المرصاد نت - متابعات
في الوقت الذي كان الجميع يتوقع تنسيقاً وتعاوناً تركياً مشتركاً مع أميركا في موضوع المنطقة الآمنة شرق الفرات جاء اتفاق سوتشي الأخير ليثبت مدى عمق العلاقة الاستراتيجية الشخصية والرسمية بين الرئيسين الروسي والتركي فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان. فرغم العداء التاريخي بين الإمبراطوريتين الروسية والعثمانية- التركية منذ العام 1500م تجاوز الرئيسان العقد النفسية بينهما، يساعدهما على ذلك جسر من المصالح "الشخصية والرسمية" الكبيرة والمتشابكة.
بالمقابل فشل إردوغان في تجاوز مثل هذه العقد مع صديقه السابق بشار الأسد، والسبب في ذلك أحلامه في إحياء ذكريات الخلافة والسلطنة العثمانية عبر التحالف مع الإسلاميين العرب.
مع ذلك كله لم يكن سهلاً في البداية على بوتين إقناع إردوغان بضرورة التنسيق والتعاون العاجل والفعال في سوريا التي تعدّ ساحة الصراع الرئيسية، وذلك بسبب الذكريات المذكورة والتي اصطدمت بالدعمين الروسي والإيراني للرئيس الأسد. وجاء إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ورد الفعل الروسي العنيف ليشجع إردوغان على مصالحة بوتين بعد أن اعتذر منه في 27 حزيران/ يونيو 2016.
وفتحت زيارة إردوغان إلى بطرسبيرغ في 9 آب/أغسطس 2016 أبواب "المودة والمحبة العميقة" بين الرئيسين والتقيا بعد ذلك التاريخ وحتى الأسبوع الماضي 25 مرة من بينها 14 مرة في زيارات متبادلة وخمس مرات خلال قمم ثلاثية بمشاركة الرئيس الإيراني حسن روحاني وست مرات على هامش المؤتمرات الدولية كمجموعة العشرين أو قمة بريكس.
ولم تكن مثل هذه اللقاءات كافية في البداية للاتفاق حول تفاصيل العمل المشترك في سوريا على الرغم من سماح بوتين للقوات التركية بدخول جرابلس في 24 آب/أغسطس 2016 وعفرين في كانون الثاني/ يناير 2018م الأمر الذي جعل من إردوغان طرفاً مباشراً وأساسياً في مجمل أحداث ومعادلات وتطورات الأزمة السورية، وما زال يملك العديد من مفاتيحها.
وفي إطار المسألة السورية تهاتف إردوغان وبوتين 45 مرة منذ حزيران/يونيو 2016م وربما تصل هذه المكالمات إلى المئة في حال لم يتخلَ إردوغان عن حساباته العقائدية في سوريا، التي من دونها لا يمكن له أن يستمر في برنامجه لأسلمة الأمة والدولة التركية. ومن دونها أيضاً لا يستطيع إردوغان الاستمرار في نهجه وأسلوبه الحالي، فهو لا يتحمل أي صوت معارض له ولاسيما في موضوع سوريا، باعتبار أنها السبب المباشر وغير المباشر لكل مشاكله ومشاكل تركيا الداخلية والخارجية.
وأخيراً أثمرت لقاءات واتصالات بوتين الهاتفية مع إردوغان بالتوصل إلى الاتفاق "التاريخي" الأخير في سوتشي، فدخل الجيش السوري بفضلها إلى شرق الفرات وقضى على أحلام البعض من الكرد في إقامة كيان كردي مستقل. كما أبعد الاتفاق تركيا عن واشنطن مسافة إضافية بعد إهانات ترامب لإردوغان وتهديداته له بتدميره وتدمير اقتصاد بلاده. وقد يكون اللقاء المرتقب بينهما في 13 تشرين الثاني/نوفمبر نقطة تحول مهمة هذا بالطبع إن لم يخطر في بال ترامب أن يغرد قبل ذلك على منصته المحببة "تويتر".
القيصر الروسي لم يكتف بمثل هذه التحركات فتجاوزها لتشمل الجانب الديني وذلك عبر تحقيق المزيد من التقارب بين تركيا السنية وإيران الشيعية وقاسمهما المشترك هو الفكر الصوفي الذي تعلمه بوتين من الرئيس الشيشاني قاديروف وهو مؤمن به.
فجلال الدين الرومي والطريقة البكداشية وهي خليط من المذاهب العلوية والشيعية والسنية انطلقت من أرض الأناضول ووصلت إلى أقاصي البلقان وآسيا الوسطى والقوقاز وحاولت أميركا التصدي لها عبر الأموال السعودية التي سعت إلى تصدير الوهابية نحو هذه المناطق كما سعت إلى تصديرها نحو جميع دول العالم الإسلامي من خلال تنظيمات القاعدة وطالبان والآن النصرة وداعش وأمثالها في سوريا والعراق. واستخدمت أميركا وحليفاتها في الغرب هذه الأسلحة ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان والشيشان وجمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز الإسلامية ودائماً في إطار نظرية الحزام الأخضر لليهودي هنري كيسينجر إضافة إلى زبيغنيو بريجنسكي.
وجاءت أحداث "الربيع العربي" وانقلاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على جماعة الإخوان المسلمين في مصر تلاها إعلان السعودية والإمارات جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، ثم فشل السعودية في اليمن والحملات الأميركية ضد إيران لتشجع بوتين على مزيد من التحرك، تارة لإقناع الرياض بضرورة المساهمة في حل الأزمة السورية وتارة أخرى لإقناعها في المصالحة مع إيران كذلك دفعت التطورات بوتين للتحرك على خط الوساطة بين مصر وإثيوبيا من أجل المصالحة بينهما وهما على وشك الاصطدام بسبب سد النهضة ومياه النيل الأزرق.
ويهدف بوتين من وراء هذه التحركات إلى جمع كل الأعداء في سلة واحدة كان معظم من فيها أصدقاء لأميركا، بل وحتى لإسرائيل، التي كانت تنظر إلى إيران الشاه وتركيا وإثيوبيا خلال خمسينات القرن الماضي باعتبارها أهم حليفاتها وهي تسعى الآن لتعويضها بالسعودية والإمارات. وكان البابا فرانسيس زار الثانية في شباط/ فبراير الماضي بحضور شيخ الأزهر أحمد الطيب.
انتبه الرئيس بوتين إلى تحركات الغرب و "إسرائيل"، وهو يسعى اليوم إلى مواجهتها ليس فقط عبر الدبلوماسية ولغة العسكر بل من خلال الدين الذي يبحث له عن مضمون جديد يساعده على تحقيق أهداف روسيا للقرن الحادي والعشرين كما ساعد الدين أميركا على الانتصار على الاتحاد السوفياتي والشيوعية خلال القرن الماضي.
ويتمنى بوتين لهذا الفهم الجديد للدين أن يساعد شعوب المنطقة أيضاً على التخلص من الكثير من مشاكلها من خلال الاعتدال والوسطية، وهي ركيزة في التصوف وفق رؤية بوتين الجديدة. وكان مؤشرها الواضح الاستدلال بالآيات القرآنية الكريمة التي تلاها خلال القمة الثلاثية في أنقرة 16 من الشهر الماضي عندما كان يتحدث أولًا عن المصالحة بين اليمن والسعودية التي زارها مؤخراً ومن ثم المصالحة بين تركيا وسوريا. واتفاق سوتشي الأخير قد يكون بداية الطريق إليها من دون الحاجة إلى 25 لقاءً و45 اتصالاً هاتفياً جديداً.
ترامب للأكراد: توجّهوا نحو النفط!
على رغم الاتفاق الروسي ــــ التركي الذي قضى بوقف نهائي لإطلاق النار في الشمال السوري وبداية مرحلة جديدة من تنظيم الدوريات المشتركة وانسحاب «قسد» حتى 32 كلم جنوبي الحدود مع تركيا إلا أن يوم أمس شهد اشتباكات في الريف الجنوبي الشرقي لمدينة رأس العين. وفيما أجرى الرئيس الأميركي اتصالاً بالقائد العام لـ«قسد» مظلوم كوباني قال إن الوقت حان «ليتوجّه الأكراد نحو النفط»!
