هدنة الحُديدة تسري غداً .. هل يلتزم تحالف العدوان بالهدنة؟

المرصاد نت - متابعات

ذكر مصدر في الأمم المتحدة أنّ موعد الهدنة في مدينة الحُديدة سيدخل حيز التنفيذ منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء في ما يبدو أنه محاولة لتثبيت اتفاق استوكهولم الذي تمّ التوصل إليهAlmawqea2018 الخميس الماضي وينصّ على وقف فوري لإطلاق النار في المدينة الساحلية.

المصدر قال إنّ تحديد منتصف ليل اليوم موعداً لتطبيق الاتفاق يأتي لأسباب «مرتبطة بالعمليات» في وقتٍ تشهد الحُديدة اشتباكات وغارات جوية في ما يمثّل خرقاً للاتفاق.

الإعلان عن هذا الموعد يأتي غداة تصريح تلفزيوني لوزير الخارجية في حكومة هادي خالد اليماني أعلن في سياقه أن الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء. وهو النبأ الذي أكّده المصدر في الأمم المتحدة لـ«فرانس برس» بسؤاله عن الموعد المذكور قائلاً: «هذا صحيح».

وبرغم أنّ اتّفاق السويد ينصّ على انسحاب جميع المسلحين من الحُديدة وموانئ المحافظة ودعوة مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث أمس إلى الالتزام به تفيد التقارير بأن المدينة الساحلية تشهد اليوم اشتباكات متقطعة بشكلٍ متواصل.

وقال غريفيث في تغريدات عبر حسابه على "تويتر" إن "الأمم المتحدة تعمل عن قرب مع حكومة هادي وحكومة صنعاء  لضمان التطبيق السريع والتام لاتفاق الحديدة" وتابع أنه يتوقع من الطرفين "احترام التزاماتهما بمقتضى نص وروح اتفاق ستوكهولم والانخراط في التطبيق الفوري لبنود الاتفاق".

ووفق شهود عيان فإن الاشتباكات المتقطّعة تُسمع عند الأطراف الشرقية والجنوبية للمدينة وسط قصف مدفعي متبادل بين المقاتلين الموالين لـتحالف العدوان من وجهة والجيش اليمني واللجان الشعبية من جهة ثانية.

في غضون ذلك دعت منظمة «أطباء بلا حدود» الدوليّة اليوم إلى حماية المدنيين والمرافق الطبية مع استمرار خرق الهدنة وتجدّد الاشتباكات في محافظة الحديدة غربي البلاد وأعربت المنظمة في تغريدة مقتضبة على حسابها في «تويتر» عن قلقها «حيال استمرار القتال في الحُديدة» مشيرةً إلى أن فِرقها «تواصل على الأرض علاج المصابين من العيارات النارية والقصف والغارات الجوية». ودعت كذلك «جميع الأطراف المتحاربة إلى احترام وجود المدنيين والمرافق الطبية» في المحافظة.

وفي سياق متصل لقي اتفاق الحديدة لوقف إطلاق النار ارتياحاً واضحاً في صنعاء فيما تُبدي القوى المحلية التابعة لـتحالف العدوان انزعاجاً كبيراً وتظهر تصرفات تلك القوى أنها ستحاول تعطيل الاتفاق بأي شكل. إلى جانب ذلك لا تزال طائرات دول «التحالف» تغير على مواقع في الحديدة سقط خلالها أول من أمس خمسة ضحايا مدنيين جراء عشرات الغارات على أطراف المدينة. وقد شهدت جبهات القتال في الحديدة في اليومين الماضيين تصعيداً لافتاً  .. حيث إن وقف إطلاق النار في الحديدة سيدخل حيّز التنفيذ يوم 18 كانون الأول/ ديسمبر الحالي بعدما تسلمت صنعاء رسالة من المبعوث الأممي بهذا الشأن.

من المتوقع أن يجري التصويت في اليومين المقبلين على مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن ومن المتوقع أيضاً أن يضاف إلى المشروع المذكور اتفاق السويد بين الأطراف اليمنية. تتعرض اتفاقية السويد بشأن الحديدة لاختبار حقيقي إذ إن طرف «الشرعية» الذي وقّع على الاتفاق غير منسجم، ويمثل أطرافاً وجهات عدة، بعضها متضرر من الاتفاق ويعمل على تقويضه فضلاً عن عدم الاعتراف به في الأصل وترى هذه الأطراف أن الاتفاق فرض عليها من قبل «المجتمع الدولي» فيما تفضل هي الاستمرار في العمليات العسكرية.

وأبرز هذه الأطراف هي: القوى السلفية المدعومة من الإمارات، والمنضوية حالياً تحت اسم «ألوية العمالقة» والقوى الشمالية المشتتة، التي أُعيد تجميعها باسم «ألوية الجمهورية». أبرز المتضررين من الاتفاق على المستوى السياسي هم القوى الجنوبية الملتحقة بدولة الإمارات التي تعيش في أوقات صعبة وتتحسر على ما آلت إليه أوضاعها جراء سوء التقدير وارتهان قياداتها للجانب الإماراتي، خصوصاً بعد أن ثبت لجميع الجنوبيين أنهم ليسوا طرفاً في النزاع، ويستخدمون كأداة من قبل تحالف العدوان. في هذا السياق دعت جهات جنوبية متطرفة الألوية الجنوبية التي تقاتل في الحديدة إلى الاستمرار في العمليات العسكرية وعدم التزام الاتفاق في المقابل طالبت قيادات أخرى بتنويع العلاقات الخارجية وإعادة النظر في السياسة التي انتهجت منذ بداية الحرب حتى إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك من قبيل إعادة ما انقطع مع روسيا وإيران.

أما على المستوى الخليجي فإن المسؤولين في الإمارات والسعودية رحّبوا بحذر باتفاق السويد إلا أن النخب القريبة من دوائر القرار التي يسمح لها بالتعليق على الأحداث لا تعكس رأي الموقف الرسمي بحيث لم تُبدِ ارتياحاً وأظهرت تحفّظاً كبيراً على مجمل المفاوضات وكذلك على استمرارها في المستقبل واصفين إياها بالعبثية. كذلك اعتبروا أن الاتفاق قدّم تنازلاً مهماً لصنعاء ملقين باللائمة على المجتمع الدولي ومتهمين إياه بالانحياز إلى صنعاء والتذرع بالوضع الإنساني لفرض تنازلات على تحالف العدوان.

في المقابل أبدت صنعاء ارتياحها لمجمل المفاوضات ولا سيما الاتفاق بشأن الأسرى وهو مطلب قديم من شأنه أن يلمّ شمل الأُسر ويريح شريحة مجتمعية كبيرة من الطرفين. وكذلك اتفاقية الحديدة إذ من شأن ذلك أن يسقط ورقة حساسة طالما شكّلت سيفاً مُصلَتاً من قبل «التحالف». وبشأن الاتهامات بالتفريط بالسيادة من خلال موافقة وفد صنعاء على آلية المراقبة والتفتيش وفريق مراقبة وقف إطلاق النار ترد مصادر حكومة الإنقاذ بالقول إن البلد موضوع تحت البند السابع لمجلس الأمن بدعوة من النظام السابق كما يدار منذ عام 2011 من قبل ما يسمى مجموعة الدول 18 التي ترعى شؤونه والأهم من ذلك استجلاب جيوش 12 دولة للعدوان عليه واحتلال أراضيه بدعوة من قبل ما يسمى «شرعية» هادي.

تضيف المصادر أن دور الأمم المتحدة رقابي وإشرافي وليس لها أي دور أمني من شأنه أن يمسّ بالسيادة وأن مسؤولية حفظ الأمن للقوى الأمنية المحلية التي تدار من حكومة الإنقاذ. وهناك نماذج كثيرة حصلت في هذا المضمار البارز فيها قرار 1701 بين لبنان والكيان الصهيوني الذي يسمح لقوات «اليونيفيل» بدور مراقبة وقف إطلاق النار بين المقاومة اللبنانية والكيان الإسرائيلي من دون أن يمسّ بالسيادة اللبنانية.

بالإضافة إلى ذلك فإن عائدات الحديدة ستصبّ في البنك المركزي ضمن اتفاق اقتصادي شامل لحل قضية رواتب الموظفين في كافة المحافظات وهي قضية تشكّل عبئاً على حكومة الإنقاذ ويأتي حلها ليزيح عنها هماً كبيراً طالما سعت لمعالجته. وترى المصادر أن حل قضية الرواتب خطوة باتجاه حل الموضوع الإنساني.

بالختام...

الغارات الهستيرية المتواصلة والتطورات الميدانية والعسكرية التي تشهدها مختلف جبهات المعارك تشير إلى استمرار الفشل السياسي والعسكري لتحالف العدوان السعودي الأمر الذي أدّى إلى حدوث المزيد من الارتباك وخيبة الأمل لتحالف العدوان الذي اقدم رغم اتفاق استوكهولم على تكثيف هجماته على الحديدة وبقية المحافظات اليمنية وذلك بعد يوم واحد على انتهاء محادثات السلام الأسبوع الماضي في السويد. فيمكن القول إنه إذا ما فشلت هذه الأتقاقات والهدنة فالعدوان السعودي سيكون هو المسؤول الاول والاخير عن كل ذلك.

المزيد في هذا القسم: