحذيره من أن «الرئيس على وشك اتخاذ إجراء إذا لم يُقدِّم استقالته وأنه تمّ بالفعل تحديد بديل... وعندما لم يمتثل تيلرسون أقاله ترامب».
ورغم أن سبب الخلاف الأخير لم يكن واضحاً، إلا أن الرجلين غالباً ما كانا يظهران على خلاف بشأن سياسات مثل الاتفاق النووي مع إيران ونبرة الدبلوماسية الأميركية علماً بأنّ ثمة من اعتبر أنّ القرار جاء عقب تصريح لتيلرسون يوم الإثنين الماضي وجّه فيه الإتهام إلى روسيا في قتل رجل الاستخبارات الروسي السابق في لندن.
إيران... لا كوريا؟
يأتي قرار ترامب في وقت يستعد فيه للرهانات والمحادثات «التاريخية» مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وقد أعلن مسؤول أميركي في معرض تبرير قرار الإقالة أنّ «الرئيس أراد تغيير فريقه قبل المفاوضات المرتقبة مع بيونغ يانغ».
إلا أنّ الرئيس الأميركي قال للصحافيين عقب قراره إنّ لديه «خلافات مع تيلرسون بشأن قضايا رئيسية تشمل الاتفاق النووي الايراني... كان لديه عقلية مختلفة... وأعتقد أن ريكس أكثر سعادة الآن» من دون الإشارة إلى موضوع كوريا الشمالية. ويُذكر أن تيلرسون كان محبطاً عندما وافق ترامب من جانب واحد على الاجتماع مع كيم إذ لم يُبلغه بالأمر فيما بدت الخارجية منزعجة إثر ظهور بومبيو في برنامج تلفزيوني الأحد الماضي لشرح تطورات كوريا الشمالية، من دون أن يشير إلى تيلرسون.
من جهة أخرى بدا ترامب مستاءً من الضغوط على مواصلة مسيرته بشأن قضايا مثل الممارسات التجارية للصين، والحرب في أفغانستان والاتفاق النووي الإيراني. لذلك فإن التغيير جاء ببومبيو وهو عدوّ متهوّر للاتفاق النووي الإيراني فيما لا تزال أمام ترامب مهلة تمتدّ حتى شهر أيار المقبل ليقرر ما إذا كان سيسحب الولايات المتحدة من الاتفاقية التي أقرّها سلفه باراك أوباما.
الإمارات فرحة؟
مقرّبون من تيلرسون كانوا قد أشاروا إلى انزعاج الأخير المتزايد بسبب ما اعتبره «محادثات سرية» بين صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وعلاقاته مع دولة الإمارات وذلك «خشية أن تؤدي المناقشات إلى نتائج عكسية وجرّ المنطقة إلى الفوضى». وكانت «نيويورك تايمز» قد نشرت قبل أيام تقريراً، يقول إنّ دولة الإمارات عملت على طرد تيلرسون من منصبه.
وفي هذا الصدد بدا لافتاً أنّ أستاذ العلوم السياسية في الإمارات عبد الخالق عبدالله الذي يُقال إنّه قريب من دوائر رجل البلاد القوي محمد بن زايد كتب على «تويتر» أمس: «التاريخ سيذكر أنّ دولة خليجية كان لها دور ما في طرد وزير خارجية دولة عظمى وهذا قليل من كثير» (وبينما وصف تيلرسون في تعليق آخر بأنّه «أسوأ وزير خارجية في تاريخ أمريكا وسياسي فاشل» قال: «أتوقع أنّ الدوحة حزينة جداً على طرده اقترح عليها توظيفه كمستشار نفطي هذا مستواه وليس وزير خارجية دولة عظمى»).
مايك بنس... القوّاد الخفي
من المستغرب أنّ نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس لا يظهر اسمه كثيراً في الأحداث الكبيرة. من أسباب ذلك أنّ أدوات القراءة والتحليل التي يلجأ إليها الإعلام الغربي المُهيمن في متابعته لعهد ترامب، تستند إلى مناهج شبيهة بكتب التعليم البدائي وكمثال هنا: «ألف باء الديكتاتورية». رغم أنّ «واشنطن بوست» ذكّرت أمس بدور مايك بومبيو ضمن حملة بنس الانتخابية لتولّي منصب نائب الرئيس الأميركي لكن لا يتم ذكر أنّ وجود بومبيو في وزارة الخارجية سوف يُعزز محور «الإنجيليين» المتشددين (أو حتى الصهيونية المسيحية) بزعامة بنس الذي لعب دوراً كبيراً في نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة.
ومعروف عن بومبيو أنّه معارض شرس لإيران ككل وليس فقط للاتفاق النووي. وفي هذا الصدد معروف أيضاً أنّه لطالما تحرّك في ظلال منظمة «آيباك» الصهيونية. ويذكّر عمير تيبون في تقرير أعادت نشره «هآرتس» أمس بمواقف بومبيو «المؤيّدة بشدّة لإسرائيل» فيما يتبيّن أنّ علاقاته بإسرائيل بدأت تتثبّت عملياً منذ عام 2015 (تزامناً مع اقتراب التوصل إلى الاتفاق النووي).
