المرصاد نت - متابعات
ثلاث قمم غير مجدية سبقت القمة الأخيرة للاتحاد الأوروبي التي نتج منها ترشيح الألمانية أورسولا فون دير ليين لترأس المفوضية الأوروبية والفرنسية كريستين لاغارد لإدارة البنك المركزي الأوروبي. العناوين العريضة التي حفلت بها وسائل الإعلام تركزت على فكرة «اختيار امرأتين على رأس اثنين من أبرز مناصب الاتحاد»، لكن نظرة سياسية إلى هذين الخيارين تظهر أن ألمانيا وفرنسا ستكونان هما الفائزتين في حال موافقة البرلمان الأوروبي على تعيين كلّ من دير ليين ولاغارد. رئيس وزراء لوكسمبورغ كزافييه بيتيل غرّد عبر موقع «تويتر» بالقول: «اتفقنا!». تغريدة تعبّر عن تنفّس قادة الاتحاد الصعداء بعد الأزمة التي مرّوا بها، والتي توّجتها ليلة من المساومات انتهت إلى إعلان الاتفاق تفادياً لتقديم صورة أوروبا بلا قيادة ما سيعرّضهم لهجمات الشعبويين.
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون قد اقترح اسم وزيرة الدفاع الألمانية دير ليين المقرّبة من المستشارة الألمانية لرئاسة المفوضية الأوروبية ليلقى ترشيحه إياها دعم دول مجموعة فيشغراد (المجر وسلوفاكيا وتشيكيا وبولندا). وسمح هذا التوافق بفتح المجال أمام الفرنسية لاغارد لتولي رئاسة البنك المركزي الأوروبي بينما سيخلف البلجيكي شارل ميشال البولندي دونالد توسك في رئاسة المجلس الأوروبي وسيتولى الوزير الإسباني الاشتراكي جوزيب بوريل منصب وزير خارجية الاتحاد.
مرّت عملية الاختيار باختبار صعب يوم الأحد حينما كان القادة الأوروبيون بصدد التوافق على تسوية تدعمها ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وهولندا وتقضي بتولي «الاشتراكي الديموقراطي» الهولندي فرانس تيمرمانس منصب رئاسة المفوضية والألماني مانفريد فيبر رئيس «الحزب الشعبي الأوروبي» رئاسة البرلمان وثنائي من «الحزب الشعبي الأوروبي» و«الليبراليين» رئاسة المجلس ووزارة الخارجية. إلا أن دولاً صغيرة عرقلت الاتفاق ليل الأحد ــــ الاثنين وذلك بحسب مصدر أوروبي أوضح أن هذه الدول هي إيرلندا وليتوانيا وكرواتيا ودول عدة من «مجموعة فيشغراد». ظهر الاثنين، عُلّقت القمة مع تحديد موعد جديد صباح الثلاثاء في قرار نادر أرغم الرؤساء الـ28 على تغيير جداول أعمالهم. ماكرون، الذي انتقد هذا «الفشل» يدرك أن الاعتراف بالعجز يناقض طموحه لجعل الاتحاد الأوروبي أقوى. وفي هذا الإطار رأى أن «ذلك يعطي صورة سيئة جداً عن أوروبا، صورة غير جدية»، تضرّ «بصدقيتها على المستوى الدولي»
مع ذلك كانت فرنسا وألمانيا من أبرز الفائزين في النهاية. فعلى الرغم من أن التسوية استغرقت وقتاً إلا أن النتيجة جاءت مبتكرة: فرنسا التي دفعت إلى اختيار در ليين، كانت وراء ترشيح كريستينا لاغارد لتحلّ مكان ماريو دراغي على رأس البنك المركزي. أما ألمانيا فقد حصلت للمرة الأولى، منذ 52 عاماً، على المنصب الأول في الاتحاد، هذا فضلاً عن أن المستشارة أنجيلا ميركل طالما أعربت عن تقديرها للاغارد. صحيفة «لو موند» أشارت إلى أن ما يقف وراء ترشيح ماكرون لدر ليين أنه يريد تفادي تبوّء زعيم اليمين الأوروبي مانفريد ويبير بطريقة أو بأخرى هذا المنصب، على اعتبار أنه «لا يتمتع بخبرة كافية لذلك»، على حدّ تعبيره. ومن شأن فوز در ليين أيضاً أن يسمح لماكرون على المديين القريب والمتوسط، بأن يدفع بأجندته الأوروبية قدماً وهو ما عبّر عنه مباشرة بعد إعلان ترشيحها، مُعلناً أنه يعتمد عليها من أجل التحضير لـ«مؤتمر أوروبي» من أهدافه «مراجعة أساليب تشغيل» الاتحاد.
إذا وافق البرلمان، ستكون وزيرة الدفاع الألمانية أول امرأة تشغل رئاسة المفوضية الأوروبية الذي لم يكن سابقاً من نصيب الألمان إلا مرة واحدة. على مدى أعوام كان يُنظر إلى دير ليين على أنها منافس جدّي لخلافة أنجيلا ميركل. لكن في الآونة الأخيرة لم تعد هذه الفرضية تُتداول في ألمانيا حيث كلّفتها المصاعب التي واجهتها وزارة الدفاع الكثير على المستوى السياسي. المفارقة أن الصعوبات التي منعت دير ليين من الوصول إلى منصب المستشارة بعد ست سنوات من تبوئها وزارة الدفاع أعطتها الوقت الكافي كي تنسج الشبكات الدبلوماسية اللازمة لأن تُرشَّح في الثاني من تموز/ يوليو لرئاسة المفوضية الأوروبية.
ولكن في سياق أشمل ينهي هذا الترشيح غير المتوقع ولاية امتدت على مدى 14 عاماً لدر ليين داخل الحكومة الألمانية حيث كانت مسؤولة عن شؤون الأسرة (2005 - 2009) ثمّ عن العمل (2009 - 2013) والدفاع منذ عام 2013. والأهم من كل ذلك، أنه طوال تلك الفترة، كانت هذه المرأة النشطة، البالغة من العمر 60 عاماً، الوزيرة الوحيدة الموجودة في كل الحكومات التي ترأستها أنجيلا ميركل منذ مجيء الأخيرة إلى السلطة في عام 2005. بالرغم من هذا، طالما كانت در ليين متمايزة عن بقية الأعضاء المنضوين في «الاتحاد المسيحي ــ الديموقراطي»، خصوصاً في مسائل تتعلّق بالمجتمع حيث وجدت نفسها أكثر من مرة أقرب إلى اليسار من عائلتها السياسية.
كريستين لاغارد خيار مثير للجدل
وفق تعبير صحيفة «لو موند» الفرنسية آثر الأوروبيون اللجوء إلى خيار سياسي أكثر ممّا هو تكنوقراطي عبر ترشيحهم مديرة صندوق النقد الدولي لمنصب مديرة البنك المركزي الأوروبي. خيار قوبل بانتقادات كثيرة ذلك أن البعض ينظر إلى لاغارد على أنها «ليست خبيرة اقتصادية إضافة إلى أنها غير ملمّة بالتفاصيل المرتبطة بالمصرف المركزي». لكن سياسياً تتمتع لاغارد بامتياز هو قربها من قادة الاتحاد الأوروبي عبر منصبها في «النقد الدولي» وأيضاً عندما كانت وزيرة للاقتصاد في عهد الرئيس الفرنسي السابق، نيكولاس ساركوزي.
ميركل تعبّر عن الأمر بوضوح عندما تقول إن لاغارد «اختيرت لأنها قامت بدور القائد في صندوق النقد الدولي وأظن أنه إن كان بإمكانها القيام بذلك يمكنها إدارة البنك المركزي الأوروبي». وهنا لا يمكن إغفال أن لاغارد تصدّرت الصفوف كعضو في «الترويكا» ــــ المفوضية الأوروبية والبنك الأوروبي وصندوق النقد الدولي ـــ إبان أزمة منطقة اليورو ما يعني أنها كانت من بين أبرز واضعي سياسات التقشّف التي طبّقت على اليونان ومن ضمنها ما يسمّى «خطط إنقاذ اليونان».
المزيد في هذا القسم:
- الجيش اللبناني تصدى لمجموعة إرهابية حاولت التسلل إلى مراكزه في وادي حميد بعرسال أعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان ان "وحدات الجيش المنتشرة في منطقة وادي حميد - عرسال رصدت بعد منتصف ليل الاربعاء - الخميس، مجموعة إرهابية مسلحة تحاول ...
- وول ستريت جورنال: كردستان العراق خسر رهانه على الإستقلال المرصاد نت - متابعات خسر القادة السياسيون في إقليم كردستان العراقي رهانهم على الإستقلال والدولة العراقية ستدان في حال استمرّ الصراع الحاصل. هذا ما كتبه "يا...
- مجلس التعاون الخليجي بمهب الريح وترامب يحلب على طريقته! المرصاد نت - متابعات وسط إشادة واسعة من سياسيين وإعلاميين سعوديين وإماراتيين بالاجتماع الأول بما يسمى مجلس التنسيق السعودي الإماراتي سادت حالة من الترقب لمصير...
- انطلاق قمة العشرين وسط مظاهرات واحتجاجات مناهضة لها المرصاد نت - متابعات تستقبل مقاطعة هامبورغ بالمانيا اليوم الجمعة قمة مجموعة العشرين الاقتصادية التي تنعقد في هامبورغ في يومي 7 و8 من الشهر الحالي. وستناقش ...
- وزير بحكومة الاحتلال الإسرائيلي يكشف عن تنسيق مشترك بين كيانه والنظام التركي المرصاد نت - متابعات أعلن وزير الإسكان بحكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالنت تطور التنسيق بين كيانه والنظام التركي تحضيرا للإعلان عن اتفاقات خا...
- العرب يعودون إلى جاهليتهم قبائل وطوائف وأعراقاً مقتتلة المرصاد نت - السفير ها هم «العرب» يغادرون العصر عائدين بفعل أنظمة القمع والتخلف إلى جاهلية جديدة أقسى بما لا يقاس من جاهليتهم الأولى لاختلاف الزمان...
- جابر نصار التصويت بــ"نعم" للدستور تجاوز الــ 95% قال الدكتور جابر جاد نصار، رئيس جامعة القاهرة، إن التصويت فى الاستفتاء كان فى أساسه ضد العنف والترويع الذى يمارسه الإخوان مضيفاً: “لأول مرة فى...
- النزعة الحربية لترامب في غرب آسيا .. رؤية تحليلية المرصاد نت - متابعات من الأمور التي أثارت اهتمام المراقبين بعد تسلم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مهام عمله في 20 كانون الثاني/يناير 2017، هي رؤيته بشأن الأو...
- الانتخابات التشريعيّة التونسية: تشتّت المقاعد وصعود الشعبويّين! المرصاد نت - حبيب الحاج سالم تعيش تونس غداً على وقع الانتخابات التشريعية الديمقراطية الثانية في تاريخها والثالثة أخذاً في الاعتبار «المجلس التأسيسي» الذي تولّ...
- “هيومن رايتس”: البحرين دولة قمعية تخنق المعارضين بالاعتقالات والتخويف المرصاد نت - متابعات أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أن البحرين دولة قمعية تخنق المعارضين وتمارس بحقهم اعتقالات وتخويف وسوء معاملة. وأكد...