المرصاد نت - رشيد الحداد
كانت «ثورة فبراير» بالنسبة لشباب اليمن حلماً كبيراً علقوا عليها آمالهم بيمن يتسع للجميع يمن يسوده النمو والتنمية والأمن والأمان والحرية واستقلال القرار السياسي من المؤثرات الخارجية.
خرج الشباب اليمني ابتداءً من منتصف فبراير حاملين مطالبين بالتغيير، فأُطلق عليهم اسم «ثوار التغيير». حتى الساحات التي جمعت الشباب من كل أقطار اليمن كانت اسمها ساحات التغيير ولكن شباب التغيير الذين تجردوا عن الخوف وواجهوا السلطة حينها وهو ما دفع بأحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة حينذاك إلى الانضمام للساحات لتخوض غمار مواجهة نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
ولكن كان لأحزاب المعارضة التي كان يقودها «الإصلاح» أجندات متعددة إلا انها كانت تدرك أن تنفيذ تلك الاجندة لن تمرر من دون السيطرة على قرار حركة التغيير الشبابية السلمية، وهو ما حدث فقد اتجه «الإصلاح» ومن خلفة الجنرال علي محسن الأحمر إلى السيطرة على قرار الساحات من خلال إعلان اللجنة التنظيمية للثورة التي أعلن أعضاؤها دون الرئيس الذي اتضح أن من يديرها علي محسن الأحمر وقيادات عليا في «الإصلاح» غيرّت مسار الثورة وأعلنت ثورة ضد الرئيس، ليواجه بعد ذلك الشباب «الليبرالي» إقصاءً وتهميشاً في صنع القرار.
تصاعد الصراع بين الشباب الحر وحزب «الإصلاح» حول قرار الثورة، ابتداءً من النصف الثاني من مارس من العام ٢٠١١ وفي التاسع عشر من الشهر ذاته اختلف الطرفان حول تسميات الفعاليات فقد أطلق الشباب جمعة الكرامة في حين رفض «الإصلاح» التسمية وأطلق عليها اسم جمعة «الإخلاص» وذلك بعد سيطرته على منبر الساحات وميكرفوناتها، ولكن أوقفت جريمة جمعة «الكرامة» التي أودت بحياة 48 شاباً من شباب الثورة معظمهم من شباب «الإصلاح»، الصراع بين الطرفين اللذين اتحدا ضد نظام صالح. إلا ان الصراع بين الطرفين امتد إلى ما بعد ثورة فبراير ولا يزال حتى الآن.
بعد جريمة جمعة الكرامة بيومين وتحديداً في 21 من مارس 2011 أعلن الجنرال علي محسن الأحمر انشقاقه عن الرئيس صالح وتوليه مسؤولية «حماية الثوار» في ساحة التغيير، كما أعلن اللواء محمد علي محسن قائد المنطقة العسكرية انشقاقه وانضمامه للثورة ليعلن بعد ذلك اللواء حميد القشيبي وعدد من القيادات العسكرية ولاءهم للثورة فيما أعلن وزير الدفاع حينذاك ولاءه للرئيس صالح.
لم يتوقف الانشقاق العسكري عند الإعلان وحسب، بل انفجرت الأوضاع عسكرياً في تعز وصنعاء وأرحب ونهم والضالع. لتتكشف أجندة الرياض أواخر أبريل من العام نفسه حينما اتجهت القوات العسكرية الموالية للثورة و«للإصلاح» وللجنرال الأحمر بمهاجمة قوات الحرس الجمهوري في بيت دهرة والصمع في أرحب، وبدأ «الإصلاح» حينذاك يفرغ الثورة من مدنيتها بعسكرة شباب الساحات والدفع بهم للقتال ضد الحرس الجمهوري الذي كان هدفاً للسعودية باعتباره يضم قوات منظمة ومدرّبة ولا يخضع قادتها لأي إملاءات خارجية. حينها، نجح شباب الثورة بجس نبض الوصاية السعودية في اليمن ومخاوفها من ثورة الشباب بتسمية إحدى الجمع بـ«جمعة لا للوصاية الخارجية» وأثناء مسيرة رفض الوصاية صدرت توجيهات بإسقاط كافة اللافتات ومصادرتها كما تم اعتقال العشرات من الشباب الذين رفضوا تسليم اللافتات من قبل قوات الفرقة الاولى مدرع التابعة للجنرال الأحمر.
المبادرة الخليجية
برغم المخاوف الكبيرة لدى السعودية من ثورة شباب اليمن إلا أنها تعاملت مع تطورات الأحداث في اليمن بهدوء، فقد أظهرت تعاطفها مع صالح وسارعت بنقله للعلاج في مستشفياتها بعد جريمة مسجد النهدين أواخر مايو من العام ذاته والتي كانت عملية استخباراتية معقدة هدفها اغتيال صالح وأركان نظامه. كما نجحت بإجهاض الثورة وإفشالها من خلال الإبقاء على نظام صالح كشريك في الحكم بعد أن أقنعت صالح بالاستقالة والأطراف الأخرى بتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة والتي رفضتها حركة «أنصار الله» وشباب الثورة المستقل، لتنجح الرياض بتنفيذ كافة أجندتها بموجب تلك المبادرة التي صعدت هادي رئيساً إنتقالياً لعامين فقط، وألزمت شركاء ما بعد فبراير بهيكلة الجيش اليمني، وعقد مؤتمر حوار وطني شامل.
التهيئة للحرب
بعد ذلك بدأت الرياض بالتهيئة الفعلية للحرب التي تواجهها اليمن اليوم حيث تمكنت عبر عملائها من قيادات عسكرية في الدولة حينذاك من الكشف عن خارطة مخازن الأسلحة والصواريخ وتمكنت من الإجهاز على الروح المعنوية للجيش اليمني وأفقدته الثقة بنفسة من خلال التعينات الصادرة عن هادي بموافقة السفارة السعودية وأزاحت أولاد صالح وأقرباءه من مختلف المواقع العسكرية واستبدلتهم بموالين للجنرال علي محسن الأحمر و«الإصلاح» وصولاً إلى أنها كلفت هادي بإلإبقاء على المنظومة الصاروخية تحت إشراق الرئاسة واستطاعت تفكيك نسبة كبيرة من الصواريخ الباليستية يضاف إلى تدمير «سام 1» و«سام 2».
وخلال الفترة 2012- 2014، تصاعدت موجة الاغتيالات الموجهة التي استهدفت قيادات فاعلة في القوات الجوية من مهندسي صواريخ وفنيين وضباط دفاع جوي وخلال نفس الفترة دمرت معظم طائرات اليمن العسكرية وتم استهداف أكثر من ٢٢ طائرة البعض منها تم تفجيرها وها في مرابضها وطالت موجة الاغتيالات ضباط في الأجهزة الاستخباراتية والأمنية. يضاف إلى اتساع نطاق سيطرة وتواجد «القاعدة» و«تنظيم الدولة» إلى 12 محافظة واستطاعت «القاعدة» خلال تلك الفترة أن تهاجم معسكرات وتنهب مخازن من الأسلحة الثقيلة في أبين وشبوة كما تصاعدت هجمات «القاعدة» على معسكرات الحرس الجمهوري في البيضاء وحضرموت.
ما قبل مارس 2015
تشير كافة الإرهاصات التي حدثت قبل 26 مارس 2015 والذي أعلن «التحالف» فيه الحرب والحصار على اليمن والتي لاتزال حتى اليوم أن هناك ارتباطاً بين ما يحدث اليوم من صراع وبين ما بعد ثورة فبراير فثورة الشباب السلمية تم سلبها من قبل أحزاب وقيادات سياسية وعسكرية مواليه للرياض وحرّف مسارها وتحولت إلى أداة لتمرير أجندة خارجية على حساب اليمن ومصلحته العليا ورغم ذلك لا يزال ثوار اكتوبر الذين لم يخلوا ساحتهم ورابطوا فيها حتى سقوط صنعاء بيد القوي الوطنية في 21 من سبتمبر 2014 كما لم ينظم من شباب الثورة الشبابية السلمية لـ«التحالف» سوى القليل لا يزال الأغلبية في صف مواجهة «التحالف» في صنعاء.
