ضرورة تفعيل الاقتصاد الاجتماعي والتكافلي لتحويل التحديات الى فرص

المرصاد نت - خاص

هل فكرت يوماً أن تكون جزءاً من الحل؟ التوجه العالمي في اتجاه دعم الاقتصادُ الاجتماعيّ والتكافلي (التضامني) الذي يعزّز ويقيم توازنٍ جيّد على مستوى الاستثمارات ويمكّن جميع Yemen gaman2017.12.19الشرائح الاجتماعية من المشاركة في خلق الثروة على المستوى المحلّي


وبالتالي المساهمة في تعزيز التماسُك الاجتماعيّ، تنمية الجهات وتحسين النموّ الاقتصاديّ، وبروح المشاركة الطوعية والمساعدة الذاتية والاعتماد على الذات، ومن خلال المنظمات والمشروعات يسعى إلى تحقيق توازن اقتصادي ناجح، بكل نزاهة وعدالة اجتماعية بدءاً من المستوى المحلي حتى المستوى العالمي، التي تمهد الطريق للوصول إلى استقرار اقتصادي، والتغلب على تحديات المجتمع بشكل مستدام.
وهنا يجب ان نفرق بين الاقتصاد الاجتماعي واقتصاد الفقراء (او الفئات المتضررة) مثل الجرحى والمعوقين.. وفي الواقع ان الاقتصاد الاجتماعي هو “اختيار”.. ناتجا عن أراده الشعب (او جماعات منه) وقد يختار الناس تنوع او توحيد الأهداف (اجتماعية، اقتصادية، بيئية) من اجل تلبية احتياجاتهم او احتياجات الاخرين.. وليس بغاية الربح بقدر ما هو المشاركة في النفع والذي من اهم ادواته هي الطموح..
واهم المبادئ المشتركة للاقتصاد الاجتماعي:
- المشاركة
- التكافل والابتكار
- التطوع
- الاستقلالية
- البعد الجماعي (روح الجماعة)
- الغاية المجتمعية والاقتصادية
وهنا قد نشير الى الاقتصاد الشعبي والذي له جذور ضاربة في تاريخ أمريكا اللاتينية، والذي هو من صنع الطبقة الشعبية (الطبقة الأكثر تضرراً) وذلك للتصدي للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وفي الغالب، تشارك الجماعات نفس الوضع المعيشي، وتعتزم حل المشكلات اليومية من خلال عمليات الوعي الجماعي والحلول العملية. وغالبا ما يدار من قبل العمال أنفسهم. الجانب المهم ان المنظمات يتعين عليها ان لا تعتمد على مواردها النقدية ...بالمقابل التركيز على الموارد الغير نقدية مثل: قوة العمل، القدرة التنظيمية والتعبوية، الطموح، القدرة على الابداع، بالإضافة الى استغلال الموارد المتاحة.
ولدينا مثال حي وهو مؤسسة بنيان التنموية، المختلف في عملها عن غيرها أنها تركز على استثمار الموارد المتاحة، التركيز على الزراعة ودعم المشاريع المجتمعية الشبابية والتوجه للاقتصاد المجتمعي وخصوصاً الريفي، والتي بدأت بتنفيذ مشاريع بتركيز جغرافي ملائم.
يلجأ العالم إلى الاستدامة في طرح الحلول من خلال الخروج بأفكار عملية، متجاوزاً الاقتصاد الكلاسيكي(الرسمي) الذي يسعى دائما لتوفير المناخات الملائمة للاستثمار الرأسمالي ويعتمد بشكل أساسي على مخطّطات الدولة في الاقتصاد الاشتراكي من أجل إيجاد فرص عمل والذي عجز وبشكل كلّي على إيجاد الحلول الممكنة لتشغيل المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا.
لذا ظهر تناولت عده جهات عالمية منها منظمة العمل الدولية مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتكافلي والذي يشير الى مشروعات ومنظمات ولا سيما التعاونيات وجمعيات المنفعة المتبادلة، المؤسسات والمشروعات الاجتماعية والتي تنتج على وجه الخصوص بضائع وخدمات ومعارف في الوقت الذي تتبع فيه أهدافاً اجتماعية واقتصادية.. فضلاً عن التكافل والتضامن المجتمعي. وبدأت بعض الدول العربية الاهتمام بهذا النوع من الاقتصاد كما في الأردن ولبنان وتونس التي تعمل على إيجاد حلول مستدامة للمجتمع.
