قمم بيع فلسطين السلمانية: «فزعة» لعدوان ترامب وبولتون!

المرصاد نت - متابعات

تحشد الرياض ما تيسّر لها من استغلال للزمان والمكان خدمة لدعاة الحرب في واشنطن. قممٌ بالجملة تقاطر إليها زعماء البلاد العربية والإسلامية دعماً لهجوم الإدارة الأميركية المتلازم على Macaahhh2019.5.30المنطقة باتجاهين: محاصرة إيران وضربها بالتزامن مع الشروع في تطبيق «صفقة القرن»

في وقت يتسلّل فيه مئات الجنود الأميركيين إلى مراكزهم في «أرض الحرمين» نجح الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في جمع زعماء البلدان العربية والإسلامية وممثليهم في مدينة مكّة المكرّمة في قمم ثلاث إسلامية عادية تعقد اليوم وعربية وخليجية طارئتين عقدتا أمس. وإذ يَنصبّ اهتمام المراقبين على إحصاء من غاب وحضر من زعماء الصفّ الأوّل كمؤشّر على اصطفافات المحاور الإقليمية فإن أبرز الغائبين سيكون الرئيس التركي وأمير قطر وسلطان عمان والملك المغربي فضلاً عن الرئيس الإيراني الذي تخيّم قضية بلاده على قمم مكّة.

رغم ذلك تسجّل الرياض نجاحاً شكلياً وهو أساس رسالتها من وراء التحشيد اليوم عبر إظهار أكبر قدر من التعاطف معها بوجه «الاستهداف». على الصعيد العملي وإن كان رفع مستوى الحضور القطري مؤشراً «إيجابياً» بعد عامين على الأزمة الخليجية، فإنه لم يَرْق بعد إلى مستوى يؤثّر في وضع الشقاق الخليجي. كذلك فإن التحشيد الذي تريد منه الرياض بالتنسيق مع واشنطن، أن يرقى إلى مستوى إنشاء تحالف عسكري ضد طهران يعرف إعلامياً بـ«الناتو العربي»، لا يزال يعاني من غياب الاستجابة الجدّية له لا سيما من قِبَل القاهرة.

بالعودة إلى الدعوات التي كانت وجّهتها الرياض للزعماء الخليجيين والعرب لعقد قمتين استثنائيتين، فإنها أرادت ــــ باستثمار تواجدهم أساساً في قمّة «منظمة التعاون الإسلامي» العادية ــــ تظهير مشهد تحشيد موازٍ برمزية الزمان والمكان (الأراضي المقدسة وفي شهر رمضان) حصلت عليه، بوجه الهجوم اليمني الذي طاول منشآتها النفطية أخيراً واتهمت طهران بتدبيره على وقع التوتر الأميركي ـــ الإيراني. وفي ذلك تكرار غير مجدٍ للصراخ الذي تواصله منذ أن أوقعت نفسها في وحول الحرب ضد اليمن، وإنشائها تحالفاً سرعان ما أخذ عقده بالانفراط. حتى أن التفاعل العربي والإسلامي خلال الأيام الماضية مع الدعوات السعودية بدا رتيباً ومسايراً ويشي بتراجع ضمني كبير لصورة المملكة وتأثيرها لم تسعفه المزاعم المفضوحة حول استهداف مدينة مكّة بصاروخ يمني عشية القمّة بهدف رفع مستوى التعاطف.

قبل كل ما تقدّم يبقى أن القمم الثلاث التي لا جدوى من انتظار بياناتها لِمَن تابع تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، أثناء زيارته الخليجية إلى الإمارات قبل يومين، أو مواقف رئيسه دونالد تارمب تحمل توقيتاً أميركياً بامتياز على خطّين متلازمين: تسعير العداء لإيران وتكثيف الاصطفاف ضدّها إلى جانب الولايات المتحدة والثاني تأمين الغطاء الخليجي والعربي والإسلامي لمشروع تصفية القضية الفلسطينية المعروف بـ«صفقة القرن» والذي بات انطلاق جدول أعماله على قدم وساق.

وفي تكرار للمواقف الأميركية هذه الأيام قال الملك السعودي في اجتماع القمّة الخليجية أمس إن «تطوير إيران لقدراتها النووية وصواريخها الباليستية يهدد أمن المنطقة والعالم» معتبراً أن أفعال إيران تهدّد الملاحة العالمية وإمدادات النفط العالمية وهي «تعدٍّ سافر على مواثيق ومبادئ الأمم المتحدة». المواقف السعودية التصعيدية كان دشّنها وزير الخارجية إبراهيم العسّاف، خلال اجتماع مع نظرائه في جدّة عشية القمم الثلاث بالدعوة إلى التصدّي للهجمات الإيرانية «بكل قوة وحزم». وهو ما ردّت عليه الخارجية الإيرانية بالقول إنها «ان الجمهورية الإسلامية إذ تنفي الاتهامات الموجهة من وزير الخارجية السعودي... تأمل بوصفها إحدى الدول المؤسسة لمنظمة التعاون الإسلامي أن يسهم هذا الاجتماع الذي يعقد خلال شهر رمضان المبارك، في تعزيز الوحدة بين الأمة الإسلامية، وأن يركز على القضية الرئيسة وذات الأولوية في العالم الإسلامي أي القضية الفلسطينية».

