المرصاد نت - لقمان عبدالله
تكررت عبارة "ليس شيكاً على بياض" للمرة الثانية في الحرب التي تشن على اليمن في معرض التعليق الأميركي اليتيم على مجزرة الصالة الكبرى في صنعاء
إذ قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي نيد برايس، "إن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأميركية للمملكة السعودية والتحالف الذي تقوده ليس شيكاً على بياض".
أما المرّة الأولى التي وردت فيها عبارة "ليس شيكاً على بياض" من نفس الجهة الأميركية ــ أي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي ــ فكانت في أعقاب الغارة التي وقعت في 15 آب الماضي، واستهدفت مستشفى تديره "منظمة أطباء بلا حدود" في منطقة عبس بمحافظة حجة ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح. على أثر ذلك، ادّعت الإدارة الأميركية أنها سحبت أربعين مستشاراً عسكرياً يعملون في خلية التخطيط المشترك لتنسيق الدعم الأميركي وخاصة في ما يتعلق بتزويد طائرات التحالف بالوقود في الجو وتبادل المعلومات. وقد قُلّص العدد ليصبح خمسة أفراد فقط.
وقال يومها المتحدث باسم البنتاغون آدم ستامب: إننا أكدنا الحاجة إلى تقليص الخسائر في صفوف المدنيين إلى الحد الأدنى. لكنه لم يوضح ما هو الحد الأدنى المسموح به أميركياً من قتل المدنيين وما هو السقف الذي يحرج واشنطن فيمنع تجاوزه من هنا يُفهم اقتصار الرفض اللفظي الأميركي على عدد من المجازر دون غيرها. كما أنّ قيام السعودية بالتحايل، والتضليل، والتنصل، في عدد آخر من المجازر (كما حدث عندما اتهم الناطق العسكري السعودي أحمد العسيري "شرعية هادي" من خلال إعطائها إحداثيات خاطئة للتحالف بما يخص "مجزرة سوق الخميس" في مستبأ بمحافظة حجة) يُعفي واشنطن أصلاً من الإدانة اللفظية حتى لو كان عدد الشهداء مرتفعاً.
ليس الاعتراض الأميركي على حجم وفظاعة المجازر والجرائم بحق المدنيين اليمنيين بل على تعذر التستر عليها كما تجري العادة ولو كانت واشنطن بالفعل صادقة وتريد النظر في إعادة سياستها حول دعمها، بل تبنيها الكامل للحرب على اليمن لما كانت رفضت قبل أسبوعين في الأمم المتحدة قرار إنشاء لجنة دولية للتحقيق في الاتهامات الموجهة إلى التحالف باستهداف المدنيين في اليمن، مقابل تبنيها قرار تعزيز عمل لجنة التحقيق التي ألّفتها الحكومة اليمنية الموالية للرياض.
يثير الأداء الأميركي تجاه العدوان على اليمن جملة حقائق، وهي على النحو الآتي:
أولاً: قرار الحرب على اليمن هو قرار أميركي وخارج المنطق الحديث عن قرار سعودي بمعزل عن واشنطن ولا جدال أنه في اللحظة التي تقرّر فيها واشنطن إيقاف العدوان سترضخ الرياض لهذا القرار فوراً.
ثانياً: المسؤولية عن مجزرة الصالة الكبرى في صنعاء وما سبقها من مجازر بحق المدنيين وللأسف ما سيليها من مجازر لاحقة هي مسؤولية أميركية أيضاً وبلا جدال. المسؤولية الأميركية لا ترتبط بالسماح والتمكين بشن العدوان واستمراره بل بإقرار الأميركين أنهم جزء لا يتجزأ من عملية تحديد الأهداف وانتقائها وضربها.
رد الفعل الأميركي لم يأتِ بجديد وهو تكرار لرد فعل سابق على مجازر مماثلة وبلا نتائج عملية إلا بما يرتبط بمحاولة التنصل من المسؤولية ورفع الإحراج، وليس أكثر.
ثالثاً: مجزرة صنعاء وما سبقها وما سيليها لن تدفع الإدارة الأميركية إلى تغيير مضمون وأهداف استراتيجيتها تجاه اليمن. نعم، قد يطرأ على مقاربة واشنطن تغيير في الشكل، لكن المضمون ثابت بلا تغيير.
للولايات المتحدة أهداف محددة في اليمن لن ترضى باللجوء الى خيارات بديلة من الحرب والقتال المباشر إلا إذا تحققت مصالحها بأدوات أخرى تبدو متعذرة في هذه المرحلة ونعم دائرة المصالح السعودية أوسع أيضاً وهي الوصاية الكاملة على اليمن بينما المصالح الأميركية أهدافها الاستفادة من الموقع الاستراتيجي للبلد.
تجدر الإشارة إلى نقطة مهمة جداً ممكن أن تؤشر إلى نتيجة ردات الفعل الحالية حول مجزرة صنعاء وهي أن الجهة المخوّلة التحقيق هي السعودية والدول الخليجية الملتحقة بها وستضاف إليها الولايات المتحدة الأميركية، وممكن أن تطالب بريطانيا بالالتحاق بالتحقيق. بمعنى آخر أن القاتل سوف يجري تحقيقاً مع نفسه، هذا إن حصل فعلاً التحقيق.
قُيّد لليمنيين أن يواجهوا عدواناً أميركياً بأداة سعودية وليس لديهم مناص إلا الصمود وللأسف، فإنّ مجزرة صنعاء ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، علماً بأن المدنيين في اليمن. وبالإضافة إلى معاناة الحرب وما تعنيه من قتل وتدمير هناك أعمال أكثر جرمية وهي الحصار والتجويع وهي ليست أقل في مضمونها من المجازر.
المزيد في هذا القسم:
- مفوضة الشؤون الخارجية الاوروبية : إستمرار الحرب ضد اليمن يعزز قوة الارهاب المرصاد نت - متابعات قالت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرين أن استمرار الحرب على اليمن لا يفرض معاناة على الشعب اليمني فحسب بل يعزز ق...
- السعودية توجه بتصفية الشيخ الحريزي وجماعة هادي توضح! المرصاد نت - متابعات نشرت وسائل اعلام مرتبطة بالرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي ان السلطات السعودية اصدرت توجيهات بتصفية الشيخ الحريزي .وكشف مصدر...
- قراءة : القوة الصاروخية اليمنية.. قبل وبعد العدوان المرصاد نت - خاص اليمنيون تائهون وفي حاجة لبعض التفسير العسكري حول القوة الصاروخية الذي لا يكشف خططنا الاستراتيجية تفسير عسكري حقيقي وليس ترهات ومجاملات ونفاق...
- غارات العدوان مستمرة في عدن والجيش يتقدم في “جعَوَلة” و “الممدارة” ويواصل تطهير دار سعد وا... الجيش واللجان الشعبيةجدد طيران العدوان السعودي الأمريكي اليوم الخميس الـ 28 من مايو / ايار 2015، غاراته على مدينة عدن في الوقت الذي تخوض فيه قوات الجيش مسنودة ب...
- ما هي التنازلات المطلوبة من اليمن في مشاورات السويد ؟ المرصاد نت - متابعات لا تبدو المؤشرات الأولية الصادرة عن الأمم المتحدة مبشرة لإنهاء الأزمة في اليمن فقد أعتبر المبعوث الأممي مارتن غريفيت في مؤتمر صحفي عقده أ...
- اليمن نحو المعادلة الشاملة: برا وبحراً وجوّاً المرصاد نت - متابعات يسير اليمن شيئاً فشيئاً نحو ترسيخ المعادلة الكبرى. سياسة الصبر الاستراتيجي بدأت باتخاذ منحى تصاعدي بعد أشهر قليلة على العدوان لتبدأ من حد...
- للذين إستَخفُّوا باليمن: هذه قصة الشعب الذي لم يخضع حتى أصبح لاعباً إقليمياً ! المرصاد نت - متابعات لا يمكن قراءة المشهد اليمني بأسلوبٍ سياسيٍ صرف فالقصة التي تحكي معاناة الشعب اليمني لم تكن كغيرها من الحكايات فالتاريخ الذي كتب أن آل ...
- أعتقال قطران وحاشد بسبب دعوتهم لوقفة إحتجاجية سلمية بصنعاء المرصاد نت - متابعات داهم مسلحون ملثمون صباح اليوم الخميس 25 مايو/آيار 2017 منزل القاضي عبد الوهاب قطران نائب رئيس حركة 20 مايو في العاصمة صنعاء. و أكدت أس...
- طيران العدوان يشن سلسلة غارات على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات! المرصاد نت - متابعات شن طيران العدوان السعودي الإماراتي الغاشم اليوم سلسلة غارات إجرامية على العاصمة صنعاء وعدد من محافظات الجمهورية. وأوضح مصدر أمني أن طيرا...
- صحيفة "لوفيجارو":قوات فرنسية تشارك في معركة الساحل الغربي المرصاد نت - متابعات كشفت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية وجود قوات فرنسية غازية تشارك في معركة الساحل الغربي لليمن إلى جانب القوات الإماراتية. ونقلت الصحيفة الفر...