ومن الرائع أن يتشارك المجتمع في التغلب على التحديات المجتمعية من خلال التفكير الجماعي، وفي تونس لديهم تجربة رائعة في زراعة أكثر من ٢٠ الف شجرة من النخيل في بلده جمنة، وتبلغ مساحة المشروع التكافلي مليونًا و850 ألف متر مربع. وهنا نشير الى ان مشروع جمنة ليس ابتداعا تونسيا إنما نموذج من نماذج الاقتصاد التكافلي الموجودة في بلدان أخرى ومنها فرنسا التي يحتل هذا النمط الاقتصادي نسبة 13% من زراعتها.
يتطلب منا دعم ثقافة الاقتصاد المجتمعي وتشكيل لجان لتعزيز النهوض بالتعاونيات والمؤسسات التنموية، وبدل أن يبحث الشباب عن الوظائف مع ارتفاع معدلات البطالة، أن يكون جزءًا من الحل من خلال تقديم حلول مبتكرة على شكل منتج أو خدمة وهدفها الربح المادي، وأن يكون لها أثر اجتماعي، ويتطلب من الحكومات أن تهيئ البيئة المناسبة لانطلاق الشباب من خلال توفير الدعم اللازم سواء مادي أو غيره من التسهيلات المطلوبة لإنشاء الشركات الناشئة والحفاظ على استمراريتها في ظل التحديات الاقتصادية المختلفة.
كما نأمل من الحكومة تفعيل وتطوير أطر وسياسات التنمية للاقتصاد الاجتماعي والتكافلي على الأصعدة الأكاديمية والوطنية وذلك من خلال:
- دراسة السياسات التنظيمية والاطر التشريعية والاحتياجات والفرص، وأفضل الممارسات والدروس المستفادة.
o إضفاء الطابع المؤسسي على الاقتصاد الاجتماعي في الهياكل الحكومية
o المركزية والحدود المشتركة للاقتصاد الاجتماعي في السياسات الاخرى
o إضفاء طابع إقليمي على الاجراء الحكومي
o انشاء اليات دائمة وفعالة لمشاركة الاقتصاد الاجتماعي في ادارة السياسات .
- خلق الوعي، المشاركة، البحث والمعرفة، بناء القدرات في سياق الاقتصاد الاجتماعي.
o التدريب، التعليم الأساسي، والمؤهلات الفنية
o المشورة والمساعدة الفنية والتقنية لتمكين المشاريع من الاندماج في الاقتصاد
o تنمية التكنولوجيا وتسهيل الوصول اليها.
o تعريف الأطر القانونية والتنظيمية
- الاتفاق على طرق عملية لتعزيز ودعم التعاون بين التعاونيات ومؤسسات المنفعة المتبادلة و والمنظمات المجتمعية والمؤسسات والشركاء الاجتماعيين.
o إجراءات التأهيل المهني للقطاعات الغير رسمية.
o مبادرات خلاقة لتعميم ونشر الائتمان المصغر
o تعزيز التعاونيات والاقتصاد الشعبي وتنميته
o دعم وتنظيم مبدأ الترابط والتعاون
o انشاء مركز عام للاقتصاد الاجتماعي والتكافلي
وهذا يبني على الشراكات بين الحكومات، والشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني.
نخلص الى انه في هذه الفترة من الأزمة التي تمر بها بلادنا بسبب العدوان الغاشم والتي دمرت فيها مقدرات الدولة والبنية التحتية والاقتصاد الوطني.. وفي نفس الوقت نجد انها فرصة لوضع أســاس لنمــوذج اقتصادي أفضل. وتســتطيع مشــروعات الاقتصاد الاجتماعي والتكافلي أن تسهم في تصميم هذا النموذج الجديد، فضلا عن انها تمثل شكلا اخر من أشــكال الأعمال الذي يقوم علــى المنفعة القيمة طويلة الأجل، والقصير المتمثل بأولوية الشعب الحالية وهي تعزيز الصمود ودعم اقتصاد المواطن.. ومن ثم، فالأمر كله يتعلق بخلق نموذج جديد للنمو والبناء بدلا عن الاقتصاد الكلاسيكي (اقتصاد الدولة الركيك المرتهن للبنك الدولي)، يقوم على مزيد من إجراءات وإطار تعاوني أكثر شــفافية، واســتدامة ومسئولية. نموذج ملتزم بخلق فرص عمل والاستثمار في رأس المال البشري وبناء الانسان.

أعداد وقراءة : م . عبدالغني جغمان

المزيد في هذا القسم: