المرصاد نت - متابعات
فرض المجلس العسكري مرحلة انتقالية يتصدر مشهديَّتها «حميدتي» عمادها التملّص من كل الاتفاقات التي أبرمها مع قوى «الحرية والتغيير» في المفاوضات السابقة والتهرّب من بنود الوساطة الدولية ليفتح بذلك الباب أمام جولة جديد من التصعيد المتبادل مع عودة التظاهرات المجدولة
متأخراً، أبدى تحالف قوى «إعلان الحرية والتغيير» تخوفه من تخطيط «المجلس العسكري» للسيطرة على الحكم، عشية فرض العسكر مرحلة انتقالية بعيدة عن كل الاتفاقات المبرمة وبنود الوساطة الإفريقية. مرحلة تتمثل بإعلان «حكومة» يسعى إلى تشكيلها «بأقصى سرعة»، قبل فرض انتخابات تُعيد إنتاج سلطته مدنياً تماشياً مع رؤية غربية تتباين مع رؤية الداعمَين الإقليميين في الشكل، لكنها تصبّ معها في الهدف نفسه: حكم عسكري مستدام يتلطّى خلف سلطة مدنية، في نموذج أشبه بمصر بعد انقلاب 2013.
دخول البلاد في سيناريو «انقلاب كامل الدسم» كما سمّته قوى «الحرية والتغيير» أمس لم يكن مفاجئاً، بعد مسار طويل بدا واضحاً مآله منذ إطاحة أحمد عوض بن عوف قبل شهرين ونيف، من قِبَل عسكريين أمضوا السنوات الأخيرة متنقلين ما بين الرياض وأبو ظبي للإشراف على المشاركة في حرب اليمن. لكن بعيداً عن الوصاية الواضحة في المواقف والتعيينات والإقالات، بدت فصول «الانقلاب» على الحراك الشعبي وقادته أوضح، منذ بداية المفاوضات مع مجلس عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو الملقب بـ«حميدتي» حيث انطلق قطار مماطلة لم يتوقف عبر جولات تفاوضية ثلاث اعترتها محاولات العسكر لإنكار تمثيل «الحرية والتغيير» للحراك ومحاولة إشراك مكونات النظام البائد وشقّ صفوف التحالف المعارض باستمالة أطراف منه وإبعاد أخرى وما صاحب ذلك من محاولات لإنهاء مظاهر الاحتجاجات إلى أن أُسقطت أخيراً ورقتا قوة قادة الحراك: الشارع بعد فضّ اعتصام الخرطوم والعصيان المدني بتعليقه في اليوم الثاني.
وعلى رغم المسار الذي يؤكد تشبث العسكر بالسلطة ظلت قوى «الحرية والتغيير» تبحث عن فرص للتفاوض إلى أن شكّكت في جداوها أمس لكن ربما كان الأوان قد فات، في ظلّ «ديباجة سلطة» مكتملة الأركان (تشريعية وتنفيذية) يهندسها المجلس وفق ما تأكد أمس ويبدو «حميدتي» الذي كشف عنها، الرجل الأول فيها. «ديباجة» من شأنها إلغاء كل الاتفاقات السابقة، وعلى رأسها منح قادة الحراك أغلبية المجلس التشريعي (البرلمان المؤقت).
إذ أعلن نائب رئيس المجلس إحلال الإدارات الأهلية التي اعتُمِدَت لإدارة شؤون القبائل عام 2017 (بناءً على توصيات «الحوار الوطني»)، محلّ البرلمان المنشود «لعدم وجود مجالس تشريعية في البلاد»، فيما فوّضت تلك المجالس بدورها المجلس العسكري تشكيل الحكومة، بالتعاون مع أساتذة الجامعات والقوى السياسية التي وصفها «حميدتي» بـ«الأحزاب التاريخية والعريقة»، خلال اجتماع معها أول من أمس، أيدت فيه تشكيل الحكومة من قِبَله بعدما انضوت في تشكيل جديد يحوي معظم القوى السياسية خارج تحالف «إعلان الحرية والتغيير».
الهيكلة الجديدة للسلطة التي تسعى إلى التوفيق بين رؤية أميركية وأخرى سعودية ــــ إماراتية للمرحلة الانتقالية، تجعل «حميدتي» صاحب القول الفصل في صنع القرار لأسباب عدة على رأسها طبيعة علاقة قيادات الإدارات الأهلية بـ«تاجر الإبل» الذي يتحدر من قبيلة الرزيقات، أكبر القبائل في إقليمَي دارفور وكردفان؛ إذ تدين له بالولاء التام منذ اندلاع شرارة الحرب في دارفور عام 2003م حينما استنفر القبائل العربية لقتال التمرد فعمل على تسليحها، حتى باتت قواته تضمّ نحو 67 قبيلة (دفع ذلك النظام إلى إلحاقها بقوات الأمن تحت مسمى قوات «الدعم السريع» لكبح جماحها إلى أن صارت الأعلى مرتبة في قائمة القوات النظامية).
