المرصاد نت - متابعات
رغم فداحة ما تمرّ به أقطار عربية مختلفة إلا أن خطوات المجلس الانتقالي اليمني نحو انفصال جنوب اليمن عن بقيّة الدولة في الأيام الماضية هي الأكثر خطورة بلا مُنازعِ، كونها تؤسِّس لشهيّة الانفصال على أُسُسٍ مُغايرةٍ ثقافياً ومذهبياً وعِرقياً التي تزخر بها مجتمعاتنا العربية.
صحيح القول إن اليمن في عهد علي عبد الله صالح تدهورت مكانته واهترأت مؤسَّساته، لكن من الخطأ الفادِح أن نُرجِع المصائب والإخفاقات التي مرَّ بها اليمن لمشروع الوحدة القائمة بين شماله وجنوبه. فكثيرٌ من الأقطار العربية مرّت بأزماتٍ جوهريةٍ كانت أشدّ خطورة على شعبها مما كان عليه وضعها وهي تحت الاحتلال الأجنبي في الستينات وما قبلها فهل هذا الوضع يحملنا على الاستنتاج أن سبب مآسينا هو التحرّر من نَيْر ِالاحتلالات الغربية؟
تزامُناً مع مشروع الانفصال العسكري والسياسي الجاري في عدن تنساق بعض النُخَب الخليجية في الترويج له عبر الوسائط الاجتماعية وأعمدة الصحف وشاشات التلفزة دونما أيّ مُبرِّر يحملها على هذه النشوة لمشروع التجزيء.
سعد العجمي وزير الإعلام الكويتي السابق كَتَبَ في "إندبندنت عربي" الجمعة الفائِتة مقالاً تحت عنوان "اليمن... تطوّرات واعترافات!" يقول فيه: "علينا أن نُقرّ بأن الجنوب يختلف عن الشمال اختلافاً كبيراً، فلا اللهجة واحدة، ولا حتى اللغة التي يتكلَّمها الجنوبيون واحدة، فالشرق يتكلَّم المهرية، وأهل سقطرى يتكلَّمون السقطرية وكلاهما لغات سامية قديمة تختلف عن العربية. كما يختلفون كثيراً بالطِباع والسلوك، فأهل الشمال تغلب عليهم طِباع الجبال بوعورتها وخشونتها، وأهل الجنوب تغلب عليهم طِباع البحر والسواحل الهادِئة". قبل أن يختم:" باختصار: فلنوقِف الحرب وندعم استقلال الجنوب وتنميته-أُكرِّر- وتنميته، وإقناع هادي بالتنحّي عن رئاسته الرمزية لأسبابٍ صحيةٍ، واستمرار مُحاصرة الحوثي في الشمال".
أما مواطنه محمّد الرمحي الكاتِب المعروف وتحت عنوان " قد يكون الحل في اليمن: يمنين!" المنشور في صحيفة الشرق الأوسط يوم السبت الفائِت، فقد شجَّع اليمنيين على التفاهُم على الانفصال عن حبٍ ورضا حيث تجربة الوحدة كانت كارثيّة على الطرفين..
بدوره عبد الرحمن الراشد مدير قناة العربية السعودية سابقاً، كَتَبَ في صحيفة الشرق الأوسط يوم الإثنين الفائِت تحت عنوان:" الجنوبيون ومؤتمر جدّة" قائلاً: إن سعوديين مُثقَّفين أيضاً يعتقدون أن المصلحة السعودية هي في يمنين أو ثلاثة وليس في يمنٍ موحَّدٍ أكبر سكاناً، خاصة أن تجربة التعامُل مع يمنٍ موحَّدٍ حكمه نظام الرئيس الراحِل علي عبد الله صالح عشرين عاماً، كانت مرحلة صعبة ومؤذية للسعودية".
أما عبد الخالق عبد الله المستشار السابق لوليّ العهد الإماراتي محمّد بن زايد وعبر سلسلة من التغريدات على تويتر يستشهد بكلام الراشد للتأكيد على تناغُمِ السعوديين مع الإماراتيين في دعم مشروع الانفصال.
