تصعيد ميداني يسبق «جنيف»: ورقة ضغط أم اقتناص نصر معنوي؟

المرصاد نت - متابعات

قبل أي جولة مفاوضات سياسية جرت العادة أن يسبقها تحرك عسكري في جبهات القتال ومعارك كسر عظم غالباً لتحقيق أي انتصار يشكل ورقة ضغط في تلك المفاوضات. اليومSadah yesan2018.9.1 ومع اقتراب الموعد المحدد من المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث لعقد جولة من مفاوضات السلام في الـ 6 من سبتمبر الحالي تزايدت حدة العمليات العسكرية مجدداً في محافظتي تعز وصعدة وبوتيرة متسارعة في وقتٍ تراجعت فيه حدة المعارك على الساحل الغربي ما يؤكد - وبحسب عسكريين- أن «قوات هادي والتحالف السعودي أدركت أنه من الصعب تحقيق أي تقدم عسكري لتشكيل ورقة ضغط سياسي في المشاورات السياسية القادمة عن طريق معركة الحديدة لكنه من السهل أن تحقق نصراً سريعاً في تلك الجبهات». ويذهب آخرون إلى القول إن «قوات هادي والتحالف السعودي والتي عادة ما تصعِّد من عملياتها العسكرية قبل أي جولة مفاوضات أصبحت غارقة في مشاكل الانفلات الأمني والانتهاكات الخارجة عن القانون وصراع رفاق الفصائل المتعارضة في المناطق المحررة ولم يعد التفكير في التواسع يشكل حيزاً في قائمة أولوياتها الملحة».

بين هذا وذاك يرى مراقبون أن «كل طرف في الحرب أصبح في حالة ضعف لا يحسد عليه أو ربما بات توازن القوة متساويا إلى حد ما بما فيه التحالف السعودي والذي أوصل الجميع إلى قناعة بأنه لا حل للأزمة اليمنية إلا عبر الحوار السياسي والمفاوضات العاجلة لوقف العدوان والحرب التي ألقت بانعكاساتها السلبية على الوضع الانساني في اليمن بشكل مخيف وأحرج المجتمع الدولي الذي ظل يرقب الوضع في دور المتفرج لما يحدث في اليمن من مأساة إنسانية».

وتشير المعطيات السياسية والعسكرية إلى أن «جميع الأطراف المتحاربة في اليمن لم تصل إلى قناعة تامة بوقف الحرب وليست جاهزة أصلا للدخول في حديث عن حل سياسي للأزمة فالميزان العسكري القائم لن يقود الأطراف إلى توافق نهائي في ما بينهم».

ووفقاً للتقديرات العسكرية والمؤشرات الميدانية فإن «القوات الموالية لحكومة هادي والتحالف العسكري دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى أطراف مدينة صعدة باتجاه المناطق المتاخمة لمران في محاولة منها لتحقيق أي اختراق ممكن في جدار صعدة والتي على الأقل من شأنها أن تنعكس على طاولة المفاوضات بإجبار الحركة على تقديم التنازلات» لكن اللافت هو أن «ملف التصعيد العسكري في الحديدة والذي تتصدر واجهته من جانب التحالف الإمارات لم يسجل أي تحول محوري جديد وبالتالي فإن الحديدة قد تصبح أحد أهم عناوين المشاورات العتيدة في إطار الترتيبات التي يبحثها المتحاورون خاصة وأن الميناء محور الحرب الرئيسي ما يزال تحت سيطرة صنعاء».

وعلى الرغم من غموض التفاصيل المتعلقة بالأهمية العسكرية لمران وبقية مناطق صعدة القريبة من الحدود والتي تسعى قوات هادي وتحالف العدوان إلى تحقيق اختراق نحوها، عدى كونها المعقل الأول لأنصار الله فإنها وحتى الآن لم تحقق أي تقدم يذكر. وتشير المعلومات المؤكدة إلى أن «القوات الموالية لهادي والمسنودة بقوات التحالف السعودي بعد أن عجزت ومنذ قرابة ثلاثة أشهر عن تحقيق أي تقدم يذكر في الساحل الغربي لإقتحام مدينة الحديدة لجأت ومنذ قرابة أسبوعين للتصعيد العسكري في جبهتي صعدة والبيضاء، لكنها فشلت مجددا في تحقيق أي اختراق عسكري حتى اليوم الأمر الذي دفعها مؤخرا للتحرك نحو أطراف تعز».

مصادر عسكرية في القوات الموالية لهادي أفادت بأن «قوات هادي وبدعم ومشاركة من القوات السعودية والسودانية كثّفت عملياتها العسكرية منذ قرابة أسبوعين في مناطق محافظة صعدة القريبة من الحدود» مؤكدة أن «معارك عنيفة تدور في تضاريس جبلية وعرة على أكثر من محور أبرزها مديرية باقم». ولفتت إلى أن «أي تقدم عسكري في تلك المناطق يعتبر أشبه بالمستحيل»، مشيرة إلى أن «التصعيد في جبهة صعدة لم يكن الغرض منه تحقيق أي تقدم ميداني بقدر ما هو ضجيج إعلامي».

وفي سياق متصل كشف مصدر عسكري مطلع أن «هادي منح قيادات الجيش خلال لقائه الأخير مبلغ 5 مليارات ريال يمني كدفعة من مبلغ كبير تم رصده لتحرير المدينة» مؤكداً أن «هناك استعدادت وتجهيزات عسكرية من قبل القوات الموالية للإمارات لتحرير مدينة البرح غربي تعز ومنطقة الراهدة جنوب مدينة تعز» ولفت إلى أن «قوات هادي داخل المدينة ستقتصر مهمتها على المناوشة بالاتجاه الشرقي والغربي للمدينة في حين سيكون التقدم نحو المدينة مسنودا بقوات العمالقة ولواء الأول حزم».

وأشار إلى أن «موقف الحكومة اليوم واضح وهو أن أي مشاورات لابد أن تكون مرتكزة على ثلاث نقاط وهي مخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، والقرار الدولي 2216».

وفي المقابل اعتبرت مصادر ميدانية أن «التحركات التي تجريها قوات المرتزقة والمدعومة من دول العدوان في تعز وصعدة والبيضاء تسعى من خلالها لاستعادة بعض المواقع كي يتسنى لها تحسين موقفها الضعيف في المشاورات السياسية القادمة لا أكثر وهذا يعاد ويتكرر منذ عامين ولن يتحقق» مؤكدة أن «الجيش واللجان الشعبية يضربون بيد من حديد ولا وجود لما يروج له إعلام مرتزقة العدوان من تحقيق نصر ميداني وجميع المواقع في أيدينا ونحن ثابتون ثبوت الجبال».

وتشير إلى أن «الجيش واللجان الشعبية لا تزال بيدها مساحة شاسعة من الشمال ومواقع استراتيجية قادرة على تغيير موازين المعركة» لافتة إلى أن «القوات اليمنية المشتركة باتت تمتلك سلاح الجو المسير ومنظومة الصواريخ الباليستية التي باتت تهدد الأمن الخليحي بالإضافة إلى إحكام سيطرتها على مدينة الحديدة ذات الموقع الإستراتيجي ومركز التحكم بالملاحة الدولية الذي لن تتخلى عنه بسهولة في مشاورات سياسية».

وفي السياق ذاته أفاد مساعد المتحدث الرسمي باسم الجيش والقوات المسلحة العقيد عزيز راشد بأن «قوات المرتزقة باتت متخبطة تبحث عن أي نصر هنا أو هناك وهي رمت بكل ثقلها وبكل ما تمتلك من قوة عسكرية وتقنية محلية وامريكية وإسرائيلية وعناصر متطرفة وطيران لا يتوقف على الإطلاق للدخول إلى مدينة الحديدة ولكنها انكسرت أمام قوة وبسالة أبطال الجيش واللجان الشعبية التي أبادت ألوية بكامل عدتها وعتادها العسكري».

وأكد أن «أدوات المرتزقة عندما يخسرون في جبهة ما يذهبون للبحث عن مكان آخر يحاولون أن يتوسعوا من خلاله جغرافياً ليحققوا نصراً ولو إعلامياً كاذباً ولهذا ذهب العدوان بعد أن خسر في الساحل الغربي لتحريك جبهات صعدة والبيضاء وتعز والجوف لعلهم يكسبون رضاء المشغل ولكنهم تلقوا أيضا ضربات موجعة من قوات الجيش واللجان الشعبية».

وأضاف راشد أن «كل أمانيهم ستنتهي، ولم يحصدوا إلا الخسارة المادية والبشرية والعسكرية» مؤكداً أنه «كل ما حاول العدو إطالة أمد الحرب كلما طورنا قدراتنا وجعلنا من المرتزقة مجندلين في أي جبهة يحاولون أن يتوسعوا منها وفي الأخير لن يكون أمامهم إلا الخيار السياسي».

وأشار مساعد المتحدث الرسمي باسم الجيش والقوات المسلحة إلى أن «هذا ليس جديداً على التحالف ومرتزقته بل هو هدف لهم منذ ثلاث سنوات وكل ما لاح بريق أمل لوضع حلول أو مشاورات يحرك العدو أدواته الرخيصة والتي تعتبر الأوراق الأخيرة لتركيع الجيش واللجان الشعبية للوصاية السعودية والهيمنة الأمريكية ولكي يحاول أن يحقق أي تقدم يذكر، ولكن لن يفلحوا هذه المرة أو غيرها وسيكون من مصيرهم الهزيمة وإسقاط كل مشاريعهم التي تحاول إسقاط البلد في الفوضى، تماماً كما فعلوا في سوريا».

وعلل راشد تراجع وتيرة المعارك من قبل قوات هادي وتحالف العدوان هذه المرة عن المرات السابقة التي تسبق أي مفاوضات سلام، بـ«ضعف القوة البشرية التي تستنزف يوما بعد أخر من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبية» لافتاً إلى أن «جنوح العدو للمفاوضات هذه المرة ليس من أجل السلام ولكن لأنه وصل إلى الرمق الأخير وهو بحاجة إلى فرصة يرد فيها النفس ليرتب أوراقه المبعثرة والممزقة».

وعلى الرغم من أنه حتى الآن لا توجد مؤشرات واضحة يمكن البناء عليها بأن السلام في اليمن قد اقترب موعده لكن المستجدات الأخيرة في الساحل وبحسب مراقبين «قد تساهم في الدفع باتجاه نقاشات جادة قد تساهم في تحقيق تقدم ولو بطيء يتم البناء عليه لإقناع طرفي الصراع للوصول إلى خطوات قد تفضي إلى حلحلة الأزمة اليمنية». في حين يرى البعض أن المشاورات القادمة لن تحقق خرقا في جدار الصراع المعقد كون الحل السياسي القائم على القرارات الدولية تم إفشاله.

الناشط السياسي محمد المقبلي أوضح أن «المشاورات السياسية بعد التنصل عن قرار مجلس الأمن 2216 أصبحت مفرغة من مضمونها» مشيراً إلى أن «المشاورات السياسية يجب أن تكون أحد الأوراق العسكرية وليست العكس وبالتالي مع كل تحرك سياسي يكون هنالك تصعيد عسكري بمعنى أن الأمور تذهب نحو الجانب العسكري أكثر من الحل السياسي».

 مفيد الغيلاني - العربي

المزيد في هذا القسم: