المرصاد نت - متابعات
كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن «العقل المدبّر لهجمات 11 أيلول، خالد شيخ محمد أبدى استعداده لتقديم المساعدة لأسر الضحايا في الدعاوى القضائية ضد السعودية مقابل تنازل واشنطن عن إصدار حكم عليه بالإعدام».
وقالت الصحيفة إن شيخ محمد قدم يوم الجمعة عرضاً جديداً في ملف الدعوى الفدرالية الخاصة بالضحايا والتي تتهم النظام السعودي بالمساعدة في تنسيق الهجمات التي وقعت عام 2001م وأودت بحياة ما يقرب من 3000 شخص في مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع (بنتاغون) مضيفة أن «شيخ محمد اشترط أن تتعهد الإدارة الأميركية بعدم السعي لإصدار حكم بإعدامه في سجن غوانتانامو الذي يحتجز فيه».
وذكر التقرير أن محامِي الادعاء كانوا اتصلوا بثلاثة من معتقلي «غوانتانامو» الخمسة المتهمين في الهجمات لطلب شهادتهم لكن محامي المتهمين أخبرهم أن موكّليه لن يقدّموا أي شهادات في الوقت الحالي. وأوضح المحامي أن «الدافع الرئيس» لهذا القرار هو «الطبيعة الكبرى للقضية» مستدركاً بأن عدم وجود حكم محتمل بالإعدام قد يؤدي إلى أن يكون هناك تعاون أوسع بكثير من قِبَلهم.
وذكّرت الصحيفة بأن شيخ محمد «الذي يشتبه به أيضاً في مقتل مراسل صحيفة وول ستريت جورنال، دانييل بيرل عام 2002م اتخذ سابقاً مواقف أكثر تحدّياً». وأضافت أنه في إحدى جلسات الاستماع في «غوانتانامو» في حزيران/ يونيو 2008م قال القاضي العسكري إن العقوبة في هذه القضية هي الإعدام فأجابه شيخ محمد: «هذا ما أتمناه، لقد كنت أتطلع إلى الاستشهاد منذ فترة طويلة». ونقلت الصحيفة عن «مصدر مطّلع على إجراءات غوانتانامو» قوله: «لقد حدث الكثير في السنوات العشر الماضية إن المتهمين في هجمات 11 أيلول ليسوا مهتمين الآن بالاستشهاد كما كانوا في السابق».
وفي عام 2017م بدأ مسؤول وزارة الدفاع الذي يشرف على الإجراءات هارفي ريشيكوف استكشاف مدى إمكانية تقديم صفقة للمدعى عليهم من خلال استبدال السجن مدى الحياة بأحكام الإعدام المحتملة. وفي هذا السياق لفت التقرير إلى أن ريشيكوف كان يشعر بالقلق من أن تفشل صفقته مع المتهمين، بسبب ما شاع عن وجود عمليات تعذيب سرية تعرضوا لها في أروقة وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي). وأثارت أخبار التعذيب إمكانية أن تقوم المحكمة العسكرية أو الفدرالية بمعاقبة الحكومة على سوء تصرفها مع المتهمين بأن تسقط عنهم عقوبة الإعدام، ولكن بعد الكشف عن تصريحات ريشيكوف عمد وزير الدفاع آنذاك، جيم ماتيس، إلى إقالته.
وأشار شخص مقرب من التحقيقات إلى أن أحد أهم الأهداف الرئيسة للمفاوضات التي تجري مع المتهمين، هو الحصول على تعاون منهم بخصوص الشهادة في القضية.
خالد شيخ محمد.. هل يلبي أحلام عائلات ضحايا 11 سبتمبر؟
كان لوجود 15 سعودياً بين 19 منفذا لهجمات 11 سبتمبر تبعات قاسية على العلاقة بين واشنطن والرياض وبعد 18 عاماً على الهجمات تتجدد الاتهامات لأفراد من العائلة السعودية الحاكمة بالمسؤولية وسط تساؤلات عن احتمال نجاح خالد شيخ محمد العقل المدبر للهجمات بفضح النظام السعودي.
وسبق أن خلصت لجنة التحقيق التابعة للكونغرس في أحداث 11 سبتمبر إلى استبعاد تورط كبار المسؤولين السعوديين أو جهات حكومية سعودية في تمويل تنظيم القاعدة للقيام بالهجمات، ولم يتم توجيه أي اتهام رسمي للسعودية.غير أن الهجمات أبرزت تساؤلات حول ارتباط السعودية بتنظيم القاعدة والمخاوف من تأمين "الفكر الوهابي" أرضا خصبة للإسلام المتطرف.
