المرصاد نت - صهيب عنجريني
وسط التساؤلات المتصاعدة عن مآلات المشهد في إدلب برزت أخيراً مؤشرات على توتر جديد على صعيد العلاقة بين عدد من المجموعات المسلّحة وبين «جبهة النصرة». وراجت من جديد اتهامات للأخيرة بـ«التمهيد لخيانة الثورة وعقد صفقات مع الروس». وتدور في الكواليس أنباء عن أنّ «الحملة الأمنيّة» التي شنّتها «الجبهة الوطنية للتحرير» في حماة تستهدف في الدرجة الأولى «عملاء الجولاني من عرّابي المصالحات»
إدلب تغلي «داخليّاً» من جديد. وعلى رغم حرص مختلف المجموعات المسلّحة على تصدير صورةٍ توحي بأنّ «الوحدة» هي سيّدة الموقف في ما بينها فإنّ ما يدور في الكواليس مختلفٌ كليّاً ويفتح الباب أمام احتمالات اندلاع جولة جديدة من جولات اقتتال «الإخوة الأعداء». أسباب الاقتتال كادت تكتمل وإذا ما استمرّت المُجريات في السير على المنوال الراهن فإنّه قد يكون في حاجة إلى الشرارة الأولى فحسب.
ولا يمكن فصل الخلافات المتفاقمة عن «المشهد الكبير» الذي يتجاوز جغرافيا إدلب ليشتمل على الحراك الإقليمي المستمر لترتيب أوراق المرحلة السوريّة المقبلة. وجاء إعلان تشكيل «الجبهة الوطنيّة للتحرير» بمثابة فاصلةٍ بين مرحلتين في ما يخصّ العلاقة بين معظم المجموعات المسلّحة وبين «هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة».
وتفيد معلومات «الأخبار» بأنّ اجتماعاً عاصفاً كان قد عُقِد قبل إعلان التشكيل بين اثنين من مُساعدي زعيم «الهيئة» أبو محمد الجولاني وبين وفد من «الجبهة الوطنيّة» معظم أعضائه محسوبون على «فيلق الشام». وشهد الاجتماع تبادلاً للاتهامات بين الطرفين لينحرف عن مساره الأصلي. ووفقاً للمعلومات فقد كان الهدف من الاجتماع «استكمال مناقشة بعض التفاصيل قبل إعلان اندماج كبير بمشاركة هيئة تحرير الشام». ولا تتوافر تفاصيل دقيقة عن سبب تغيّر وجهة الاجتماع لكنّ مصادر «الأخبار» تشير إلى أنّ «مُساعدي الجولاني تعمّدا اختلاق المشكلة».
وهذه هي المرّة الثانية التي يرفض فيها الجولاني الالتحاق بركب «فيلق الشام» والتمهيد لبدء تفكيك طوعي لـ«جبهة النصرة» بوصفها كياناً «قاعديّاً». أما «الفرصة الأولى» التي فوّتها الجولاني فتعود إلى نهاية شهر أيّار الماضي عشيّة التشكيل الأوّل لـ«الجبهة الوطنيّة» (راجع «الأخبار» 30 أيار 2018). وكان من المفترض أن تشهد الأيّام الراهنة إعلان تشكيل «اندماجي جديد» بمسمّى آخر لكنّ مجريات الاجتماع المذكور «قطعت الشكّ باليقين حول جديّة الجولاني وأدرك الجميع أنّه يراوغ كعادته» .
وأدّت هذه الخلاصة إلى توافق بقية المجموعات على تسريع إعلان «اندماجهم» مع «الجبهة الوطنيّة» ومن دون تغيير اسمها لأن تغيير الاسم كان «أحد شروط الجولاني الصبيانية» بحسب المصادر ولا تقتصر أسباب الاحتقان على مجريات الاجتماع وتعذّر الاندماج المنشود بل إنّ تبعات هذا التطوّر تبدو «أشدّ خطورة» على فصائل إدلب بمجملها و«جبهة النصرة» على وجه الخصوص.
مصادر قالت أنّ الجولاني عدّ «إعلان الاندماج» خطوة تصعيديّة ضدّ «هيئة تحرير الشام» وباشر على الفور سلسلة اجتماعات مع أبرز «القادة الشرعيين والأمنيين والعسكريين استعداداً لما هو آت». في المعلومات أيضاً أنّ «الجولاني تلقّى إشارات تركيّة شديدة اللهجة مفادُها أنّ أنقرة منحته فرصاً كثيرة، وأنّ الاستمرار في توفير غطاء إقليمي لتحرير الشام لم يعد مهمة يسيرة». اللافت ما يقوله مصدر محسوب على إحدى المجموعات المسلحّة الكبيرة عن «ورود معلومات مؤكّدة عن قيام النصرة في الأيام الأخيرة بتفعيل خط تواصل قديم مع الروس».
وتضع مصادر حملة الاعتقالات التي شنّتها «الجبهة الوطنيّة للتحرير» في ريف حماة أمس في هذا الإطار. وعلى رغم أنّ الحملة المذكورة استهدفت «عرّابي المصالحات» وفق ما أعلنته «الجبهة» فإنّ «أهم دوافعها أنّ بعض وسطاء المصالحات يلعبون دوراً في تفعيل هذا الخط». وبغض النظر عن صحّة هذه المعلومة أو عدمها، فإنّها تصلح مؤشّراً لما يمكن أن تشهد الفترات المقبلة من تطوّرات على صعيد العلاقات بين «النصرة» و«الجبهة الوطنيّة». ولا يُعّد تقاذف التهم بـ«الخيانة، وعقد الصفقات مع النظام وحلفائه» بين المجموعات المسلّحة أمراً جديداً، وفي كثير من المرّات كان هذا النوع من الاتهامات مقدّمة لانفجار وشيك.
على صعيد متصل تشهد العلاقة بين «جبهة النصرة» وبين تنظيم «حراس الدين» توتّراً جديداً. وتفيد المعلومات المتوافرة بأنّ «النصرة» ترى في تحرّكات «حراس الدين» مصدر خطرٍ كبير على نفوذها. ويقول مصدر «جهادي» إنّ «النصرة اتهمت الحرّاس بأنّهم يقدّمون الذرائع للنظام والروس لاقتحام ريف حماة الشمالي». ويأتي هذا الموقف على خلفيّة تكرار «حراس الدين» شنّ هجمات خاطفة على بعض مواقع الجيش السوري في ريف حماة.
وشنّ الفصيل المتطرّف قبل يومين هجوماً استهدف نقطة عسكريّة سوريّة شمال غربي سهل الغاب. ويأتي هذا الهجوم في سياق تفعيل «حراس الدين» نشاطهم «الجهادي» القائم حتى الآن على أسلوب «الإغارات الخاطفة» بغية اجتذاب تمويل إضافي والتمهيد لفرض نفسه «رقماً صعباً» في المشهد (راجع «الأخبار» 18 تموز 2018).
المزيد في هذا القسم:
- هل يتحمّل لبنان ضربة ثانية؟ المرصاد نت - محمد وهبة على مدى ستة أسابيع تعرّض النظام المالي في لبنان إلى ضربات سعودية متتالية تركت فيه ندوباً عميقة. أكثر من 6 مليارات دولار حُوّلت من اللير...
- الجمعة الـ55 لمسيرات العودة.... الاحتلال يستهدف الأطقم الطبية! المرصاد نت - متابعات شارك الفلسطينيون اليوم في الجمعة الـ55 لمسيرات العودة تحت شعار "جمعة يوم الأسير الفلسطيني" والناطق بإسم وزارة الصحة الفلسطينية يعلن اصابة...
- الأسباب الحقيقية لحذف داود أوغلو من الساحة السياسية المرصاد نت - الوقت دخلت تركيا الاردوغانية فصلا جديد من المتغيرات الداخلية والخارجية بعد حذف داود اوغلو من الساحة السياسية ومن الطبيعي ان تتجه تركيا الان نح...
- لماذا استعمل بايدن عبارة "إن شاء الله" بمواجهة ترامب؟ المرصاد-متابعات يغرد مشرف المرصاد أن "إستخدم بايدن دون شك لهذه العبارة الإسلامية القصد منها إهانه للدين الإسلامي غامزاً بأن الرئي...
- صحيفة أميركية: زعيم طالبان السابق سافر إلى دبي 19 مرة قبل اغتياله المرصاد نت - متابعات حصلت صحيفة نيويورك تايمز على سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني التي سربت على ما يبدو من سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة "يوسف الع...
- اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني والتكفيريين بجرود عرسال عاد التوتر الأمني الى محيط عرسال بعدَ اشتباكاتٍ عنيفة بين الجيش اللبناني والمجموعاتِ الارهابية المسلّحة ليلاً في وادي حميد وظهراً في الرهوة في جرود البلدة. وقا...
- لبنان : احتجاجات على سوء الأحوال المعيشية في وسط بيروت المرصاد نت - متابعات تجمّع المئات من المحتجين على سوء الأوضاع الاقتصادية ورفضاً للفساد في ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت وعبّر المتظاهرون عن رفضهم للأحوال الت...
- مبادرة عمانية للتهدئة: مؤتمر يجمع العرب وإيران! المرصاد نت - متابعات تواظب مسقط على لعب دور الإطفائي في الجبهات الأربع: حرب اليمن، الأزمة الخليجية، إيران والولايات المتحدة، السعودية وإيران. وفي ملف الأزمة ب...
- الرئيس بشار الأسد: أولوية الشعب السوري هي محاربة الإرهاب المرصاد نت - متابعات استقبل الرئيس بشار الأسد وفداً برلمانياً أوروبياً برئاسة خافيير كوسو نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي وبحث الجا...
- البيت الأبيض : إستسلام السعودية لترامب واستعدادها لتمويل عملياته المرصاد نت - رويترز كشف البيت الأبيض عن جانبٍ هام جرى الاتفاق عليه خلال الاتصال الذي تم أمس الأحد بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملك السعودي سلمان بن عبد...