المرصاد نت - متابعات
رغم التوقعات المصرية الأخيرة بتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغاز الطبيعي فإنّ صفقات تصدير «الغاز الإسرائيلي» إلى مصر شقّت طريقها مجدداً في خطوة سارعت تل أبيب إلى الترحيب بها واصفة اليوم بأنّه «عيد».
وفي وقت حاولت فيه القاهرة تبرير الصفقة تحت عنوان «الشركات الخاصة» فإنّ ما حصل قد يُعدُّ الأخطر منذ «سلام كامب دايفيد» خاصة أنّ الصفقة تأتي في الوقت الذي يدور فيه صراع على الحدود البحرية بين مختلف الدول الإقليمية
في ظل الدفء المتجدّد في العلاقات الثنائية بين القاهرة وتل أبيب ورغم أجواء التوتر الإقليمية، أُعلن رسمياً أمس إبرام اتفاقات جديدة بين شركة مصرية خاصة هي «دولفينوس هولدينغ» وشركتي «نوبل» الأميركية و«ديلك» الإسرائيلية لتصدير «الغاز الطبيعي من إسرائيل» إلى مصر. وصحيح أنّ الخطوة تأخرت أكثر من عامين على خلفية الأحكام التي حصل عليها الجانب الإسرائيلي بـ«أحقيّته» في تعويضات مالية من الحكومة المصرية بسبب «إخلالها بالشروط المنصوص عليها في اتفاقية تصدير الغاز» المُوقعة إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك فإنّ هذا الإعلان يخرج في ظلّ تغطية سياسية من العاصمتين المعنيتين.
في السياق بدت لافتة مسارعة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الترحيب بما وصفها «الصفقة التاريخية» مشيراً إلى أنها «ستدخل إلى خزينة الدولة مليارات الدولارات ما سيسهم في تعزيز الأمن والاقتصاد والعلاقات الإقليمية». ووصف نتنياهو يوم التوقيع على الصفقة بأنه «يوم عيد» مشدداً على أن الاتفاق «سيعزز العلاقات الاقليمية» ومكانة إسرائيل في المنطقة. وفي هذا الصدد رأى وزير الطاقة والمياه يوفال شتاينتس أن توقيع صفقة الغاز يجعل إسرائيل «لاعباً مركزياً في مرافق الطاقة الإقليمية» مؤكداً أنها أكثر الصفقات التصديرية أهمية مع مصر منذ أن وقع البلدان «معاهدة السلام» في عام 1979.
وفي حديث إلى «فايننشل تايمز» البريطانية رأى الباحث المتخصص جاك كينيدي أنّ «من البديهي أنّ ثمة حساسيات سياسية تحوم حول اتفاقات كهذا»، ولكنه أضاف أنّه «في إطار التعاون الأمني المتزايد الذي نشهده في الأعوام الأخيرة بين إسرائيل، مصر والسعودية فإنني لا أُفاجأ حيال اتفاقات إضافية كهذا في الأعوام المقبلة». في السياق نفسه، علّقت شبكة «بلومبرغ» الأميركية على الصفقة «الهائلة»، قائلة إنّها تجعل العلاقات بين النظامين السياسيين «أكثر من مجرد تعاون أمني». وجدير بالذكر أنّ الأردن بدوره وقّع في شهر أيلول/سبتمبر 2016، اتفاقاً لشراء 300 مليون قدم مكعب من «الغاز الإسرائيلي» يومياً على مدى 15 عاماً، في صفقة قُدِّرت قيمتها بعشرة مليارات دولار (وفق ما ذكّر تقرير لشبكة بي بي سي).
وبرغم أنّ الموقف المصري الأولي على الصفقة جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة البترول المصرية حمدي عبد العزيز وقد بدا تبريرياً نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر قالت إنّه في الحكومة المصرية أنّ الصفقة لا تعني أن «مصر نفسها ستستورد أي كميات من الغاز من الخارج» مضيفاً أنّ «شركات خاصة دولية ستستورد الغاز من الخارج في إطار احتياجاتها بالإضافة إلى تسييل الغاز وإعادة تصديره مرة أخرى».
إلا أنّ المفارقة هي أنّ هذه الاتفاقات الجديدة التي تصل قيمتها إلى نحو 15 مليار دولار وتمتد لعشرة أعوام، ويُتوقع أن يُباع من خلالها 64 مليار متر مكعب من «الغاز الطبيعي الإسرائيلي» لمصر تأتي بعد أسابيع قليلة على إعلان وزارة البترول المصرية التوجه إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي من حقل «ظهر» الذي دخل إنتاجه الخدمة أخيراً، بعد اكتشافه في البحر المتوسط، وهو ما يعني أنّ «الكمية التي ستُستَورَد سيُعاد تصديرها مجدداً».
وبموجب الاتفاقات بين الشركة المصرية والشركتين الأميركية والإسرائيلية، سيُرسَل الغاز المستخرج من حقلي «لوثيان» و«تمار» إلى مصر عبر خطوط الغاز الموجودة حالياً، التي تمرّ بسيناء، قبل إعادة تصديره إلى الخارج سواء بشكله الخام أو كغاز مسال، وهي عمليات «ستجري بشكل استثماري، بما يحقق عائداً للشركات، ولن يشكل عبئاً على الدولة المصرية التي ليست في حاجة إلى الاستيراد»، كما يقول ساسة مصريون مطّلعون على الملف.
وتمتلك مصر محطتين لتسييل الغاز الطبيعي، تقعان في دمياط وإدكو، وذلك على مقربة من موانئ مهمة ستُستخدَم في إرسال شحنات نفط عملاقة إلى أوروبا. وتم تنفيذ المحطات لتسمح بتسييل كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، في وقت سيصل فيه الغاز إلى دمياط عبر أنابيب النفط الموجودة بالفعل، والتي تمرّ في شمال سيناء وسط تعهدات بتأمينها ضد عمليات استهداف، كتلك التي تعرض لها خط التصدير خلال السنوات الماضية، وفي ظل الأوضاع المضطربة في الشطر الشمالي من شبه الجزيرة المصرية. وكانت وزارة الأمن الإسرائيلية قد أعلنت أنها أبرمت صفقات مع عدة شركات للصناعات العسكرية في البلاد، جرى بموجبها شراء منظومة صواريخ ومنظومات إلكترونية «للدفاع عن حقول الغاز» في البحر الأبيض المتوسط.
ويبدو أن الصفقات الحالية هي جزء من مجموعة اتفاقات تسعى شركات مصرية خاصة لإبرامها مع شركات إسرائيلية خلال الفترة المقبلة «ضمن خطة حكومية لتحويل مصر إلى مركز للطاقة في الشرق الاوسط وذلك بالاعتماد على البنية التحتية المتميزة التي تمتلكها في هذا السياق، والتي يمكن من خلالها تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا إلى جانب عمليات التصدير التي ستبدأ للغاز المصري المستخرج من حقول البحر المتوسط بالإضافة إلى «الاكتشافات التي ستُعلَن لاحقاً لحقول نفطية حُدِّد موقعها في البحر الأحمر، ولكن لم يبدأ العمل على الاستفادة منها بعد» كما يشرح متابعون.
المزيد في هذا القسم:
- الشهادات المزوَّرة في الكويت: «كرة الثلج» تطارد الجميع المرصاد نت - محيي عامر باتت قضية الشهادات المزوَّرة الشغل الشاغل للمواطن الخليجي وليس الكويتي فحسب. القضية التي تفجّرت أخيراً داخل الكويت سرعان ما اتخذت بعداً...
- ما الذي يريده بوتين فعلا في سوريا ؟ المرصاد نت - متابعات تفتخر روسيا بتواجدها في سوريا وبالعملية العسكرية التي نفذتها هناك. حول هذا الموضوع كتبت صحيفة Die Welt الألمانية وذكرت أن ذلك يبدو واض...
- بريطانيا توقف برامجها «غير الإنسانية» في سوريا المرصاد نت - متابعات بعد يوم على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف المساعدات لـ«برنامج إعادة الاستقرار في سوريا» على أن تتكفّل السعودية والإم...
- المنحة الخليجية للأردن: هشاشة يتبعها ابتزاز؟ المرصاد نت - أسماء عواد ينبئ الطابع الفضفاض والهزيل الذي حملته المنحة الخليجية الجديدة للأردن بأن هذا الدعم الذي نتج من قمة مكة لن يؤدي إلى معالجة الأزمة الجو...
- إخلاء سبيل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك المرصاد نت - متابعات عاد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الى منزله بعد بقائه في مستشفى المعادي العسكري خلال النظر في القضايا التي كان يحاكم بها. وأفادت وسا...
- اليونسكو يصوت على مشروع قرار تاريخي ينفي قدسية الحرم لليهود المرصاد نت - متابعات تصوت اليوم الثلاثاء لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على مشروع قرار فلسطيني – أر...
- الجيش اللبناني تصدى لمجموعة إرهابية حاولت التسلل إلى مراكزه في وادي حميد بعرسال أعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان ان "وحدات الجيش المنتشرة في منطقة وادي حميد - عرسال رصدت بعد منتصف ليل الاربعاء - الخميس، مجموعة إرهابية مسلحة تحاول ...
- قوات الاحتلال تعتقل 17 فلسطينياً في القدس والخليل شنت قوات الاحتلال الصهيوني فجر اليوم الجمعة حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مدينة القدس والخليل بالضفة الغربية المحتلة تخللها اعتقال 17 مواطنا فلسطينياً. و...
- الرئيس الأسد وبن علوي يبحثان كيفية التصدي للتحديات المفروضة على المنطقة! المرصاد نت - متابعات استقبل الرئيس بشار الأسد اليوم الأحد يوسف بن علوي بن عبد الله وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عمان بحضور وزير الخارجية وليد المعلم. وأعلنت...
- ليبيا : ثمانية أعوام على «الثورة»: انقسام مناطقي بطعم خارجي! المرصاد نت - حبيب الحاج سالم تعيش ليبيا الذكرى الثامنة لانطلاق الاحتجاجات ضد نظام الرئيس معمر القذافي في أجواء تسودها مظاهر احتفالية محدودة وخيبة أمل متصاعدة....