تصاعد الغضب الشعبي في المحافظات الجنوبية يربك حسابات التحالف!

المرصاد نت - متابعات

تصاعدت وتيرة الفعاليات المناهضة لتواجد التحالف في المحافظات الجنوبية وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت مدينة عدن فعاليتين طالب فيهما المحتجون برحيل التحالف.ALmahreh2019.7.1

لم يكن أمسية ال20 من رمضان التي نظمتها تنسيقية أبناء عدن، في مدينة خور مكسر مع المعتقلين والأسرى والمخفيين قسرا في سجون التحالف، أمسية عابرة، خصوصا والأمسية حضرها المئات من قيادات الحراك الجنوبي وشخصيات سياسية وقبيلة واجتماعية، تمخض عنها اتفاق بتصعيد الوقفات الاحتجاجية ضد التحالف وبشكل منظم.

وقال رئيس تنسيقية أبناء عدن الشيخ محمد سكين الجعدني بأن "الجنوب يشهد أسوأ احتلال متعدد الجنسيات وينتهك كرامة المواطن دون أي اعتبار أخلاقي أو قانوني" مطالبا ب"إطلاق جميع المعتقلين وكشف مصير المخفيين ووقف المداهمات لمنازل المواطنين". ولفت سكين إلى أن "التنسيقية تستعد لتنظيم نشاطات ضد التحالف" موجها دعوة إلى كل "أحرار الجنوب الالتحاق بشرف الدفاع عن الوطن وكرامة المواطنين".

من جهته عضو رابطة أسر المعتقلين والمخفيين قسراً عبدالجليل أحمد الطوسلي أوضح بأن " ما ارتكبته قوى الاحتلال بحق المعتقلين جرائم حرب، يحاسب عليها القانون الدولي الإنساني" مشيرا إلى أن "أكثر من 40 معتقلا توفوا تحت التعذيب في سجون الإمارات". وأوضح الطوسلي أن "المدن الجنوبية شهدت تفاعلا سياسيا وحقوقيا مع أهالي المعتقلين، وظهر التفاعل خلال الفعاليات الماضية التي شهدتها مدينة عدن".

ويرى محللون بأن التحالف يعيش حالة من الإرباك والخوف، ولم يعد أحد مؤيدا له غير المرتبطين بمصالح مالية وباتت القوى العسكرية والأمنية التابعة للتحالف تفقد حضورها في المدن الجنوبية بعد فضائح التحالف سواء فيما يتعلق بجرائمه ضد المواطنين أو بسيطرته على منافذ ومؤسسات البلاد الحيوية إضافة إلى نهب الثروات.

ويستشهد متابعون بصحوة الشارع الجنوبي، بالهتافات التي رددها الألاف قبل أيام في ساحة العروض بخور مكسر في الاحتفالية بمناسبة الإفراج عن أحمد عباد المرقشي، الهتافات أكدت على رفض الاحتلال وطالبت بخروجه من البلاد وحول المحتشدون وهم من كل مكونات الطيف السياسي، الفعالية من احتفالية بخروج المرقشي إلى وقفة احتجاجية مناهضة للتحالف الأمر الذي يعبر عن تغيير نوعي في الهاجس الشعبي في المحافظات الجنوبية من مؤيد للتحالف إلى رافض لكل سياسات التحالف المتعلقة بالسيطرة على البلاد وانتهاك سيادتها.

وأكد مصادر سياسية في عدن أن "الشخصيات السياسية المتعاونة مع الرياض وأبوظبي باتت مؤخرا تتحاشى الغضب الشعبي المتصاعد وتبحث عن عواصم عربية من بينها القاهرة للاستقرار، وذلك بعد يقينها أن لا مستقبل لها ولا للتحالف في البلاد".

إلى ذلك تتجه الأوضاع إلى المواجهة العسكرية المباشرة بين حلفاء الإمارات من جهة وبين حلفاء الرياض من جهة أخرى وخلال الأسابيع الماضية صعّد الطرفان بعد اجتماع النواب المؤيدين للعدوان في مدينة سيئون حيث اعتبر أنصار أبوظبي الأمر تحديا من قبل حكومة هادي لتواجدهم في الجنوب إضافة إلى تدشين "الائتلاف الجنوبي" المدعوم من الرياض في مدينة عدن التدشين اعتبرته أبوظبي تجاوزا للخطوط الحمر من قبل الرياض.

غير أن رفض ما يسمى المجلس الأعلى للحراك الثوري المدعوم من الرياض الحوار مع ما يسمى المجلس الانتقالي بسبب تمسك الأخير بالحق الحصري بتمثيل الجنوب كحامل سياسي للقضية الجنوبية ذلك الرفض اثار حفيظة "الانتقالي" الأمر الذي تسبب بعودة موجة الاغتيالات إلى مدينة عدن، وخلال أسبوع واحد قتل قياديان في الحراك الجنوبي، ينتميان إلى "المجلس الثوري".

وعلى الرغم من أن موجة الاغتيالات طالت رجال دين وقيادات مناهضة لـ"التحالف" منذ دخول أبوظبي مدينة عدن في العام 2015م إلا أن الاغتيالات الأخيرة كان هدفها أطراف موالية للسعودية، ويوم الإثنين الماضي استهدف مسلحون القيادي في "المجلس الثوري" المدعوم من الرياض، عبدالله حسين القحيم، في منطقة بئر فضل القريبة من مقر "التحالف" تصفية القحيم جاء بعد أيام فقط من اغتيال القيادي في" المجلس الثوري" أيضا رامي محمد المصعبي في مدينة المنصورة.

متابعون حملوا الإمارات مسؤولية استهداف قيادات "الحراك" خصوصا والمناطق التي وقعت فيها عمليات الاغتيالات تقع تحت سيطرة قوات "الحزام الأمني" التابع لأبوظبي، وبحسب المصادر فإن المنفذين مروا بعد تنفيذ العمليتين على أكثر من عشر نقاط أمنية.

من جهته قال الناطق باسم "المجلس الثوري" محمد الحضرمي في تصريح إن "الأطراف المدعومة من الإمارات خاضت معركة إعلامية ضد "المجلس الثوري" بسبب توسع في عدد من المحافظات الجنوبية ورفض الحوار الذي دعا له "المجلس الانتقالي" مضيفاً أن "الانتقالي" حاول شراء الذمم وشق الصف لـ"المجلس الثوري" خلال الأسابيع الماضية.

ولم تقتصر المواجهات بين حلفاء الرياض وأبوظبي على عمليات الاغتيالات فحسب، وتحولت إلى مواجهة مباشرة دامية بين قوات "الحزام الأمني" من جهة وبين قوات "الحماية الرئاسية" من جهة أخرى، الأربعاء الماضي في مدينة الضالع المواجهات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

وبرأي مراقبين فإن تلك المواجهات التي يروح ضحيتها العشرات من الجنود الجنوبيين، سببها الخلافات التي تتسع رقعتها يوما بعد آخر بين الرياض وأبوظبي، على تقاسم المواقع الهامة والثروة والنفوذ حيث سعت السعودية مؤخرا إلى إحكام سيطرتها واحتلال محافظة المهرة، كما عززت حضورها في سقطرى إضافة إلى مزاحمة أبوظبي في حضرموت وشبوة.

ويرى محللون أن تلك الخلافات كشفت الوجه الحقيقي لسياسات التحالف في اليمن المتمثلة بإضعافه ونهب ثرواته وإدخاله في حروب مستدامة مناطقية ومذهبية وهو ما كشفه أحمد الميسري، نائب رئيس حكومة هادي قبل أيام من أن "التحالف يتمدد في المناطق الشرقية" معتبرا أن "تدخل التحالف في الجنوب لصناعة الفتنة والفوضى".

في موازاة ذلك تنشط القوى الوطنية الجنوبية الرافضة لاحتلال التحالف للجنوب وجدد رئيس المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى الشيخ عبدالله بن عفرار في اجتماع لجنة الاعتصام تحذيره لـ"التحالف" من نقل الاقتتال بين أبناء المهرة بعد المساعي لتأسيس ميليشيات في المدينة من جهته الشيح أحمد الحريزي طالب السعودية بسحب قواتها وتسليم منفذ صرفيت إلى أبناء المهرة.

وفي هذا الاتجاه اعتبر "المجلس الثوري للحراك" الذي يتزعمه حسن باعوم بأن عمليات الاغتيالات الأخيرة تندرج ضمن الصراع بين طرفي التحالف مطالبا بخروج المحتل الأجنبي من أرض الجنوب. ويخوض أبناء المهرة حراكا قبلياً وشعبياً سياسياً مناهضاً لتواجد القوات السعودية والإماراتية في المدينة الحراك تصاعدت وتيرته خلال الأيام الماضية بسبب توقيف السلطات السعودية لوزير في حكومة هادي الشيخ محمد عبدالله بن كده الذي أفرجت عنه السلطات السعودية الجمعة الماضية بعد ضغوط قبلية وشعبية مارسها أبناء المهرة ضد السلطات السعودية.

