المرصاد نت - مي علي
مع استمرار حركة الاحتجاجات في السودان لم تجد حكومة البشير بُداً من الدعوة إلى الحوار مع المعارضة وإن أشارت إلى ذلك على استحياء. إشارات قابلها المتظاهرون أمس بمزيد من التصعيد والتمسك بمطلب إسقاط الحكومة ...
وفقدت حكومة الرئيس عمر البشير البوصلة في التعامل مع المحتجين بعدما تخطى المتظاهرون حاجز الخوف من آلة القمع والاعتقال والقتل التي أضحت دافعاً إضافياً لإصرارهم على مطالبهم. لم يجد البشير بداً من التسويق عبر آلته الإعلامية للدعوة إلى الحوار مع المعارضة والكيانات التي تنسق الاحتجاجات ممثلة بـ«تجمع المهنيين السودانيين». وبدا أن الحزب الحاكم يريد مخاطبة شريحة الشباب كما قال نائب رئيس حزب «المؤتمر الوطني» مساء أول من أمس بأنهم مهتمون بالشباب وقضاياهم لإدارة حوار معهم حول تطلعاتهم. دعوات قابلها المتظاهرون أمس بالنزول إلى الشوارع بصورة أكثر تنظيماً تلبية لدعوة «تجمع المهنيين».
إذ خرجت تظاهرات كبرى في مدن الأبيض (جنوب) وعطبرة (شمال) ورفاعة (وسط) والقضارف وبورتسودان (شرق) والجنينة (غرب) وسنار (جنوب شرق) يجمعها هدف إسقاط الحكومة. وعلى رغم حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها الأجهزة الأمنية في الشوارع الداخلية للعاصمة قبل تجمهر المحتجين كخطوة استباقية احتشد المئات من الشباب مبتغاهم القصر الرئاسي شمال الخرطوم لتسليم البشير مذكرة تطالبه بالتنحي غير أن الأجهزة الأمنية وعناصر الشرطة كما دأبت عند كل موكب عمدت إلى تفريق المتظاهرين باستخدام الغاز المسيل للدموع الذي تمت الاستعاضة عنه بالرصاص الحي في ضاحية بري الدرايسة شرق العاصمة حيث خرجت تظاهرة حاشدة شهدت وقوع العديد من الإصابات بالرصاص، قتل منهم متظاهران اثنان بينهم طبيب.
ووفق تقرير «لجنة الأطباء المركزية» حالت قوات الأمن دون إسعاف الجرحى ومنعت الفرق الإسعافية والأطباء والسيارات التي تحمل المصابين من الوصول إلى المستشفيات واعتقلت عدداً من الأطباء استكمالاً لحملة اعتقالات غير مسبوقة بدأتها أمس فيما قُدر عدد الذين تم اقتيادهم إلى مكتب التحقيقات (القسم الشمالي للشرطة) بـ300 شخص في طريقهم للزيادة وفق مصدر مطلع في القسم.
جُلّ ما يتمناه البشير هو الوصول إلى عتبة الانتخابات سواء كانت مبكرة أو في أجلها الزمني المحدد عام 2020. هو الحل الوحيد الذي رفعه البشير أمام مؤيديه في أكثر من مناسبة. وبحسب مراقبين يراهن حزب «المؤتمر الوطني» على أنه من أكثر الأحزاب تنظيماً في الساحة السياسية، بعد أن عمل على إضعاف الأحزاب الموالية له بتشريد كوادرها خارج البلاد أو ضمها تحت منظومة أحزاب «الحوار الوطني» المشاركة في السلطة. لذا فإن التوافق على الارتهان لصناديق الاقتراع يعتبر طوق نجاة البشير ويتضح ذلك في حديث نائب رئيس حزب «المؤتمر الوطني» فيصل حسن إبراهيم الذي خرج مباهياً مساء أمس في اختتام اجتماع المكتب القيادي لحزبه، قائلاً إن البناء التنظيمي للحزب قد اكتمل في تسع ولايات، بمشاركة ستة ملايين من أعضاء الحزب.
تعويل البشير على الانتخابات بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين «غير مقبول». إذ اعتبر أن حكومة البشير «لا تمتلك الشرعية السياسية، لأنها أتت بانقلاب عسكري أولاً ولأن كل الانتخابات التي أجرتها سابقاً وآخرها عام 2015، قاطعتها كل الأحزاب السياسية التي اعتبرتها انتخابات الحزب الواحد وأنها غير نزيهة». ثم أن حزب «المؤتمر الوطني» «يسخر إمكانيات الدولة لتقوية وتنظيم نفسه» كما يقول زين العابدين. وبرأيه «لا يوجد حل أمام الحكومة إلا عبر الوصول إلى تسوية سياسية مع تجمع المهنيين تكون مدعومة من القوات المسلحة».
وتشمل التسوية وفق زين العابدين «تمثيل تجمع المهنيين في الحكومة، وتعديل الدستور بما يُجرد الرئيس من جميع السلطات على أن تُعطى لحكومة انتقالية وأن تحل جميع البرلمانات وأن تتكون سلطات انتقالية بعدد محدود وأن يحدد تجمع المهنيين مواعيد للانتخابات لتكوين حكومة مصغرة لإدارة البلد». ويرى أستاذ العلوم السياسية أن «تجمع المهنيين يتمتع بمصداقية عالية لدى المواطنين لدرجة مكنته من تحريك التظاهرات في 12 مدينة في الوقت ذاته وهو أمر غير مسبوق».
في المقابل لا يبدو وارداً لدى الشارع، القبول بأي تسويات سياسية مع الحكومة الحالية في الوقت الراهن. فالحكومة بحسب أنس بدر، أحد الشباب المشاركين في حركة الاحتجاجات، «لا تمتلك حلاً ولا مصداقية» وأن «الحل الوحيد هو إسقاطها» كما يقول. وأضاف بدر أنهم كمحتجين يرفضون «أي طرح لحوار أو تسوية» موضحاً أن «الشباب الثائر يمتلك من الوعي السياسي، بما يمكّنه من الحفاظ على ثمار ثورته من أن يتم اختطافها». ولفت بدر إلى أنهم كشباب «لا يثقون بالحكومة ولا بالأحزاب السياسية سواء المعارضة أو المشاركة في السلطة» مضيفاً: «نريد حكومة تكنوقراط تدير البلد إلى أن يتم التوافق على نظام ديموقراطي».
إزاء انسداد الأفق لتهدئة المحتجين، كتب رئيس الوزراء معتز موسى في منشور له في «فايسبوك» يستجدي «طيبة» الشعب قائلاً إن «الشعب السوداني، شعب طيب، لا يعرف هذا السلوك الذي يروج له الخارجون عن القانون». كما دفع موسى بحزمة من الإجراءات المكررة منها زيادة أجور العاملين في الدولة والإعلان عن بواخر محملة بالوقود في طريقها إلى البلاد ودخول منتجات مصرية وانخفاض الأسعار وحل مشكلة السيولة وغيرها من «التبشيرات» التي أثارت حملة واسعة من السخرية في مواقع التواصل أكدت له أن الأوان قد فات وأن المطلب الوحيد الآن هو «إسقاط الحكومة».
المزيد في هذا القسم:
- تركيا تخرق وقف إطلاق النار في شمال سوريا قبل سريانه ! المرصاد نت - متابعات لم يدخل الاتفاق الأميركي - التركي على وقف إطلاق النار في شرق الفرات حيّز التنفيذ بعد على رغم الإعلان عن بدء سريانه ليل الخميس - الجمعة. إ...
- 24 شهيداً بينهم رضّع وأطفال بالعدوان الإسرائيلي على غزة ! المرصاد نت - متابعات أكد قيادي في المقاومة الفلسطينية للميادين انتهاء مرحلة التصعيد الجزئي الإسرائيلي على قطاع غزة مع تواصل العدوان وتنفيذ سياسة الاغتيالات وا...
- 47 قتيلا وجريحا بتفجير سيارة ملغومة وسط اسطنبول المرصاد نت - متابعات لقي 11 شخصا مصارعهم بينهم سبعة شرطيين وأصيب 36 آخرون بجروح صباح اليوم الثلاثاء في هجوم بسيارة ملغومة وسط مدينة اسطنبول التركية. وقال ...
- "الناتو العربي" ذراع عسكري لإتمام مؤامرة صفقة القرن ! المرصاد نت - متابعات أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" قبل عدة أشهر عن موافقته على إتمام صفقته المشؤومة المسماة بـ"صفقة القرن" وكخطوة أولى لإجراء هذه الصفقة،...
- أول خطاب للبشير بعد «الطوارئ»: لا جديد في سردية السلطة ! المرصاد نت - متابعات تعهّد الرئيس السودانيّ عمر حسن البشير بأن تشهد الأيام المقبلة العديد من الإجراءات لتعزيز الحوار الوطنيّ وفي كلمة له أمام البرلمان أمس الإ...
- «وصفة» البشير بعيون الخبراء: ليس بالطوارئ يُحارَب الفساد! المرصاد نت - فاطمة المبارك يبرّر الرئيس السوداني حالة الطوارئ التي فرضها الشهر الماضي بالظروف الاقتصادية أكثر من السياسية لكن معظم التقديرات تفيد بأن هذا الإجر...
- ما هي صواريخ التوماهوك الأمريكية؟ المرصاد نت - متابعات أقدمت القوات البحرية الأمريكية على استخدام 59 صاروخ توماهوك في عدوانها العسكري علي مطار الشعيرات العسكري في حمص بسوريا وتعتبر أمريكا ه...
- كوريا الشمالية : عودة إلى التصعيد: بومبيو «مُهندس» الاستفزاز! المرصاد نت - متابعات تصعيد جديد ظهر بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة أمس بفعل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي بسبب تصريح منه ربما كان قد فتح الباب...
- بسبب رفض الجزائر لاتهام حزب الله بالارهاب.. الخليج يدعم المغرب ضدها في قضية الصحراء المرصاد نت - متابعات أكد مجلس التعاون الخليجي في القمة التي انعقدت الأربعاء الماضي بالرياض بمشاركة المغرب دعمه للرباط في قضية الصحراء الغربية. ورفض على لسا...
- إسرائيل ــ السعودية: تخادم أم خدمات أحادية الاتجاه؟ المرصاد نت - علي حيدر لا يحتاج المراقب إلى الكثير من المعلومات الخاصة كي يدرك بأن العلاقات بين النظام السعودي وكيان الاحتلال الإسرائيلي ستخرج إلى العلن في وقت ...