المرصاد نت - إبراهيم السراجي
بساحتَي مظاهرات في المعلا والشيخ عثمان تجلّت نتيجة انخراط بعض قوى الحراك الجنوبي في العدوان السعودي الأَمريكي بانقسامه وتفتته إلى جانب ظهور مكونات انسلخت من الحراك وتم تفريخها عبر الفار هادي وحزب الإصلاح.
بالمقابل في ساحة المعلا وقف “عيدروس الزبيدي” محاطاً بجنود إمَاراتيين، مجدداً انقلابه على حكومة الفار هادي وبالتالي دخلت الإمَارات باسم استعادة “الشرعية” وفرضت نفوذها في عدن عبر “الانقلاب على الشرعية”. هذه التناقضات لا تحدث وتكرر إلا في بلدان خاضعة للاحتلال الأجنبي الذي يعتبر الدولة الواقعة تحت احتلال “خطراً” على مصالحه ووجوده فيها هدفه الرئيسي تفتيتها وتقسيمها ومنعها من الاستفادة من مقوماتها التي تعد من الناحية التجارية “خسارة” كما هو الحال بين “ميناء عدن” و”ميناء دبي”.
ويتلخص المشهد في الجنوب في أن المجلس الجنوبي يضع نفسه ضداً لحكومة المرتزقة، ويتمسك بتحالفه مع السعودية الذي يدعمها فيما ترى حكومة المرتزقة أنها ضدٌّ للمجلس الجنوبي لكنها متمسكة بالتحالف مع الإمَارات التي تدعم المجلس!
وتحت حماية الجنود الإمَاراتيين وقبول رئيس حكومة المرتزقة “بن دغر” بإقامة فعالية ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” يوم الجمعة الماضي، تقمّص رئيس المجلس “عيدروس الزبيدي” وظيفة سيادية على غرار “رئيس جمهورية” معلناً حظر نشاط حزب الإصلاح في المحافظات الجنوبية، معتبراً ذلك انسجاماً مع توجهات ما أسماه “التحالف العربي” الذي تقوده السعودية وفي ذات الوقت تستضيفُ حكومة المرتزقة المكونة من أعضاء حزب الإصلاح “المحظور” والذي بدوره يرى عبر ناشطيه ووسائله الإعلامية غير الرسمية أن الإمَارات باتت تمارس دور “المحتل” لكنه لا يجرؤ على اتخاذ موقف واضح منها بطريقة رسمية.
من الناحية الجماهيرية جاءت مظاهرة المناصرين لما يسمى المجلس الجنوبي في شارع “مدرم” بمنطقة المعلا باهتةً من حيث أعداد المشاركين مقارنة بمظاهرات سابقة والأمر ذاته ينطبق على مظاهرة “المجلس الأعلى للحراك الجنوبي” في ساحة العروض بمنطقة الشيخ عثمان بشكل بات واضحاً أن تلك المظاهرات تخدم الأجندات الخارجية وتقسّم الحرّاك، وفي نفس الوقت تضع الفار هادي وحكومته في زاوية ضيقة، فالأخير لم يعد بإمْكَانه العودة إلى عدن لالتقاط بعض الصور كما السابق وأَصْبَحت إقامته في الرياض مفتوحةً لأجل غير مسمّى.
أما خطابُ “المجلس الجنوبي” وبيانُهُ الأخير يوم الجمعة فيؤكد وفقاً للتناقضات الكثيرة التي تضمنها أن قياداتِ المجلس التابع للإمَارات تخدع أنصارها، فهي ترفع “أعلام دولة الجنوب” واستعادتها وفي نفس الوقت يؤكد بيانها أنها ملتزمةٌ بمشروع واشنطن لتقسيم اليمن إلى “أقاليم” وبالتالي تحصل على “سلطة وهمية” ويحصل الفار هادي على “سُلطة منفى” وكلاهما متمسك بهذا المشروع.
ولأن الزبيدي يقف محاطاً بحراسة إمَاراتية فهو يعتبر “انقلاباً على الشرعية” برعاية وضوء أخضرَ من تحالف العدوان وبالتالي يطلق تهديداته بإنهاء وجود حكومة المرتزقة التي يفترض أن تحالف العدوان تشكل من أجل إعادتها وليس إنهاء وجودها.
