المرصاد نت - متابعات
من بين كل دول ما يسمى بالربيع العربي لا يزال المحللون و المتابعون للشأن العربي يرون في تونس نموذجا مهما تمنى الكثيرون أن يطبق في دول أخرى، هذا الرأي إستمد قوته مما تعيشه تونس على الاقل من أمن و أمان و إستقرار خاصة بعد النجاح من الخروج من أزمة سنة 2013 بالحوار الذي أشرف عليه رباعي يتألف من منظمات وطنية كان لها وزن خوُل لها الدخول في معترك سياسي بإمتياز و الخروج بحكومة مهدي جمعة ، الحكومة التي أخرجت تونس من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار من خلال إنتخابات 2014. لكن نظرة التونسيين في الداخل تختلف كل الاختلاف على رؤية المحللين في الخارج حيث أن الشأن السياسي لم يعرف إستقرار منذ سنة 2011، حيث تداولت على تونس 5 رؤساء حكومات و 9 حكومات و هو ما أثر بشكل مباشر على القطاعات الاخرى خاصة الاقتصادية و الاجتماعية. لكن السؤال الاهم في كل هذا ، هل يتم تغيير الحكومات في تونس بسبب فشل هذه الاخيرة أم لأغراض شخصية و حزبية ضيقة مثلما أشار إلى ذلك رئيس الحكومة الاسبق الحبيب الصيد في جلسة التسليم.
في 2011 فازت حركة النهضة بأغلبية في البرلمان ما خول لها إدارة المرحلة الانتقالية التي تم تحديدها في ذلك الوقت بسنة واحدة تكفي لكتابة الدستور و تنظيم إنتخابات للدخول في مرحلة الاستقرار السياسي. لكن بعد عملتي إغتيال المعارضين شكري بالعيد ومحمد البراهمي وحالة عدم الاستقرار الامني بعد إلتحاق ألاف الشباب التونسي إلى مناطق التوتر دخلت تونس في منعرج خطير خرجت منه بفضل الرباعي الراعي للحوار بحكومة جديدة و تخلي حركة النهضة طوايعة عن تسيير البلاد. بعد ذلك تمكنت حكومة المهدي جمعة الجديدة من الوصول بالبلاد إلى مرحلة الانتخابات . إنتخابات 2014 التي ساهمت في تغيير المشهد السياسي كليا و أعطت حزب نداء تونس أغلبية في البرلمان خولت له تعيين الحبيب الصيد رئيسا للحكومة .رفع شعار مكافحة الفساد لم يساعد الصيد كثيرا الذي أضطر إلى إجراء تحوير وزاري في 6 يناير 2016 .
لكن التركيبة الجديدة لم تكن لترضي أطراف الحكم في ذلك الوقت التي دخلت في مفاوضات أفضت إلى إمضاء ما يسمى بوثيقة قرطاج و التي كانت أولى أولوياتها تشكيل حكومة وحدة وطنية برئيس حكومة جديد. لكن عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية السابق لمح إلى أن قرار سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد لم يكن قرار بريئا و ألمح الى امكانية وجود علاقة بين قراري تجميد الرمز الديواني وترشبد التوريد واقالة رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد. لكن أطرافا من المعارضة أكدت أن إعلان الصيد الحرب على الفساد قد هدد بعض رجال الاعمال الذين هم على علاقة بحزب نداء تونس ما دفعهم إلى الضغط من أجل إقالته.
المشاورات التي أفضت إلى توقيع وثيقة قرطاج أفضت أيضا إلى تعيين الوزير السابق في حكومة الحبيب الصيد رئيسا للحكومة في 20 أغسطس 2016 كما أنها سعت إلى إستقطاب أكبر عدد من الاحزاب و المنظمات المدنية مثل إتحاد الشغل الذي تعهد بطريقة غير معلنة إلى دعم الشاهد. هذا الدعم تجلى بوضوح في قانون المالية الجديد لسنة 2018 الذي دافع عنه إتحاد الشغل بشراسة و إنتقدته منظمة الاعراف. إمضاء وثيقة قرطاج لم يكن السبب الوحيد الذي جعل إتحاد الشغل يدعم حكومة الشاهد بل إن رضوخ الشاهد لرغبات إتحاد الشغل بإقالة وزير التربية ناجي جلول زاد من قوة هذا الدعم.
تراجع المؤشرات الاقتصادية و إنهيار الدينار التونسي و تسجيل الميزان التجاري لعجز قياسي أجبر الشاهد على إجراء 3 تحويرات وزارية . لكن الحرب التي أعلنها الشاهد على الفساد في حزيران 2017 والتي أفضت إلى القبض على عدد من رجال الاعمال بعضهم على علاقة وثيقة بنواب من حزب نداء أدخلت الاخير في قطيعة مع الحكومة. من جهة أخر ى بقيت حركة النهضة داعما رئسيا لحكومة الشاهد المترنحة.
اليوم تسعى الاطراف الحاكمة إلى إعادة لملمة ما سقط من وثيقة قرطاج الاولى و التحضير لتوقيع ما سمي بوثيقة قرطاج 2، التي ستفضي إلى تنصيب حكومة جديدة برئيس حكومة جديد . فيما بقيت الحكومة الحالية تترنح بعد فقدانها لأهم داعميها وهم : إتحاد الشغل بسبب الخلاف حول التفويت في المؤسسات العمومية الذي سيفقد المنظمة أهميتها، نداء تونس بسبب تراكم الخلافات التي بدأت بالحرب على الفساد و الخوف من شعبية الشاهد المتزايدة خاصة بعد المعلومات التي تقول بنية رئيس الجمهورية الحالي الترشح لولاية ثانية و حركة النهضة التي أضطرت إلى التخلي على دعم الشاهد تحت الضغط. لكن المثير للاهتمام هو سعي الفريق الحاكم إلى الحفاظ على مواقعه من خلال إقرار بند " عدم ترشح الفريق الحكومي للانتخابات" مع كل حكومة تأتي. فهل يمكن التفكير بالمصالح الحزبية الضيقة و السفينة تغرق بالجميع؟.
عبد السلام هرشي - كاتب وصحافي تونسي
المزيد في هذا القسم:
- حراك دبلوماسي في يريفان وجنيف.. القوات الأذرية تتقدم جنوب قره باغ وتورط أرميني باستخدام قن... المرصاد-متابعات قالت أرمينيا اليوم إن الجيش الأذري واصل قصف التجمعات السكنية في إقليم ناغورني قره باغ، حيث تابع تقدمه الميداني نحو مدينة شوشي الإستراتي...
- عملية القدس رعب إسرائيلي واستبشار فلسطيني المرصاد نت - متابعات أصيب 21 مستوطنا إسرائيليا بجروح بينهم اصابتانِ خطرتان جراء انفجار وقع الاثنين داخل حافلة بالقدس المحتلة. وتحدثت تقارير إسرائيلية أولية...
- الرئيس التونسي يكلّف حبيب الجملي بتشكيل الحكومة! المرصاد نت - متابعات أعلنت «حركة النهضة» التونسية، اليوم، ترشيح الحبيب الجملي لتشكيل الحكومة المقبلة. واستقبل الرئيس التونسي قيس سعيّد في قصر قرطاج، بالعاصمة...
- لبنان: «ثورة الواتساب» الحكومة تهتزّ... هل فات الأوان! المرصاد نت - الأخبار فرقت القوى الأمنية اللبنانية المتظاهرين الذين احتشدوا لساعات في وسط العاصمة بيروت احتجاجاً على فرض الحكومة ضرائب جديدة. وعمت التظاهرات مع...
- مؤتمر المنامة.. بوابة للتطبيع مع الاحتلال وتصفية القضية الفلسطينية! المرصاد نت - متابعات سبعة عقود والشعب الفلسطيني يناضل ويقاوم ويقدم تضحيات كبيرة ولا يزال لم تنكسر إرادته، ولم تستطع جرائم العدو الصهيوني المستمرة أن تدفعه لأن...
- فضائح.. حمد بن جاسم يكشف لائحة أسعار المنشقين السوريين المرصاد نت - متابعات كشف حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر السابق في مقابلة مع قناة «BBC» البريطانية أن بلاده قدمت الدعم للجماعات الارهابي...
- مصادر بالامم المتحدة: امريكا لن تنجح بتمديد حظر الاسلحة على ايران المرصاد-متابعات كدت مصادر دبلوماسية في الامم المتحدة ان مشروع القرار الامريكي الخاص بتمديد حظر الاسلحة على ايران لن يحظى بالتصويت اللازم في مجلس الامن ...
- ليبيا : غموض حول مصير «الشرارة»والغرب ملتزم بدعمَ «الوفاق» المرصاد نت - متابعات في سياق التطورات التي يشهدها الجنوب الغربي الليبي وتصاعد التوتر بعد المقاومة التي واجهتها قوات المشير خليفة حفتر في مدينة أوباري من قِبَل...
- السيد نصر الله : اعتراف ترامب بسيادة "إسرائيل" على الجولان إستهانة بالعالمَينِ العربي والا... المرصاد نت - متابعات اكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان الاعتراف الأميركي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان حدث مفصلي في تاريخ الصراع العرب...
- العامري يؤكد سحب ترشّحه: حظوظ عبد المهدي تتراجع؟ المرصاد نت - متابعات يبدو أن الاتفاق على اسم رئيس الوزراء العراقي المقبل لن يكون بعيداً من الصعوبات والعراقيل في ظلّ الـ«فيتوات» المتضادة الموضوعة...