وبعد أكثر من 15 عاماً تجددت الأزمة عندما تم إقرار قانون جاستا، وهي كلمة مختصرة من عبارة العدالة في مواجهة رعاة النشاط الإرهابي حيث أقره الكونغرس بأغلبية تقترب من الإجماع، وأصبح قانونا في نهاية سبتمبر/أيلول 2016م رغم محاولات الرئيس باراك أوباما منعه. ويتخطى هذا القانون قانونا سابقا صدر عام 1976 كان يوفر الحصانة السيادية للدول وحكامها من الملاحقة القضائية داخل الولايات المتحدة.
وفُصل هذا القانون كي يتم من خلاله توجيه الاتهام للنظام السعودي وأعضاء أسرته الحاكمة بالضلوع بصور مباشرة وغير مباشرة في هجمات 11 سبتمبر عام 2001م وهناك اليوم عشرات القضايا المرفوعة أمام محاكم نيويورك وواشنطن العاصمة وولاية فيرجينيا من عائلات ضحايا الهجمات ضد النظام السعودي وفشلت كل الجهود لإبطال هذه الدعاوى القانونية.
من جانبه ذكر جيمس كريندلر أحد محامي عائلات ضحايا 11 سبتمبر لمحطة سي أن بي سي أنهم تواصلوا مع محامي شيخ محمد، لأنهم يريدون القيام بكل ما هو ممكن لتوثيق تورط السعودية في الهجمات مؤكدا إمكانية إثبات هذه الإدانة وتفاؤله بذلك.من ناحية أخرى ذكرت خبيرة قانونية -لم ترغب في كشف هويتها نظرا لطبيعة جهة عملها بواشنطن أن "الإجراءات القانونية الأميركية تسمح في حالات كثيرة بعقد صفقات مع متهمين للكشف عن جرائم أكبر أو عن متهمين آخرين مقابل تخفيف العقوبة".
واستدركت الخبيرة القانونية أنه "من الصعب تصور أن تتنازل الحكومة الأميركية عن طلب إنزال عقوبة الإعدام بخالد شيخ محمد مقابل إدانة أفراد من الأسرة الحاكمة السعودية كي تنال عائلات الضحايا تعويضات مالية كبيرة".
وأكدت الخبيرة القانونية أن من شأن هذه التطورات أن تعيد تذكير الرأي العام الأميركي بضلوع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي ما يضعف بشدة جهود تحسين الصورة السعودية في واشنطن على يد فرق عمل ولوبيات تشرف عليها السفيرة الجديدة ريما بنت بندر.
خالد شيخ محمد ما هي الأدلّة التي يملكها في “صندوقه الأسود”؟ وهل سيُلحِق الضّرر بقطر والإمارات أيضًا؟ ولماذا نحنُ أمام عمليّة ابتزاز مالي غير مسبوقة في التّاريخ؟
إذا صحّت الأنباء التي نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” وتؤكّد أنّ خالد شيخ محمد الذي يُوصف بأنّه العقل المدبّر لهجَمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م والمُعتقل حاليًّا في سجن غوانتانامو في كوبا أبدى استعداده للإدلاء بشهادته أمام المحاكم الفيدراليّة الأمريكيّة ضِد النظام السعوديّ وكَشَف تورّطه في هذه الهجمات كمساعدة لدعاوى قضائيّة رفعها أهالي الضّحايا والمُتضرّرين مُقابل عدم إصدار القضاء الأمريكي حُكمًا بإعدامه نقول إذا صحّت هذه الأنباء، وهي تبدو صحيحةً، فإنّ النظام السعوديّ سيجِد نفسه أمام مأزقٍ ماليٍّ خطيرٍ جدًّا لأنّ 15 من مُواطنيها (من مجموع 19) شاركوا في تنفيذ هذه الهَجَمات.
خالد شيخ محمد يمثّل “الصندوق الأسود” بالنّسبة إلى تنظيم “القاعدة” وهجَمات الحادي عشر من سبتمبر بسبب حجم المعلومات المُوثّقة التي تتوفّر لديه بحُكم ما تردُد عن دوره في هذه الهجَمات وربّما لهذا السّبب حرصت أجهزة المُخابرات الأمريكيّة على اعتقاله حيًّا وبصُحبته قريبه رمزي بن الشيبة في كراتشي في باكستان بعد مُشاركته في برنامجٍ وثائقيٍّ عن الهجَمات كانت تعدّه قناة “الجزيرة” القطريّة.
العرض المُفاجئ أو بالأحرى المُقايضة التاريخيّة جاء في رسالةٍ وجّهها مُحاميه إلى المحكمة الفيدراليّة في منطقة مانهاتن (نيويورك) التي تنظر في الدعوى الجماعيّة المُقدّمة باسم 800 شخص من أسر ضحايا الهجَمات ضِد النظام السعوديّ.قانون “جاستا” الذي اعتمده الكونغرس الأمريكي عام 2016 بأغلبيّةٍ ساحقةٍ تحت عُنوان “العدالة ضد الإرهاب” أسقط الحصانة السياديّة التي تتمتّع بها الدولة السعوديّة التي تمنع إقامة دعاوى ضِد حكومات الدول التي يتم إثبات تورّط مُواطنيها في هجَماتٍ إرهابيّةٍ على الأراضي الأمريكيّة.
من المُفارقة أنّ هذا القانون حاول الرئيس باراك أوباما الذي تعتبره الأسرة الحاكمة السعوديّة بأنّه من ألد أعدائها استخدام “الفيتو” لإجهاضه لأنّه يُلحق ضررًا كبيرًا بالمصالح الأمريكيّة في الشرق الأوسط ولكن الكونغرس بمجلسيه (الشيوخ والنواب) صوّت بالإجماع تقريبًا ضِد هذا “الفيتو” الرئاسي ولم يُعارضه إلا نائب واحد في مجلس الشيوخ مُقابل 98 نائبًا أيّدوه (تغيّب نائب واحد) من مجموع 100 نائب أثناء التّصويت عليه.
شهادة خالد شيخ محمد أمام المحكمة التي من المُرجّح أن تتضمّن تقديم أدلّة تؤكّد مُشاركة مسؤولين في الأسرة الحاكمة أو النظام السعوديّ وربّما دول خليجيّة أخرى مِثل قطر (تحريض قناة الجزيرة) والإمارات (مُشاركة أحد مُواطنيها ويدّعى مروان الشحي في الهجمات) في دعم تنظيم “القاعدة”، ستكون حاسمة لأنّه ليس بمقدور مُقدّمي الدعاوى حتّى الآن البرهنة بالأدلّة المُوثّقة عن وجود أيّ دور لهذه الدول، والسعوديّة بالذات، في الهجَمات المذكورة التي أدّت إلى قتل ما يقرُب من 3000 شخص وإلحاق أضرارٍ ماديّةٍ هائلةٍ، لا تقتصر فقط على تدمير البُرجين.
اللجنة التي شكّلتها الحُكومة الأمريكيّة وبإشراف الكونغرس، للتّحقيق في هذه الهجَمات برّأت السعوديّة في تقريرها النهائي من أيّ تورّط ولم تعتد بالأدلّة التي تُقدّم بها مُحامو المُتضرّرين كأساسٍ لإدانتها ومن بينها إقدام عمر البيومي، الدبلوماسي السعودي، الذي قيل أنّه ضابط مُخابرات بالاجتماع مع اثنين من المُهاجمين الخاطفين في سان ديغو ومُساعدتهم في إيجاد شقّة لسكّناهم وفتح حساب مصرفيّ لهم.
السيد عادل الجبير، وزير الخارجيّة السعودي في حينها هدّد بسحب جميع الأصول والاستثمارات السعوديّة من الولايات المتحدة في حال إصدار هذا القانون وهي تُقدّر بحواليّ 740 مليار دولار ولكنّه عاد وتراجع عن هذه التّهديدات ربّما لأنّه جاء من يهمِس في أُذنه بالمخاطر التي يُمكن أن تترتّب على هذه الخطوة ناهيك عن عدم إمكانيّة تطبيقها عمليًّا.
شركات المُحاماة التي رفعت حتّى الآن 12 دعوى قضائيّة طلبًا للتّعويضات مُقدّمة من أسر 2500 من الضحايا و20 ألفًا من المُصابين وعشرات شركات التأمين تعمل على أساس قاعدة (No win no fees) أيّ أنّها ستتقاضى أتعابها بعد الحُكم لصالح الضّحايا في نهاية القضيّة ويُقدّر بعض الخُبراء حجم التّعويضات بأنّها تتراوح بين 2 ـ 6 تريليونات دولار.
خسارة النظام السعوديّ هذه القضايا إذا تأكّدت ستكون كارثة ماليّة وسياسيّة في الوقت نفسه وضربةً صاعقةً للعلاقات التحالفيّة الاستراتيجيّة بينه وبين الولايات المتحدة الأمريكيّة ونزيفًا ماليًّا بلا حُدود بسبب نفقات مكاتب المُحاماة المُرتفعة التي ستقوم بتمثيل الجانب السعودي في المحاكم ولا نعتقد أنّ دونالد ترامب الذي لا يبتسِم ويُسيل لعابه إلا للمال سيكون عونًا لها مُضافًا إلى ذلك أنّه قد يضع كُل ثقله خلفها نكايةً بـ”عدوّه” أوباما الذي عارَضها.
