الصديق Jack Stewart عاشق لليمن ولتاريخ الحضارة اليمنية . زار اليمن ، جنوبه وشماله ، مرات كثيرة في الثمانينات والتسعينات حتى أوائل الألفية الثالثة . أذهلته كوكبان وشبام حضرموت ، وأعمدة وصرح عرش بلقيس ، وبقايا السد القديم في ركني الوادي وآثار القنوات المائية الممتدة من السد عبر الصحراء حتى حضرموت ، وكان يراها بقايا حضارة مائية عريقة .
وقف مبهوراً أمام مدرجات الزراعة في المرتفعات اليمنية ومنها حجة ، المحويت ، إب ، مناخة ، الحيمتين ، رازح ، ريمة ، وصاب ، عتمة ، النجد الاحمر ، صبر ، يافع وغيرها ، ويحلو له أن يقرنها بمعلقات بابل التاريخية . شاهد من أعلى قمة سمارة الشعاب الخضراء وهي تخترق سلسلة الجبال الشاهقة ، تحمل معها الحياة إلى المدى الذي تصل إليه ، ثم تسلمها لشعاب فرعية تتدفق حياةً من مرتفعات أخرى ، وكأنها تتناوب مهمة منح الانسان الصامد في تلك الأرض القدرة على مواجهة تحديات البقاء والإعمار . تتبّع مجرى وادي بنا من مصدره في الجبال المطلة على الوادي في إب الشرقية ، بما وهبه الله من طبيعة خلابة ، حتى مصبه في بحر العرب باتجاه أبين .
زار تهامة وخلص إلى أنها خزان بشري يتمدد فوق أرض غنية وذات تضاريس تاريخية ، يتسم ابناؤها بالتنوع في قدرات هائلة على العمل والانتاج في الميدان الاقتصادي والفكري والفني والرياضي والعسكري . تعرضت هذه القدرات للقمع والاهمال والافقار من قبل الأنظمة السياسية المركزية ، وتم إخراجها بالكامل من معادلة الحكم ، وتم تحويل أراضيهم الخصبة إلى مزارع خاصة لذوي النفوذ .
تجول في صهاريج عدن ، وزار قلعة صيرة المطلة على خليج عدن ؛ شاهد منها مدينة كريتر في درعها الصخري وهي تنام بهدوء فوق بركان خامد بشوارعها التي تتقاطع رأسياً وأفقياً في تخطيط بديع أخذت تعصف به العشوائية ، كريتر المدينة العريقة المثقلة بالتاريخ والتي تعايشت فيها أجناس متعددة من البشر لتغدو متحفاً للإنسانية بكل معنى الكلمة . ومن القلعة تطلع إلى البحر في مداه البعيد حيث قوارب الصيادين تتراقص فوق أمواج صاخبة لا تهدأ ، وعلى مرمى أبعد نظر إلى خط الملاحة الدولية وكانت سفن تمخر عباب الماء في طريقها نحو الشرق وأخرى متجهة غرباً . ومن القلعة شاهد جانباً من تاريخ عدن يحكيه المجمع السكني الرابض فوق جبل "معاشق" والذي كان مملوكا للتجار الأجانب ولبعض شرائح الارستقراطية العدنية التي أخذت تتشكل بمعايير الحداثة الغربية ، وراحت تنفصل تدريجياً عن مجتمعها .
وفي نقاش مع بعض مثقفي عدن في أحد المنتديات ، يعتقد أنه منتدى "الايام" ، يقف عند مصدر كلمة "صيرة" ، ويتذكر أنها مرادفة للكلمة اللاتينية "سييرا" ، ومعناها سلسلة جبلية ، وأنها جاءت مع البرتغاليين الذين بنوا القلعة أثناء احتلالهم لعدن في القرن السادس عشر الميلادي . وكان يحلو للبعض أن يطلق عليها "سييرا عدن" تيمناً ب"سييرا مايسترا" التي انطلقت منها الثورة الكوبية بقيادة كاسترو ورفيق دربه جيفارا .
قال ، شعرت وأنا أذكر "سييرا مايسترا" أن كثيراً من الحضور في المنتدى يريد أن يعرف المزيد ، فحكيت لهم قصة جيفارا الذي كان يرافق الثوار كطبيب ، بعد انطلاقهم من "سييرا ماسترا" باتجاه "هاڤانا" ، كيف تدخلت الصدفة ليتحول من طبيب إلى مقاتل حينما سقط حامل المدفع الرشاش في سريته قتيلاً ، وتفرق بقية أعضاء السرية وكان معظمهم جرحى ، ووجد جيفارا نفسه وحيداً ، وأمام خيارين ، إما أن يواصل حمل حقيبة الأدوية ، أو يتخلى عنها لينقذ المدفع الرشاش الذي سيشكل فقدانه خسارة كبيرة على الحملة .. كان عليه أن يقرر ذلك سريعاً ، ومعها يتقرر مستقبله . وقرر أن يترك حقيبة الدواء وينقذ المدفع الرشاش الذي لازمه بعد ذلك وأصبح جزءاً منه . هناك كثيرون كانت الصدفة هي من قررت مسيرتهم .