ويعترف الزبيدي بتدهور الأوضاع في عدن والجنوب لكنه لا يعتبر ذلك التدهور نتيجةً للاحتلال ويحمّل حكومة المرتزقة المسؤولية ليس لأنه يعترض على ذلك التدهور وإنما لاتخاذه ذريعةً لفرض واقع جديد تريده الإمَارات. وفي هذا السياق قال الزبيدي إن “المجلس الجنوبي سيتدخّل لتحمل مسؤوليات تأمين الجنوب وإدارته” ويضيف أن تنفيذَ التهديد يأتي “تأكيداً للانتصار على قوى الانقلاب والهيمنة بإرَادَة جنوبية مدعومة من التحالف ” بحسب وصفه.
دولة الجنوب كمطية للتقسيم
دونَ النظر للشواهد الأُخْرَى يبقى بيانُ ما يسمى المجلس الجنوبي الذي قرأه “الزبيدي” كافياً للتأكيد على أن شعار استعادة “دولة الجنوب” ليس سوى شعار لجذب أنصار الانفصال لكنه كخطاب رسمي يؤكِّدُ على أن مساعيَه لا تهدفُ لاستعادة الدولة المزعومة وإنما إخضاعها كبقية محافظات اليمن لمشروع التقسيم تحت عنوان الأقاليم.
وقد تضمن بيان المجلس الجنوبي “التأكيد على استكمال مهام تحرير الإرَادَة والقرار وتحقيق الاستقلال وإقامة الدولة الفيدرالية الجنوبية المستقلة” بحسب نص البيان وهنا يتمسك المجلس بمشروع الأقاليم ويضيف لها مفرداتٍ من قبيل “الاستقلال” تتناقض مع العبارة لكنه يعتقد أنها كافية لإقناع أنصاره بتمسّكه بالأَهْدَاف.
ويواصل المجلس الجنوبي تناقضاته فهو حين يرى نفسه ضمن “دولة فيدرالية” وهي ذاتها صورة “مشروع الأقاليم” الأَمريكي يطالب في ذات الوقت دول مجلس الأمن والدول الأوروبية والخليجية للاعتراف بما يراه من “واقع جديد” في الجنوب والتعامل معه بمعزل عمّا يصفه “المسألة اليمنية” يعبّر عنه بأنه “تحول سياسي تشكلت بموجبه قيادة سياسية حاملة لأَهْدَاف شعب الجنوب وقضيته الوطنية غير القابلة للمساومة”، بحسب نص البيان.
مجلسُ الإمَارات بوابة صراع جنوبي
رغمَ الانقسامات التي ضربت مكونات الحراك الجنوبي؛ بسبب تباين المواقف والأَهْدَاف والعلاقة مع قوى العدوان إلا أن تشكيل “المجلس الانتقالي الجنوبي” في مايو الماضي برعاية إمَاراتية لم يتسبب بصراع جنوبي مع حكومة المرتزقة فحسب بل بات مفتاحاً لصراع جنوبي جنوبي بدأت ملامحه منذ أول يوم لتشكيل ذلك المجلس، حيث كانت مظاهرة ساحة العروض في مايو الماضي آخر مناسبة جمعت بين أَكْثَـر من مكون من مكونات الحراك حيث أدركت بعضُ المكونات بينها “المجلس الأعلى للحراك الجنوبي” وكذلك “المجلس الثوري الجنوبي” أن جماعة “الزبيدي” القادمة من الإمَارات تخطط للاستفراد بالمشهد في الجنوب وخرجت ببيان رافضٍ لتشكيل المجلس متهمة أجندته بالتخلّي عن المطالب الجنوبية.
وترجمةً لذلك الانقسام فرض “المجلس الأعلى للحراك” بقيادة “صلاح الشنفرة” إرادتَه عندما احتل ساحةَ العروض مساء الأربعاء الماضي وأقام مظاهرةً خَاصَّــة به يوم الجمعة، وأجبر أتباع “المجلس الانتقالي الجنوبي” على نقل مظاهرته إلى “شارع مدرم” لأول مرة وكذلك كانت المرة الأولى التي تشهد عدن فعاليتين متزامنتين لمكونات الحراك.
اليوم في الساحة الجنوبية عدةُ مجالس وعدة مكونات للحراك الجنوبي تتبادل الاتهامات وتستعيدُ النغمة المناطقية والعنصرية بشكل يضع الجنوب على أبواب عودة “الصراع الدموي” التي شهدها في الفترة من سبعينيات القرن الماضي إلى قيام الوحدة، وخصوصاً أحداث الثمانينيات.
