المرصاد نت - متابعات
مع نهاية المشاورات اليمنية الأولى التي شهدت حلحلة لبعض الملفات العالقة منذ المشاورات التي بدأت قبل سنتين، يمكن القول إن قطار المفاوضات «الجادة» قد انطلق وإن بوتيرة بطيئة للوصول إلى «حل سياسي» ينهي الحرب المستمرة منذ ما يقارب الأربعة أعوام. الاتفاقات والتفاهمات الثلاثة التي تم التوصل إليها في محافظة الحديدة وميناؤها ومدينة تعز وتبادل الأسرى بين الطرفين فضلاً عن النقاشات بشأن إجراءات بناء الثقة الأخرى تعد الأهم منذ بداية العدوان في عام 2015. لكن تنفيذها على الأرض تعترضه صعوبات قابلة للتجاوز ما يتطلب ضغوطاً دولية إضافية على الرياض لالتزامها بوقف الأعمال العسكرية على الأقل في الحديدة وتعز وهو ما لم يحصل حتى أمس.
وفي ظل ردود فعل دولية «مباركة» من السعودية والإمارات والولايات المتحدة وإيران ومجلسي التعاون «الخليجي» و«الإسلامي» وحتى قطر وتركيا ومصر لعل أهم ما يمكن أن تقدمه الأمم المتحدة، حالياً هو إصدار قرار عن مجلس الأمن يتبنى هذه الاتفاقات ويضفي عليها طابعاً قانونياً لا سيما من تلك الدول التي رافقت الطرفين في السويد عبر مندوبيها الدائمين في المجلس والتي باتت تعلم من خلال لقاءات جانبية مع الوفدين القادمين من صنعاء والرياض ما لدى كل منهما من نوايا.
مصادر مطلعة على المشاورات واللقاءات الجانبية أوضحت أن الوفد الوطني كان ينتظر الحديث عن ثلاث نقاط لم يتم التطرق إليها: هي الصواريخ الباليستية اليمنية والمعارك على الحدود السعودية وأجهزة الدولة الأمنية المركزية في صنعاء. لكن المشاورات وفق المصادر اتجهت على نحوٍ تُطرح فيه الملفات بشكل تدريجي ومتصاعد من الشق الإنساني إلى الأمني والعسكري قبل البدء بالسياسي أي أن تبدأ بملفات قابلة للإنجاز في سبيل إجراءات بناء الثقة كملف الأسرى والمعتقلين ثم الخوض في الملفات الأكثر تعقيداً كملفي الحديدة وتعز وصولاً إلى «حل سياسي» ينهي المعارك (في مشاورات لاحقة ربما).
تؤكد المصادر في هذا الصدد أن الحل السياسي تراه الأطراف لا سيما صنعاء «بعيداً في المدى المنظور» خصوصاً أن «تحالف العدوان» ليس مستعداً بعد للاستغناء عن الجنوب معقل تمركزه مشيرةً إلى أن الرياض تعمل على ضخ أموال في المحافظات الجنوبية لتخفيف حدة الغضب الشعبي من تواجدها في ظل الوضع المعيشي المتردي الذي سببته سياسات حكومتها الاقتصادية.
أما بشأن الشمال توضح مصادر أن الحديث عن الرئاسة والحكومة في العاصمة «ليس وارداً إطلاقاً». سلطات صنعاء التي تحمّلت سنوات العدوان الأربعة من المستبعد أن تقدم تنازلات إضافية بالمستوى الذي قدمته في السويد. إذ إن حرص الحركة على قطع أي طريق للعبث بصنعاء بدا العام الماضي في مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي حاول الانقلاب على الشراكة معها، بتنسيق مع الرياض.
سقف توقعات الوفد الوطني كان بحسب ما أوضح رئيسه محمد عبد السلام أمس كان «وقفاً شاملاً وكاملاً» للعدوان وأن «ندخل من مرحلة العمليات العسكرية والحرب إلى مرحلة العمل السياسي، ولو في إطار شيء متفق عليه». حالت دون ذلك أسباب عدة تارة عملية «التدريج والتصاعد» آنفة الذكر وتارة أخرى بطء «وفد الرياض» الذي كان يرفض مقترحات الأمم المتحدة وصنعاء أكثر مما يقدم لعدم استقلالية قراره فـ«كلما حصلت معضلة أو توقفنا في ملف ما نجلس مع سفراء الدول دائمة العضوية في السويد» لحلها بحسب ما أوضح عبد السلام.
وأشار إلى أن «الطرف الآخر يذهب للتفاوض مع السفير السعودي والإماراتي والأميركي» قبل ذلك بينما في بعض اللقاءات الهامشية مع أعضائه «كنا نلمس منهم طرحاً إيجابياً» ما يشي بأن الوفد مشتت: «طرف ضد الإمارات وطرف مع السعودية. طرف آخر له مواقف دولية وآخر له مواقف شخصية». عملياً حوار الوفد الوطني كان «مع المجتمع الدولي» فلتنجز الأمم المتحدة تقدماً كانت تضطر إلى التواصل مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا لكن في المقابل هل «كانت تذهب إلى طرف آخر غيرنا نحن؟» يتساءل عبد السلام مؤكداً: «لا إيران ولا عُمان ولا روسيا ولا الصين».
في ظل المسار البطيء الذي سارت عليه المشاورات، والتي كادت لولا الضغط الدولي، أن تنتهي من دون اتفاق تبادل الأسرى حملت طاولة المشاورات إلى جولتها المقبلة، ملفات عدة لا تبدو سهلة الإنجاز. في تعز حيث تم الاتفاق على تهدئة مستقلة، من المرجح أن يبحث الوفدان وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية علماً أن وفد «أنصار الله»، طرح على طاولة استوكهولم وقف إطلاق النار «على مستوى المحافظة» التي تتضمن بعض الموانئ، كما أكد عبد السلام. لكن وفد هادي رفض سواء على مستوى المدينة أو المحافظة، طارحاً «فقط أن يكون هناك عمل تهدئة».
من المنتظر أيضاً مناقشة الملف الاقتصادي، الذي حمل بعض الترتيبات من السويد. لكن صندوق النقد الدولي، خلص في تقرير أمس، إلى أن التدابير التي نوقشت «لن توفر سوى حل مؤقت يخفف من الأزمة الإنسانية على المدى القصير». ما يُمكن أن يُنجز في هذا الملف بحسب مصادر مطلعة أن «يتم الاتفاق على بنك مركزي واحد، على أن تكون إدارته واحدة في العاصمة صنعاء، وأن تكون له أفرع في بقية المحافظات» حتى يكون هناك تنسيق في كيف يتم الصرف، والحفاظ على السعر والإيرادات وما شابه ذلك. علماً أن «الجانب الفني واللوجستي لدى بنك صنعاء أقوى بكثير من أي مكان آخر» كما أوضح عبد السلام مشيراً إلى أن الطرف الآخر رفض المقترحات «بل أراد أن نحافظ في الشكل، على أن ما تسمى بحكومة هادي هي من تكون معنية بالدور وبالرقابة والإشراف، وهذا كارثي» إذ طبع البنك في عدن هذا العام «أكثر مما طبع في 26 سنة ماضية»، وعلى رغم ذلك وصل العجز في عام 2017 إلى ما يقارب 900 مليار، أكثر مما وصل في صنعاء ذات الاحتياجات الأكبر. وفي ظل ذلك ينتظر بنك عدن من الإمارات والكويت ودائع بقيمة ثلاثة مليارات دولار في مسعى من شأنه تخفيف حالة الغضب الشعبي في الجنوب. وبشأن أي دور للأمم المتحدة أشار عبد السلام إلى أن الوفد الوطني طلب أن يكون للمنظمة «دور رقابي على الجانب المالي» لكنها رفضت.
يبقى ملف مطار صنعاء الأهم ربما من بين إجراءات بناء الثقة المتروكة إلى المشاورات المقبلة. لا يزال الملف شائكاً، على رغم اتفاق الطرفين بالمبدأ على فتح المطار. بحسب مصادر «أكثر ما يهم السعوديين في هذا الملف أن لا تكون هناك رحلات مباشرة بين صنعاء وطهران». وربما ذلك هو السبب في عرقلة الملف في السويد على رغم أن الوفد الوطني وافق على اقتراح غريفيث وقدم اقتراحاً ثانياً بعد رفضه من قبل «وفد الرياض» لكن من دون جدوى. إذ تمسك الأخير في شرطه بأن يكون المطار للرحلات الداخلية إلى سيئون أو عدن على رغم أن الحالة الأمنية الهشة التي لا تسمح بتسيير رحلات إلى عدن وهذا ما لا يخفيه مسؤولو حكومة هادي إذ أعلن وزير النقل التابع لها في وقت سابق أن حكومته ليست لها سيطرة على مطار عدن علماً أن كل طائرة يمنية تحتاج إلى إذن من الإمارات لتبيت يوماً واحداً في مطار عدن بحسب ما أشار عبد السلام مؤكداً أنها «مقايضة سخيفة» لن تقبل بها صنعاء.
اتفاقان في انتظار التنفيذ
في أول رد من حكومة هادي زعم وزير داخليتها أحمد المسيري أن«ميليشيات الحوثي» ستنقض الاتفاقات. لكن بعيداً من «التخمينات»، ينتظر من الأطراف قبل الجولة المقبلة، البدء بتنفيذ اتفاق الحديدة في غضون أيام، بإنهاء أي مظاهر عسكرية في المدينة، حيث ستتولى «قوى محلية» الأمن، بإشراف من «لجنة مشتركة» بين الطرفين. كما ينتظر أن تباشر الأمم المتحدة في إرسال مراقبين دوليين، للإشراف على الميناء بما ينهي أي ذريعة لـ«التحالف» في شن هجمات جديدة. كما ينتظر خلال حوالى شهر بدء عملية تبادل نحو 16 ألف أسير ومعتقل وفقاً للكشوفات التي قدمها الطرفان. وأوضح ممثل الصليب الأحمر فرانز روخنشتاين أنه سيكون أمام الأطراف ثلاثة أسابيع لإنجاز القوائم النهائية يتبعها عشرة أيام يقوم خلاها الصليب الأحمر بعمليات التثبت وإجراء المقابلات التي تسبق عملية التبادل باستخدام الطائرات.
المزيد في هذا القسم:
- التحالف السعودي يواصل مسلسل جرائمه بحق أبناء الشعب اليمني! المرصاد نت - متابعات أرتفع عدد شهداء مجزرة العدوان السعودي الأمريكي في مديرية مجز بمحافظة صعدة اليوم إلى ستة شهداء. وأوضح مصدر أمني بصعدة أن حصيلة ضحايا جريمة...
- وفد الرياض ينقلب على مشاورات السويد سعيا لإفشالها ! المرصاد نت - متابعات تستمر مشاورات الاطراف اليمنية في السويد والتي بدأت الخميس برعاية الأمم المتحدة حيث يتركز البحث على قضايا الأسرى والاقتصاد ومطار صنعاء ومي...
- الحديدة.. عالقة بين حتمية الحرب والمفاوضات ! المرصاد نت - متابعات التحشيد غير المسبوق لقوات تحالف العدوان وما صاحبه من تهويل إعلامي انصدم بجدار صد كبير يقف وراءه أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية الذين ...
- «التحالف» وسيطاً لنفسه: «تسوية» في عدن تمهيداً لمعارك الشمال؟ المرصاد نت - متابعات يطرح «التحالف» نفسه وسيطاً بين المكونين المتصارعين التابعين له في عدن واضعاً بنود «وساطة» لا تتضمن تسوية فعلية بي...
- 50 غارة على العمالقة بعمران وعقبة ثرة الاستراتيجية في البيضاء المرصاد نت - محافظات جددت مقاتلات العدوان عصر السبت 28 مايو/ أيار 2016 ضرباتها الجوية مستهدفة معسكراً بمحافظة عمران ليرتفع عدد الغارات إلى نحو 50 غارة خلال...
- الحوثيون على قائمة الإرهاب: ماذا يعني ذلك لليمن؟ المرصاد-متابعات في خطوة متوقعة، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، ملغياً بذلك قرار سلفه جو بايدن الذي أزالهم من الق...
- هدوء حذر في عدن : أبعد من الانتقام .. مخطَّط انقلاب مبيَّت! المرصاد نت - متابعات تشهد مدينة عدن هدوءاً حذراً بعد صدور بيان للتحالف السعودي الإماراتي وصف خلاله الأحداث في المدينة بـ"التطورات الخطيرة" معلناً "الرفض القاط...
- الأمنية العليا تهيب بقادة القوات المسلحة والأمن تجنب الاصطفاف وراء أي تكتل سياسي والإستمرا... أهابت اللجنة الأمنية العليا بجميع الوحدات العسكرية والأمنية وقياداتها وأفرادها تجنب الاصطفاف وراء أي تكتلات سياسية والتركيز على واجباتها المستندة على تق...
- اليمن يواجِه «هستيريا الباليستي» والرياض تتخبط ومسعورة المرصاد نت - متابعات أثار قرار تحالف العدوان السعودي إغلاق ما تبقى من المنافذ اليمنية مفتوحاً ردود فعل ساخطة بلغت حد تلويح القوات اليمنية المشتركة باستهداف ال...
- عاجل : رجال الجيش والقبائل يقصفون شبكة الإتصالات في موقع ” المزحاف ” العسكري بجيزان صواريخ فوق نجرانأفادت مصادر عسكرية ميدانية أن رجال الجيش واللجان الشعبية قصفوا اليوم بالصواريخ والمدفعية شبكة الإتصالات في موقع ” المزحاف ” العسكري بجيزان . وأ...