السياسي ، محكومٌ بالتوجيهات او التعليمات او الأوامر التي تصدر له وعليه تنفيذها .
ذلك أن السياسي – دائما – جزء من قوة منظمة لها مشروعها السياسي ، ونقصد بالمشروع السياسي هنا : الإطار العام للأهداف والمصالح التي تسعى تلك القوة المُنظمة الى تحقيقها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وربما العقائدية ، بصرف النظر عن مدى اتفاق هذا الإطار السياسي أو عدم اتفاقه مع المصالح الوطنية والإجتماعية العامة .
فالسياسي ، بوصفه - في التحليل الأخير - موظفا ، ليس أمامه أي خيار آخر غير تنفيذ الأوامر الصادرة اليه ، وأقصى ما يملكه – إذا كان ضمن المستويات العليا ويتمتع بالثقة المطلقة – هو أن يكون له هامش مُعين في التقدير، سواء فيما يتعلق باختيار توقيت القرارات ، أو في الكيفية التي يتم تنفيذها بها ، مادام ذلك سيؤدي – في النهاية - الى تحقيق الأهداف والمصالح السياسية المرسومة للقوى التي ينتمي اليها هذا السياسي أو يعمل في خدمتها .
إذن فالسياسيون ، كموظفين ، مثلهم مثل الجنود ، تتغيّر مهامهم ومواقعهم باستمرار تبعا لمتطلبات المعارك السياسية والخصوم السياسيين في كل مرحلة . ويتم استخدامهم من قبل القوى التي يتبعونها تبعا لقدراتهم ومهاراتهم ، وبالطبع ، فإن بعضهم ينجحون في أداء ادوارهم فيكافئون ويرقون ، وبعضهم يفشلون ، فشلا كليا أو جزئيا ، فيستبعدون مؤقتا أو بشكل دائم .
أما المثقف ، بوصفه صاحب رؤية أو فكرة ، فهو محكوم برؤيته وقناعاته قبل كل شيء وليس بالأوامر والتعليمات . لهذا يفشل المثقفون فشلا ذريعا حين يعملون في السياسة ، حتى في تلك الحالات التي يعمل فيها المثقف ضمن حزب أو قوى سياسية يجمعه معها إطار عام مشترك .
وتُشكل مجموعة القيم والمبادئ التي يؤمن بها المُثقف مرجعيته العليا ، وبصرف النظر عن صحة أو واقعية ما يؤمن به ، إلا أن مطالبته بالعمل خارج إطار تلك الرؤية ( بدعوى المرونة أو الواقعية كما يفعل السياسيون ) يصبح ضربا من المستحيل ، لأن ذلك يُشكل – من وجهة نظره – إعتداء على كينونته ذاتها ، وهذا يُفسر لنا كيف أن رؤية بعض المثقفين تتحوّل ، بالنسبة لهم ، الى أيدولوجيا ، وبالتالي يعطونها قيمة مقدسة ، وتصبح حياتهم بلا معنى إذا لم يعيشوها وفقا للقناعات التي يؤمنون بها .
لذلك كله ،
يفشل المثقفون في فهم وتبرير سلوك السياسيين ، كما يفشل السياسيون في فهم وتفسير مواقف المثقفين .
المزيد في هذا القسم:
- إصلاح " خفقة زفقة ".. إصلاح لا تجعل الهديمة القوية وفجعتك بمنظومة القشيبي وعمران تجننك ، فتغرق من حفرة إلى حفرة ، فتطيش بخطاباتك وأسلحتك ، كالمسعور والمسحور في آن معاً ..مع صالح " فل...
- سقوط صنعاء ! بقلم : إبراهيم هديان المرصاد نت مازال الحديث متواصلآ عن صنعاءومازالت الاحداث جارية حول صنعاءولأنها رمز اليمن وقلعة صموده وانتصارهانقسم اليمنيين حولها إلى فريقين ومعسكرينفريق عاشق ل...
- كيف تحولت الثورة و الجمهورية أداتين لتدمير الدولة ؟! المرصاد نت لا ينطبق المثل الشعبي " حاميها حراميها " على أحد قدر انطباقه على من يتخذ من النظام الجمهوري وحمايته قميص عثمان ..هؤلاء المخاليق يمثلون اخطر عملية ت...
- الشعب الذي لا يرحم الطغاة ظروف صعبة ومخازي مزمنة يعيشها ملوك المال وقواد التحالف العربي في تاريخ مليئ بمشاعرهم الميتهان يشاهدوا انفسهم في حرب عبثية حققوا منها الإفلاس والندم ...
- لا تنتظروا "حمدي" آخر لا تنتظروا من القدر منح اليمن "حمدي" آخر، لأن الرهان على "منقذ"، أياً كان، يُكرس حالة العجز، ولا يضمن تحويل اليمن إلى وطن، ودولة حقيقية قائمة على القانون والموا...
- عندما يصبح الجلاد ضحية ! بقلم : حميد دلهام المرصاد نت رسالة احتجاج اراد المعتدي من خلالها اظهار نفسه في صورة المعتدي عليه الذي يتعرض لأبشع انواع الظلم والاعتداء، والاستهداف المباشر من قبل ما أسماه مليش...
- إنا قد مسنا الضر... ..." كتبوا للمرصاد إننا نتوجه بنداء استغاثة نحن أبناء تعز المعروفون منذ أمد بعيد بأننا أصحاب أقلام وعلم واختلاف وتعايش !! ولكننا مسا...
- أوسمة الملك العليل ! بقلم : حمدي دوبلة _ أسهب رئيس جامعة القاهرة في التغني بإنجازات ومآثر الملك سلمان وخلع عليه الكثير من الألقاب والصفات العظيمة وقال فيه مالم يقله حسان بن ثابت في مدح سيد الأولين...
- ( المطيع حمار المُفسِد ... ) المرصاد كتب: عبدالجبار الحاج .. من فصول مظلمة المجاهد جلال الصبيحي .. على قاعدة المطيع حمار المفسد في المثل الشعبي وعلى قاعدة تناقض ...
- عدن توشك ان تودع الحراك و"المقاومة" ! بقلم : محمد محمد المقالح المرصاد نت اخذ وسياخذ هادي وشرعيته محافظة عدن عن طريق عبد العزيزالمفلحي من ناحية والوحدات العسكرية التي تسيطر وتبنى بسرعة باسم الحماية الرئاسية من ناحية اخرى ...