كذلك أسهم في دعم مشروعات تنموية في مناطق القبائل كالتعليم والصحة والمياه، فضلاً عن توفير رواتب لقيادات الإدارات وتمليكهم سيارات، وصولاً إلى توحيد معظمهم أخيراً ـــ 80% كما يؤكد أحدهم ـــ في كيان سياسي جديد تحت مسمى «الحزب الأهلي السوداني»، الذي باركه «حميدتي» خلال لقائه تلك الرموز العشائرية الأحد الماضي للحصول على سند شعبي للبقاء في السلطة، وتشتيت جهود قوى «الحرية والتغيير» بالاعتماد على ولاءات جهوية وقبلية بعدما نجح في تحقيق ما كان يطمح إليه بتسييس الإدارة الأهلية.
وبينما يرى مراقبون استحالة نجاح تجميع الإدارات الأهلية في كيان واحد، نظراً لتعدد ولاءاتها، أكدت قوى «الحرية والتغيير» أمس أن هذه المجالس القبلية «لن تكون بديلاً لتجمع المهنيين، ولا للأحزاب والحركات السياسية» كما قال القيادي المَنفي إلى جنوب السودان مبارك أردول وبالتالي ليس سهلاً الاستعاضة عن تلك القوى السياسية والنقابات والمجتمع المدني والأحزاب والحركات السياسية ببعض مكونات الإدارات الأهلية.
وفي ظلّ عودة التظاهرات المطالبة بتسليم السلطة إلى المدنيين، تبدو خيارات قوى «الحرية والتغيير» أضيق في ضوء موقف دولي لا يعوَّل عليه ما قد يدفع التحالف المعارض من جديد إلى العصيان المدني الذي لوّح التحالف بخيار العودة إليه في حال فشل الاتفاق على المرحلة الانتقالية. لكن مظاهر الخلافات بدأت تتكاثر داخل التحالف مع إعلان استقالة محمد الأمين عبد العزيز من عضوية «تجمع المهنيين» الذي يقود الاحتجاجات وسط موقف متذبذب لزعيم حزب «الأمة القومي» الصادق المهدي الذي يحاول تصدير نفسه بوصفه وسيطاً.
قراءة : علي جواد الأمين
المزيد في هذا القسم:
- بحثاً عن خلف لماتيس: لا أحد يريد العمل مع ترامب! المرصاد نت - متابعات لا تتوقف في واشنطن عملية البحث عن بديل لوزير الدفاع الأميركي الأسبق جيمس ماتيس. الوزير الذي عانى مشكلات جمّة مع الرئيس دونالد ترامب ثم رح...
- نيويورك تايمز: الإمارات فشلت في إخفاء وجهها الطائفي القبيح المرصاد نت - متابعات فضحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الوجه الطائفي القبيح الذي تملكه دولة الإمارات رغم الدعاية الكبيرة التي تسعى أبو ظبي لترويجها على أنه...
- دفاعاً عن "ابن البوسطجي" الذي صنع القرن العشرين بخطبه الساحرة المرصاد نت - متابعات في المئوية الأولى لمولده يبدو أن جمال عبد الناصر مازال شاباً بالقياس إلى زعماء العالم العربي الذين عاصروه أو غابوا من بعده. لم يتجاوزه...
- هل تدلّ القمم الثلاث الباهتة على أفول السعودية؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين المراهنة السعودية على الحماية من الخوف في القمم الثلاث التي دعت إليها في مكة المكرمة لم يتجاوب معها كما أملت الرياض أكثر من المجلس ...
- قيس سعيّد رئيساً لتونس بفارق كبير! المرصاد نت - متابعات أعلن التلفزيون الحكومي التونسي أن المرشح للانتخابات الرئاسية قيس سعيّد فاز في الانتخابات وأصبح رئيساً لتونس بنسبة 76.9% بحسب نتائج سبر ال...
- جبهة النصرة الإرهابية تحصل علي مئة صاروخ مضاد للطائرات خلال الهدنة! المرصاد نت - روسيا اليوم مئة صاروخ مضاد للدبابات والطائرات وأعداد غير محددة من الدبابات حصل عليها تنظيم جبهة النصرة الارهابي خلال الأشهر الثلاثة الماضية أي خلا...
- تحالف الأنظمة العربية مع الكيان الإسرائيلي الأبعاد والنتائج المرصاد نت - الوقت لم تختلف مواقف التي تصدر عن بعض الدول العربية الخليجيّة تحديداً عن تلك السابقة خلال فترة ما بعد الأزمات الإقليمية التي بدأت في العام 2011 ...
- ضجيج في «قصر الحكم»: تمرد الأمراء يؤرق ابن سلمان المرصاد نت - الأخبار ينزلق صراع الأجنحة في السعودية إلى الأرض، ليبدو أنه يشكّل حجر عثرة في طريق محمد بن سلمان إلى العرش بعد سنوات من حكم الوالد الثقيلة على ال...
- التيار الصدري يحتفظ بصدارة الانتخابات بعد إعادة الفرز المرصاد نت - متابعات أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق اليوم فوز تحالف زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر والشيوعيين في الانتخابات التشريعي...
- طهران : قرار ملزم لـ«العدل الدولية» ضد واشنطن لتحييد «السلع الإنسانية» المرصاد نت - متابعات أصدرت محكمة العدل الدولية أمس قراراً بوقف العقوبات الأميركية على السلع «الإنسانية» التي تستوردها إيران. قرار أعلى هيئة قضائية...