خرق الجيش التركي والمجموعات المسلحة المدعومة منه اتفاق وقف إطلاق النار مع الجانب الأميركي واتفاق «سوتشي» مع الجانب الروسي والذي قضى أيضاً بوقف كامل لإطلاق النار. إذ هاجمت مجموعات «الجيش الوطني» مدعومة بمدفعية الجيش التركي مواقع لـ«قسد» في الريف الجنوبي والشرقي لمدينة رأس العين. وتركزت الهجمات على بلدتَي المناجير وأبو راسين وعدة قرى تابعة لرأس العين في محاولة لطرد «قسد» من كامل أرياف المدينة التي تبعد أكثر من 30 كلم عن الحدود مع تركيا. وأدّت الهجمات التركية إلى سيطرة المجموعات المدعومة من أنقرة على بلدة المناجير وقرى ليلان والعامرية والأربعين شمالي الطريق الدولي «حلب ــــ الحسكة». كما طاولت الهجمات مواقع للجيش السوري في الكوزلية وتل اللبن جنوبي الطريق الدولي «M4» مع تمكن الجيش من استيعاب كامل الهجمات.
وفي ظلّ التطورات الميدانية، حمّل القائد العام لـ«قسد»، مظلوم كباني الولايات المتحدة والرئيس دونالد ترامب مسؤولية خرق تركيا لوقف إطلاق النار، بعد التزام قواته بتطبيق بنود الاتفاق معتبراً أن «أميركا ورئيسها معنيان بإيقاف الهجمات التركية». وفي إطار تطبيق بنود الاتفاق الروسي ــــ التركي وصلت عصر أول من أمس دوريتان للشرطة العسكرية الروسية إلى مدينة القامشلي، في أول حضور عسكري روسي في الجزيرة السورية منذ بداية الحرب. ونفذت الدوريتان برفقة عناصر من «الأسايش» الكردية عدة طلعات على الطريق الرابط بين القامشلي وعامودا والدرباسية في ما بدا أنه تسيير رمزي للإعلان عن دخول الاتفاق شرقي الفرات مرحلة التنفيذ.
مع ذلك أعلنت «قسد» أن قائدها العام أجرى اتصالاً متلفزاً مع وزير الدفاع ورئيس الأركان الروسي أبدى فيه «تحفظاً على بعض بنود الاتفاق التي تحتاج إلى نقاشات وحوارات لتقريب وجهات النظر». عدم وضوح موقف «قسد» حتى الآن من اتفاق سوتشي تُرجم عبر عرقلة استكمال الجيش السوري انتشاره بمحاذاة طريق «M4» الدولي، ومنع وصول تعزيزات أُرسلت من الحسكة باتجاه الطريق. كما أن العرقلة الكردية أدت إلى تأجيل انتشار الجيش على طريق الحسكة ــــ القامشلي القديم (طريق تل براك) من دون معرفة الأسباب. وتُفهم عرقلة «قسد» الأخيرة على أنها محاولة لإبقاء خطوط إمداد الجيش العربي السوري ضمن الحسكة وباتجاه المحافظات الأخرى مقطوعة، لمنعه من رفع قدرته العسكرية خشية لجوئه إلى القوة إذا لم ينجح الاتفاق أو طرأ عليه طارئ.
في غضون ذلك، تعهّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب أمس بعدم السماح لتنظيم «داعش» الإرهابي بالاستيلاء على حقول النفط شمال سوريا. وقال ترامب في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»، إن «حقول النفط التي جرت مناقشتها في خطابي حول تركيا والأكراد أمس كانت تحت سيطرة داعش حتى سيطرة الولايات المتحدة عليها بمساعدة الأكراد (...) لن نسمح أبداً لداعش الذي يتشكّل مجدداً بالاستيلاء على تلك الحقول!». وأضاف ترامب في تغريدة أخرى إنه أجرى محادثة مع قائد «قسد» في سوريا، المدعو فرحات عبدي شاهين، الملقب باسم «مظلوم كوباني» وقال: «لقد استمتعت حقاً بمحادثتي مع الجنرال مظلوم عبدي. إنه يقدّر ما فعلناه وأنا أقدّر ما فعله الأكراد. ربما حان الوقت لأن يبدأ الأكراد في التوجه إلى منطقة النفط!».
في المقابل، قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أمس، إن تركيا اتفقت مع روسيا على إقامة منطقة مراقبة على الطرف الشمالي الغربي من مدينة منبج السورية بهدف حماية المنطقة.
وأضاف «(إننا) طلبنا منطقة بطول 19 كلم، وعرض 5 كلم، في شمال غرب منبج لحماية المنطقة. وتوصّلنا إلى اتفاق في هذا الصدد مع روسيا. إنها مثل موقع مراقبة».
اتفاق سوتشي: رابحون وخاسرون
رخى اتفاق سوتشي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان بظلاله على المشهد السوري بكامله. وقد حظي بمتابعة مكثفة وواسعة واهتمام كبير من الرأي العام التركي والخبراء والمحللين العسكريين والسياسيين
يرى عبد القادر سيلفي المقرّب من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في صحيفة «حرييت» التركية أنه باتفاق سوتشي بدأت مرحلة «سوريا جديدة»، وضع أسسها إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وستكون هذه المرحلة بشراكة تركية ــ روسية. ويشير إلى أنه من تصريحات بوتين كانت روح الأكراد والرئيس السوري بشار الأسد تحوم في قاعة المؤتمر الصحافي مشدداً على ضرورة بدء حوار بين الحكومة السورية والأكراد. ولكن السؤال: مع أيّ أكراد؟ إذا كان المقصود «قوات الحماية» الكردية فإن المسألة ستكون خطيرة. لكن في جميع الأحوال فإن بوتين بات يمسك بالورقة الكردية السورية. العنوان الثاني يقول سيلفي هو إشارة بوتين إلى أن السلام والاستقرار في المنطقة سيضمنه السوريون والأتراك، في مؤشر قوي على جهود التقريب بين دمشق وأنقرة. ويعدّد سيلفي مكاسب تركيا، قائلاً: إن أوّلها إقامة منطقة بإشراف تركيا من رأس العين إلى تل أبيض بعمق 32 كلم والثاني إبعاد «قوات الحماية» الكردية على امتداد الحدود بعمق 30 كلم.
بدوره يلفت سادات إرغين في الصحيفة نفسها، إلى أن الاتفاق قد تشكّل في ظلّ تقاطع المصالح بين تركيا وروسيا مع فارق الآن أن النظام السوري قد دخل للمرة الأولى لاعباً ثالثاً قوياً. ويعتبر إرغين أن الاتفاق مع واشنطن حول «المنطقة الآمنة» حظي في اتفاق سوتشي بموافقة بوتين موضحاً أن روسيا كانت تريد انتشار الجيش السوري على امتداد الحدود لكنها تراجعت وقبلت بأن تكون منطقة الـ120 كلم تابعة لتركيا. في المقابل كانت تركيا تريد السيطرة على 444 كلم من الحدود لكن اتفاق سوتشي حال دون ذلك واكتفى بتسيير دوريات مشتركة مع روسيا خارج حدود «المنطقة الآمنة» وبعمق 10 كلم.
ويرى إرغين أن تركيا حققت أحد أهم أهدافها الاستراتيجية، وهو إبعاد «الإرهاب» الكردي عن حدودها، ليس فقط من شرقي الفرات، بل بدءاً من منبج وتل رفعت. وهذا يعني أن «قوات الحماية» الكردية ودّعت بنيتها العسكرية التي أنشأتها على امتداد 7 سنوات مستدركاً بأن إحدى أهم نقاط الاتفاق هي تولي الجيش السوري مهمة الإشراف والمراقبة على منطقة بطول 320 كلم كانت تركيا تريدها لنفسها. وهذا يعني أن الدوريات التركية ــ الروسية المشتركة بعمق 10 كلم على امتداد الحدود ستكون في وضع قريب جداً وربما على تماس مع نقاط تمركز الجيش السوري الأمر الذي يفرض إيجاد آليات تنسيق بين تركيا وسوريا. أما الحديث عن اتفاقية أضنة فهو يعني أن كل الدروب تسير نحو تطبيع العلاقات بين إردوغان والأسد مع إضافة إمكانية مراجعة الاتفاق بما يؤمّن آلية ثلاثية لتطبيقه بين تركيا وسوريا وروسيا وهي الأطراف الثلاثة التي ملأت الفراغ الاستراتيجي الذي تركه الانسحاب الأميركي من سوريا.
