المرصاد نت - متابعات
بكل وقاحة لم يخجل رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله آل الشيخ مدعوماً من رئيسة مجلس النواب البحريني فوزية زينل ورئيسة المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي أمل القبيسي من الاعتراض على البيان الختامي، متذرّعاً بأن هذا الموقف مسؤولية الحكومات، لا البرلمانات!
لكن «برلمانات» الدول الخليجية الثلاث التي لا تعرف مبدأ الانتخاب من الأصل تعيّنها أنظمتها لتكون صدىً لسياساتها تحت عنوان برلماني. ومن هنا تمسّك ممثل مجلس الشورى السعودي بموقف بلاده الرسمي تجاه العدو الصهيوني الذي تجلى بأوضح صوره في لقاء وزراء الخارجية الخليجيين رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في مؤتمر وارسو قبل أسابيع.
إلا أن رئيس البرلمان الأردني عاطف الطراونة وعلى الرغم من اتفاقية السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل في وادي عربة كان رأس الحربة مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ في الدفاع عن بند رفض التطبيع والتصدي للموقف الخليجي عاكساً حالة التمايز في أوساط البرلمان الأردني عن الموقف الرسمي ومطالبات النواب بطرد السفير الإسرائيلي من عمّان ومزاج الشارع الذي لم يهضم بعد اتفاقية السلام مع العدو.
أما بري فحصّل إنجازاً مهماً في بيان المؤتمر بعد اعتراضه على إدراج مصطلح «القدس الشرقية» فيه. وأثناء قراءة البيان اعترض بري بحضور رؤساء الوفود على استخدام تعبير «القدس الشرقية»، مطالباً باستبدال «القدس الشريف» به ملقياً الحجّة على الحاضرين بأن هذا الموقف تنازل مجاني للعدو الذي لا يزال يستبيح الأراضي العربية ويعتدي على الفلسطينيين. كلام بري حاز تأييداً واسعاً من غالبية الوفود، ولا سيما السوري والأردني ما أضعف الموقف الخليجي، وأدى إلى تبني اعتماد مصطلح «القدس الشريف» في الصيغة النهائية.
ومما لا شك فيه أن موقف الاتحاد البرلماني الأخير رفع سقف الخطاب البرلماني العربي خصوصاً بعد تأكيد الطراونة أن الشعوب العربية ترفض التطبيع مع إسرائيل الأمر الذي يؤسس لخطاب يعاكس النشاط الإسرائيلي ــ الخليجي الحثيث لفرض التطبيع أمراً واقعاً كمقدمة لاتفاقيات السلام على عكس السياسة الإسرائيلية القديمة التي كانت تحاول تقديم اتفاقيات السلام على التطبيع مع العرب.
ويمكن القول إن مؤتمر أمس حقق شيئاً من استعادة ماء الوجه في ما خصّ استمرارية الصراع مع العدو الإسرائيلي على مستوى الموقف (فضلاً عن موقف قوى المقاومة المسلحة طبعاً)، على الرغم من كل الإحباطات التي يوجهها النظام الرسمي العربي إلى فلسطين والفلسطينيين، ولا سيما بعد فضيحة وارسو فضلاً عن أن مشاركة سوريا في المؤتمر أعادت إلى الاتحاد البرلماني العربي اعتباره في ظلّ استمرار الأنظمة الخليجية في الانصياع للإرادة الأميركية والتباطؤ في قرار وقف تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وفي ذات السياق استنكرت أوساط برلمانية وشخصيات سياسية عربية موقف السعودية من التطبيع مع الكيان الاسرائيلي وذلك خلال اجتماع البرلمانات العربية الذي اختُتم في الأردن أمس. وشهد مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الـ29 جدلاً واسعاً وصراعاً بسبب بند يرفض التطبيع مع الاحتلال. وطالبت السعودية والإمارات ومصر خلال جلسة مناقشة بنود مسودة البيان الختامي بإعادة مناقشة وصياغة البند الـ13 المتعلق بوقف التطبيع.
وانقسم اجتماع الاتحاد البرلماني العربي الـ29 الى محورين: الاول بقيادة السعودية والامارات ومصر ومعهم البحرين ويطالب بنص يعتمد في مسالة التطبيع والاتصال مع "الكيان الإسرائيلي" على مقررات الجامعة العربية. والفريق الثاني بالتعاون ما بين لبنان والاردن يحظر التطبيع على المستوى الشعبي.
بحسب ما نقلته مصادر برلمانية فقد كانت البداية عندما تقدم الوفد البرلماني الإماراتي خلال جلسة مناقشة البيان الختامي للمؤتمر بورقة تلاها رئيس البرلمان المصري علي عبد العال طالب فيها بمراجعة صياغة البند الثالث عشر للمؤتمر المتعلق برفض التطبيع مع "إسرائيل" ليدعم المطلب فوراً رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله آل الشيخ في حين اشتعل الخلاف وارتفعت الأصوات الرافضة للمقترح الثلاثي.
اذ تمسَّك عاطف الطراونة رئيس مجلس النواب الأردني ورئيس الاتحاد البرلماني العربي بنصِّ بندِ وقف التطبيع مع "إسرائيل" الوارد في مسودة البيان الختامي مهاجماً فكرة تغيير البند، ومشدداً على أن "الشعوب العربية ترفض التقارب والتطبيع مع "إسرائيل" وهو قرار للبرلمانيين العرب الذين يمثلون إرادة الشعوب". ووسط التصفيق الحار من قِبل رؤساء الوفود البرلمانية العربية الأخرى أبرزها الفلسطيني والسوري واللبناني رفض الطراونة المقترح المصري-السعودي-الإماراتي مؤكداً أن البند سيبقى كما هو دون مسٍّ أو تغيير.
من جهته اعتبر عضو مجلس النواب الأردني نقيب المحامين الأسبق "صالح العرموطي" أن المؤتمر التاسع والعشرون للاتحاد البرلماني العربي الذي حمل عنوان "القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين" لم يرق إلى مستوى الحدث وما يتعرض له الشعب الفلسطيني.
وتساءل العرموطي "إذا أراد المؤتمر أن يوقف التطبيع فلماذا لم يرد في بيانه الختامي إشارة لطرد السفراء الإسرائيليين من الدول العربية التي لديها سفراء من "إسرائيل"؟. وأضاف العرموطي "لا يوجد خطاب قوي.. لا يوجد خطاب يرتقي إلى ثقافة المقاومة.. لا توجد إدانة للدول التي أقامت علاقات مع العدو الصهيوني.. لا يوجد طرد للسفراء الإسرائيليين في الدول العربية التي لديها سفراء مع إسرائيل". وأكد النائب الاردني: "من يطالب وقف أشكال التطبيع عليه أن يوقف اتفاقية الغاز وناقل البحرين والاتفاقيات التي عقدت مع العدو الصهيوني سواء في الأردن أو مصر أو في دول الخليج الآن".
وبحسب مصادر لم يتضح شكل الصيغة التي اقترحتها الدول الثلاث لكن الورقة التي تلاها عبد العال دعت إلى إعادة صياغة البند بما يتماشى مع قرارات الجامعة العربية إلا أن مصادر أردنية قالت إن الدول الثلاث طالبت صراحة بـ "حصر البند بوقف تطبيع الشعوب مع المحتل الإسرائيلي دون الحكومات". فيما دعا رئيس مجلس الشورى السعودي آل الشيخ إلى إزالة هذه التوصية باعتبارها صيغت بشكل دبلوماسي وقال إن هذا الموضوع من مسؤولية السياسيين وليس البرلمانيين على حد تعبيره. وفي نهاية الجدل بقيت الفقرة كما هي ونجح الأردن في تثبيت البند الذي يدعو إلى وقف التطبيع مع "إسرائيل" وجميع أشكال التقارب معها.
وهاجم رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم التطبيع مع "إسرائيل" بقوة معتبراً أن بلاده الكويت ترفض مجرد الحديث أو التسويق لتطبيع العرب مع إسرائيل معتبراً أنه في "خانة الحرام السياسي". وقال الغانم إنه "يدعو وبكل وضوح إلى تأكيد أن يكون في البيان الختامي للمؤتمر رفض للتطبيع". وتابع: "مجرد الحديث عنه والتسويق لهذا الموضوع يجب أن نصنفه نحن كممثلي الشعوب في خانة الحرام السياسي والممنوع الأخلاقي".
واستنكرت الأوساط البرلمانية والشخصيات السياسية العربية موقف النظام السعودي من التطبيع مع الكيان الاسرائيلي خلال اجتماع البرلمانات العربية. وأجمعت ردود الفعل على أن رفض الوفد السعودي لمقترح وفد الكويت بإدخال فقرة في البيان الختامي ترفض وتُحرّم التطبيع يُعَدُّ سابقة خطيرة وخيانة علنية لثوابت العرب والمسلمين والتزامهم حيال الشعب الفلسطيني.
كما استنكر سياسيون فلسطينيون الموقف المصري والإماراتي المساند للسعودية لاسيما اعتراضهم على مقترح رئيس البرلمانِ اللبناني نبيه برّي بادخال فقرة "القدس عاصمة فلسطين" بدلا من القدس الشرقية. سياسيون ومحللون أغضبهم الموقف الرسمي لبعض الأنظمة العربية من التمسك بالتطبيع ووصفوا موقف السعودية ومصر والإمارات بأنه "مخزٍ وكارثة سياسية خطيرة" مؤكدين أن دفاع تلك الدول عن التطبيع بهذا الشكل يكشف وجهها الحقيقي وأن التطبيع بالنسبة لها بات سلاحها الوحيد للتقرب من"إسرائيل".
إلى ذلك تشهد الفترة الأخيرة حالة من الحمّى لدى بعض الدول العربية لأجل التطبيع مع "إسرائيل" إذ اعتبر مؤتمر "وارسو" الدولي حول الشرق الأوسط، الذي عُقد الشهر الماضي (فبراير/شباط 2019) في بولندا "نقطة تحوُّل مفصلية" في العلاقات العربية-الإسرائيلية، بحسب تعبير بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي وصفها تحديداً بـ"نقطة تحول تاريخية". إذ كان من أبرز المشاهد اللافتة للانتباه مشهد ظهور صور لرئيس الوزراء الإسرائيلي وهو يتبادل الابتسامات والضحكات مع قادة دول عربية خلال المؤتمر الذي دعمته وباركته واشنطن التي دعت فيه لتمكين العلاقات العربية-الإسرائيلية وتوحيدها، لمجابهة إيران.
كما شهد المؤتمر مصافحة دافئة بين وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله ونتنياهو، الذي جاء بعد رحلة تاريخية أخرى قام بها في أكتوبر/تشرين الأول 2018 عندما اجتمع مع السلطان قابوس بن سعيد، ضمن فعاليات أول زيارة من نوعها منذ أكثر من عقدين لعُمان.
ويؤكد محللون أن مرحلة الحوار في الخفاء بين أنظمة عربية وتل أبيب قد ولَّت بلا رجعة. وتقيم "إسرائيل" علاقات دبلوماسية رسمية مع دولتين عربيتين فقط: مصر والأردن على مدى عقود من الزمان. في حين ظلت الدول العربية مترددة حتى الآن في إظهار العلاقات العلنية مع "إسرائيل"؛ خوفاً من الإحراج الداخلي لكن هناك دلائل متزايدة مؤخراً على قرب علانية العلاقات بين هذه الدول - التي تعد السعودية والإمارات والبحرين أبرزها - مع "إسرائيل".
وترعى كل السعودية والامارات كل مايساعد عملية التطبيع الجارية حاليا مع الكيان الاسرائيلي من قبل بعض الانظمة العربية وذلك تحضيرا لصفقة ترامب. وقد التقى العديد من كبار ساسة الكيان الاسرائيلي مع كبار المسؤولين في هذه الدول العربية كما زارت وفود سياسية وثقافية ورياضية اسرائيلية هذه الدول التي تتشدق بدعم القضية الفلسطينية وتحرير الاراضي العربية والاسلامية المحتلة من دنس هذا الكيان المحتل.
وكان رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن مؤخرا أنه يتوقع أن يزور المزيد من الدول العربية في المستقبل القريب. وقد زار نتنياهو أخيرا سلطنة عُمان كما أجرت وفود وزارية إسرائيلية زيارات علنية إلى الإمارات والبحرين للمرة الأولى.
كما شارك وفود وزارية عربية من السعودية والبحرين واليمن وعمان في مؤتمر وارسو الى جانب رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. وقد أعلن وزير الاقتصاد الإسرائيلي إيلي كوهين تلقيه دعوة لزيارة البحرين للمشاركة في مؤتمر حول التكنولوجيا الحديثة.
ويعتبر التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، جريمة لاتغتفر وانه يرتكز على بناء علاقات رسمية وغير رسمية سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واستخباراتية مع هذا الكيان والتطبيع هو تسليم للكيان الاسرائيلي بحقه في الأرض العربية والاسلامية بفلسطين، وبحقه في بناء المستوطنات وحقه في تهجير الفلسطينيين وحقه في تدمير القرى والمدن العربية وهكذا يكون التطبيع هو الاستسلام والرضا بأبشع مراتب المذلة والهوان والتنازل عن الكرامة وعن الحقوق.
المزيد في هذا القسم:
- مظاهرات ضخمة في نيويورك تطالب باستقالة ترامب المرصاد نت - متابعات تظاهر الاف الامريكيين مساء أمس الاثنين أمام برج ترامب في نيويورك مطالبين الرئيس دونالد ترامب بالاستقالة من منصبه. وبحسب وسائل الاعلام ...
- الأردن... حليف الغرب المخلص غاضبٌ ومرتبك! المرصاد نت - متابعات أين يقف الأردن بالتحديد اليوم؟ هل هو مع الغرب، أم مع العالم العربي؟ وهل هو بالفعل دولة مستقلّة، وأي مستقبل يتهدّده؟ في الآونة الأخيرة في...
- طيار سعودي متقاعد يثير تفاعلا بتصريح عن مشاهدة ما قد يكون "جني" أو "طبق طائر" والتعامل معه... المرصاد-متابعات أثار الطيار السعودي، اللواء الركن متقاعد فهد العطاوي تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عقب تصريحات أدلى بها عن مشاهدته جس...
- مبادرة عمانية للتهدئة: مؤتمر يجمع العرب وإيران! المرصاد نت - متابعات تواظب مسقط على لعب دور الإطفائي في الجبهات الأربع: حرب اليمن، الأزمة الخليجية، إيران والولايات المتحدة، السعودية وإيران. وفي ملف الأزمة ب...
- بريطانيا توسّع نطاق عمل طائراتها الإستطلاعية الى سوريا اعلن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون الثلاثاء توسيع مجال الرحلات الاستطلاعية لطائراتها من دون طيار وطائرات التجسس التي عملت حتى الان في العراق، الى سوريا، لصد...
- إنتصارا للأقصى.. "أنونيموس" تهاجم مواقع إسرائيلية بدأت مجموعة المخترقين الشهيرة، والتي تُعرف باسم "أنونيموس" عملية اختراق لعددٍ من المواقع الإسرائيلية بهدف نصرة الشعب الفلسطيني وانتصاراً للمسجد الأقصى. وصرّحت ...
- مَن ينقذ القضية الفلسطينيّة من خطّة السّلام الأميركية؟ المرصاد نت - متابعات ولاةَ الأمر .. ما خنتم .. ولا هِنْتمْ ولا أبديتم اللينا جزاكم ربنا خيراً كفيتم أرضنا بلوى أعادينا وحقّقتم أمانينا وهذي القدس تشكركم ...
- ترامب يدعم مرشحا مسلما ويدعو لحشد "موجة عملاقة" للفوز في الانتخابات النصفية المرصاد-متابعات دعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى حشد ما وصفها "بموجة حمراء عملاقة" من الجمهوريين، من أجل ضمان الفوز على الديمقراطيين في الانتخابات ا...
- سلطنة عمان: من التوازن نحو الاتزان! المرصاد نت - متابعات تعدّ سلطنة عمان أكثر دول مجلس التعاون توازناً واتزانا فقد نجحت مسقط بقيادة السلطان قابوس بن سعيد خلال العقود الماضية في تجنيب البلاد أيّ ...
- مجلة "أتلانتيك"بن سلمان ينوي عزل وزير الخارجية الجبير وتعيين شقيقه المرصاد نت - متابعات كشف مجلة "أتلانتيك" الأميركية أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ينوي عزل وزير الخارجية السعودي الحالي عادل الجبير بعدما تمكن من ا...