المُحامون الذين سيمثّلون النظام السعوديّ سيكونون قطعًا على درجةٍ عاليةٍ من الخبرة والكفاءة، وربّما يشكّكون برواية خالد شيخ محمد وعدم قانونيّة هذه المُقايضة ولكن من المُؤكّد أن الطرف الآخر له حُججه المُضادّة. باختصارٍ شديدٍ نحنُ أمام معركة قضائيّة شَرِسَة وربّما تكون الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكيّة والأضخم تعويضًا وتكلفةً ومن الحِكمة عدم إصدار أحكام مُسبقة، وانتظار التطوّرات فنحن ما زلنا في المُربّع الأوّل، ولكن ما يُمكن قوله إنّ الأسرة الحاكمة تقِف أمام صداع جديد ومزمن، وهي في غنى عنه بالنّظر إلى ما تُواجهه من أزماتٍ وحُروبٍ في الوقت الراهن.
المزيد في هذا القسم:
- الأسباب الحقيقية لحذف داود أوغلو من الساحة السياسية المرصاد نت - الوقت دخلت تركيا الاردوغانية فصلا جديد من المتغيرات الداخلية والخارجية بعد حذف داود اوغلو من الساحة السياسية ومن الطبيعي ان تتجه تركيا الان نح...
- جيش العدو الإسرائيلي يستهدف دبابات سورية بريف القنيطرة المرصاد نت - متابعات أكد مصدر عسكري لوكالة "سانا" السورية أن طائرات إسرائيلية أطلقت صواريخ عدة من داخل الأراضي المحتلة استهدفت مرآب محافظة القنيطرة وأحد الأبن...
- توافقات إدلب والدستورية في رباعية إسطنبول: رهان على تعويم «أستانا»! المرصاد نت - متابعات افتتحت «قمة إسطنبول» الرباعية بهدايا «سيبيرية» حملها فلاديمير بوتين إلى نظرائه لتنتهي بتوافقات خجولة حول «ا...
- نواب بالكونغرس يطالبون بكشف المستور من دور السعودية في هجمات 11 سبتمبر متابعات : أعلن بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لصحيفة “إندبندنت” الثلاثاء 12 أبريل أن الجزء السريمن تقرير لجنة تحقيق هجمات 11 سبتمبر يحتوي عل...
- البلدان التي تحتلها أمريكا ولم تسمع عنها من قبل.. ربما لن تصدق عددها! المرصاد نت - متابعات في كتاب أحمد نوري النعيمي «عملية صنع القرار في السياسة الخارجية»، أشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد مارست عبر تاريخها...
- مصر تمنع عبور قافلة مساعدات جزائرية إلى قطاع غزة المرصاد نت - متابعات ناشد كريم رزقي مسؤول العلاقات في لجنة الإغاثة التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الرئاسة المصرية بالتدخل للسماح للقافلة الجزائرية...
- باكستان تعيد سفيرها لدى الهند والتوجه نحو التهدئة! المرصاد نت - متابعات تتجه الأوضاع بين باكستان والهند نحو التهدئة بعد جولة التصعيد الأخيرة التي وصلت إلى حدّ الاشتباك الجوي بين قوات البلدين. وأعلنت الخارجية ...
- المقدسيات يرابطن على أبواب الأقصى ويرفضن الدخول عبر البوابات الإلكترونية المرصاد نت - متابعات لا تزال ردود الفعل الفلسطينية على وضع شرطة العدو الإسرائيلي بوابات إلكترونية لكشف السلاح على أبواب المسجد الأقصى تتوالى وتتصاعد رفضاً لهذ...
- البرلمان المصري يُقرّ تيران وصنافير سعودية.. تبعات المؤامرة المرصاد نت - متابعات غضب الشارع المصري من قرار البرلمان المصادقة على ما عُرف باتفاقية تيران وصنافير كان كبيرا حيث نزل المصريين إلى الشارع تعبيرا ع...
- عشرات الجرحى والقتلى في إطلاق نار بمركز تجاري في ولاية تكساس الأميركية! المرصاد نت - متابعات أعلن حاكم ولاية تكساس سقوط 46 شخصاً بين قتيل وجريح، جراء إطلاق نار في مركز تجاري بمدينة إل باسو. وأكد أنه "ارتفع عدد القتلى الى 20 شخصاً...