المرصاد نت - متابعات
باتفاق كل دول العالم بسياسييه ومُفكّريه أن العالم في بداية التشكيل من جديد وفق رؤية جديدة تختلف جذرياً عن رؤية الولايات المتحدة الأميركية..
أي بعيداً عن مفهوم الدولة الكونية، وباتفاق أولئك جميعهم - ما عدا أميركا وإسرائيل- إن العالم لم يعد أحاديّ القطب وبتأكيد الجميع فإن الأزمة السياسة التي تعيشها أميركا مع دولاند ترامب والأزمات المُصاحِبة لها هي أزمة قد تؤدّي إلى حربٍ تجاريةٍ أو إلى حروبٍ دموية،غير التي عليها العالم اليوم وأن ما خسرته أميركا فيها هو- بالتأكيد - ما تخسره إسرائيل، فالأولى دولة رأسمالية متوحّشة وبافتراق الرؤى بين البيت الأبيض والبنتاغون، والثانية قاعدة عسكرية أميركية برؤية توراتية ضارِبة في عُمق الوهم بكل سيئاته.. الوهم بالسيطرة على العالم العربي من خلال افتعال الأزمات وما يقودها من أفكار قاتِلة.
الأزمة الأميركية أيضاً فتحت عيون العالم كله على المُمارسات الإرهابية التي تمارسها أميركا مالياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً ضد دول لها سيادتها ومناهجها الفكرية والحضارية.. إن سقوط الأوثان الأميركية في الشرق الأوسط ليس ضربة قاضية لسياستها التي جنحت بها إلى الفساد الأخلاقي والإنساني، بل ضربة ضد منظومة فكرية صاغتها مجموعة من المُتطرّفين، والمُنظّرين لقوى الشر باسم المسيحية أحياناً، والحرية والديمقراطية أحياناً أخرى. والكل فيهم بالتأكيد مارسوا خلال العشرين سنة الماضية بطريق استغراقي الممارسات الوثنية في مجرى الفوضى العسكرية وبأنهار من الدماء.. إن تحرّك العالم باتجاه بوصلة السلام من خلال محاولات إعادة البناء والترميم لنظامٍ مُتعدّد الأقطاب بقيادة روسيا، والصين، هو تحرّك أملته الظروف المُتآكلة التي يعيشها العالم اليوم، في ظل سياسة دونالد ترامب (المُتّسم بالجنون وبالعنصرية حسب توصيف الإعلام الأميركي) حتى صار ينظر من وراء الزجاج فقط لسياسته (شرق أوسطية) وهي تنهار بحلقاتها الواحدة تلوى الأخرى بما في ذلك أعرقها"السعودية" والتي تُمثّل رمزاً من رموز أميركا في الحروب بالوكالة. وفي التفتيت المُتتالي للقضية الفلسطينية..
صحيح أن أميركا هي أكبر دولة وهي الأولى اقتصادياً، وإعلامياً ومالياً، لكن التفوّق هذا لا يمنحها حق التصرّف في السياسة الدولية وفق منظور الخطأ الدائِم خاصة في موقفها من سيادة الدول، ومن ثقافتها. ذلك أن العالم مُتعدّد الثقافات ومتنوّع الأفكار، وما كان صائباً في الرؤى الأميركية، فهو بالتأكيد خاطئ في الرؤى الأخرى، طالما أن المصالح الخاصة لكل دولة هي أساسيات وجودها. وإن العولمة ما هي إلا إيديولوجية إرهابية بطابع الهيمنة، وقد جاءت بهذا المنطق بعد مقولة "فوكو ياما" "نهاية التاريخ" إثر سقوط الاتحاد السوفياتي.
إن التفكير الناشئ من فوهة البندقية هو أيضاً تفكير ينطوي على أفكارٍ ليست بالضرورة هي من ضمن الحلول لواقع عالمي مُتشابك ومُتناقض بل وغير متوازِن في كثير من الأفكار وخاصة تلك التي تطرحها العولمة على وجه الخصوص.
إن بناء الرأسمالية على مرتكزات خارج المنظار التكاملي لمفهوم الدولة وخارج المنظومة الدولية العالمية بناء أحادياً لا يشير إلا لإفراغ عالم الأشياء في منظومة استهلاكية للِقيَم والمبادئ وحتى للقانون الدولي، ومحاولة جرّ العالم - وفقاً لذلك الخطأ كله - إلى مبادئها ونتائجها الأحادية المصدر أيضاً، إنه بناء يبدو من الوهلة الأولى مُتداخلاً ومبنياً على الفوضى وناشراً لها. وهذا ما عبّر عنه بوش الإبن بوجه آخر ب"الفوضى الخلاّقة.. " وحاولت تطبيقها" كوندوليزا رايس" بإعلان الحرب إسرائيلياً على حزب الله لكنها وقعت في الفخّ وانهارت معه نظرية "الشرق الأوسط الجديد".. صحيح أنه أراد توصيف العالم من خلال الأخطاء التي تحكم الرأسمالية، قصْد التحكّم في طبقات المجتمع إلا أنه وقع في "الفوضى الخلاّقة" التي أرادها لغيره.. ثم إن تكسير الواقع من خلال مبدأ تشطير المجتمعات المنضوية تحت لواء الدولة كظاهرة قانونية هو بداية الانجراف نحو التعطيل المُبرمَج للمؤسسات التي تسيّره بنظرة أحادية عالمياً، كما هي الحال بالنسبة للنظام التجاري الذي بدأت معالم انهياره مؤخراً مع قانون فرض الضريبة على الحديد والأليمنيوم المستوردين وقد يؤثّر سلباً على كل الدول، فهل بإمكان الرأسمالية الصمود أمام هذا الإعصار أم المخرج منه هو نظام دولي مُتعدّد الأقطاب بديل تشترك فيه دول العالم. وبالتالي عالم مُتعدّد الأقطاب خالٍ من الهيمنة الأميركية، و بالتالي أيضاً نهاية الوصاية الأميركية على الاقتصاد العالمي وعلى السياسة الدولية التي تنتهجها أميركا؟
