المرصاد نت - متابعات
إذا كان أي شخص لا يزال لديه انطباع بأن “شمال اليمن” سوف يستسلم قريبا للضغوط العسكرية السعودية المكثفة، فمن المؤكد أن الهجوم الأخير على منشآت “أرامكو” على بعد نحو 200 ميل شرق الرياض حطم هذا الاعتقاد. وإذا كان ما حدث يشير إلى أي شيء، فإنه يدل على أن الحوثيين أصبحوا أقوى من ذي قبل.
وقد يجادل المرء بأن الحوثيين يتطلعون بالفعل إلى تصعيد الأعمال العدائية لأن أي خطوة من هذا القبيل من شأنها أن تضغط بشكل أكبر على المملكة السعودية وتعرضها لمفاجآت جيوسياسية غير سارة ما يسمح للحوثيين بترسيخ أنفسهم بشكل أعمق داخل نسيج اليمن الاجتماعي والسياسي.
وفي حين أن حرب اليمن والاضطرابات التي سبقتها جلبت مشقة لا يمكن تخيلها لما يقدر بنحو 26 مليون يمني لكنها سمحت للحوثيين المحرومين من حقوقهم في السابق بتأسيس سلطة في شمال اليمن.
وعلى الرغم من أن هذا الصعود هو بالتحديد ما كانت المملكة تأمل في منعه عن طريق قصف جارتها الفقيرة كانت الحرب بمثابة “سماد سياسي” عزز مكانة “عبدالملك الحوثي” كقائد للمقاومة ضد الاحتلال السعودي وتزاداد شعبيتة يوما بعد اليوم بسبب تصميمه على الدفاع عن اليمن أمام أي تدخل أجنبي.
وقد مرت 4 أعوام كانت خلالها المجاعة والرعب هما القوت اليومي لليمنيين ولا يمكن لأحد الدفاع عن 4 أعوام من الحملة الوحشية والبشعة التي سببت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، والأهم من ذلك، أن المملكة وشركاءها الإقليميين قد فشلوا في تحقيق أي من أهدافهم ما يطرح سؤالا حول جدوى استمرار الحرب.
تحول جيوسياسي
وفي الواقع لم تخدم حرب اليمن إلا في تدمير شبكة هشة ومعقدة بالفعل من التحالفات المتداخلة والمتناقضة في كثير من الأحيان على الصعيدين المحلي والإقليمي. وقد بدأت حرب اليمن الآن في إحداث تحول جيوسياسي عميق في المنطقة ومن حيث المقاصد والأغراض يبدو أن الجماعات التي تعمل وفق النموذج الثوري الإيراني صارت تفكر فيما وراء مصالحها الأيديولوجية والوطنية المباشرة وتعمل في تناغم في سياق حركة إقليمية على نحو مشابه للوحدة العربية.
وبعد أن كانوا وحدهم نسبيا استفاد الحوثيين من دعم العديد من أشقائهم في محور المقاومة من لبنان إلى سوريا والعراق وإيران حتى البحرين وقد اتحدوا جميعا في ما يفهمون أنه كفاح من أجل منع الهيمنة السياسية للسعودية وحلفائها.
تشكل هذه الفصائل مجتمعة اليوم ما يشبه حركة إحياء إسلامية شيعية عربية يمكن إرجاعها بذورها إلى لحظة سقوط “صدام حسين” وليس إلى ثورة 1979 الإيرانية ويعد اليمن اليوم عنصرا شديد الأهمية في هذه الحركة حيث جلبت مقاومته العنيدة للهجوم العسكري السعودي فرصا غير محدودة للتغيير.
وإذا اعتبر المرء أن هجمات الطائرات بدون طيار الأخيرة ضد السعودية التي أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنها قد تم شنها في الواقع من المواقع العسكرية الخاصة لفصائل المقاومة في العراق يصبح من الواضح أن اليمن لم يعد يتصرف بمفرده وأن هذه الفصائل صارت تشكل معا وحدة جديدة أكثر تنظيما في الشرق.
توقيت حساس
ويعد جلب الحرب إلى الداخل السعودي تحديا لسلامة أراضي المملكة ومصالح شركائها الأجانب. وتمر السعودية الحليف التكتيكي للولايات المتحدة بمرحلة انتقالية حساسة من جانبها حيث يتطلع ولي العهد “محمد سلمان” إلى قمع العناصر الأكثر راديكالية داخل النظام لإحداث التقدم الاجتماعي والإصلاحات الاقتصادية التي تمس الحاجة إليها. ولا يمكن أن تكون الاضطرابات خياراً جيداً للمملكة في مثل هذا التوقيت.
وكانت الشكوك حول تورط العراق في اليمن ومخزون الصواريخ الجديد لدى “وحدات الحشد الشعبي” قد دفعت (إسرائيل) إلى استهداف العديد من قواعده وهي خطوة تهدف إلى خفض مستوى قدرة فصائل الحشد الشعبي على العمل ضد تل أبيب في الوقت الذي ارتفعت فيه التوترات إلى حد كبير في الخليج العربي.
وأكد مسؤولون أمريكيون أن (إسرائيل) كانت وراء سلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت قواعد ومستودعات الذخيرة التابعة لوحدات الحشد الشعبي العراقية في يوليو/تموز حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في 22 أغسطس/آب.
وتدفع الشراكات الجديدة اليمن الآن إلى قلب العاصفة الجيوسياسية الأوسع مع كل التعقيدات التي يجلبها ذلك. ولم تكن حرب اليمن تتعلق فقط بطموحات الرئيس “عبدربه منصور هادي” الفاشلة أو حتى التهديد الذي تمثله القاعدة. واليوم قد تؤدي أي خطوة خاطئة إلى سقوط أحجار الدومينو الإقليمية ما يؤدي إلى انهيار التوازن الإقليمي المؤقت.