هذا المناخ المشجِّع على الانفصال ومن قِبَلِ شخصياتٍ مُقرَّبةٍ من دوائر صُنع القرار في السعودية والإمارات، وعلى صفحات جرائد ومواقع إخبارية تكاد تكون رسمية الطابِع لشدّة التزامها بالخط التحريري الداعم والمروِّج للسياسات الرسمية في البلدين يحملنا على التساؤل المشروع: هل جلّ ما تسعى إليه الدول المنخرِطة في الحرب اليمنية هو تعزيز الانقسام بين الشعب اليمني للسيطرة على مُقدَّراته من ناحية، ولتأمَن جانبه فيما لو كان موحَّداً من ناحيةٍ أخرى؟ وهل هذه السياسات تخدم المصالح العُليا لدول الخليج؟
وتأسيساً على نفس المنطق الذي تحصَّن به عرَّابو الانفصال من النُخَب الخليجية، نسأل: هل فشل مجلس التعاون الخليجي الذي تأسَّس منذ عقودٍ في تحقيق الوحدة الخليجية التي كانت من أهدافه العُليا وخاصة أن الانقسام القائِم بين السعودية والإمارات والبحرين اليوم من ناحيةٍ وبين قطر من ناحيةٍ أخرى ووقوف الكويت وعُمان على مسافةٍ واحدةٍ من الطرفين في هذا النزاع يحملنا على القفز للقول إنه لا مُبرِّر لبقاء مجلس التعاون؟ وهل فشل "جامعة الدول العربية" في تحقيق أيّ من أهدافها يُجيز لأعضائها الانسحاب منها بحجَّة أن الواقع العربي ربما كان أفضل من دونها؟
وهل المنطق نفسه يصلُح تطبيقه على الصِراع العربي الإسرائيلي؟ فهل الواقع الفلسطيني المتردّي اليوم في ظلّ "السلطة الوطنية الفلسطينية" التي جاءت بناءً على اتفاقيات أوسلو ومدريد يحمل هؤلاء النُخَب على الدعوة لحلّ السلطة الفلسطينية لأن وجودها أسَّس لاحقاً لانقسامٍ فلسطيني حادٍ بين الضفة الغربية وقطاع غزَّة؟ أليس الاستشهاد باختلاف اللهجات والمذهب لتبرير الانفصال في اليمن قد ينسحب عند البعض لتبرير الدعوة إلى تفتيتِ دولٍ خليجيةٍ أخرى تعيش تنوّعاً لا يقلّ عن التنوّع اليمني فضلاً عن تمزيق جلّ دول العالم العربي الزاخِرة بالتنوّع العِرقي واللغوي والمذهبي؟ خراب البيت العربي لا يُبرِّر المزيد من الخراب. وبعض أوجاعنا هي من نُخَبِنا أكثر من سياسيينا.
قراءة : محمد علوش - معد ومقدم برامج سياسية في قناة الميادين.
المزيد في هذا القسم:
- هكذا دمرت واشنطن الدفاعات الجوية اليمنية بين 2007 - 2014م! المرصاد نت - متابعات بث الإعلام الأمني في حكومة صنعاء مشاهد جديدة تثبت تورط الولايات المتحدة في تدمير الدفاعات الجوية اليمنية ما بين الأعوام 2007م - 2014م. و...
- بين الطموح للانفصال والإصرار على الوحدة .. إلى أين يتجه الجنوب اليمني؟ المرصاد نت - متابعات في ظل تنازع السيطرة وأطماع أبو ظبي وإصرار حكومة هادي على بسط سلطتها على كل المحافظات اليمنية يقف جنوب اليمن اليوم على مفترق طرق. وبرغم كو...
- حضرموت : عصيان مدني شامل و"تنسيقية الهبة المرصاد - خاص - أخبار اليمن : شهدت مدينة المكلا في محافظة حضرموت اليوم الأحد عصيانا مدنيا تلبية لدعوة اطلقتها الهيئة التنسيقية للهبة الشعبية تو...
- سقطرى ... سناريوهات النفوذ الناعم أم السيطرة العسكرية ! المرصاد نت - متابعات ما هي قصة الجزيرة التي باتت مؤخراً تحتل الصادرة في المواقع الإخبارية هل نحن أمام سناريو إماراتي لإقامة قاعدة عسكرية أم سناريو نفوذ ناعم ي...
- لماذا همشت دول العدوان هادي وحكومته ؟ المرصاد نت - رآي اليوم القى جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية قنبلة شديدة الانفجار في بركة الازمة اليمنية الملتهبة عندما اعلن في ختام مباحثاته م...
- تعز على خطى عدن.. حالة توتر بين حلفاء الإمارات السلفيين والإصلاح المرصاد نت - متابعات قالت مصادر محلية أن حالة من التوتر سادت مدينة تعز بين الإصلاح والسلفيين الموالين للتحالف وأن الإصلاح والسلفيين بدأوا بتحشيد عناصرهم إلى م...
- انفجار عنيف يهز المنصورة في عدن المرصاد نت - عدن هز انفجار عنيف صباح اليوم الجمعة مديرية المنصورة بمحافظة عدن جنوب البلاد .ونقلت مواقع مقربة من العدوان عن سكان محليون يقطنون بمديرية المن...
- وفاة 27 ألف مريض يمني بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي المرصاد نت - متابعات أكد المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور يوسف الحاضري الاثنين وفاة 27 ألف مريض كانوا بحاجة للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج منذ إغلاق مطار صنعاء...
- بيان صادر عن ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن بسم الله الرحمن الرحيم إن ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن المكون السباق في الحراك التحرري الجنوبي (27 أبريل 2006م) بعد أن تأكد له بعد بلاغ تقدم به إ...
- تعاظم التشكيك في الشارع الأمريكي ضد الحرب السعودية على اليمن المرصاد نت - متابعات أيدت مجموعة "فريدوم وركس" التي تتمتع بنفوذ سياسي مؤثر دعم الكونغرس لمحاولة مناقشة الدور العسكري الأمريكي في اليمن مما يعزز موقف معارضي ال...