المرصاد نت - متابعات
أسبوع "الأبارتيد" الإسرائيلي هو سلسة سنوية من المحاضرات والتظاهرات التي تقام في شهر آذار/ مارس في العديد من الجامعات حول العالم. بدأت فعاليات هذا الأسبوع لأول مرة في تورونتو عام 2005م وبحلول عام 2009م انتشرت فعاليات هذا الأسبوع في 40 مدينة حول العالم، من ضمنها مدن في (كندا، وإنكلترا، والولايات المتحدة، وجنوب أفريقيا، والمكسيك، وسكوتلندا، والنرويج، والضفة الغربية).
سبق أن أعلن عن أهداف حملة أسبوع الأبارتيد رسمياً لتكون (الحملة) مساهمة في بنود المعارضة الدولية لنظام الفصل العنصري في إسرائيل ولدعم المقاطعات والعقوبات على إسرائيل بالتوافق مع بيان تموز/ يوليو 2005م المساواة الكاملة للعرب في إسرائيل وإنهاء الاستعمار والاحتلال لكل الأراضي العربية - بما فيها (مرتفعات الجولان، والضفة الغربية المحتلة، والقدس الشرقية وقطاع غزّة)- وهدم الجدار وحماية حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم كما نصّ قرار الأمم المتحدة 194.
الأبرتايد في تعريفه القانوني هو هيمنة عرق على آخر من أجل فرض بنية سيطرة من طريق أعمال غير إنسانية. وفي البدء، أرادت الحركة الصهيونية إنشاء موئل يهودي، ولكن دولة الكيان الإسرائيلي أُرسيت على غياب في المساواة بين اليهود والفلسطينيين. وكان التحدي الصهيوني أكبر من تحديات نظام الأبرتايد في أفريقيا الجنوبية: فهو أراد إنشاء دولة يهودية وديمقراطية في آن - وهذا يقتضي إرساء توازن سكاني- ومنذ 1947م أي منذ طرد 750 ألف فلسطيني ورفض حق عودة المتحدّرين منهم، ترمي السياسة الإسرائيلية إلى الحؤول دون غالبية فلسطينية وهذه مصدر خطر و"قنبلة سكانية".
إن مثل هذا الشاغل لم يكن شاغل النظام في أفريقيا الجنوبية الذي لم يطمح إلى الديمقراطية. ولكن إسرائيل تنتهج سياسة تذرير الفلسطينيين وتقسيمهم من طريق رفض حق العودة، والسيطرة العسكرية على الأراضي المحتلة بعد 1967 وغيرها من تكتيكات تستهدف الأقلية الفلسطينية في إسرائيل. وفي مقدور اليهود من أصقاع المعمورة كلها القدوم إلى إسرائيل، في وقت إن الأبواب موصدة في وجه فلسطينيي الخارج.
سبق أن ازدرت إسرائيل تقريراً نشرته منظمة «إسكوا» الأممية في آذار/ مارس 2017م حمل عنوان «الأساليب الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الأبرتايد». وشجبت أميركا والأمانة العامة الأممية التقرير هذا، وطلب أمين عام الأمم المتحدة سحبه من موقع «إسكوا»، واستقالت، الأمينة التنفيذية في المنظمة هذه، ريما خلف، احتجاجاً. ورأت حكومات كثيرة أن المبالغة شابت المقارنة بين نظام الأبرتايد في جنوب أفريقيا وإسرائيل. ولكن إذا نظر المرء إلى المسألة من وجهة نظر الضحية، لا مبالغة في وصف النظام الإسرائيلي بـ"الأبارتيد".
الواقع أنه يزعزع تقرير "الإسكوا" الأخير، وغيره من التقارير المشابهة، هذا البعد المتصل بالشرعية الدولية، لأنه يكشف زيف الادعاء بأن الدولة الصهيونية دولة طبيعية ويثبت بالأدلة القاطعة الأسس القانونية لمنظومة كاملة من الأبارتيد. حيث يتميز التقرير بإيضاح ثلاث مغالطات على الأقل، وهي أن الظلم الواقع على الفلسطينيين لم يبدأ عام 1967 وإنما منذ تأسيس دولة الأبارتيد عام 1948م وأن هذه الدولة تخرق القانون الدولي وترتكب جريمة أكبر ضد الإنسانية كلها بإقامة نظام عنصري، وأن مشكلة فلسطين لا يمكن حلها بإقامة دولتين وإنما بتفكيك نظام الفصل العنصري. "من المعروف أن الصهيونية لم تقم بحد السيف فقط، وإنما هي ثمرة لخطة منهجية يمثل العمل المسلح فيها أداة واحدة بجانب أدوات أخرى اقتصادية وثقافية ودينية ودعائية بجانب وجود صك دولي يُضفي قدراً من الشرعية على المشروع الاستعماري".
لقد كشف التقرير عن الإستراتيجية المتبعة لتنفيذ نظام الأبارتيد وهي إستراتيجية تفتيت الشعب الفلسطيني لأربع مجموعات هي: الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، والفلسطينيون بالقدس الشرقية والفلسطينيون بالضفة الغربية وغزّة والفلسطينيون اللاجئون أو المنفيون بالخارج. والواقع أن الأمم المتحدة ظلت تتبنّى النتيجة النهائية للتقرير لأكثر من 15 عاماً عبر قرار جمعيتها العامة رقم 3379 (1975 م) الذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال "العنصرية والتمييز العنصري" وذلك حتى تم إلغاؤه بضغط أميركي وإسرائيلي في ديسمبر/ كانون أول 1991م هذا فضلاً عن قيام العديد من اللجان والمنظمات الدولية وعدد من الخبراء والمفكرين بالنظر إلى ممارسات دولة الاحتلال بأنها ترقى إلى سياسة الفصل العنصري والمطالبة بفرض عقوبات عليها.