ومن المفارقات أن الخوف من تحالف الحوثيين مع إيران هو الذي دفع السعودية لشن حرب لن يمكنها الفوز بها وهو ما عزز في النهاية نفوذ ما يعرف بـ”محور الممانعة” الذي ترعاه إيران وأعطاه المزيد من الشرعية السياسية والأخلاقية. وفي حين أن إيران لديها الرغبة في استخدام الوكلاء لإضعاف موقف المملكة في اليمن إلى حد كبير لكنها قد تكون في حاجة للنظر في اتجاه آخر؛ حيث يطور العراق طموحاته المستقلة عن إيران.
وأكثر من ذلك قد يكون لدى الحوثيين طموحات لم نتمكن من فهمها بعد وتشير همسات حديثة العهد في صنعاء إلى رغبة جديدة في استعادة المحافظات التي خسرها اليمن من قبل لصالح السعودية عام 1934م وهي “عسير” و”جيزان” و”نجران” وإلى الجنوب تزيد الأجندات المحلية والإقليمية المتنافسة من حدة الصراع المشتعل بالفعل في اليمن وبينما تقف الحركة الانفصالية الجنوبية في معارضة مباشرة لحكومة “هادي”، المدعومة من الأمم المتحدة، تتطلع فصائل أخرى في محافظتي “حضرموت” و”المهرة” إلى تأمين تحالف مع سلطنة عمان، لدعم مطالباتها بالاستقلال الإقليمي.
وفي حين أنه من المستحيل تقريبا في هذه المرحلة التنبؤ بنتيجة حرب اليمن فمن الواضح بشكل صارخ أن الأمة المنكوبة بالحرب سوف تحدد مستقبل المنطقة، وكيف يتم ترجمة ديناميات القوة المتغيرة فيها.
كاثرين شاكدام – نيو إيسترن أوتلوك
المزيد في هذا القسم:
- مجلس الأمن يدعو الأطراف لسحب القوات من 3 موانىء رئيسية! المرصاد نت - متابعات دعا مجلس الأمن الدولي الأطراف في اليمن إلى التطبيق الفوري لاتفاق سحب القوات من ثلاثة موانىء رئيسية ومخزن الحبوب في الحديدة وفي إعلان صدر ...
- الغارديان: الحصار يعيد اليمن مئات السنوات وأطفال مصابين بالسرطان يعانون آلام الاحتضار المرصاد نت - متابعات إنها مهمة صعبة أن تكون أبا أو أم في اليمن: فأنت تعرف انك قد تفقد طفلك بأي لحظة إما بسبب المرض أو نتيجة القنابل التي تتساقط. هنا ...
- حضرموت .. السعودية تعود لحلمها القديم وتنعي عاصفة “الحزم” المرصاد نت - إبراهيم الوادعي بنفس الطريقة التي دخلت بها عناصر القاعدة مدينة المكلا ذات الطريقة خرجت بها من المدينة بعد عام من السيطرة على معظم محافظة حضرمو...
- ترتيب «البيت الجنوبي» قبيل المفاوضات: السعودية تَخْلُف الإمارات في عدن! المرصاد نت - رشيد الحداد تعزّز الرياض وجودها العسكري في المحافظات الجنوبية بعد تسلّمها في الأيام الماضية من أبو ظبي المواقع العسكرية التي كانت تشغلها الأخيرة....
- حكومة هادي تشكو الأمين العام للأمم المتحدة بما سمّتها «تجاوزات» غريفيث! المرصاد نت - متابعات بات جالياً الاختلاف في أجندات الدول المُشكِّلة لتحالف الحرب على اليمن. إذ تَجمع كلّاً من بريطانيا والإمارات أجندةٌ مشتركة قبالة أخرى بين ...
- جارديان: حصار التحالف السعودي الإماراتي لـلحديدة حوّلها لمدينة أشباح المرصاد نت - متابعات ذكرت صحيفة «جارديان» البريطانية أن مدينة الحديدة المحاصَرة من قِبل السعودية والإمارات أصبحت «مدينة أشباح»؛ حيث يو...
- مجلة "فوربس" الامريكية : بن سلمان قام بتنظيم عدوان علي اليمن للظفر بالسلطة الاستبدادية المرصاد نت - متابعات هز الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز نظامه السياسي المغلق من خلال جعل ابنه الأصغر وريثه في الملك. وعلى الرغم من أن ولي العهد الأمير مح...
- عدن.. وصول قيادات عسكرية إماراتية استعداداً لمعركة شبوة المرصاد-متابعات كشفت مصادر محلية، عن وصول فريق عسكري إماراتي، إلى مدينة عدن، جنوبي اليمن. وذكرت المصادر أن قيادات عسكرية إماراتية، وصلت أمس الثلاثاء، ...
- تقرير أممي : أبو ظبي تستخدام أطفال أفارقة في حربها باليمن! المرصاد نت - متابعات نشرت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات تقريراً اتهمت فيه الإمارات باستخدام أطفال أفارقة للقتال إلى جانب قواتها ومرتزقتها في حربها باليمن وق...
- تحالف العدوان السعودي يرفض وقف إطلاق النار ويؤكد استمرار عملياته ! المرصاد نت - متابعات أعلن المتحدث باسم تحالف العدوان السعودي تركي المالكي رفضه وقف إطلاق النار في الحديدة مشيراً إلى استمرار العمليات العسكرية حتى قطع طرق إمد...