قوات تركيا تحت النار مجدداً: لا «هدنة» في «جيب إدلب» !

المرصاد نت - متابعات

خلال ثلاثة أيام فقط استُهدفت نقاط المراقبة التركية في «جيب إدلب» مرّتين بقذائف صاروخية في ظلّ «هدنة» مفترضة أعلن عنها الجانب الروسي وتنصّلت منها أنقرة والفصائل العاملة تحت Idlaib2019.6.17لوائها. الاستهداف الأول للنقطة العاشرة في جبل شحشبو تلاه تهديد ووعيد تركي بالردّ ولكن ذلك لم يمنع تكرار القصف على نقطة مراقبة أخرى بالطريقة نفسها. وقالت وزارة الدفاع التركية، أمس إن «نقطة المراقبة التاسعة» الواقعة في محيط بلدة مورك في ريف حماة الشمالي تعرّضت لقصف بقذائف هاون من منطقة تسيطر عليها القوات الحكومية السورية نافية وقوع خسائر في صفوف قواتها. ووفق البيان فإن المنطقة التي تم تنفيذ القصف منها هي تل بزام المتاخم لخطوط التماس والواقع وسط مثلث مورك ــ صوران ــ معان. وأكدت الوزارة التركية أن قواتها «ردّت فوراً بالأسلحة الثقيلة» وقدّمت احتجاجاً إلى الجانب الروسي على هذا «الهجوم المتعمّد».

وكما في المرة السابقة خرج وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو ليقول jdar hdwdyإن بلاده «لن تتسامح مع مضايقة النظام السوري لجنودها» وإنها «ستوقفهم (القوات الحكومية السورية) عند حدّهم». وأكد جاويش أوغلو أن «العدوان الأخير يتعارض مع اتفاق إدلب... والجانبان الإيراني والروسي مسؤولان عن لجم النظام باعتبارهما ضامنين». اللافت هذه المرّة كان غياب بيان من وزارة الدفاع الروسية ينفي (أو يؤكد) الرواية التركية على غرار ما جرى بعد الحادثة السابقة فيما لم يخرج أي تعليق رسمي من جانب دمشق في هذا الشأن وفق المتوقع. كذلك تكشف معلومات ميدانية أن القصف طاول النقطة بعد أقل من 24 ساعة على وصول تعزيزات تركية جديدة إليها ضمن خطّة تركية شملت كل نقاط المراقبة في جيب إدلب وتسارع تنفيذها منذ بدء جولة المعارك الأخيرة.

التطور اللافت أي تكرار استهداف القوات التركية ترافق مع انفلات التصعيد بشكل ينعى الهدنة المفترضة. فلا القذائف التي تطلقها الفصائل المسلّحة توقفت وكان آخرها تلك التي استهدفت بلدتَي الوضيحي و الحاضر في ريف حلب الجنوبي بعشرات القذائف ليل أمس ما أسفر عن استشهاد عشرة وإصابة آخرين بجروح. ولا استهداف الجيش المدفعي والجوي لمواقع داخل «جيب إدلب» تقلّص. كما لم تغب الاشتباكات على خطوط التماس عن أجواء هذه «الهدنة»؛ إذ شهد أول من أمس معركة عنيفة على محور تل ملح والجبين في ريف حماة الشمالي، إثر هجوم للجيش على نقاط الفصائل في البلدتين. وعلى رغم دخول وحدات الجيش إلى النقطتين خلال موجة الهجوم الأولى إلا أنها لم تتمكن من التثبيت هناك ما اضطرها إلى الانسحاب خلال وقت قصير، لتعود خريطة السيطرة إلى ما كانت عليه قبل انطلاق المعركة.Syriaa2019.54

خرق التهدئة من جهة واستهداف النقاط التركية من جهة أخرى يعكسان الجو السلبي الذي يشوب العلاقة الروسية ـــ التركية في شأن إدلب برغم التواصل المستمر بين الطرفين. ولا يمكن عزل ما يجري على الأرض عن التصريحات التي خرجت من موسكو أخيراً وتحديداً على لسان الرئيس فلاديمير بوتين والتي تؤكد استمرار دعم الجانب السوري في حربه ضد الإرهاب بما يشمل إنهاء التنظيمات الإرهابية في إدلب ومحيطها. كذلك بدا الافتراق واضحاً في المواقف عبر تقاذف الطرفين المسؤولية عن إيقاف التصعيد، وتطبيق «اتفاق سوتشي». ولا يمكن إغفال تحييد الأضواء عن «المسار السياسي» المتمثل بملف «اللجنة الدستورية» خلال الفترة الماضية لكونه يرتبط بشكل عضويّ بعلاقة موسكو ــــ أنقرة في شأن إدلب وهو ما سيكون حاضراً بقوّة على طاولة محادثات «أستانا» المقبلة.

اشتباكات محدودة في «جيب إدلب»
أنقضت الساعات الأخيرة من ليل أول من أمس على قصف طاول ريف حلب الجنوبي وأسفر عن استشهاد 12 شخصاً وإصابة آخرين تم نقلهم إلى مستشفيات مدينة حلب ليستمر بعدها سقوط القذائف الصاروخية على جانبَي خطوط التماس في «جيب إدلب» نهار أمس. هذا التصعيد جاء استكمالاً لسلسلة «خرق الهدنة» الروسية ـــ التركية والتي بدأت منذ إعلانها وسط غياب ردود فعل جديدة من موسكو وأنقرة على حادثة الاستهداف الثانية من نوعها لنقاط المراقبة التركية داخل منطقة «خفض التصعيد».

اللافت أمس كان غياب نشاط الطائرات الحربية في مقابل تواصل القصف المدفعي على رقعة واسعة من ريفَي حماة وإدلب. وتركَّز قصف الجيش على مناطق اللطامنة وكفرزيتا والزكاة ومورك والجبين في ريف حماة الشمالي إلى جانب محيط جسر الشغور وخان شيخون في ريف إدلب. كذلك، قصفت القوات التركية عدة نقاط في محيط مطار منغ وعين دقنة في ريف حلب الشمالي. وفي المقابل، انحصرت الاشتباكات المباشرة على خطوط التماس في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي حيث شنّت عدة فصائل هجوماً على عدد من نقاط الجيش في جبل التركمان ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء في صفوفه ومقتل عدد من المهاجمين.

ووسط اكتفاء أنقرة بما صدر أول من أمس تعليقاً على قصف نقطة المراقبة التركية التاسعة في محيط مورك شهد أمس اتصالاً لافتاً بين وزير الدفاع خلوصي أكار ونظيره الروسي سيرغي شويغو بحثا خلاله تطورات الوضع في إدلب. وعلى حدّ ما نقلت وسائل الإعلام التركية عن فحوى الاتصال فإن الطرفين أكدا الالتزام بتنفيذ اتفاقَي «أستانا» و«سوتشي»، إلى جانب بحث عدد من القضايا الخاصة بالملف السوري. واستبق الجانب التركي الاتصال بتحريك تعزيزات من القوات الخاصة إلى المنطقة الحدودية المحاذية لمنطقة إدلب وسط إجراءات أمنية مشددة. ووفق ما أوضحت وكالة «الأناضول» التركية سيجري توزيع تلك الوحدات على النقاط الحدودية المحيطة بإدلب داخل منطقة لواء اسكندرون.

وتجري تلك التطورات الميدانية فيما تستعد «هيئة التفاوض المعارضة» لاختتام دورة اجتماعات جديدة في الرياض تحت اسم «دورة عبد الباسط الساروت». وتؤكد أوساط «الهيئة» أن مخرجات الاجتماعات الختامية ستركز على ملف إدلب من جهة وستعيد مواكبة السياق الإقليمي المناهض للوجود الإيراني في سوريا من جهة أخرى. وعلى رغم أن هذه الاجتماعات تحمل صفة الدورية، فهي تأتي في وقت يعاني فيه المسار السياسي من تهميش لحساب مجريات الميدان وكذلك في موازاة محاولة السعودية (أحد أبرز رعاة الهيئة) تعزيز أوراقها في شمال شرق سوريا.

وفي الوقت نفسه يعود النشاط الروسي الديبلوماسي إلى الواجهة استعداداً لجولة جديدة من محادثات «أستانا» إذ وصل المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف إلى بغداد حيث التقى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي. ووفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي لعبد المهدي فقد بحث اللقاء تطورات الساحة السورية واستعدادات عقد «أستانا». ويأتي اللقاء في إطار عمل موسكو على إدخال دول جوار سوريا إلى صيغة «أستانا» لإتاحة تحريك بعض الملفات العالقة ولا سيما في مجال عودة العلاقات الاقتصادية واللاجئين.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية