المرصاد نت - متابعات
على وقع الأزمة مع بريطانيا اجتمع أطراف الاتفاق النووي (إيران والصين وروسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي) في فيينا على مستوى المديرين السياسيين لا وزراء الخارجية. وهو اجتماع كانت تَقرّر قبل شهر في اللقاء الروتيني المماثل ولئن لم يخرج أمس بنتائج كبيرة فإن الأجواء لم تخلُ من «إيجابية» عبّر عنها ممثلو الدول الموقعة على الاتفاق على رغم «توترات» أشار إلى وجودها رئيس الوفد الصيني.
على خط طهران ــــ لندن برزت زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي إلى إيران مؤشِّرةً إلى إمكانية حل الأزمة. وترافق حضور الضيف العماني مع تصريحات للرئيس الإيراني، حسن روحاني، أظهر فيها «أملاً» بقدرة رئيس الوزراء البريطاني الجديد، بوريس جونسون على تغيير الوضع وحل المعضلة. وبعث روحاني ببرقية تهنئة لتولي جونسون المنصب متمنياً له «التوفيق» ومعرباً عن أمله في أن «تساعد معرفة جونسون بعلاقات إيران وبريطانيا وزيارته لطهران (2017 كوزير للخارجية) على إزالة العقبات التي تعترض تنمية العلاقات». كما توجه الرئيس الإيراني لجونسون بالقول: «آمل أن نشهد تطور العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف في مختلف المجالات خلال فترة رئاستك للوزراء».
وإن لم تظهر بعد علامات حلّ أزمة الناقلة البريطانية المحتجزة في إيران ومقابلها الناقلة الإيرانية في جبل طارق فإن مصادر أفادت صحيفة «تايمز» البريطانية بأن لندن تجري مشاورات «بنّاءة» مع دول في شأن الأزمة بينها سلطنة عمان. لكن زيارة بن علوي التي تقررت قبل أيام ولم تكن مفاجئة كوساطة رئيس الوزراء العراقي من المحتمل أن يستكمل عادل عبد المهدي وساطته بزيارة لبريطانيا) حصرها الطرفان العماني والإيراني في التنسيق المشترك في شأن أمن الملاحة في المنطقة. ونفى بن علوي الوساطة قائلاً: «لا نتوسط ولكن نحن في هذه الحالة معنيون أكثر من غيرنا بضمان استقرار الملاحة في مضيق هرمز لذلك نجري اتصالات مع جميع الأطراف».
وبغض النظر عن صحة الوساطة من عدمها، فإن الإعلان العماني الإيراني عن التعاون في «تنظيم حركة المرور في مضيق هرمز» والذي خرجت به الزيارة يُعدّ تطوراً لافتاً وذلك بعد الدعوة الإيرانية إلى تنظيم أمن الخليج من قبل دول المنطقة بدلاً من «سبب أساسي للتوتر» سيتمثل، وفق الرئيس الإيراني، بتدخل القوات الأجنبية.
وحضر ملف الأزمة بين طهران ولندن على طاولة المباحثات في فيينا إذ حذر نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن وضع «عقبات أمام سبل تصدير إيران لنفطها سيتعارض مع» الاتفاق النووي معطياً مثالاً على ذلك عملية احتجاز الناقلة «غريس 1». وقال عراقجي إن آلية «إنستكس» لم تعمل بعد، «لكن يجري حالياً وضع اللمسات الأخيرة عليها». كما شدد على حق بلاده في الاستمرار في تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي «لحين تأمين الأوروبيين مصالح إيران بموجبه».
ومقابل المواقف الإيرانية وعلى رغم تحذيرات طهران من مغبّة إرسال قوات أجنبية لحماية أمن مضيق هرمز أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أمس وصول سفينة حربية ثانية إلى الخليج هي المدمرة «إتش إم أس دنكن». وأفادت الوزارة بأن المدمرة التابعة للبحرية الملكية ستنضم إلى الفرقاطة «إتش إم إس مونتروز» من أجل «دعم المرور الآمن للسفن التي ترفع علم بريطانيا» عبر مضيق هرمز. وفي حين لم يتأكد بعد ما سيقوم به جونسون إزاء مقترح تشكيل القوة البحرية الأوروبية، فضلاً عن باقي المواقف الأوروبية ومنها باريس حيث رفضت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي «المشاركة في قوة يمكن النظر إليها كقوة تفاقم التوتر» نددت الحكومة الإيرانية أمس بالخطوة «الاستفزازية» التي «ستفاقم التوتر». وقال المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي: «سمعنا أنهم يريدون إرسال أسطول أوروبي إلى الخليج الفارسي» واصفاً التحرك بـ«الرسالة العدائية» وشدد على أن بلاده «أهم من يمكنه توفير أمن للملاحة في الخليج».
التصعيد النووي الإيراني: لتكرار تجربة «رابح ــ رابح»
على رغم دخول الدعوة الأميركية لإيران إلى الجلوس على طاولة المفاوضات عامها الثاني، لا تزال الأخيرة متشبّثة بقرارها القاضي بعدم الجلوس مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى تلك المائدة قبل أن تُلبّي الإدارة الأميركية مطالب طهران المُختصرة بعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، مع رفع كامل للعقوبات الأميركية المفروضة خلال العام المنصرم.
عدم تحقق هذه الشروط الإيرانية قبل جلوس الطرفين إلى الطاولة سيجعل منها «طاولةً للاستسلام» بحسب تعبير الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أكد أخيراً أن «بلاده لن تجلس إلى طاولة كهذه بذريعة التفاوض لحل المشاكل».
الموقف الإيراني لم يكتف بعرض شروطه للتفاوض فحسب، بل قابل عقوبات واشنطن، المترافقة مع دعواتها إلى التفاوض بتحلّل تدريجي من الالتزامات المطلوبة منه في الاتفاق النووي، مكرّراً بذلك مسار التحدي الذي دأبت طهران على الولوج فيه بعد كل محطة يتراجع فيها الغرب عن الوفاء بتعهّداته. هذا ما حدث في الفترة التي سبقت الاتفاق النووي، عندما تخلّفت الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) عن تقديم حزمة المحفزات النووية لطهران، بموجب اتفاقية باريس التي أوقفت على إثرها إيران محاولاتها تخصيب اليورانيوم، وهو ما دفع بالإيرانيين حينها إلى فضّ الأختام عن معدّاتهم النووية في أصفهان، ليكشفوا بعد أقل من عام عن نجاحهم في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5%، معلنين بذلك الانضمام إلى النادي النووي، والبلدان التي تمتلك التكنولوجيا النووية.
مسار المواجهة الذي كانت تقابل به إيران آنذاك حزم العقوبات المفروضة عليها من أميركا وأوروبا تارة ومن مجلس الأمن الدولي تارة أخرى لم يتوقف عند هذا الحد. وقتها، أفصحت طهران عن تمكنها من تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% وهذا ما عُدّ في حينه خطوة كبيرة لأنه سيفتح المجال بسهولة أمام الجمهورية الإسلامية لكي تُخصّب اليورانيوم بدرجة الـ90% اللازمة لصناعة السلاح النووي. تطور نووي انعكس بدوره على المفاوضات الجارية بين إيران ومجموعة «5+1»؛ إذ استطاعت طهران من خلاله تحويل النقاش من أحقية إيران في تخصيب اليورانيوم إلى التفاوض على إيقاف التخصيب بدرجة 20% والذي تحقق عملياً في الاتفاق النووي عندما تنازلت طهران عن هذه النسبة من التخصيب، من دون أن تتنازل عن التخصيب بمستوى 3.5%، في مقابل الحصول على الامتياز القاضي برفع العقوبات الأحادية والدولية عنها.
لكن عودة العقوبات الأميركية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، إلى جانب عجز الأطراف الدوليين الآخرين ــــ جراء تلك العقوبات ــــ عن الوفاء بالتزاماتهم، جعلا طهران هي الأخرى تتحلّل تدريجياً من التزاماتها النووية، لتختار طريق التصعيد بعد مسار طويل من «الصبر الاستراتيجي» في خطوة عُدّت في نظر مراقبين محاولة إيرانية لتعزيز الأوراق التفاوضية قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات. فالذهاب إلى التفاوض مع مسؤولي هذه الإدارة في ظلّ بقاء الالتزامات النووية الإيرانية على حالها سيفتح المجال أمام واشنطن لمقايضة طهران على المكاسب التي حصلت عليها الأخيرة في الاتفاق النووي كما لن يضمن لإيران بقاء المباحثات محصورة في الإطار النووي فقط.
وعليه فإن خطوات طهران على الصعيد النووي ستسهم في جعل البرنامج النووي الإيراني محوراً للنقاش الدولي بدلاً من البرنامج الصاروخي. كذلك، فإن خروجها التدريجي من الاتفاق سيخلق مساحة تُتيح لها الجلوس إلى طاولة مفاوضات جماعية يكون هامش المناورة الإيراني فيها كبيراً، مقارنةً بهامش المناورة المُتاح في حالة المفاوضات الثنائية مع واشنطن خصوصاً أن مائدة مفاوضات جماعية ستضمّ على الأقلّ طرفين دوليين (الصين وروسيا) يُبديان تفهّماً أكبر لمصالح إيران عدا عن كونهما يواجهان ضغطاً أميركياً مشابهاً للضغط المُمارس عليها.
في هذا السياق يُوضح مدير «برنامج الدراسات العالمية» في مركز الأبحاث الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية الإيرانية دياكو حسيني المخاطر المترتبة على القبول بالتفاوض في ظلّ العقوبات الأميركية فيقول إن «الجلوس للتفاوض مع الإدارة الأميركية وسط إصرارها على الإبقاء على العقوبات سيضفي صفة رسمية على انهيار الاتفاق النووي». ويستطرد في مقاله في صحيفة «إيران» الحكومية متوقعاً أن «يُصبح في حينها إلغاء العقوبات موضوعاً للتفاوض في مقابل أخذ امتيازات أكثر من إيران» واتفاق كهذا لو تم برأي حسيني فسيكون «أكثر اتفاق كارثي ممكن في تاريخ البلاد أخيراً».
المزيد في هذا القسم:
- ليبيا : غموض حول مصير «الشرارة»والغرب ملتزم بدعمَ «الوفاق» المرصاد نت - متابعات في سياق التطورات التي يشهدها الجنوب الغربي الليبي وتصاعد التوتر بعد المقاومة التي واجهتها قوات المشير خليفة حفتر في مدينة أوباري من قِبَل...
- بروكسل لـ«خليفة» ماي: لا إعادة للتفاوض على «بريكست» ! المرصاد نت - متابعات بعد تصريح وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، حول إعادة التفاوض مع الأوروبيين بشأن «اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي» (بريكست) خ...
- اعتقال نواز شريف وتفجير لداعش استهدف تجمّعاً انتخابياً غرب باكستان المرصاد نت - متابعات استشهد 128 شخصاً وأصيب العشرات في انفجار استهدف تجمعاً انتخابياً في مدينة ماستونغ بولاية بلوشستان غرب باكستان. وقد استشهد في التفجير سرا...
- بني سعود من التشدد الوهابي الى انحطاط "ماريا كاري" المرصاد نت - متابعات هنالك سياسة تتبعها غالبية الحكومات التي تعاني من مشاكل، تتمثل في عملية الهاء الناس والابعاد عن الساحة وصولا الى التحكم بالجماهير الف...
- انتفاضة تُسقط «الانتخابات»: لا «مجالس إسرائيلية» في الجولان ! المرصاد نت - فراس الشوفي يوم مفصلي وتاريخي سجّله أهل الجولان أمس بإسقاط انتخابات المجالس المحليّة الإسرائيلية. وسط كل الانهزام العربي والتطبيع مع العدو انتفض ...
- جابر نصار التصويت بــ"نعم" للدستور تجاوز الــ 95% قال الدكتور جابر جاد نصار، رئيس جامعة القاهرة، إن التصويت فى الاستفتاء كان فى أساسه ضد العنف والترويع الذى يمارسه الإخوان مضيفاً: “لأول مرة فى...
- بـ"7" مليارات دولار.. صفقة اسلحة اميركية لدول عربية ومسلحين في سوريا المرصاد نت - متابعات وافقت الولايات المتحدة الخميس على سلسلة صفقات تفوق قيمتها سبعة مليارات دولار لتوريد مروحيات عسكرية وطائرات وصواريخ لأربعة من الدول العربي...
- الجيش العربي السوري يحكم سيطرته على أحياء شرق حلب وكيري يبذل جهودا عنيفة لفك حصار المسلحي... المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر عسكري بأن وحدات من الجيش والقوات المسلحة أحكمت سيطرتها بشكل كامل على حي الصاخور بمدينة حلب. وقال المصدر إن وحدات الهندسة تقو...
- «فالانتاين وارسو»: «الشماغ والغترة» في خدمة نتنياهو ! المرصاد نت - يحيي دبوق تُطلق على غبار المعركة ووطيسها تسميات عدة من بينها «الرهج» و«القترة» و«القسطل» و«العجاج»...
- الرابع خلال فترة وجيزة.. هجوم يستهدف مسجدا في مونتريال بكندا المرصاد-متابعات نشرت صفحة مسجد نور المدينة بمدينة مونتريال في كندا صورا لهجوم تعرض له المسجد من طرف شخص مجهول، وأدى لتخريب أجزاء من المسجد.وقالت صفحة ا...