ويرى الكثير من المراقبين بأن الحرب التي تشهدها اليمن منذ 4 سنوات كانت مخططة بدقة منذ 2011 وكانت التدخل السعودي وارداً بمشاركة أمريكية فاعلة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب بعد تمدد التنظيمات الإرهابية وتصاعد عملياتها خلال 2012- 2014 ولكن ما لم يتوقعه «التحالف» أن القوي الوطنية التي تناهض الوصاية الأجنبية سوف تسقط صنعاء والمحافظات وتفرض واقعاً لم تضع الرياض له أي حسابات ولذلك حددت السعودية أن حربها في اليمن بأسابيع ثم أشهر في البداية.
المزيد في هذا القسم:
- بعد تصريحات السفير السعودي: ما الذي ينتظر علي محسن والإصلاح؟ المرصاد نت - متابعات ليست المرة الأولى التي يهان فيها مرتزقة العدوان وتكشف حقائقهم وتسقط أقنعتهم فاليمنيون طولاً وعرضاً باتوا يعرفون ألاعيبهم ويدركون مآربهم، ...
- منظمة الأطفال الدولية: أنقذوا أطفال اليمن الكوليرا تفتك بهم المرصاد نت - متابعات حذّرت منظمة الأطفال الدولية في تقرير لها من أن تفشي وباء الكوليرا في اليمن يمكن أن يودي بحياة الآلاف من الناس إذا لم يتم وضع هذا المرض ال...
- شحنات أسلحة وصراع للسيطرة على مناطق الامتياز النفطي في شبوة! المرصاد نت - متابعات كشفت مصادر مطلعة عن وصول شحنات اسلحة للإمارات الى محافظة سقطرى دعماً لتواجدها العسكري في الجزيرة . وقالت المصادر بان باخرة إماراتية تحرك...
- في ظل الأنفلات الأمني ... جرح 6 مجندين بانفجار عبوة ناسفة وتجدد الاشتباكات في محيط معسك... المرصاد نت - متابعات جرح ستة مجندين ظهر يوم الاثنين بانفجار عبوة ناسفة في حي البريقة غرب مدينة عدن. وذكرت مصادر إعلامية أن مجهولين أقدموا على زرع عبوة ناسف...
- العدوان ومرتزقته يواصلون خروقاتهم لليوم الـ22 على التوالي المرصاد نت - محافظات واصل مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي اليوم الإثنين خرق وقف إطلاق النار في عدة محافظات لليوم الـ22 على التوالي بالتزامن مع تعطيل وفد ال...
- المجلس الانتقالي الجنوبي يتمسّك بإدارة المحافظات الخاضعة لسيطرته! المرصاد نت - متابعات أكد المجلس الانتقالي الجنوبي تمسكّه بإدارة المحافظات الخاضعة لسيطرته في جنوب البلاد. وحذّر المجلس خلال اجتماع لهيئة رئاسة من "خطورة التصع...
- تحرير الأموال وإزاحة شلال .. تنازلات إماراتية لـترويض حكومة هادي المرصاد نت - متابعات أثمان كثيرة أُجبرت الإمارات على دفعها لحكومة هادي المدعوم سعودياً حتى تمنح وزير داخليتها أحمد الميسري الضوء الأخضر لتلبية دعوة أبوظبي لزي...
- معلومات تنشر لأول مرة عن"كتائب الموت" وقائدها أبو يونس الحوثي؟ المرصاد نت - متابعات كشفت مصادر مطلعة عن دخول قوات خاصة تتميز بقدرات وكفاءات عالية وتكلف بالقتال فقط في اوضاع خاصة إلى معركة الساحل الغربي . ونظرا الى ال...
- صحيفة أمريكية: أمريكا وباكستان تدعمان العدوان السعودي بالسلاح والجنود المرصاد نت - متابعات نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية تقريرا لمراسلها غوردون لبولد يقول فيه إن وزير الحرب الأمريكي جيمس ماتيس يفكر في مجموعة جديدة من وسا...
- روسيا تٌفشل مشروع قرار بريطاني في مجلس الأمن بشأن إيران واليمن المرصاد نت - متابعات واصلت روسيا التصدي للولايات المتحدة وبريطانيا في مجلس الأمن قاطعة الطريق على مشروع قرار أعدته لندن وواشنطن لإدانة إيران تحت مزاعم تزويدها...