في المواقف السعودية ردّ غير مباشر على المبادرة التي أطلقتها وزارةالخارجية الإيرانية هذا الأسبوع عبر الدعوة إلى حوار خليجي ــــ إيراني وتوقيع معاهدة «عدم اعتداء» لتؤكّد السعودية أن دورها لن يكون في خندق وسطي من العدوان الأميركي. واللافت أن دور الوساطة والدعوة إلى التهدئة الذي يفترض أن تقوم به الدول العربية على وقع التوتر الإقليمي تتولّاه كل اليابان وروسيا. وبحسب مسؤول ياباني فإن مسعى بلاده للعب دور لتخفيف حدة التوتر الإيراني ـــ الأميركي حظي بدعم روسي بعد اجتماع لوزراء الخارجية والدفاع لكلّ من موسكو وطوكيو.

الرياض تشكو إهانات ترامب لسلمان لدى البنتاغون!
تزيد الإهانات المتكررة التي يوجّهها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز من حرج نظام الرياض. وإذ لا يجرؤ الأخير على مواجهة تصريحات ترامب التي تزخر بالتفاخر بكيفية ابتزاز المملكة و«حلب» البلد «الذي لا يملك شيئاً سوى المال» عبر قصة اتصاله الشهير بسلمان التي دائماً ما يرددها، بأي رد فعل علني سوى التزام الصمت فإنه يحاول من دون جدوى من خلال قنواته الدبلوماسية في واشنطن أن يوسّط مؤسستي البنتاغون والخارجية لإقناع الرئيس بالتوقّف عن الإهانة المتواصلة للملك سلمان.

في هذا الإطار نقل مصدر مطّلع عن دبلوماسي سعودي بارز في واشنطن قوله: «لقد عبّرنا عن غضبنا للولايات المتحدة بطريقة ودية وغير رسمية... لكن لسوء الحظ لا تزال هذه الإهانات تتكرّر». وأوضح الدبلوماسي أنه «عادةً ما يعبّر مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية عن أسفهم ويعطون إجابة دبلوماسية قائلين إن الجمل التي يتفوّه بها ترامب (عن الملك) للاستهلاك الداخلي ولا تأخذوها على محمل الجد» لكن في المقابل فإن «مسؤولي البنتاغون عادة ما يكونون أكثر صراحة وعدوانية في ردّهم على تصريحات ترامب» في إشارة إلى تعاطف قادة البنتاغون مع الرياض على عكس وزارة الخارجية.

وفي اجتماع مغلق حضره عدد من الدبلوماسيين العرب المقيمين في الولايات المتحدة قبل مدّة أفاد المسؤول السعودي بأن الرياض ردّت سابقاً على توضيحات البنتاغون بالقول إن «المملكة وبناءً على تعليمات الملك هي أكبر مشتر للأسلحة في العالم وقد وقّعنا أكبر عقود الأسلحة ووقّعنا على عقود غير مسبوقة لبيع الأسلحة مع الحكومة الأميركية ألا تغطي هذه العقود الضخمة تكلفة وجود القوات الأميركية في السعودية؟». هذه المرافعة السعودية خلف الأبواب المغلقة للبنتاغون ردّ عليها مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية بتعاطف بحسب المصدر الذي نقل أن قادة البنتاغون أوضحوا في معرض إجابتهم عن تساؤلات الدبلوماسين السعوديين أن «مسألة المطالبة بتكلفة الوجود العسكري في دولة حليفة واستيفاء هذه التكاليف من الدولة المضيفة ليست مشكلة السعودية وحدها لأن ترامب أمر البنتاغون بإيجاد صيغة مناسبة للمطالبة بتكاليف وجود القوات الأميركية في أكثر من 10 دول غنية وفقيرة قوية وضعيفة».

 وينقل الدبلوماسي السعودي عن مسؤولين في البنتاغون أثناء مراجعتهم بشأن التصريحات المهينة والمحرجة أنهم يبدون استياءهم من الرئيس ويشتكون من أن «ترامب ليس لديه (نظرة) استراتيجية للمصالح الأميركية وينظر إلى القضايا فقط من منظور الكاش والأموال في الصندوق للحظة الحالية وهو بالإضافة إلى المملكةالسعودية طالب باستيفاء تكلفة حضور القوات الأميركية في دول مثل العراق والإمارات وقطر والأردن ومصر وكوريا الجنوبية واليابان وألمانيا وإضافة هذه التكاليف إلى قائمة الديون للولايات المتحدة. حتى إنه دعا إلى تحديد عدد القوات الأميركية المنتشرة في كل دولة ومدفوعاتها الشهرية، وأمر البنتاغون بدفع ما يعادل رواتبهم الشهرية من قبل الدولة المضيفة وهذا المرسوم أثار رد فعل حاداً من جانب القوات الأميركية، حيث قالوا إن الحصول على راتب من البلد المضيف يعني تحويل القوات الأميركية إلى مرتزقة رسميين في ذلك البلد».

ويستنتج الدبلوماسي السعودي من ردود فعل البنتاغون أن «هناك خلافاً كبيراً بينه وبين ترامب وهذا الخلاف قد يؤدي في المستقبل القريب إلى استقالة أخرى على مستوى وزارة الدفاع وكبار القادة العسكريين للولايات المتحدة». ولم يوضح المصدر المقصود بالاستقالة الأخرى عبر عدم الإشارة إلى تاريخ الاجتماع وما إذا كان في أجواء استقالة وزير الدفاع السابق جيم ماتيس.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية