المرصاد نت - لقمان عبدالله
أعادت عملية بقيق وخريص السبت الماضي، شرق السعودية تسليط الأضواء على هشاشة النظام السعودي ومحدودية خياراته وجلّت حراجة المرحلة التي تمرّ بها المملكة. لم تحسن القوات المسلحة السعودية منذ بداية العدوان على اليمن الاستفادة من التكتيكات والخطط العسكرية المناسبة في التعامل مع الشعب والجغرافيا اليمنيّين. النمط الاستعلائي للنظام السعودي ونظرته الدونية إلى اليمنيين واستخفافه بهم كلها عناصر أوصلت قيادته إلى الإنهاك والغرق في المستنقع والعجز عن إيجاد استراتيجية بديلة أو ما يصطلح عليه بـ«استراتيجية الخروج من الحرب».
بدأت القيادة العسكرية السعودية حربها على اليمن باستخدام الخيارات القصوى التي بلغت ذروتها مع معركة الحديدة العام الماضي. لكن فشل الاستيلاء على المدينة أدى إلى إنهاء الرهان على تلك الخيارات. فقد «التحالف» على إثر ذلك القدرة على تحشيد جيوش المرتزقة (من السودان وجنوب اليمن) وإن استطاع التحشيد في بعض الأماكن إلا أن من جنّدهم كانوا فقدوا الحافزية وإرادة القتال. وهذا ما اعترف به وزير الدفاع في حكومة هادي محمد علي المقدشي بالقول إن 70% من قواته التي يبلغ عديدها 400 ألف مقاتل تقيم في البيوت (جزء كبير من هؤلاء أماكن إقاماتهم هي في مناطق الشمال) وما لم يقله المقدشي هو أن الـ30% المتبقّين فاقدون الحافزية القتالية. هكذا لم تعد قيادة «التحالف» قادرة على توفير بديل يقنع «الأصدقاء» الإقليميين والدوليين والوكلاء المحليين والمرتزقة بجدوى الاستمرار في الحرب في ظلّ انسداد الأفق العسكري وتوقف المسار السياسي.
أما على الحدّ الجنوبي الجبهة الوحيدة التي يتولّاها السعوديون مباشرة فإن الجيش النظامي والحرس الوطني أثبتا فشلهما منذ الأيام الأولى للحرب علماً بأنه ينتشر إلى جانبهما هناك مرتزقة من جنوب اليمن يُقدَّرون بستة ألوية نظامية تابعة لما يسمّى «الشرعية» وألوية أخرى تم إنشاؤها من قِبَل متعهدين في محافظات الشمال لا سيما في تعز. ويتموضع المرتزقة اليمنيون في النسق الأول من الجبهة بينما ينتشر في النسق الثاني مرتزقة سودانيون يصل عددهم إلى 30 ألف مقاتل وفق ما أفاد به رئيس «المجلس السيادي» في السودان عبد الفتاح برهان. وفي النسق الثالث، تنتشر القوات السعودية فيما تكتفي بالحضور في النسقين الأول والثاني بالحدّ الأدنى بهدف التقليل من الخسائر. وعليه فإن الهجمات التي تُشنّ من الحدّ الجنوبي تجاه الأراضي اليمنية تنفّذها قوات يمنية وسودانية ويقتصر الحضور السعودي فيها على تشكيلات رمزية.
أدت حرب اليمن إلى انكشاف الجيش السعودي الذي تبيّن أنه لا يمتلك منظومات تخطيط استخباري وعملياتي وحتى لوجستي وهي بالمناسبة القوائم الرئيسة للجيوش والتي على أساس دراستها تتقرّر إمكانية خوض الحرب من عدمها وهذا ما لم يحصل. ولو امتلكت السعودية تلك المنظومات أو أحسنت استخدامها لامتنعت عن الانجرار إلى حرب اليمن لعدم توافر إمكانية النجاح بالنظر إلى التركيبة السكانية والتضاريس الجغرافية الصعبة للبلد المعتدَى عليه. الذراع الوحيدة التي تفوّق بها «التحالف» هي سلاح الطيران الحربي بعدما زُوّد غربياً بأحدث تقنيات الرؤية الليلية والنهارية والدقة في الإصابة والقدرة على المناورة في مواكبة العمليات البرية. وقد نجحت طائرات «التحالف» في تدمير المطارات والمنشآت المدنية الحيوية اليمنية أو إلحاق أضرار كبيرة بها عطّلتها عن العمل ولذا فهي غير صالحة لأن تكون هدفاً لأي ردّ انتقامي. كذلك توسّع السعوديين والإماراتيون في القصف الجوي من دون معلومات دقيقة وتعمّدوا في أغلب الضربات إصابة المدنيين بغية إحداث مجازر، في إطار سياسة كيّ الوعي اليمني.
أما عسكرياً فقد نجح سلاح الطيران السعودي في بدايات الحرب في إحداث ضرر غير بسيط بالتشكيلات العسكرية (البشرية والمادية) للجيش واللجان الشعبية. لكن قوات صنعاء استطاعت خلال سنوات الحرب تطوير قدراتها على التخفي لتصبح بالنسبة إلى «التحالف» عدواً هلامياً ليس له مواقع أو منشآت محددة يمكن أن يحقق قصفها مكاسب. يضاف إلى ما تقدم أن تفوق سلاح الطيران السعودي لم يكن ليتحقق لولا التعاقد مع شركات أميركية وبريطانية.
وفي هذا الإطار نشرت القناة الرابعة البريطانية العام الماضي تقريراً قالت فيه إن فنيين من شركة «بي إيه إي سيستمز» المتخصصة في مجالات التصنيع والطيران والتكنولوجيا الدفاعية يعملون في قواعد جوية في السعودية مُقدّرة عددهم بـ6300 خبير وفني. وأشارت القناة إلى أنه لولا الدعم البريطاني فإن الطائرات المقاتلة «يورو فايتر تايفون» التي تملكها القوات الجوية السعودية لن تستطيع التحليق لأيام لافتة إلى أن لدى القوات البريطانية والأميركية ضباط اتصال في مركز عمليات القوات الجوية الخاص باليمن. والجدير ذكره هنا أن كثيراً من الطائرات السعودية البالغ عددها 400 طائرة عاملة يحتاج إلى صيانة بشكل جذري في بلد المنشأ.
في مقابل الإنهاك والترهّل في صفوف الجيش السعودي انكشف في العام الخامس من الحرب وجود خيارات حاسمة لدى قوات صنعاء التي انتقلت من الدفاع إلى الهجوم وباتت لديها مروحة واسعة من الخطط والبرامج لا يبدو أنها مستعجلة في تنفيذه بالنظر إلى أن الوقت يمضي لمصلحتها.
المزيد في هذا القسم:
- شبوة .. محاولات للنهوض تصطدم بالمؤامرة الإماراتية ! المرصاد نت - متابعات لا تزال حالة الغليان مستمرة بشكل طفيف في محافظة شبوة التي تراجع فيها مشروع ما يعرف بالمجلس الانتقالي إلى عدن بعد تصدي المقاومة والجيش للم...
- عطوان: ما سبب هذا الانقلاب؟ لماذا لم يعد الحوثيون رافضة وعملاء في نظر السيد عادل الجبير؟ المرصاد نت - عبدالباري عطوان تستحق تصريحات السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي اهتماما خاصا من اي محلل سياسي يريد فهم توجهات بلاده (السعودية) الا...
- محمد عبدالسلام : المظاهرات الحاشدة التي خرجت اليوم تعبير واضح عن الإرادة الشعبية التي تسان... اعتبر الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبدالسلام أن المظاهرات الحاشدة التي خرجت في بعض محافظات الجمهورية وخصوصاً في العاصمة صنعاء تعبير واضح وجلي عن الارادة الشعب...
- اللجنة الثورية تعتزم النزول إلى وزارة الإتصالات ومصلحة الضرائب للقاء مسؤوليها وتسليمهم وثا... في إطار العمل الثوري ومحاربة الفساد أكد مصدر خاص في اللجنة الثورية لـ يمني برس أن اللجنة تعتزم النزول صباح الاثنين الى كلاً من وزارة الإتصالات ومصلحة الضرائب لل...
- المساعي الإماراتية لتقسيم اليمن.. المطامع و الأهداف المرصاد نت - متابعات لا يزال إعلان محافظ عدن السابق ورئيس ما يسمّى “بالمجلس الإنتقالي الجنوبي” عيدروس الزبيدي المقرب من أبوظبي عزمه تنظيم استفتاء ...
- الجيش واللجان الشعبية تسيطر على مديرية الزاهر في البيضاء ودحر العناصر التكفيرية تمكن الجيش واللجان الشعبية اليوم من استعادة السيطرة على مديرية الزاهر التابعة لمحافظة البيضاء ، ودحر العناصر الارهابية التي كانت تتمركز فيها . وقال مدير شرطة...
- لتدارك الفشل الميداني .. وفد عسكري سعودي يزور معسكرات المرتزقة بمأرب! المرصاد نت - متابعات كشفت مصادر خاصة عن وصول وفد عسكري سعودي كبير الى معسكرات الغزاة والمرتزقة بمدينة مأرب برئاسة نائب قائد القوات البرية السعودية الأمير ف...
- قتلى وجرحى في صفوف كتائب "أبو العباس" وعناصر القاعدة بتعز المرصاد نت - متابعات قتل وأصيب الخميس 25 مايو/ أيار 2017 العشرات من مقاتلي القاعدة ومسلحي كتائب أبو العباس في مواجهات عنيفة مع أبطال الجيش واللجان الشعبية بمد...
- شهادة بومبيو أمام الكونغرس : حرب اليمن لا تزال طويلة المرصاد نت - لقمان عبدالله أدلى وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو بشهادة مكتوبة أمام الكونغرس حول الحرب في اليمن. في شهادته قال الرجل إن واشنطن تعتبر إ...
- مأساة اليمنيين .. انتشار الوباء وتقاعس حكومي وحصار شامل وصمت دولي المرصاد نت - متابعات دعا منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك الاثنين جميع الاطراف للعودة إلى مفاوضات السلام لوضع حد للحرب مطالباً في ...