فبراير... ذكرى ثورة مستمرة وجدل يتجدد!

المرصاد نت - متابعات

حلت الذكرى التاسعة ثورة فبراير 2011م التي اندلعت في إطار الربيع العربي الذي بدأ من تونس وكانت لأجل المطالبة بكثير من الإصلاحات وإسقاط الأنظمة التي سعت للتوريث. لم تكن ظروف Fabriara2020.2.13اليمن آنذاك تختلف عما يجري في دول أخرى خاصة مع ارتفاع معدلات الفساد في بلادنا وحالة الغليان التي بدأت تحدث مع توجه نظام علي عبد الله صالح نحو التوريث لنجله أحمد.

 بدأت المظاهرات قبل الحادي عشر من فبراير بالخروج وكانت صبغتها حزبية لكن سرعان ما تحولت إلى شعبية وجاب ملايين اليمنيين الشوارع ونصبوا خيامهم في الشوارع مطالبين بالتغيير.

 تم إسقاط نظام صالح قبل أن ينهي الرئيس آنذاك ما تبقى له من سنوات حكمه لكن البلد دخلت في دوامات كثيرة وكادت أن تنجو منها، لكن وساطات كثيرة حدثت وبدأت معها الأمور تأخذ اتجاهات أخرى وأكثر ضبابية انتهت بالعدوان والحرب على اليمن في عام 2015م المستمرة حتى اليوم.

 وبرغم اندلاع تلك الحرب الهمجية على اليمن التي حملت شعارات لم تنعكس على الأرض وحدث عكسها إلا أن طموح دول إقليمية كان حاضراً وبقوة للنيل من ثورة فبراير/شباط وبدأ تدريجياً مسلسل إقصائها بأشكال مختلفة. وفوق كل ذلك بدأ البعض يعتقدون أنه لولا الثورة لما وصل الحال إلى ما هو عليه الآن متناسين الأوضاع التي كانت البلد قد وصلت إليها، والتضحيات التي تم تقديمها معتقدين أن 11 فبراير هي من جاءت بأطراف الصراع للسلطة.

 ويعتقد البعض أن محاسبة ثورة فبراير وروادها من شباب اليمن الذين ضحوا بالغالي والرخيص بسبب نتائج ليس لهم ذنب فيها يمكن تسميته بـ"جلد الذات" فمن غير المنطقي تعرض أولئك الذين حلموا بمستقبل زاهر لبدهم يتعرضون للتأنيب من قبل من لم يكن لهم يوماً دور إيجابي في تغيير واقع شعبهم المؤلم أو من قِبل مجموعات انتهازية اعتادت التعايش مع التطفل السياسي والانتهازية والفساد.

 وأنه ما كانت اليمن ستصل لهذه الحالة المزرية لو تعامل النظام المشترك بطريقة مشرفة مع مطالب الإصلاح السياسي والاجتماعي ولو كان تجنب الانقلاب على جميع التوافقات التي وفرت لهم فرص الاستمرار والشراكة في بناء دولة ديمقراطية لكن تعامل السلطة الحاكمة بطريقة "انتقامية" ضد من منحوهم فرصة للاستمرار ورفضوا اجتثاثهم نهائياً من مؤسسات الدولة كما حدث في دول أخرى.  حيث أن نظام حكم أكثر من 33 عاماً بتسليم مؤسسات الدولة والجيش إلى أحزاب ونخب وكيانات تحركها أجندة متطرفة وسفارات أجنبية .

لماذا لا يقف منتقدو ثوار فبراير مع أنفسهم لمراجعة الأداء الكارثي خلال الفترة الانتقالية وما قاموا به من عرقلة حكومة يتقلد وزراءهم فيها أكثر من نصف المقاعد وبقاء معظم الجهاز الأمني والدبلوماسي بيدهم؟". فضلا عن دور النخب السياسية المتخاذل بدوافع من الغضب أو الحسد السياسي لأطراف شريكة ظهرت بشكل كثيف في كل الأدوار السياسية والثورية جعلتهم يشعرون كأحزاب ونخب بعيدة عن معايشة الواقع الاجتماعي وتتعامل بنوع من التعالي على أجزاء كبيرة من مجتمعهم اليمني.

 كما أن هذه النخب رغم توافقها بداية العدوان والحرب على اليمن إلا أنها  دأبت أيضا على الكيد لبعضها والتسابق على إظهار ولاء غير محسوب التكاليف والعواقب لقوي في التحالف العسكري السعودي خاصة "الإمارات والسعودية" التي تشجعت بسبب هذه السياسات الكيدية والانتهازية على تهميش سلطة الدولة والتعامل بفوقية وبسياسية الإلحاق وليس الشراكة  حيث كان من المفاجئ أن تقوم أحزاب ذات تاريخ سياسي طويل بتسليم السعودية و الإمارات ومنحهما كل أسباب "العنجهية" ضد كل موقف استقلالي ووطني يرفض التبعية الكاملة".

"التدخل الأجنبي لم يكن ليجرؤ على التمدد في أراضي اليمن ولكن ما حدث كان بسبب هذه النخب وتهميش دور الشباب الذي أنجز الثورة وإلغاء دوره في مراقبة الحكومة وأداء التحالف غير العادل والبعيد عن احترام سيادة دولة تحولت لملعب لتصفية حسابات دولية وملعب للدفاع عن حدود تلك الدول الهشه".

ولطالما حاول نظام صالح أن يخرج فبراير عن سلميتها لكنه فشل وأراد من ذلك أن يكون له مبررا لضرب الثوار في الساحات، لكنه لم يتمكن من فعل ذلك، ولذلك وجد في العدوان والحرب على اليمن فرصة لتحقيق هدفه، فأدخل البلاد في متاهة الحرب التي اكتوى بنارها كل اليمنيين.وهناك من استفاد من فبراير محليا بدءاً من الأحزاب التي استغلتها لتحقيق مكاسب شخصية لقادتها وأيضاً بالنسبة لشخصيات وجدت في الثورة طريقة للتكسب سواء شعبياً كما فعل هادي أو مالياً كما فعلت المنظمات والمؤسسات التي استغلتها ولم تقدم لها، وفق الأبارة.

إقليمياً فثورة فبراير لم تتح المجال لأحد للمساس بالسيادة لكن ما أتى بعدها من ممحكات سياسية فتح المجال أمام النظام السعودي والإماراتس لإحكام قبضتهما على البلاد خاصة في ظل وجود حكومة ورئيس ليسوا بمستوى تطلعات اليمنيين".

 وبخصوص اعتقاد البعض أن الثورة لم تحقق أهدافها برغم أن بعض قادتها لم تكمل ذلك بسبب حرف مسارها السلمي فالثورات لا تمتلك عصى سحرية لتغيير كل الظروف التي صنعها نظام "فوضوي فاسد" نشر فيروس الفساد في مفاصل الدولة ومؤسساتها ‘ الثورات تحتاج لبيئة توافقية ونظام صارم ينفذ القانون على الجميع ويكون محصناً من كل أدوات الكيد السياسي والتسابق على تقاسم مؤسسات الدولة.  الثورات تحتاج لفترات طويلة في هذه الحالات، وتعقب كل ثورة مراحل من التجاذبات العنيفة أحياناً والممارسات الخاطئة، ومن لا يقرأ تاريخ الثورات الناجحة لا يتعلم، فمع الوقت وتظافر الجميع تبدأ في تحقيق الكثير من الإصلاحات السياسية أولا ثم التشريعية.

 وللخروج من كل ما يجري اليوم فضرورة أن ينسى الجميع ثاراتهم السابقة والعمل الجماعي على توحيد كل الجهود الإعلامية والعسكرية للتحرير أولاً وطرد المحتل المعتدي وكذا التخلي عن الانتهازية السياسية والكيد المتواصل لبعضها ورفض كل محاولات تحويل البلد لكانتونات نفوذ أجنبي وميليشاوي. كون استمرار ذلك النهج سيحول اليمن إلى صومال جديد تتقاسمه التدخلات الأجنبية وتترعرع فيه الانتهازية وحركة البيع و الشراء للولاء الوطني ...

فالوطن للأسف تشكلت فيه فصائل مسلحة وقوى سياسية ترمي بكل ثقلها لمن يدفع ثمناً للسكوت أو للعمل ضمن أجندته الاستعمارية بشكل وقح ...

 

المزيد في هذا القسم: