المرصاد نت - رآي اليوم
من تابع الاستقبال الحافل الذي حظي به الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز اثناء زيارته الرسمية الى القاهرة في ابريل (نيسان) الماضي والآمال العريضة التي بنيت عليها سياسيا واقتصاديا وعسكريا
يخرج بانطباع بأن البلدين دخلا في تحالف استراتيجي إقليمي صلب يمكن ان يستمر لعقود او سنوات على الأقل ولكن الطموحات والتمنيات شيء والواقع شيء آخر.
وبعد خمسة أشهر من هذه الزيارة التي وصفها الاعلامان السعودي والمصري بأنها “تاريخية”، بدأت الهوة في العلاقات بين البلدين تتسع، وبدأت الوعود والاتفاقات المالية والسياسية “تتبخر”، فمشروع جسر الملك سلمان فوق خليج العقبة والمنطقة التجارية الحرة التي ستقام في الجانب المصري منه في سيناء لم يعد يذكر، وربما جرى دفنه وعدم تصديق البرلمان المصري على إعادة جزيرتي “صنافير” و”تيران” في فم الخليج المذكور الى السيادة السعودية لم يتم حتى الآن رغم تصديق مجلس الوزراء السعودي الفوري عليه والانكى من ذلك ان محكمة مصرية طعنت في هذا الاتفاق وأكدت على بطلانه مرتين والثالثة في الطريق.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي حظي بإطراء خاص على السنة المسؤولين السعوديين واعلامهم باعتباره المنقذ لمصر لم يعد كذلك هذه الأيام بل بات موضع انتقادات كثيرة مباشرة او غير مباشرة وصل بعضها الى الشتم بكلمات نابية.
شهر العسل السعودي المصري لم يدم أكثر من ثلاثة أشهر على الاكثر بدأت بعدها إجراءات “طلاق شبه بائن” انعكس في مجموعة من الخطوات المصرية جاءت صادمة للشريك السعودي:
الأولى: المشاركة المصرية المكثفة في مؤتمر غروزني الذي انعقد قبل شهر في العاصمة الشيشانية تحت عنوان “من هم اهل السنة والجماعة”، حيث شاركت في هذا المؤتمر الذي اعتبر “الوهابية” خارج هذا التعريف أربعة من اهم المرجعيات الإسلامية المصرية وهم شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب ومفتي مصر الشيخ شوقي علام ومستشار الرئيس للشؤون الإسلامية أسامة الازهري، والمفتي السابق الدكتور علي جمعة.
الثانية: التصريحات المؤيدة والداعمة للرئيس السوري بشار الأسد التي وردت في خطاب الرئيس السيسي الذي ادلى به في الأمم المتحدة، واكد فيها ان لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا وتلك التوضيحية التي ادلى بها سامح شكري وزير خارجية مصر لاحقا لصحف مصرية واقر فيها تباين الرؤى بين بلاده والسعودية بشأن سوريا خصوصا حول ضرورة تغيير نظام الحكم او القيادة السورية حيث أكد ان مصر تعارض تغيير الحكم ولا تتبنى النهج السعودي في هذا الإطار.
الثالثة: عدم حدوث أي لقاء بين الرئيس المصري والأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي اثناء تواجد الاثنين في الأمم المتحدة على رأس وفدي بلادهما والشيء نفسه يقال عن وزيري خارجية البلدين باستثناء مشاركتهما في اجتماع مجموعة دعم سوريا.
الرابعة: وهي الأهم في نظرنا أي اللقاء الذي اجراه السيد شكري مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم أمس وبحث معه ملفات عديدة من بينها الملف السوري وهذا اللقاء وحده يكفي لإصابة نظيره السعودي عادل الجبير وربما من هم اعلى منه بأزمة قلبية ولا نستبعد ان تتحول هذه الازمة الى جلطة،في حال صدقت التكهنات حول لقاء شكري ونظيره السوري وليد المعلم الموجود حاليا في نيويورك.
محطة “سكاي نيوز عربية”، التي تملكها امارة أبو ظبي قدرت حجم المساعدات والاستثمارات التي ضختها السعودية في مصر بحوالي 27 مليار دولار في السنوات الأخيرة ويبدو انها ستتوقف عند هذا الرقم لسنوات قادمة في ظل هذا “البرود” في العلاقات بين البلدين اللهم الا إذا قررت السعودية الاقدام على مبادرة مالية جديدة وتقديم حزمة من المليارات لمصر وان كنا نستبعد ذلك، خاصة ان الحكومة المصرية لجأت لاقتراض 13 مليار دولار من صندوق النقد الدولي أخيرا بشروط صعبة.
القيادة السعودية أخطأت التقدير عندما اعتقدت ان هذه المساعدات ستجعل من نظيرتها المصرية “صديقا” مطيعا وتابعا ينفذ كل مخططاتها ويخوض كل حروبها ويتبنى كل مواقفها ضد إيران والحكومة السورية، ويقاطع كل اعدائها على غرار ما فعلته وتفعله معظم الحكومات الخليجية الأخرى الامر الذي يعكس “سوء تقدير” في الحسابات علاوة على عدم فهم الذهنية المصرية، والتاريخ الحافل بالمطبات والصدامات بين البلدين، في معظم عصوره.
السلطات المصرية تستخدم الاعلام في اغلب الاحيان، وليس القنوات الدبلوماسية التقليدية، لإيصال الرسائل الى الدول المعنية، ولعل حديث السيد شكري الى وسائل الاعلام المصرية دون غيرها، حول التباين في العلاقات المصرية مع السعودية هو أحد التطبيقات الواضحة لهذا النهج المصري.
السلطات المصرية تركت مسافة كبيرة بين موقفها وحليفها السعودي (السابق) في التعاطي مع الشأن السوري لأنها تدرك جيدا ان البديل عن نظام الرئيس الأسد هو حركة الاخوان المسلمين او الفوضى الدموية على غرار العراق وليبيا واليمن الامر الذي يشكل تهديدا لأمن مصر واستقرارها ونظام الحكم فيها مضافا الى ذلك ان تحالف الرئيس السيسي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، يتقدم على تحالفه مع السعودية وقيادتها ولذلك لا يمكن ان يتبنى سياسات تتعارض مع السياسات الروسية في الشرق الأوسط.
دبلوماسية إدارة الظهر هي الوصف الأمثل للعلاقات بين السعودية ومصر هذه الأيام ومن المرجح انها بدأت تتمدد الى العلاقات المصرية الخليجية أيضا فزيارات المسؤولين المصريين الى عواصم الدول الخليجية باتت شحيحة هذه الأيام وكان لافتا ان الدكتور عبد الخالق عبد الله احد ابرز مستشاري الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي وحاكمها الفعلي ايد ما ختمت به مجلة “الايكونوميست” البريطانية تحقيقها السوداوي عن مستقبل اقتصاد مصر قبل ثلاثة أسابيع ويتلخص في توجيه نصيحة للرئيس السيسي بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية عام 2018، ويقال انه هو الذي سرب هذه النصيحة الى المجلة البريطانية العريقة والله اعلم.
عبد الباري عطوان
المزيد في هذا القسم:
- البنتاغون يرد على تلويح موسكو باستخدام "إس-300" و”إس-400” المرصاد نت - متابعات بعد إعلان موسكو أن مدى عمل منظومات "إس-300" و”إس-400” قد "يشكل مفاجأة لجميع الأجسام الطائرة المجهولة” أكدت واشنطن أنها ...
- مهمّة صعبة لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في طهران: التهدئة بدلاً من التفاوض! المرصاد نت - متابعات تتوجّه الأنظار اليوم إلى طهران حيث يصل رئيس الوزراء الياباني في مبادرة إطفائية قد يصعب أن تتطور إلى وساطة تفضي إلى جمع أصدقائه الأميركيين...
- تركيا بعد الانتخابات: أردوغان سلطوي...ومعارضة في أزمة المرصاد نت - متابعات بعد خمسة أيام على فوز رجب طيب أردوغان بالرئاسة التركية وحيازته على صلاحيات موسعة جديدة منحته إياها التعديلات الدستورية يبدو أن المرحلة ال...
- بريطانيا توقع اتفاقية تعاون عسكري مع السعودية المرصاد نت - متابعات مستغلة الأزمة الخليجية والتوترات التي يغذّيها الغرب بين دول المنطقة وقّعت بريطانيا اتفاقية إطارية للتعاون العسكري والأمني مع السعودية بعد...
- بعد هجوم أبوظبي.. "تحذير أمني" من السفارة الأميركية لرعاياها في الإمارات المرصاد-متابعات نشرت السفارة الأميركية في أبوظبي، تحذيرا أمنيا لمواطنيها، الاثنين، بعد إعلان وزارة الدفاع الإماراتية عن اعتراض صاروخين حوثيين. ونصحت...
- البحرين : بعد 300 يوم من الحصار ما هو مصير الدراز؟ المرصاد نت - متابعات مع اقتراب الحصار المفروض على أهالي منطقة الدراز من الـ300 يوم وسط تشديد أمني كبير ونشر المزيد من الجدران التي تقطّع البلدة أكثر وأكثر ...
- ترامب يوسّط طوكيو: هل يقصد في خفض التصعيد توجيه صفعة "لمعسكر الحرب"؟! المرصاد نت - متابعات مرة جديدة يطلق دونالد ترامب مواقف هادئة يلمّ بها التوتّر الذي أشعله في المنطقة. مواقف حملت تشجيعاً للإيرانيين على خوض التفاوض مقابل مطلب ...
- خط القاهرة ـ الخرطوم: كامل وقوش يضبطان الإيقاع المرصاد نت - متابعات في زيارة مفاجئة حطّ أول من أمس اللواء المصري عباس كامل في الخرطوم في مشهد عكس التقدّم على خط علاقات البلدين وأكّد أنّه ونظيره السوداني صل...
- السعودية أكبر مستورد للسلاح وأمريكا أكبر مصدر في 2015 المرصاد نت - متابعات في ظل استمرار صفقات السلاح السعودية الأمريكية وبعد قرابة عام ونصف من العدوان الغاشم على اليمن تظهر السعودية - وخلال عام واحد فقط من عدوان...
- البرلمان التركي يمنح الحصانة لقوات مكافحة الإرهاب المرصاد نت - متابعات منح البرلمان التركي عناصر القوات المسلحة المشاركة في عمليات مكافحة ما يسمى الإرهاب حصانة من الملاحقة القضائية وذلك في خضم المعارك مع ا...