هي العنصرية الفاضحة من واقع الاستطلاع الذي نشرته هآرتس (أكتوبر/ تشرين أول 2012 م ) أيدت غالبية المستطلع رأيهم من الإسرائيليين إقامة نظام أبارتايد في "إسرائيل" على غرار ما كان في جنوب أفريقيا وذلك في حال فشل حل الدولتين وضم أراضي الضفة والقدس الشرقية. وأعرب 74% عن ضرورة إقامة طرق خاصة تفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين بالضفة إذا تم ضمّها مستقبلاً وأيّد 41% ترحيل الفلسطينيين خارج أراضيهم وطالب 69% بحرمانهم من حق الانتخاب في الدولة الواحدة.
يبقى أنه في ظل سياسات الهيمنة التي تمارسها الحكومات الغربية وضعف الحكومات العربية وانقسامها أن لا تمر الفرصة التي يوفرها اسبوع الأبارتيد نحو إعادة إحياء القرار الرابط بين الصهيونية والعنصرية وتقوية الروابط بين المنظمات غير الحكومية العربية وبين شعوب الجنوب والشمال وإطلاق حركة تضامن عالمية تمثل القضية الفلسطينية فيها القضية المركزية ويتم في إطارها تفكيك الربط التعسفي بين ما يسمى "الحرب على الإرهاب" وبين حق وواجب مقاومة الاحتلال والفصل العنصري وتفكيك منظومة الأبارتيد الإسرائيلي والضغط على المنظومة الدولية الداعمة لها والتي تقوم على الهيمنة والمعايير المزدوجة.
قراءة : نجاح عبدالله سليمان - كاتبة وإعلامية مصرية
المزيد في هذا القسم:
- تونس : الحكم بالسجن المؤبد غيابياً لـ بن علي في قضية قتل وإصابة متظاهرين.. غيابياً أصدر القضاء العسكري بتونس حكما بالسجن المؤبّد في حق الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الفارّ إلى السعودية في قضية قتل وإصابة متظاهرين في مدينة الحامة ...
- عراق 2018: الأميركيون يَخلفون «داعش»؟ المرصاد نت - نور أيوب طوى العراق صفحة 2017، بانتصاره على «داعش» الأمر هنا ليس حدثاً بعينه إنما تحوّلٌ في مسار المشاريع المتصارعة في بلاد الرافدين ...
- سلطنة عمان: من التوازن نحو الاتزان! المرصاد نت - متابعات تعدّ سلطنة عمان أكثر دول مجلس التعاون توازناً واتزانا فقد نجحت مسقط بقيادة السلطان قابوس بن سعيد خلال العقود الماضية في تجنيب البلاد أيّ ...
- على خطا آل الرشيد؛ آل سعود في مواجهة آل سلمان؟! المرصاد نت - متابعات تتجه الأمور في السعودية نحو مزيد من التعقيد بعد حملات الاعتقال التي يمارسها ابن سلمان بحق ناشطات حقوقيات كن يدافعن عن حقوق المرأة التي حا...
- بن علوي يزور طهران للمرة الثانية خلال أسبوع! المرصاد نت - متابعات استقبل اليوم الأحد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، نظيره العماني يوسف بن علوي، للمرة الثانية خلال أسبوع لبحث ملف الأمن في الخليج. ...
- السفيرة الأميركية تغادر قطر وحمد بن جاسم ينعي مجلس التعاون الخليجي المرصاد نت - متابعات أعلنت السفيرة الأميركية في قطر أمس الثلاثاء أنها ستغادر منصبها في الدوحة في خضّم أسوأ أزمة دبلوماسية تعصف بحلفاء الولايات المتحدة ف...
- شاهد بالصور..تظاهرة في لندن ضد العدوان السعودي الاماراتي على اليمن المرصاد-متابعات شارك ناشطون وحقوقيون في تظاهرة على متن حافلة جابت بعض شوارع العاصمة البريطانية باتجاه السفارة السعودية طالبت بوقف الحرب على اليمن، ووقف صفقات ال...
- مقتل 1464 إرهابياً من "داعش" في العراق المرصاد - وكالات يشير تقرير اعدته وكالة كل العراق أين الى ان القوات العراقية قتلت خلال الشهر الماضي "أذار" 457 ارهابيا من تنظيم "داعش" ليرتفع عدد قتلى ...
- عراك بالعقال والنعال اثناء جلسة مجلس الأمة الكويتي المرصاد نت - متابعات أخلى رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم قاعة المجلس بعد أن تحولت إلى حلبة مصارعة إثر تبادل عدد من النواب رمي “العقل” و&r...
- المئات يحتجون في باريس رفضا لزيارة نتنياهو وحصار الأقصى المرصاد نت - متابعات خرج مئات المحتجين الى شوارع العاصمة الفرنسية باريس مساء السبت رفضا لزيارة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، إلى فرنسا منتقدين سياسة ...