شهد اعلان الوحدة عام ١٩٩٠.. وأعجب بخطاب البيض في ميدان السبعين الذي ألقاه قبل إعلان الوحدة بأيام ، ويرى البيض وطنياً عاطفياً أكثر منه سياسياً. ويعتقد أن علي صالح توفرت له فرصة لبناء دولة مستقرة لليمن لكنه ضلّ الطريق واعتقد أن الدولة ستنافسه السلطة وتوقف بها عند وظيفة الشرطي الذي يحمي مصالح الحكام وذوي النفوذ ، وأن ذلك الحدث الكبير تحجر عند الحديث عن الوحدة ك"منجز" بذاته دون تمكينه من إثبات ذلك ؛ ثم سُلمت الوحدة ، في أكثر اللحظات التاريخية خطأً للحرب ، تلبيةً لمن أرادوا أن يعمدوها بالدم ويخلصوها من "لوثة الكُفر" ، وكان أن تم تفريغها والعبث بها وإلحاقها ، من ثم ، بنظام سار بالبلاد إلى طريق مغلق ثم إلى المجهول .
المزيد في هذا القسم:
- مثقفون يمنيون: التطبيع هروب من مأزق إلى صنع مأساة مضاعفة للفلسطينيين "مأساة صناع الكوميديا الشيطانية أنهم هاربون من مأزقهم إلى صنع مأساة لشعب عاش فيها لما يقرب من قرن".. هكذا علق الكاتب المفكر اليمني عبد الباري ...
- صانع النصر ! الشاعر : ضيف الله الدريب المرصاد نت دُمْ في جَبِينِ الـمَـجْـدِ دُرَّةَ تاجهِ فلأنتَ للآلِ الكِرَامِ سَلِيلُوَانْشـر هُدَى القُرْآنِ فِينا إِنَّهُوالآلَ دَومًا لِلنَّجَاةِ سَبِيلُي...
- تدشين معرض الكتاب السنوي بصنعاء احتفاءً بالعيد الـ26 للوحدة اليمنية المرصاد نت - صنعاء دشن اتحاد الناشرين اليمنيين وشبكة يمن إبداع وبالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة ووزارة التربية والتعليم وأمانة العاصمة اليوم الأربعاء بص...
- عابرون في كلام عابر .. للشاعر الكبير : محمود درويش المرصاد نت أيها المارون بين الكلمات العابرة احملوا أسماءكم، وانصرفوا واسرقوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة&...
- التراث اليمني والحضرمي” يرسم حضوره في سيئون المرصاد-متابعات على هامش مؤتمر نموذج محاكاة جامعة الدول العربية، الذي نفذته مؤسستا عدالة للتنمية القانونية وحضرموت الثقافية، أقيم بمدينة سيئون (شرق اليمن) معرض...
- مَن يرحم الأوطانَ مِن هذا الخطر؟! المرصاد نت مستيقظًا قبل الأذانِ لكي يصلي ركعةَ الشيطانِ في وقتِ السحَرْالناسُ ما تركوا مخادِعَهموفزَّ لكي يجهّزَ خُدعةً أخرىويمنع من سحابتِهِ المطرْمَن يرحم ا...
- ملتقى القوات المسلحة بصعدة يقيم المعرض الأول لشهداء الاغتيالات والتفجيرات نظم وافتتح الملتقى العام لمنتسبي القوات المسلحة والأمن فرع صعده المعرض الصوري الأول لشهداء القوات المسلحة والأمن من ضحايا الاغتيالات والتفجيرات بمحافظة صعدة...
- خارطة الطريق .. للشاعر : معاذ الجنيد المرصاد نت لقد سُلَّ سيفُ الحقِّ وانكسرَ الغِمدُفلا عاصِمٌ من بأسنا اليوم يا ( نجدُ )أتتكِ بلادُ الرافدين ، فرِفدهارجالٌ ، ونهرَاها هُما الجيشُ ، والحشدُتوحَّ...
- افتتاح معرض تعز الدولي للكتاب وتقنية المعلومات ضمن مهرجان السعيد الثقافي السادس عشر اقيمت في قاعة مؤسسة السعيد صباحية شعرية للعديد من الشعراء اليمنيين وسط حضور لكبار الكتاب والنقاد في اليمن وبمشاركة من جميع المحافظات اعلانا لبدء فعاليات مهرجان ...
- اكتشاف قانون رياضي "خفي" يحكم بقاع الأرض والصحارى العربية والفضاء المرصاد-متابعات يكتشف العلماء بين الفينة والأخرى، أن الروابط بين الأشياء أو الكائنات في الطبيعة، بعيدة كل البعد عن محض الصدفة، وهو ما رصده البحث الأخير الذي أش...