المرصاد نت - متابعات
في وقت مبكر من هذا الشهر، شنت الولايات المتحدة غارة على ما اشتبه بأنه مخبأ للقاعدة في اليمن فقد خلالها أحد أفراد البحرية الأميركية حياته.
ومن الأسئلة التي أُثيرت بسبب ذلك: هل اتخذ الرئيس ترامب قرار العملية على عجالة؟ ما قيمة المعلومات الاستخباراتيه التي تم الحصول عليها من العملية وهل كانت تستحق تلك التكاليف؟ هل كان القرويون اليمنيون على علم بان الأميركيين قادمين عندما قاموا بمراقبة الطائرات من دون طيار وهي تحلق على مستوى منخفض عما هو معتاد؟
لقد أجرى البنتاجون تحقيقا عن الغارة ويحذونا الأمل في أن نجد الإجابات على هذه الأسئلة قريبا. لكنه ومهما حدث، فان دونالد ترامب ليس مسئولا عن مستنقع عدم الاستقرار والإرهاب الذي تواجهه الولايات المتحدة حاليا. والجاني هو سلفه، باراك اوباما، الذي مارس سياسة استرضاء غير سليمة للسعوديين وصلت إلى حد أن تكون تركة كارثية لترامب.
تعتبر اليمن دولة ساحلية صغيرة في شبة الجزيرة العربية إلى الجنوب من المملكة السعودية، البلد الأشد فقرا في الشرق الأوسط. منذ عامين اندلعت حرب أهلية هناك عندما أطلقت السعودية حملة عسكرية ضد جماعة في اليمن يطلق عليهم “الحوثيين”. زعمت الرياض أن هدفها كان استقرار اليمن وإعادة الحكومة التي طردها الحوثيون من العاصمة صنعاء. ضمنيا، رغم ذلك، اندرج الاستهداف ضمن مسار الطائفية المعتاد. ذلك إن السعودية تمثل القوة السنية الرئيسية بينما يعتبر الحوثيون جماعة شيعية مدعومة من قبل إيران، الدولة الشيعية الرئيسية في المنطقة. بالتالي فهو صراع إسلامي – إسلامي بين سنة وشيعة. وخلاصة القول أن أميركا أرادت الانخراط ضمن هذا الصراع مرة أخرى.
وعلى أي حال فقد تدخل الرئيس اوباما في ذلك. وبعقدة العزم على تهدئة السعوديين، الذين أصابهم الذعر من الاتفاق النووي مع إيران، فقد وافق اوباما على أن تقوم القوات الأميركية بمساعدة السعودية من خلال تزويد طائراتها بالوقود وتقديم المعلومات الاستخباراتية اللازمة للرياض. وبعمل ذلك، انتهى به الأمر بتوريط نفسه في صراع آخر لا ينتهي ويتعارض مع المصالح الأميركية.
يُعد اليمن موطنا لواحد من أعدائنا الأكثر ديمومة في الحرب على الإرهاب تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية والذي يعتبره معظم المحليين بأنه تهديد متطور للولايات المتحدة. بالرغم من أن السعودية يهاجمون من آن لآخر القاعدة- في حين قام حليف السعوديين الكبير الإمارات المتحدة باستعراض كبير بطرد الجهاديين من مدنية المكلا- إلا أنهم يتغاضون عنهم من اجل استخدامهم للقتال ضد الحوثيين.
وهذا أمر متعمد. فالسعودية لا تعتبر القاعدة عدوها الرئيسي ( فقد عملت الكثير لتمويل التطرف السني في الخارج ) بل تنامي النفوذ الشيعي في الشرق الأوسط. فقد تلا خلع صدام حسين سيطرة الشيعة على الحكومة العراقية وفي أماكن أخرى طالب الشيعة بالاستقلال في البحرين وأيضا تنامي حالة الاهتياج في المنطقة النائية شرق السعودية. وقد ظل السعوديون السنة الورعين، يراقبون كل هذا بقلق إلى حين اكتشاف بصمات إيران في كل مكان. بالتالي فانه حين وسع الحوثيون الشيعة وجودهم في اليمن، قررت الرياض بان الوقت قد حان لمعاودة القتال حتى وان كان ذلك على حساب تنامي قوة القاعدة.
لا يقتصر الأمر في أن السعودية تبنت سياسة ناعمة تجاه تنظيم القاعدة بل أنها ساعدت في تمكنها. وبضرب اليمن بذخائر محرمة مثل القنابل العنقودية تضمن سقوط ضحايا مدنيين بشكل كبير، وبفرض حصارا ترك الناس يموتون جوعا، فان السعودية بذلك تدفع باليمنيين البائسين إلى أحضان الإرهابيين. وهذا ما قاد إلى شيء من نهضة القاعدة.
وفقا لتقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية، فان القاعدة قبل اندلاع الحرب الأهلية لم يكن لها أهمية لدى معظم اليمنيين أما اليوم” فهي أقوى من أي وقت مضى”. والعام الماضي، خلصت وكالة رويترز إلى أن القاعدة كانت مسيطرة على الوضع الاقتصادي ما جعلها ” إمبراطور اقتصادي”.
فلماذا لا تستطيع واشنطن استيعاب الدروس المستفادة من حرب العراق؟ كم عدد المرات التي تحتاج فيها إلى تعلم انه عندما نسعى إلى زعزعة أي بلد من بلدان الشرق الأوسط فان ذلك يصب في مصلحة الجهاديين؟ كانت اليمن بمثابة بلد مريض يخضع للعلاج عن طريق الصدمات بالنسبة للسعودية والرئيس اوباما: لذلك حاصره، جوعوه، زعزعوه من خلال غارات جوية لا تنقطع، ومن ثم تدميره نهاية المطاف. بالتالي لا ينبغي ان يتفاجأوا إذا ما رد اليمنيين على نحو متطرف. باعتبارها إستراتيجية ضد الإرهاب، فإنها كمن يضخ المياه الى حجرة بإحدى يديه ومن ثم ما يلبث إن يسعى للتخلص من تلك المياه خارجا باليد الأخرى.
إن هذا الخطأ لا يتحمله الرئيس ترامب- من بين العديد من الأمور العبثية التي ورثها عن سلفه- لكنه بحاجة إلى الاعتراف بـ إلى أي مدى وصلت التداعيات العكسية لإستراتيجية اوباما في اليمن. ما الذي علينا فعله؟ دعنا نبدأ بإيقاف مبيعات أي أسلحة جديدة وأي دعم لوجستي واستخباراتي للسعودية، والضغط عليهم لإنهاء هذه الحرب التافهة والقذرة، وإعادة تركيز الاهتمام على الجهاديين الذين يشكلوا تهديدا لنا جميعا.
بقلم: ماثيو باربل - صحيفة” هوفنغتون بوست” الامريكية - ترجمة: صادق الارحبي
المزيد في هذا القسم:
- لا علاقة لـ'حظر الالكترونيات' بإنزال اليمن؟ المرصاد نت - الأخبار على النقيض من الرواية التي تم تداولها في وسائل إعلام أميركية حول خلفية القرارين الأميركي والبريطاني بحظر الإلكترونيات على متن الطائرات الآ...
- الجنرال الاحمر يمول خلايا سرية لتجنيد الشباب الجنوبي والزج بهم في المعارك المرصاد نت - متابعات كشفت مصادر مطلعه ان الجنرال علي محسن الأحمر مول خلايا سرية مواليه له بهدف تجنيد الشباب الجنوبي في ردفان والضالع والزج بهم في معارك تخوضها...
- هادي للجنة صياغة الدستور "انسجموا فيما بينكم وابتعدوا عن المشوشين" !! التقى الرئيس عبد ربه هادي بمكتبه بدار الرئاسة صباح اليوم الاثنين لجنة صياغة الدستور التي حضرت برئاسة إسماعيل الوزير الذي عرض الخطة المقرة لعمل اللجنة والمنفذ ...
- معلومات خطيرة تثبت تورط الامارات في دعم وتمويل القاعدة وداعش باليمن المرصاد نت - متابعات كشفت مصادر استخباراتية ان الاجهزة الامنية حصلت على مراسلات ووثائق تثبت تورط حكومة الامارات المتحدة في دعم تنظيم القاعدة والجماعات الار...
- السجون السرية في اليمن: دور أمريكي بأدوات إماراتية المرصاد نت - متابعات مختلفةٌ هي أساليب الامتهان وطرق التعذيب التي تمارس في سجون عدن لكن أكثرها قسوة وبشاعة ما يُمارس في سجن تحالف العدوان الذي تديره دولة الإم...
- شهداء وجرحي بسلسلة غارات لطيران العدوان في عدة محافظات المرصاد نت - متابعات استشهد طفل وأصيب اخر اليوم السبت 24 شعبان 1438هـ في غارات لطيران العدوان الأمريكي السعودي على مديرية مقبنة بمحافظة تعز. مصدر امني أكد ...
- هل يتدحرج العدوان على اليمن الى حرب إقليمية واسعة؟ المرصاد نت - متابعات اللافت في متابعة مسار المواجهة العسكرية للحرب على اليمن والتي يخوضها تحالف من عشرات الدول الاقليمية والغربية أن تلك الدول التي حددت وجزمت...
- مواجهات مسلحة بين ميليشيا الإصلاح والسلفيين بتعز المرصاد نت - متابعات أندلعت مواجهات مسلحة اليوم الاربعاء بين مسلحين محسوبين على جماعة الاخوان المسلمين في تعز وأخرين من الجماعة السلفية أنتهت بسيطرة مقاتلي حز...
- هل مازال هناك أشخاص يعولون على الشرعية ويؤيدون التحالف ؟ المرصاد نت - شبيب منصور ونحن قاب قوسين او ادني من اقفال العام الثالث على هذا العدوان الارعن الغاشم الذي لامبرر له ولامسوغ قانوني او انساني ينطلق منه مازلت اسئل...
- القصة الكاملة للهجوم على معسكر “الصولبان” بعدن المرصاد نت - متابعات ما لا يقل عن 15 قتيلا وعشرات الجرحى وفقا لحصيلة أولية خلفتها معركة عنيفة وهجوم دام شنه متشددون على قاعدة عسكرية مهمة في عدن “معسكر ...