من جهته يعرب المحلل المعروف مراد يتكين عن اعتقاده بأن إردوغان نجح بشكل كبير في لعبة إظهار الأوراق بوجه الولايات المتحدة وروسيا في الوقت نفسه ولكنه رضخ لمطلب بوتين وهو البدء بإقامة علاقات مع بشار الأسد وفقاً لاتفاقية أضنة. اليوم يتخلى إردوغان عن مطلب إسقاط النظام والأسد مؤيداً التعاون إن لم يكن مع الأسد شخصياً فعلى الأقل مع النظام العربي السوري. وإلى إردوغان وبوتين والأسد يقدّر يتكين أن دونالد ترامب الذي انسحب من سوريا يُعتبر رغم ذلك من بين الرابحين لأن قرار سحب الجنود ووقف الإنفاق على الحروب سيفيده انتخابياً. الخاسر الأكبر، برأيه، هو حزب «العمال الكردستاني» الذي كان على عتبة إقامة دولة حكم ذاتي في شمال سوريا. إسرائيل أيضاً وخصوصاً بنيامين نتنياهو، من بين الخاسرين. وهي التي كانت تدعم بشدة إقامة دولة كردية ضد إيران. وما عدا ألمانيا فإن الاتحاد الأوروبي من الخاسرين وهو الذي كان يقف ضد تركيا داعماً الأكراد. مع ذلك فإن طريق تركيا ليست سهلة وتواجه تحديات كثيرة، مثل: من أين لها المال لتقيم مدناً للاجئين في شرقي الفرات؟
في صحيفة «غازيتيه دوار»، كتبت مهدان صاغلام مقالة بعنوان «نحو أيام أسدية من جديد في سوريا»، قائلة إن اتفاق سوتشي أبطل الخطاب التركي برحيل الأسد وفتح أمام عودة تركيا للتعامل مع النظام السوري. وحال الاتفاق دون مطلب تركيا أن تكون «المنطقة الآمنة» على امتداد الحدود. ولم يقتصر الأمر على تراجع تركيا من منطقة بعرض 440 إلى 120 كلم بل تعدّاه إلى موافقتها على إدخال منبج ضمن منطقة سيطرة النظام السوري. وأشارت صاغلام إلى أن سلاح «قوات الحماية» الكردية لن يُسحب كما تريد تركيا بل يُتوقع أن ينضم إلى الجيش السوري. أما النقطة الغائبة عن الاتفاق فهي إدلب التي لو أنها دخلت فيه لما كان له أن يبصر النور وفق الكاتبة التي اعتبرت أن تغييب إدلب يظهر أنها ستنتقل إلى يد النظام. وخلاصة الاتفاق بحسبها أن الحرب في سوريا انتهت وأن الأسد سيعود حاكماً مطلقاً وأن خريطة سوريا الجديدة تتشكل خطوة خطوة وفقاً لما تريده روسيا وإيران وسوريا.
وفي الصحيفة نفسها يكتب فهيم طاشتكين أنه بين إنهاء مشروع الإدارة الذاتية للأكراد وعودة سيطرة النظام تتشكّل سوريا الجديدة التي فتح بابها إعلان دونالد ترامب الانسحاب منها. ومع تهديدات ترامب لإردوغان بالعقوبات لم يبق أمام الأخير سوى طرق باب بوتين. ومع أن اتفاقية سوتشي في بعض جوانبها أراحت إردوغان لكنها فتحت أبواب سوريا أمام تمكين الاستراتيجية الروسية فيها. ويرى طاشتكين أن المرحلة المقبلة تتعلق بغربي الفرات، وخصوصاً إدلب معتبراً أن زيارة الأسد إلى خطوط التماس مع إدلب بدت كما لو أنها إطلاق إشارة عودة النظام إليها. ويلفت إلى أن السؤال هو حول تموضع «قوات الحماية» الكردية في المرحلة الجديدة حيث تقول واشنطن إنها ستواصل التعاون معهم في حقول النفط، فيما هم إلى جانب استمرار التعاون مع أميركا والحوار مع دمشق. وينهي طاشتكين مقالته بالقول إنه بعد تطبيق اتفاقية سوتشي وإنهاء الوضع في إدلب ستكون تركيا مدعوّة إلى تطبيق البند الأول من الاتفاق حول وحدة سوريا وسلامة أراضيها. ومن دون الكثير من العجلة سيقولون لتركيا: «لقد حان دورك للانسحاب».
المزيد في هذا القسم:
- سفراء بن زايد: عُمان تسانِد قطر... والمطلوب ثنيها «بالترغيب أو الترهيب»! المرصاد نت - الأخبار يوماً بعد يوم يتأكد أن السعودية والإمارات أخطأتا في حساباتهما بخصوص منطقة الخليج ما بعد فرض المقاطعة على قطر. كان في ظنهما أن حملة منسّقة ...
- ضغوط قصوى ومقاومة فاعلة وإعادة تموضع .. المنطقة إلى أين؟ المرصاد نت - نور الدين أسكندر تتزايد لعبة كرة المضرب بين الولايات المتحدة وإيران في الخليج سرعةً بصورةٍ مطّردة خلال الأسابيع الفائتة. ضربة بضربة تتراكم معطيات ...
- أنقرة تتهيّأ للأسوأ مع واشنطن: العين بالعين! المرصاد نت - متابعات دخلت العلاقات التركية ــــ الأميركية، في الآونة الأخيرة مسارات متعددة من التعاون والتوتر في الوقت نفسه. فمن جهة يراهن الرئيس التركي رجب ط...
- حماس تشن حملة إعتقالات في غزة... على خلفية تحرير حلب المرصاد نت - هاني إبراهيم في تناسق وتناغم كبيرين بين أذرع «الإخوان المسلمون» في دول عربية وإسلامية حفل اليومان الماضيان بحملة كبيرة استهدفت استعاد...
- «صفقة القرن» تبدأ مصرياً : توسيع غزة وسلاح المقاومة تحت «منظمة التحرير» المرصاد نت - عبد الرحمن نصار الخامس عشر من آذار. الكل يجدول أجندته قبل هذا التاريخ، قبيل إعلان دونالد ترامب تفاصيل «صفقة القرن»: محمود عباس يعلن ا...
- تقرير :السعودية .. مزيداً من " التقشف " وصولا إلى الانهيار الاقتصادي المرصاد نت - خاص سياسة التقشف التي اتخذها النظام السعودي مؤخراً تكشف بشكل واضح بأن المملكة تعاني من أزمة مالية كبيرة وان إخفاء الآثار الاقتصادية والمالية الكا...
- ترامب : محاربة "داعش" أولى من إسقاط نظام الأسد المرصاد نت - السفير خرج دونالد ترامب من مؤتمر الحزب الجمهوري أمس، مرشحاً رسمياً للاقتراع الرئاسي بعد أن انتزعه في الانتخابات التمهيدية في الربيع وأقره رسمي...
- حلب وجهنم طاولة جنيف.. لهذه الأسباب حلب تحترق المرصاد نت - حلب كان تصريح محمد علوش كبير مفاوضي وفد “الهيئة العليا للمفاوضات” المنبثق عن مؤتمر أقيم بالرياض وبدعم سعودي كان بمثابة اعلان رسمي ...
- واشنطن وحلم غزو العراق عبر إغراءات الإعمار المرصاد نت - متابعات تُغازل واشنطن بغداد وذلك لأسبابٍ سياسية وإقتصادية. ولان العراق يُعتبر بوابة المنطقة التي خرج منها الأمريكيون مهزوميين منذ سنوات بعد فشلهم...
- مسيرات العودة مستمرة... الذروة في 14 و15 أيار المرصاد نت - متابعات في يوم الجمعة الأخير قبل «مسيرة العودة الكبرى» في 14 و15 أيار/ مايو الحالي خرج آلاف الغزّيين إلى الحدود مع الأراضي المحتلة لل...