واضح أن عالمنا اليوم دخل مرحلة جديدة، مرحلة التفكّك، أو على الأقل ساعة المواجهة مع الواقع فضلاً عن ساعة الامتحان الذي هو فيه.. أزمة سياسية عالمية مُدمّرة تتخبّط فيها أميركا مع روسيا، والصين، وكوريا الشمالية، وإيران وقد تلتحق بهم أوروبا، أزمة سياسية متعدّدة الوجوه ولكنها قد تقود إلى تغيير الكثير من المفاهيم لصالح المُناهضين لسياسة أميركا، وحتى خارطة ما يُعرَف بالأحادية القطبية. لقد ذهبت الولايات المتحدة الأميركية إلى تبني فكرة صِدام الحضارات تحت غطاء مُحاربة الإرهاب. وذهبت معها دول إلى تثبيت هذا المفهوم في واقعها السياسي، فاذا الصراع غير ذلك بل إنه صراع الداخل ضد الداخل والحروب بالوكالة شعرت بذلك أم لم تشعر.. لقد تحوّل عالمنا اليوم بشكلٍ كإرثي نحو الحروب المُدمّرة، باسم الحروب الاستباقية ، أو حروب الثورات المُلوّنة ، ثم حروب الفوضى الخلاّقة، وتناثرت المفاهيم الأخلاقية والإنسانية حتى أضحى العقل البشري مُجرّد آلة تُحرّكها المصالح بما في ذلك تلك المصالح القائمة على مفهوم الطغيان. لقد بدا هذا العصر وكأنه عصر الفراعنة بكل مساوئه، وبكل خُرافاته. وكانت أميركا هي السبّاقة إلى احتضان هذا المفهوم، وما ولاؤها الأعمى لإسرائيل، واتخاذها قاعدة عسكرية مُستدامة تحصد بواسطتها كل الأفكار الخارجة عن القانون، بما في ذلك القانون الإنساني إلا بناء على هذه المفاهيم.
محمّد لواتي - رئيس تحرير يومية المُستقبل المغاربي
المزيد في هذا القسم:
- قطر تعد بمواصلة تسليح الارهابيين بسوريا حتى لو أنهى ترامب دعمهم المرصاد نت - رويترز أعلنت قطر انها ستواصل تسليح الارهابيين في سوريا حتى لو أنهى ترامب دعمهم لكن الدوحة اوضحت بانها لن تذهب "بمفردها" في ذلك بل لا بد من موافقة...
- مديرة «سي آي إيه» تقدّم إفادتها أمام الكونغرس ! المرصاد نت - متابعات ادلت مديرة وكالة الاستخبارات الأميركية جينا هاسبل بافادتها أمام مجلس الشيوخ الأميركي حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلا...
- السعودية تخسر في سياساتها الخارجية في المنطقة و مصر أولى البوادر المرصاد نت - متابعات يبدو واضحاً أن التوجهات المصرية باتت نتيجة لسياسات الرياض تجاه القاهرة فالعلاقة الإستفزازية التي نسجتها السعودية مع مصر أدت لإبراز مساعٍ ...
- مصر: تطبيع بن سلمان يمرّ عبر بوابة المحروسة المرصاد نت - متابعات حفاوة استقبال ملكي كانت بانتظار ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان لم تقلّ عن التي استُقبل بها والده قبل عامين قريباً في زيارته الأولى للمح...
- هجوم «المحمدَين» يتعثّر: رهانات خاسرة... إلى حين؟ المرصاد نت - دعاء سويدان تشارف الأزمة الخليجية على دخول شهرها الرابع من دون أي بوادر لحل يعيد وصل ما انقطع بين «الأشقاء». ومع مرور تلك الفترة المست...
- مفتي السعودية يدعو لـ التبرعات لتمويل عدوان بلاده على اليمن المرصاد نت - متابعات دعا مفتي السعودية عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الأربعاء إلى التبرع لصالح ما اسماهم بالجنود المرابطين على الحدود الجنوبية للمملكة مع اليم...
- من المستفيد من تفجيرات السعودية وهل سيتم إطاحة بن نايف من منصبه ؟ المرصاد نت - متابعات عقب زيارة محمد بن سلمان للولايات المتحدة ولقائه بأوباما والشركات التجارية الحاكمة نشرت كبريات الصحف الغربية أن بن سلمان اقنع الادارة الام...
- دراسة: تعاون إسرائيلي سعودي إماراتي مصري لمواجهة إيران ! المرصاد نت - متابعات قالت دراسة إسرائيلية نشرت نتائجها اليوم الخميس إن إسرائيل ترتبط بمستويات تعاون أمني واستخباري وسياسي مباشر مع كل من السعودية ومصر والأردن...
- «العسكري» يتجاهل رسالة الإضراب: «قوى التغيير» إلى العصيان المفتوح؟ المرصاد نت - متابعات لم تنهِ الاستجابة الواسعة للإضراب العام الذي دعا إليه تحالف «الحرية والتغيير» الجدل حول تمثيل قادته للحراك الشعبي في ظلّ اتجاه العسكر إلى...
- الوهابية سلاح "داعش" ضد السعودية نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريراً حول اختراقات تنظيم "داعش" في السعودية من الداخل والعوامل التي سهّلت الأمروالتي اعتبر التقرير أنّ أهمّها: وسائ...