المرصاد نت - متابعات
لم تهدأ العاصفة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بإعلان قراره سحب قوات بلاده من سوريا لا في البلدان المعنية بالملف السوري ولا داخل الولايات المتحدة الأميركية. فحلفاء الولايات المتحدة الذين «فوجئوا» للمرة الثانية تباعاً بخطط البيت الأبيض تناوبوا أمس على التحذير من خطورة «الفراغ» العسكري الذي سيتركه انسحاب كهذا ومن انعكاسه (المحتمل) إيجاباً على تنظيم «داعش» وغيره من الأطراف التي تتطلع نحو مناطق الجزيرة السورية. وانبرى معارضو القرار في واشنطن لانتقاد خطة ترامب والحديث عن حشدٍ في مجلس الشيوخ لصياغة مشروع قرار يطالبه بالتراجع عن القرار. أما خصوم الولايات المتحدة (ضمن الإطار السوري) فقد حافظوا حتى أمس على لغة «التشكيك» في صدق النوايا الأميركية.
وكالعادة خرج ترامب عبر «تويتر» للدفاع عن قراره الذي بدا إلى حد كبير «رهاناً شخصياً» قائلاً إن «الخروج من سوريا ليس مفاجأة. لقد روّجت ذلك لسنوات ومنذ ستة أشهر أعلنت على الملأ أني أريد تنفيذ ذلك ولكني وافقت على البقاء لمدة أطول (حينها)». وأضاف في سلسلة تغريدات أخرى: «لماذا نقاتل لمصلحة عدوّنا سوريا؛ عبر البقاء وقتل داعش لأجلهم؟.. هل ترغب الولايات المتحدة أن تكون شرطيّ الشرق الأوسط من أجل لا شيء تخسر الأرواح وتريليونات الدولارات لحماية من لا يقدّر ما نفعل في معظم الأحيان؟.. آن الأون ليقاتل الآخرون».
«انتظر لحظة»!
ترامب قال في سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه على موقع «تويتر» في وقت مبكر اليوم إنه يفي بتعهد قطعه أثناء حملته الانتخابية في عام 2016 بالخروج من سوريا. وكتب ترامب إن «الولايات المتحدة تقوم بعمل دول أخرى منها روسيا وإيران دون مقابل يذكر» مكرراً عنصراً أساسياً في سياسته الخارجية وهو أنه «يسعى إلى وقف استغلال الولايات المتحدة». وأضاف الرئيس الأميركي قائلاً: «هل تريد الولايات المتحدة الأميركية أن تصبح شرطي الشرق الأوسط، وألا تحصل على شيء سوى بذل الأرواح الغالية وإنفاق تريليونات الدولارات لحماية آخرين لا يقدّرون، في معظم الأحيان ما نقوم به؟ هل نريد أن نظل هناك إلى الأبد؟ حان الوقت أخيراً لأن يحارب آخرون». وفي النهاية طمأن ترامب الأميركيين قائلاً: «إذا هاجمنا داعش فسيتم تدميره».
الرئيس ترامب الذي قال أمس إن قواته تمكنت من هزيمة تنظيم «داعش»، ما دفعه إلى اتخاذ قرار سحبها من سوريا، عاد بعد ساعات اليوم ليقول إنه سيتعين على روسيا قتال «داعش» الآن. وقال ترامب في تغريدة على «تويتر»: «إن روسيا ــــ فضلاً عن إيران وسوريا ــــ ليست سعيدة بالانسحاب الأميركي لأنه سيتعين عليها الآن محاربة تنظيم داعش وغيره ممن يكرهون بدوننا».
تصريحات ترامب المتعارضة والمتناقضة دفعت بعض السياسيين الأميركيين الى الرد عليه فقال كريس ميرفي عضو مجلس الشيوخ الديموقراطي إن «تصريحات ترامب بدت متعارضة». وأضاف على «تويتر» رداً على ترامب: «انتظر لحظة... اعتقدتُ أننا هزمنا تنظيم داعش. فلماذا يتعين على روسيا وإيران وسوريا قتاله إذا كان قد هُزم؟».