وخلال الأسبوع الماضي دشنت اللجنة التنظيمية لاعتصام المهرة وقفات احتجاجية بحضور رئيس المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى عبد الله بن عفرار ووكيل محافظة المهرة السابق الشيخ علي الحريزي الوقفات طالبت السلطات السعودية بالإفراج الفوري عن بن كده وشن عبدالله بن عفرار هجوما لاذعا على السعودية معتبرا "احتجاز بن كده غير مقبول لدى أبناء المهرة" مشيرا إلى أنها "خطوة تزيد الأوضاع تأزيما ولا تخدم أحدا".

من جهته الشيخ علي سالم الحريزي، أكد أن "أعمال لجنة الاعتصام مستمرة في تنفيذ الاعتصامات الرافضة للتواجد السعودي في المهرة"، لافتا إلى أن "السلطة المحلية في المحافظة ممثلة بالمحافظ راجح باكريت ماهي إلا غطاء للتواجد السعودي، مطالباً برحيل كافة القوات السعودية وأن يسلموا المحافظة إلى أبنائها، فهم جديرين بإدارة محافظتهم".

ويرى متابعون أن السلطات السعودية رضخت للضغوط الشعبية والسياسية لأبناء المهرة خصوصاً وأن لجنة الاعتصامات قد دعت إلى تفعيل الاعتصامات وتوسيع الاحتجاجات لتشمل كل مديريات المهرة، وعلى الرغم من أن الاعتصامات سلمية إلا أن السطات السعودية أخذت المساعي القبلية التي حذرت من تحول النضال السلمي إلى كفاح مسلح على محمل الجد وسارعت إلى الانسحاب من منفذ صرفيت الحدودي مع سلطنة عمان، وإطلاق سراح الشيخ محمد بن كده.

ومنذ يناير من العام الماضي وأبناء المهرة يخوضون نضالا سلميا ضد تواجد القوات السعودية في المدينة تلك القوات التي حولت المحافظة إلى منطقة عسكرية وسيطرت على المؤسسات الحكومية ونشرت قواتها على المنافذ الحدودية مع سلطنة عمان، وفي المعابرالتي تمثل الشريان الرئيسي لليمنين في ظل الحصار المفروض براً وبحراً وجواً.

غير أن أطماع السعودية في المدينة لم تقتصر على الحصار والسيطرة العسكرية بحجة تهريب السلاح، بل شرعت تلك القوات وبحضور السفير السعودي محمد آل جابر، بالسيطرة على ميناء نشطون المطل على البحر العربي، واستحدثت معسكرا لها بالقرب من الميناء، كما أخضعت الميناء لسلطاتها وأخرجت القوات العسكرية التابعة لحكومة هادي، من الميناء، وأوقفت العديد من البضائع في الميناء خصوصا السيارات بحجة استخدامها في الجبهات.

ويرى مراقبون بأن تلك الخطوات تأتي تمهيدا لتحقيق الحلم السعودي القديم، المتمثل في مد أنابيب النفط إلى بحر العرب مرورا بالأراضي اليمنية في مدينتي المهرة وحضرموت بمسافة 300 كيلو متر، وقد بدأت فرق الهندسة السعودية بوضع علامات لذلك الخط، قبل أن يتمكن أهالي المهرة من قلع تلك العلامات وتعطيلها.

وكشفت مصادر محلية بمدينة المهرة لـ"المسيرة نت" عن ممارسات القوات السعودية ضد المواطنين في المهرة، وتضييق الخناق عليهم في كل المعاملات الرسمية سواء فيما يتعلق بإصدار البطائق الشخصية وكل معاملات الأحوال الشخصية الأمر الذي أعاق حرية تنقلهم وسفرهم، أو فيما يتعلق بالقوات اليمنية التي تم تسريحها لتحل محلها عناصر أمنية موالية للسعودية.

ولفتت المصادر إلى أن الرياض تسعى إلى ابتلاع أكبر قدر ممكن من مساحة محافظة المهرة على غرار قرية الخراخر التي ضمتها إلى مدينة خرخير السعودية وهجرت أهلها وعددهم أكثر من خمسة آلاف مواطن، إضافة إلى محاولتها إجراء تغييرات ديمغرافية قائمة على المذهبية بعد أن حاولت خلق ميليشيات سلفية من خارج المدينة وتمكينها من مساجد ومراكز داخل المهرة.

المزيد في هذا القسم: