المرصاد نت - متابعات
في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال سياسة هدم المنازل الفلسطينية في فلسطين المحتلة، وجديدها تدمير أحد المنازل في قرية عرعرة في منطقة وادي عارة التي تربط بين قيسارية والناصرة. والغريب أنه وسط ذلك تأتي الإدانات من حكومات فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا وتركيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ففي بيان مشترك لها، اعتبرت الدول الأوروبية الأربع، هدم "الممتلكات في أراضٍ محتلة، مخالفة للقانون الإنساني الدولي، ولقرارات مجلس الأمن الدولي، وأن هذه العمليات تُسبِّب المُعاناة للشعب الفلسطيني، وتضرّ بعملية السلام".
نعم لاقت عملية الهدم التي شملت منازل معظمها قَيْد الإنشاء استنكاراً وإدانة من الاتحاد الأوروبي ومسؤولين في الأمم المتحدة. وسبق أن قالت الأمم المتحدة إن العملية أدّت إلى تشريد 24 شخصاً. وتابعت في بيانها: "في هذه الحال تحديداً، كانت عمليات الهدم فاحِشة بشكلٍ خاصٍ، حيث أن عدداً من المنازل يقع في المنطقتين (أ) و(ب)، وهي مناطق تحت ولاية السلطة الفلسطينية تبعاً لاتفاقيات أوسلو، وبالتالي تشكّل انتهاكاً لهذه الاتفاقيات".
لقد عدّت الدول الأربع عمليات الهدم هذه "سابقة خطيرة تقوّض بشكلٍ مباشرٍ حل الدولتين". وأدانت تركيا، قيام السلطات الإسرائيلية بهدم منازل فلسطينيين في القدس المحتلة، مُعتبرة أن الخطوة "مظهر جديد لسياسات الاحتلال والعدوانية" التي تتّبعها إسرائيل. وسبق أن قالت الخارجية التركية، في بيان، إن "هدم إسرائيل منازل الفلسطينيين في القدس الشرقية، يُعدّ مظهراً جديداً لسياسات الاحتلال والعدوانية التي تتّبعها إسرائيل، نُدين بشدّة أعمال الهدم التي تقوم بها إسرائيل في القدس الشرقية، والرامية إلى تغيير ديمغرافية المدينة، وندعو إلى وقفٍ فوري لهذه الأعمال غير المشروعة التي تلحِق الضَرَر بمبدأ حل الدولتين".
في عديد البيانات الدولية تأتي دعوات المجتمع الدولي للدفاع عن الوضع التاريخي والقانوني للقدس، واتخاذ خطوات من شأنها حماية حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى الجانب الآخر تأتي الأخبار بما شرعت به جرّافات الهدم الإسرائيلية، من هدم لعديد المباني في وقتٍ واحد، ما بين وادي الحمص في صور باهر، بعد إجلاء سكانها منها. على يد سلطات الاحتلال، وأنها استخدمت آليات ثقيلة في عملية الهدم، التي ما تزال متواصلة.
واقع الأمر أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية حضر ليخرج بأن التقييم الأوّلي كشف عن أن عمليات الهدم للمباني تضمّ 70 وحدة سكنية. وإن تلقّى السكان في 18 حزيران/ يونيو إشعاراً من السلطات الإسرائيلية يُمهلهم 30 يوماً قبل تنفيذ قرارات الهدم، ولإن ما يخشاه السكان تعرّض 100 مبنى آخر في المنطقة للهدم في المستقبل القريب، وإن رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية قبل ذلك، التماساً قدّمه السكان لإلزام السلطات الإسرائيلية بوقف هدم منازلهم مؤقتاً. وإن أكّدت المحكمة على قرار اتخذته في 11 حزيران/ يونيو الماضي، والقاضي بهدم المنازل.
ما تقوم به سلطة الاحتلال هي أنها دائماً ما تدَّعي في عديد بياناتها أن البنايات "مُقامَة من دون ترخيص في منطقة يُمنَع البناء فيها"، وعلى الجانب الآخر فالسلطة الفلسطينية تؤكّد إن أصحاب المنازل حصلوا على رُخَص بناء، من الجهات المُختصّة الفلسطينية باعتبار أن منطقة البناء واقعة تحت مسؤوليتها المدنية. نعم الضفة الغربية مُقسَّمة حسب "اتفاقية أوسلو"، إلى ثلاث مناطق، تخضع المنطقة "أ" منها للسيطرة الفلسطينية الكاملة والمنطقة "ب" للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية، فيما تخضع المنطقة "ج" للسيطرة الإسرائيلية الكاملة. ويُشار هنا إلى أن أصحاب عدد من المنازل في حيّ خور صقر قد تلقّوا مؤخّراً إخطارات بالهدم شملت أكثر من 50 منزلاً ومحلاً تجارياً خلال العام الأخير.
وسط هذا الهدم والخراب ستتوالى جولات الصهاينة في بلدانٍ عربية، ومعها قائمة المُطبّعين العرب ستطول مع الأيام، وعلينا أن نتوقّع زيارات على مستوى رسمي رفيع لبلاد العرب قريباً. وسيلي هؤلاء مُطبّعون قد طبَّعوا منذ زمن من تحت الطاولة، لكنهم تواروا كنوعٍ من الخَجَل وليس الحياء. كذلك سبق أن استلم الفلسطينيون زِمام أمر القضية الفلسطينية، ولم يكن منهم إلا أن اعترفوا بالكيان الصهيوني عام 1988، وغطّوه بما يُسمَّى إعلان الدولة. وتتابعت الأمور واعترفت منظّمة التحرير بالكيان مُجدَّداً، وقَبِلت التنسيق الأمني والمدني معه، وفتحت الأبواب للتطبيع وإقامة العلاقات الاعتيادية معه.
نحن نحارب التطبيع منذ أربعين عاماً، ليأتينا في النهاية مُستَهتِر أحمق وربما مُتعاوِن مع العدو يدوس على كل ما كتبناه وروَّجنا له ليكون في وعي الأجيال الفلسطينية. وبهذا فتحت منظمة التحرير ومن بعدها السلطة الفلسطينية الأبواب أمام الأنظمة العربية لتبني ما كانت ترنو إليه على مدى الزمن وهو التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية. ولهذا من الأجدر للفلسطينيين كسلطةٍ أولاً مُعالجة ما تمّ تخريبه، مع التوقّف عن الإساءة لقضيتهم قبل مطالبة العرب بالصمود والوفاء لفلسطين ومُقدّساتها.
نعم سبق أن أثار إعلان زيارة وفد إعلامي عربي إلى فلسطين المحتلة موجة غضب شديد واستنكار لدى الفلسطينيين وسائر الشعوب العربية والإسلامية في ظل قيام كيان الاحتلال بهدم منازل الفلسطينيین في القدس وهرولة بعض الأنظمة العربية خاصة السعودية والبحرين والإمارات نحو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي. وعليه يبقى أن الاحتلال يهدم منازل الفلسطينيين والعرب في قطار المُطبّعين.. فمتى نوقِف التطبيع.
قراءة : محمد عبد الرحمن عريف - كاتب وباحث في تاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية
المزيد في هذا القسم:
- الحريري ينهي الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة اللبنانية المرصاد نت - متابعات أنهى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري السبت الاستشارات النيابية التي أجراها تمهيدا لاختيار الوزراء الجدد وتوزيع الحقائب ...
- السعودية تبدأ استهداف سلطنة عمان على خلفية حيادها في العدوان على اليمن المرصاد نت - متابعات واجهت سلطنة عمان انتقادات خليجية وسعودية بشكل خاص على خلفية اختيار الأولى الوقوف محايدة في العدوان على اليمن الامر الذي اعتبره السعودي...
- كاميرون يتخلى عن مقعده البرلماني المرصاد نت - متابعات أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون امس الاثنين تخليه عن مقعده البرلماني كنائب عن "المحافظين" وذلك بعد ثلاثة اشهر من استق...
- العدوان التركي مستمر: «غصن الزيتون» برعاية الجميع المرصاد نت - متابعات لم يكن العدوان التركي على عفرين مفاجئاً بل جاء بمثابة انتهاز فرصة قدّمتها واشنطن على طبقٍ من ذهب حين أعلن «التحالف الدولي» عز...
- وزيرة الثقافة الإسرائيلية ضيفة لدي النظام الإماراتي! المرصاد نت - متابعات تصل وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف إلى أبو ظبي؛ حيث تستضيفها الدولة الإماراتية مع وفد رياضي من تل أبيب للمشاركة في بطولة &...
- اعلان حظر التجول في مدينة "شارلوت" الأميركية المرصاد نت - متابعات فرضت السلطات الاميركية في مدينة شارلوت في ولاية نورث كارولينا حظر تجول في محاولة لتخفيف حدة الاحتجاجات. وافاد موقع "بي بي سي" اليوم ال...
- ماذا تعني دعوة رئيس مجلس الرئاسة اليمني حلف الناتو لدعم مليشياته؟ المرصاد-متابعات باتت التطورات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث ممر الملاحة الدولية، من جرّاءِ هجمات الجيش اليمني، في قلب الاهتمام الإقليمي والدولي، وهو أم...
- « تراشق» أوروبي ــ أميركي في مؤتمر ميونخ للأمن! المرصاد نت - متابعات يبدو أن التحركات الأميركية الأخيرة في أوروبا، ضمن فعاليات مؤتمر وارسو وفي مؤتمر ميونخ للأمن جاءت في سياق «الجعجعة بلا طحين». ...
- هل تدلّ القمم الثلاث الباهتة على أفول السعودية؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين المراهنة السعودية على الحماية من الخوف في القمم الثلاث التي دعت إليها في مكة المكرمة لم يتجاوب معها كما أملت الرياض أكثر من المجلس ...
- ترامب يتعهد الحاق الهزيمة بـ"الارهاب" و"قوى الموت" المرصاد نت - متابعات اكد الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاثنين ان الولايات المتحدة وحلفاءها سيلحقون الهزيمة بالارهاب وما اسماها بـ"قوى الموت". وقال ترامب من...