الجملة الأخيرة تشير بوضوح إلى طبيعة رهان الرئيس الأميركي على هذا القرار المصيري بمعزل عن تبعاته المحتملة إذا ما تم تطبيقه على الأرض. وزادت التصريحات التي نقلت أمس عن مسؤولين أميركيين والتي أشارت إلى أن قرار الانسحاب سوف يتضمن أيضاً وقفاً للعمليات الجوية ضد «داعش» من مخاوف عودة تمدد «داعش» مجدداً. وهي مخاوف تستند إلى مركزية الغطاء الجوي الأميركي في جميع منجزات «قوات سوريا الديموقراطية» الميدانية السابقة. ولأن تلك المخاوف تعني القوى العاملة في شرق الفرات بالدرجة الأولى يعمل مسؤولو «مجلس سوريا الديموقراطية» على التواصل مع بقية أعضاء «التحالف الدولي» وأولهم فرنسا في محاولة لملء «الفراغ» الأميركي المرتقب.
وفي موازاة التعهدات الخجولة (حتى الآن) من بعض الدول الأوروبية العاملة ضمن «التحالف» بمواصلة العمل العسكري ضد «داعش» خرجت لهجة مشككة من الجانب الروسي في خطوة ترامب. وقال الرئيس فلاديمير بوتين إن الأميركيين دخلوا أفغانستان منذ 17 عاماً وما زالوا هناك على رغم أنهم كانوا يتحدثون كل عام عن انسحاب محتمل مضيفاً أن بلاده «لم تشهد أي دليل على انسحابهم (من سوريا) على رغم أن حدوثه أمر ممكن نظراً للتقدم على مسار الحل السياسي». ولم يفت الرئيس الروسي أن يذكّر مجدداً بعدم شرعية الوجود الأميركي في سوريا ومخالفته القوانين الدولية. قائلاً "نحن لسنا في حاجة للوجود الأميركي في سوريا وهو أصلاً غير شرعي" مضيفاً "نتفق مع تصريحات ترامب حول الانتصار على داعش بسوريا لكن هناك خطر انتشار الإرهابيين بالدول المجاورة".
بوتين: لا أعرف ماذا يعني إعلان الانسحاب!
كما أعتبر الروسي فلاديمير بوتين قرار نظيره الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا «خطوة صحيحة» مضيفاً إنه «لا يفهم ماذا يعني هذا الإعلان بالضبط». وقال بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي في موسكو إن «الوجود العسكري الأميركي في سوريا غير شرعي وسحب الولايات المتحدة قواتها خطوة صحيحة». وأشار إلى أنه «حتى الآن لا أرى مؤشرات على انسحاب القوات الأميركية من سوريا، لكننا نفترض أن هذا أمر ممكن ولا سيما أننا نسير في طريق التسوية السياسية» مشيراً إلى أنه «ليس هناك حاجة للوجود العسكري الأميركي في سوريا للتوصل إلى هذه التسوية».
الرئيس الروسي أضاف قائلاً: «في ما يتعلق بانسحاب القوات الأميركية فلا أعرف ماذا يعني ذلك. للولايات المتحدة حضور في أفغانستان منذ 17 عاماً وكل عام يتحدثون عن الانسحاب من هناك، لكنهم لا يزالون موجودين». وأضاف بوتين إنه «موافق مع ترامب في أنه تم تحقيق الانتصار على داعش في سوريا» مشيراً إلى أن «القوات الروسية وجهت ضربات قوية للتنظيم في ذلك البلد». وحذر الرئيس الروسي من «خطر تسلل إرهابيي داعش من سوريا إلى المناطق المجاورة»
وفي سياق متصل أعلن «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية) أن الضربات الجوية للولايات المتحدة في سوريا «ستستمر طالما هناك جنود أميركيون على الأرض». وقالت المتحدثة باسم «البنتاغون» ريبيكا ريباريتش لشبكة «سي إن إن» الأميركية «لن نتكهن بالعمليات المستقبلية في سوريا». وفي السياق ذاته نقلت «سي إن إن»، عن مسؤول في «البنتاغون» لم تسمّه أن «هناك احتمالية استمرار عمل الطائرات المسيرة دون طيار بمهمات استخبارات واستطلاع في سوريا كما تفعل في اليمن والصومال». وأشار إلى إمكانية أن تشمل هذه المهمات «تنفيذ ضربات».
من برلين وانسجاماً مع المواقف الأوروبية وخصوصاً الفرنسية والبريطانية من قرار ترامب قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن «قرار الولايات المتحدة المفاجئ الانسحاب من سوريا يدعو إلى الدهشة ويهدد بالإضرار بالحرب ضد داعش». وأضاف ماس: «جرى تحجيم داعش لكن التهديد لم ينته بعد. هناك خطر من أن تضر عواقب هذا القرار بالحرب على داعش وتقوض النجاحات التي تحققت بالفعل».
الي ذلك أكد وزير استخبارات العدو الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن إسرائيل «لن تتراجع عن خطوطها الحمر في سوريا حتى بعد الانسحاب الأميركي منها». وفي مقابلة إذاعية حذر كاتس من مخاطر خلق «ممر شيعي بين طهران ودمشق»، مؤكداً أن إسرائيل التي وصفها بالقوة الإقليمية العظمى «ستعمل بصورة عملياتية لمنع اقتراب إيران من الحدود الإسرائيلية». وأضاف إن «الأمر الأهم هو الغطاء الدبلوماسي الذي توفره واشنطن لإسرائيل ومواصلة العقوبات المفروضة على طهران».
وعلى وقع تلك التطورات استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس نظيره الإيراني حسن روحاني في قمّة نال الملف السوري عامة والقرار الأميركي المستجد خاصة نصيباً كبيراً من نقاشاتها. وخرجت القمة بتأكيد لافت من أردوغان على أهمية وحجم المسؤولية الملقاة على عاتق بلاده وإيران وروسيا في إرساء الأمن في سوريا والمنطقة، وفق «آلية ثلاثية مشتركة». وأعلن الرئيس التركي عن قرب انعقاد قمة رابعة جديدة تجمعه ونظيريه الروسي والإيراني، قالت مصادر روسية لاحقاً إنها ستعقد في روسيا. وكان لافتاً أن حديث أردوغان عن الدور الكبير المناط على عاتق «ثلاثي أستانا» تساوق مع إشارة الرئيس ترامب إلى أنه «بات على روسيا وإيران وسوريا وآخرين قتال داعش ومجموعات أخرى، من دوننا».
العاصفة التي أثارها البيت الأبيض غطّت على موعد بارز في ملف «التسوية السورية»، وهو الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن. الحديث الوداعي الذي حمل ختامه طابعاً درامياً، لم يحظ بالأصداء التي تنالها جلسات مجلس الأمن الخاصة بالوضع في سوريا. وأعلن خلاله دي ميستورا الفشل في الوصول إلى منجزات على صعيد تشكيل «اللجنة الدستورية» إثر «مشاكل» في القائمة التي اقترحت من قبل «ضامني أستانا» ووافقت عليها دمشق. وضمن السياق نفسه استهجن الرئيس الروسي في حديثه السنوي أمس رفض الأمم المتحدة للقائمة المقترحة مشيراً إلى أن بلاده وإيران وتركيا بذلوا جهوداً لافتة لإنجاحها إلى جانب موافقة الرئيس بشار الأسد على القائمة على رغم اعتراضه على عدد من الأسماء الواردة ضمنها.
الي ذلك نقلت مصادر محلية إن القوات الأميركية انسحبت من بلدة الشيوخ شرقي منبج ومن قرية العاشق بضواحي مدينة تل أبيض باتجاه القاعدة الأميركية في مدينة عين عيسى في الرقة. وأضافت أن القوات الفرنسية انسحبت من منبج وعين عيسى وأن الانسحاب تزامن مع تحليق مكثف للطائرات التركية.
وأن 100 شاحنة محمّلة بمعدات عسكرية أميركية غادرت مناطق سيطرة قوات "قسد" شرق سوريا الليلة الماضية متوجهة إلى معبر سيمالكا الحدودي عائدة إلى العراق حيث إن الشاحنات الأميركية خرجت محملة للمرة الأولى بعد أن كانت تدخل سوريا محملة بالمعدات العسكرية وتخرج فارغة وأن خروج الشاحنات الأميركية تزامن مع انقطاع التيار الكهربائي في المنطقة، وفق ما قالت المصادر.
في غضون ذلك أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن أمام القوات التركية منبج وشرق الفرات معلناً تكثيف الجهود في هذا الاتجاه هذا الكلام جاء على وقع إرسال أنقرة تعزيزات جديدة قرب الحدود مع سوريا. التعزيزات وصلت إلى ولاية غازي عنتاب الجنوبية وسط تدابير أمنية مشددة وتوجهت منها إلى ولاية هطاي لواء اسكندرون لتعزيز الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا.
