المرصاد نت - متابعات
هَزُلَتْ.. فصارت اخبار “القمة العربية” نكات بايخة لا يلتفت اليها أحد وإن أهتم الفضوليون بالحالة الصحية للملوك والرؤساء العرب: من منهم يتوكأ على عصاه ومن يتوكأ على بعض مساعديه الأقربين منهم من يسمع جيداً ومنهم من يستعين بسماعات في الاذنين من منهم يتذكر جدول الأعمال ومن نسيه تماماً ونسي معه أسم البلد المضيف وأسم الرئيس الذي يستقبله وأسماء بعض “الشركاء” في السراء والضراء.
هي نزهة متعبة ولكن لا بد منها أقله من أجل الخبر الأول في نشرات الأخبار المتلفزة والصورة جامعة الحلفاء والأعدقاء، وهي ضرورية لأرشيف الدولة ولإثارة البهجة في قلوب الاحفاد.
جدول الأعمال هو هو الذي كان للقمة السابقة، والأمين العام هو هو المنافق المرتشي الذي “يؤمن” بحتمية الصلح مع العدو الإسرائيلي: “اننا في القرن الواحد والعشرين، ولسنا في الجاهلية، وآن أن نتحرر من المنطق الحربجي وان نحمي أجيالنا الآتية من شرور النزاع المفتوح الذي لا ينتج الا الدماء والخراب”.
سوريا مغيبة بالأمر ومقعدها الفارغ يؤكد عبثية القمة..
ومقعد فلسطين تحتله الثرثرة الفخمة بربطات العنق الأغلى والأفخم.. بينما في الارض المحتلة يروي الشهداء بدمائهم ورود الامل بالتحرير.. لا توقفهم دبابات الاحتلال ولا رصاصه القاتل ويتبدون أقوى من جيشه ومن مسانده الاميركي ومن المتواطئين من ملوك العرب ورؤسائهم والامراء معه.
رئيس تونس العجوز يساعد أقرانه من الملوك والرؤساء الشيوخ وقد جاء بعضهم متكئاً على عصاه، وبعض آخر متكئاً على الصهر ومدير البروتوكول ينبه إلى عدم الخلط بين اسمي الرئيسين السبسي والسيسي.. وبين سمو الأمير وسمو ولي العهد.
الشارع، من حول مقر القمة، يضج بغضب الرفض.. والجماهير تحمل علم سوريا رفضاً لقرار الجامعة العربية بتغييبها، وتزدري بالمجتمعين على الخطأ، وتحيي فلسطين التي يستشهد فتيتها مقاومين ويرفضون الاستسلام للعدو العنصري المتوحش الذي استولده “المجتمع الدولي” ذات غفلة عربية مفتوحة في العام 1948، وهي ما تزال تحكم سلوك القمم وتجعلها منتدى للعاجزين الذين يبكون مجداً كان لهم ثم ذهب مع الريح..
لقد انطوى زمان عبد الملك بن مروان وهارون الرشيد الذي كان مطمئناً إلى أن الخراج سيعود إلى بغداد حتى لو امطرت الغيوم في الصين.. وانتهت أيام الاندلس، وها هم الملوك والرؤساء يبكون مجداً لم يستطيعوا حمايته فذهب مع الريح.
انها قمة العاجزين، المفرطين، باعة الاوطان، يرفعون الصوت بادعاء حماية الجولان المحتل ليؤكدوا نسيانهم اساسا القضية التي يحضر “ممثلها” مرتدياً أفخم بزة وأكثر ربطات العنق أناقة فارضاً على الملوك والرؤساء أن يعاملوه كأنه واحد منهم، وهم لا يمانعون: فاذا كان هو رئيسا بلا دولة فانهم ملوك ورؤساء لدول ليست لهم، ولا بالطبع لأهلها.
لا تعني القمة صورة الرئيس الاميركي ترامب وهو يوقع بالموافقة على القرار الاسرائيلي “بضم” هضبة الجولان السورية إلى كيان احتلالها بينما رئيس حكومة العدو نتنياهو يصفق له محيياً “شهامته” و”سخاءه” على الكيان الإسرائيلي الذي اقيم بالقوة ويتوسع بالقوة على حساب أهالي البلاد الاصليين، فلسطينيين ومصريين وسوريين ولبنانيين (حتى لا ننسى مزارع شبعا..)
القمة لا تهتم بالصغائر فماذا يعني أن يخسر العرب بعض أرضهم ـ وهي قارة بلا حدود ـ من اجل ثبات العروبة وتوطيد أركان أنظمة الانفصال والعجز عن المقاومة فكيف بالتحرير الذي سقط دونه القادة العظماء وجيوشهم الجرارة.. فكيف يطلب من قطر الغاز وامارات النفط المقاتلة ضد شعب اليمن وسعودية الامير محمد بن سلمان قاتل الخاشقجي وساجن الامراء ومعهم رئيس حكومة لبنان ومصادر اموالهم والجواري وسفاح الشعب اليمني الذي ولد جيش الفتح ودخل الاندلس بعمامته مقاتلاً باسم عروبته والدين الحق!
كلما أنعقدت قمة عربية جديدة وضع المواطنون العرب أيديهم على رؤوسهم متخوفين من التنازلات الجديدة التي سيقدمها الملوك والرؤساء والامراء من حقوق الامة في ارضها، وحق الانسان العربي في الكرامة والعزة ومجد هويته ذات التاريخ المجيد!
إن القمة تكاد تكون مرادفاً للكارثة القومية.
انها ساحة للتنازلات عن حقوق الانسان العربي في أرضه وفي التطلع إلى غد أفضل يرى نفسه ـ بتاريخه وكفاءته ـ جديراً به.
إن القمة العربية منحدر بلا قرار..
كل قمة جديدة هي عنوان للتنازلات والتخلي عن الثوابت: من الكرامة إلى الحقوق الطبيعية إلى حق الحياة الكريمة في الأرض المقدسة إلى الحق الشرعي بغد أفضل نتيجة التضحيات ودماء الشهداء وجراح النساء والاطفال والحجاة المقدسة في فلسطين كل فلسطين من البحر إلى النهر.
في انتظار إنهاء عصر العتمة والتخاذل والتنازل ليكون للإنسان العربي قمة لنضاله من أجل الوحدة والحرية والكرامة والاعتزاز بهويته التي كانت الاكرم عبر التاريخ.
طلال سلمان - صاحب جريدة "السفير" اللبنانية ورئيس تحريرها منذ آذار 1974 حتى آخر عدد من صدورها بتاريخ 4 كانون الثاني2017م.
المزيد في هذا القسم:
- الإمارات ليكس: ترامب يطلب تخريب العراق بأموال السعودية المرصاد نت - متابعات ليست دولة الإمارات التي باتت الجاسوسية صفة ملازِمة لسفرائها في البلدان العربية والأجنبية بعيدة من المخطط الأميركي - الخليجي المعمول عليه ...
- تونس... الصراع على السلطة مستمر المرصاد نت - ليليا بلاز تحكم تونس منذ عام 2014 أي بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة حكومة توافق وطني تضم حركتي «النهضة» (تصوّر نفسها كمسل...
- الجدار المضاد للأنفاق: المقاومة أمام «حرب الأدمغة» مجدداً المرصاد نت - هاني إبراهيم يمثّل الجدار على عمق 40 متراً تحت الأرض تحدياً جديداً للمقاومة في الحرب المستمرة مع العدو حرب الأمن والأدمغة. وبينما لا شك في أن ...
- صحافة غربية :السعودية مملكة الإرهاب وقد شاركت في تمويل داعش المرصاد نت - متابعات نشر موقع بريتبارت الإخباري المقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتهامات لاذعة للسفير النرويجي السابق بالرياض للسعودية. وقال السفير ا...
- تونس : إنطلاق القمة العربية والقضية الفلسطينية على رأس جدول أعمالها! المرصاد نت - متابعات انطلقت في تونس اليوم أعمال الدورة الثلاثين للقمة العربية بحضور عدد من القادة العرب وغياب الرئيس السوداني عمر البشير. ويناقش القادة العرب ...
- القواعد العسكرية وأهمية منطقة الخليج في الاستراتيجية الأقتصادية والعسكرية الأمريكية المرصاد نت - متابعات بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي سعت أمريكا إلى استغلال هذه الفرصة للهيمنة على مقدرات الشرق الأوسط لاسيّما منطقة الخل...
- القوات العراقية تحرر 6 أحياء داخل مدينة الموصل والامم المتحدة تكشف تخزين داعش موادَ كيم... المرصاد نت - متابعات واصلت القوات العراقية المشتركة أمس الجمعة تقدمها داخل أحياء الموصلوأحكمت قبضتها على ستة أحياء بالمدينة سيطرت عليها في الأيام العشرة الماض...
- 5 قتلى واصابة العشرات بعملية دهس بشاحنة في ستوكهولم المرصاد نت - متابعات اعلنت الشرطة السويدية اليوم الجمعة مقتل 5 أشخاص وأصابة العشرات بعد دهس شاحنة للمارة في شارع رئيسي للتسوق في ستوكلولم. وأوضحت الشرطة ال...
- ألمانيا تلغي التوقيع على صفقة الغواصات مع إسرائيل المرصاد نت - متابعات في أعقاب التطورات الدراماتيكية في التحقيقات المتصلة بصفقة الغواصات والسفن الحربية بين إسرائيل وألمانيا قرّرت الأخيرة إرجاء التوقيع على ات...
- إيران : 66 قتيلاً بسقوط طائرة في منطقة جبلية المرصاد نت - متابعات لقي 66 إيرانياً حتفهم في تحطم طائرة تابعة لشركة "آسمان" كانت تقلهم وذلك فوق منطقة زاغروس الجبلية في وقتٍ واجهت فيه فرق الطوارئ صعوبات في ...