«مقدمة حروب»؟
بصرف النظر عن الضجّة التي أثارها الحديث عن أنّ جينا هاسبل «أدارت سجناً سرياً في تايلند أُخضع فيه معتقلون لمحاكاة إغراق وأشكال أخرى من سوء المعاملة» إذ إنّ كل صفحات الـ«سي آي إيه» السوداء لا يُمكن تبييضها فإنّ المسألة الأكثر أهمية تبقى مرتبطة بإقالة تيلرسون وصعود وجوه «الصهيونية المسيحية» (يقول شمي شاليف إنّ «إسرائيل وداعميها... سيُسعدون بعملية طرد تيلرسون بهذه الطريقة).
كل ذلك لا يعني أنّ من سبق تيلرسون لم يكونوا متشددين بخاصة تجاه إيران: «مايكل فلين وبانون كانا من الصقور في مواجهة إيران لكن تمت إطاحتهما. بومبيو وجون بولتون (يُقال إنّه سيكون مستشار الأمن القومي المقبل) يعودان إلى المباراة. وهذه تغييرات بمثابة مقدّمة للحروب غير المباشرة» يقول الصحافي الأميركي مايك سيرنوفيتش.
المزيد في هذا القسم:
- كيف تترجم قناة "سكاي نيوز عربية" طموح الامارات في المنطقة؟ المرصاد نت - متابعات ربما لم يخطر على بال الوزير الألماني السابق جوزيف جوبلز مهندس ماكينة الدعاية الألمانية لمصلحة النازية أن تتحول أحدى مقولاته "اكذب ح...
- لبنان: هدوء حذر يسود مخيم عين الحلوة بعد اغتيال عنصر من حركة فتح! المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر أمني بأن الهدوء النسبي يعم مخيم عين الحلوة جنوب لبنان بانتظار نتيجة الاتصالات الجارية وذلك بعد مقتل أحد عناصر حركة فتح في مخيم ...
- سرقة أسلحة من قاعدة أميركية في ألمانيا المرصاد نت - متابعات نقلت صحيفة "Stars and Stripes" عن ممثلي القوات المسلحة الأميركية أن بنادق وغيرها من الأسلحة والمعدات العسكرية سرقت من قاعدة " Panzer Case...
- مصر: بحثٌ عن قروض جديدة... من «النقد الدولي» وآخرين! المرصاد نت - متابعات بعد عشرة أسابيع من تسلّم مصر الشريحة الأخيرة من قرض «صندوق النقد الدولي» والبالغ 12 مليار دولار أعلن وزير المالية المصري محمد معيط رسمياً...
- مبادرة في مجلس الشيوخ الأمريكي لمنع تصدير الأسلحة إلى السعودية متابعات : في خطوة نادرة أطلق السيناتور من الحزب الديمقراطي كريس ميرفي مبادرة جديدةلمنع تصدير الأسلحة الى المملكة السعودية بعد الدمار الهائل الذي خلفه ال...
- خلال مسيرة حاشدة بغزة، الشعبية: غزة حققت إنجازات هامة ستتعاظم خطوة خطوة نظمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسيراً جماهيرياً حاشداً ضم الآلاف من كوادر وأنصار الجبهة ومئات المقاتلين من كتائب الشهيد أبو علي مصطفى تخليداً للذكرى ال...
- مسلسل التعذيب متواصل ولا يتوقف .. وتيرة القمع في السعودية تشتد!! المرصاد نت - متابعات يبدو ان النظام السعودي لايتردد في تكرار جرائمه ضد معارضيه سواء داخل مملكة الصمت أو خارجها ولم يكتف بذلك بل هناك خشية على كل من لهم صلة با...
- حلب .. معركة الحلفاء بثلاث جبهات على نار روسية إيرانية هادئة المرصاد نت - متابعات الهدنة صارت في مهب الريح، وأمرٌ ما يتحضّر في حلب وريفها. معركة كبرى تُطبخ على نار هادئة ستؤثر نتائجها في مسار المفاوضات الطويلة و...
- كيف أحبطت فنزويلا مغامرة ترامب بتفجير الحرب الأهلية؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين ما يحشد له مايك بومبيو من حلفاء في أميركا اللاتينية، يسعى إلى استكماله بالضغط على الدول الأوروبية التي تقف في الصف خلفه للانقلاب عل...
- أول تعليق من ترامب بعد إعادة حسابه على تويتر المرصاد-متابعات قال دونالد ترامب، إنه "لا يرى أي سبب" للعودة إلى تويتر، بعد إعلان إيلون ماسك المالك الجديد للشركة رفع الحظر عن الرئيس الأميركي السابق. وأعلن إ...