الصراعُ المرتقبُ في الجنوب هذه المرة يبدو متأثراً بالتوظيف الخليجي للدين والنغمة الطائفية فخطيبُ الجمعة خلال مظاهرة المجلس الجنوبي الانتقالي اعتبر أن معارضة المجلس “خيانةً” في وقت تقول قيادات جنوبية مناوئة للمجلس بأن الزبيدي وجماعته لا يسعون لاستعادة “دولة الجنوب” وإنما يخوضون صراعاً استباقياً ضد مكونات الجنوب الأُخْرَى للاستحواذ على السلطة ضمن “مشروع الأقاليم”.
المجلسُ الجنوبي المدعوم إمَاراتياً لا ينكر مساعيَه تلك فبياناته واضحة بهذا الشأن وآخرها بيان الجمعة الماضية الذي دعا مجلس الأمن والدول الأوروبية والخليجية للاعتراف به كممثل لـ “شعب الجنوب” واضعاً المكونات الأُخْرَى خارج التمثيل الجنوبي.
المزيد في هذا القسم:
- فصول متجدّدة من الحرب الاقتصادية: حكومة هادي تنقض التزامها المرصاد نت - رشيد الحداد على رغم استجابة الأمم المتحدة لطلبه تحويل مبالغ المنظمات الحكومية إليه إلا أن البنك المركزي في عدن عاد للتنصّل من التزامه صرف رواتب ا...
- صور جرائم العدوان بحق أطفال اليمن علي جدار السفارة السعودية بلندن المرصاد نت - متابعات عرض مجموعة من النشطاء المناهضين للحرب علي اليمن عدد من الصور لأطفال يمنيين على جدار السفارة السعودية في لندن. حيث شهدت الليلة الماضية ...
- صنعاء: وصول فريق لجنة الخبراء التابع لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة المرصاد نت - متابعات وصلت طائرة فريق لجنة الخبراء التابع لمجلس حقوق الإنسان ظهر الخميس إلى مطار صنعاء الدولي في إطار زيارة استطلاعية يقوم بها الفريق الاممي لل...
- غريفيث يقدم ورقة اقتراحات لمعالجة الأوضاع في تعز والحديدة ! المرصاد نت - متابعات قدم المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث مقترحاً بشأن تعز والحديدة. وطالب فيه بوقف إطلاق النار وفتح المعابر والمطار في تعز وفتح الطرق وا...
- قمة التبرّؤ من القدس: «الحزم» لإيران واليمن... و«الرز» للفلسطينيين المرصاد نت - متابعات على نحو ما كان متوقعاً جاءت نتائج القمة العربية الـ29 التي انعقدت في الظهران لا جديد في قراراتها سوى الحرص السعودي على الابتعاد من لوثة ا...
- سلسلة غارات هستيرية على عدة محافظات المرصاد نت - متابعات واصل طيران العدوان السعودي الأمريكي اليوم الأثنين الموافق 6 فبراير 2017 شن غاراته الهستيرية بمديرية المخاء بتعز. وأكد مصدر عسكري...
- رسالة الى مجلس الإنقاذ اليمني المرصاد-متابعات حيا بأهل الجزيرة العربية إن سكان الجزيرة العربية من اليمن جنوباً وحتى العراق والاردن شمالاً ومن الخل...
- تأمين مواقع استراتيجية في صرواح وسقوط 30 قتيلاً في صد هجوم للمرتزقة المرصاد نت - متابعات أمّنت وحدات الجيش اليمني المسنودة باللجان الشعبية عدداً من المواقع الاستراتيجية بمديرية صرواح محافظة مأرب وتمكنت وحدات الجيش وال...
- الحميري : ما نشرته بعض وسائل الاعلام مجرد مقترحات وهناك من أولها بطريقة خاطئة بانها قرارات... اكد الاستاذ توفيق الحميري عضو اللجنة الثورية ان المقترحات حول بعض الحلول الاقتصادية التي تناولتها بعض وسائل الاعلام يوم الامس ليست الا مجرد اقتراحات لحلول مقدمة...
- توجه أمريكي للتورط بشكل أكبر في العدوان على اليمن المرصاد نت - متابعات أفادت صحيفة واشنطن بوست أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس طلب من البيت الأبيض رفع القيود المفروضة على مساعدات واشنطن العسكرية لدول الخلي...