في المقابل قالت قوات سوريا الديمقراطية في بيان لها أمس إن "سحب القوات والمسؤولين الأميركيين من منطقتها سيكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار العالمي" وأضاف البيان أن "ذلك سيؤدي إلى خلق فراغ سياسي وعسكري في المنطقة وترك شعوبها بين مخالب القوى والجهات المعادية" وفق بيان "قسد".
قسد اعتبرت الانسحاب الأميركي المفاجئ من شرقي سوريا بـ"طعنة في الظهر". ووصفت "قسد" الانسحاب الأميركي المفاجئ من شرقي سوريا "بالخيانة لدماء آلاف المقاتلين".
المزيد في هذا القسم:
- المالكي يرفض تشكيل حكومة جديدة في العراق وكيري ينهي جولته داخل العراق متجها الى الرياض, أعلن رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، رفضه لدعوات تشكيل حكومة إنقاذ وطني لدعم جهود مواجهة المسلحين التكفيريين واعتبر المالكي أن مثل هذه الدعوات بمثابة"ا...
- فورين بوليسي: الأزمة الخليجية نزوة طفولية ولا أفق لحلها المرصاد نت - متابعات قال الباحث الأمريكي «سايمون هندرسون» إنه «لا تلوح في الأفق أية مؤشرات عن قرب حل الأزمة الخليجية» معتبرا إيران الم...
- أحداث السفارة.. الفجوة بين الشعب العراقي وأميركا! المرصاد نت - متابعات أتهم المبعوث الأميركي الخاص بشؤون إيران، برايان هوك الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالهجوم على السفارة الأمريكية في العراق، زاعما أنه يهدف...
- الجزائر : بوتفليقة يعلن الاستقالة... نحو مرحلة انتقالية صعبة! المرصاد نت - متابعات دخلت الأزمة الجزائرية مرحلة أكثر وضوحاً بإعلان الرئيس نيته الاستقالة قبل انتهاء ولايته أواخر الشهر الحالي ليفتح بذلك الباب أمام مرحلة انت...
- الصومال بين مواجهة حركة "الشباب" وإنعدام الأمن المرصاد نت - متابعات نجحت حركة الشباب الصومالية مع بداية 2018 في الظهور بمظهر القوة الإرهابية التي يصعب كسرها. فقد عادت هجمات هذا التنظيم لتمس مساحة واسعة من ...
- كتاب الدور الخفى للجزيرة فى خدمة المخابرات الأمريكية يكشف أسرارا مذهلة المرصاد نت - متابعات هذا كتاب مهم.. لم يلق حظه من الاهتمام الإعلامى العربى، حاصرته قوى تسبح بحمد قطر وأموال الخليج أكثر مما تسبح (بحمد الله)، إنه كتا...
- عام حلب: قبضة الجيش وحلفائه أقوى ... وكلمة موسكو هي الأعلى المرصاد نت - صهيب عنجريني بخريطة ميدانيّة تعكس تقدّماً كبيراً لمصلحة الجيش العربي السوري وحلفائه تودع الحرب عام 2016 العام المنصرم حمل عناوين بارزة كثيرة لكن أ...
- الرياض: مسلسل الاعتقالات متواصل والأمم المتحدة تدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين المرصاد نت - متابعات لا مكان للمعارضة في السعودية. تلك هي خلاصة الإفادة الجديدة للأمم المتحدة حول مسلسل الاعتقالات المتواصل في المملكة. مسلسل استهدفت آخر حلقا...
- استشهاد فلسطينية بعد اختناقها بغاز اطلقه جيش العدو الاسرائيلي .. استشهدت إمرأة فلسطينية اليوم الثلاثاء بعد اصابتها باختناق في التنفس نتيجة لتنشقها غاز اطلقه جيش العدو الاسرائيلي في مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين قرب بيت لحم ف...
- النظام السعودي يخطّط لإزاحة الرئيس عون المرصاد نت - ابراهيم الأمين في استعارة لمشهد يعرفه اللبنانيون جيداً كان العدو الإسرائيلي يلجأ في الصفقات الكبيرة لتبادل الاسرى الى إشراك الوسيط في كل مراحل الع...