المرصاد نت - متابعات
أعلنت الولايات المتحدة وروسيا رسمياً انتهاء معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة مع تبادلهما الاتهام بالمسؤولية عن انهيار هذه الاتفاقية الثنائية المهمة المبرمة خلال الحرب الباردة. وفي خطوة غير مفاجئة وبعد ستة أشهر من حوار عقيم، سمحت القوتان بانقضاء المهلة التي أعلنتها إدارة دونالد ترامب في شباط/ فبراير الماضي من دون تغيير مواقفهما. وقال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في بيان من بانكوك حيث يشارك في قمة إقليمية إن «انسحاب الولايات المتحدة بما يتوافق مع المادة 15 من الاتفاقية يبدأ مفعوله اليوم لأن روسيا لم تجدّد التزامها التام والقابل للتحقق» بالمعاهدة.
جاء ذلك بعد دقائق من إعلان وزارة الخارجية الروسية انتهاء الاتفاقية «بمبادرة» من واشنطن واقتراحها في الموازاة «تجميداً لنشر الصواريخ المتوسطة المدى». وقالت الخارجية الروسية، في بيان إن «واشنطن ارتكبت خطأً فادحاً»، متّهمة السلطات الأميركية بخلق «أزمة مستعصية عملياً». وعلّقت واشنطن مطلع شباط/ فبراير مشاركتها في هذه المعاهدة الاستراتيجية بعد اتهامها موسكو بتصنيع صواريخ لا تتوافق مع أحكام المعاهدة. وبدأت مع التعليق فترة انتقالية من ستة أشهر، انتهت أمس.
الاتفاقية التي جرى توقيعها بين الرئيس رونالد ريغان، والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشيف، عام 1987م أفضت إلى إزالة الصواريخ الباليستية والصاروخية التقليدية والقذائف الأرضية التي يتراوح مداها ما بين 500 و5500 كيلومتر. وتعتبر هذه الأنظمة الصاروخية مزعزعة للاستقرار لأن بإمكانها أن تصل إلى أهدافها خلال عشر دقائق، مع إعطاء القليل من التحذير والوقت لاتخاذ القرارات. وقد نصّت المعاهدة على تدمير تلك الصواريخ لينتج منها تعطيل 2692 صاروخاً من بينها 1846 صاروخاً روسياً و846 صاروخاً أميركياً، كانت منتشرة في أوروبا. وتضمّنت الاتفاقية، أيضاً متطلبات التحقّق التي أرست الأساس لمعاهدات خفض الأسلحة في ما بعد. كما دشّنت عملية امتدّت على عقدين لتخفيض السلاح النووي من قِبَل الولايات المتحدة وروسيا، وأدت إلى سلسلة من معاهدات خفض الأسلحة الاستراتيجية، وإلى الخفض التاريخي للمخزون النووي عالمياً من ذروة 70 ألفاً في عام 1986 إلى أقل من 15 ألفاً اليوم.
وفي سياق تبادل الاتهامات، أكد بومبيو أن «الولايات المتحدة أثارت مخاوفها أمام روسيا منذ عام 2013»، مشيراً إلى «الدعم الكامل» من الدول الأعضاء في «حلف شمال الأطلسي» للولايات المتحدة. لكنه أضاف أن موسكو «صدّت بشكل منهجي، خلال ست سنوات، كل الجهود الأميركية لدفع روسيا إلى احترام النص من جديد». ويتحدث بومبيو، خصوصاً عن الصواريخ الروسية «9 أم 729» التي تمثّل بحسب قوله «تهديداً مباشراً» للأميركيين وحلفائهم فيما تؤكد روسيا أن المدى الأقصى لهذه الصواريخ هو 480 كيلومتراً. من جهتها، اتهمت وزارة الخارجية الروسية، واشنطن، بأنها قامت «بحملة دعائية» حول خروقات مفترضة للاتفاقية من قِبَل موسكو، معتبرةً أنها «تجاهلت المخاوف الروسية» بشأن مدى احترام الولايات المتحدة للاتفاقية.
ويهدد انتهاء معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة بإطلاق سباق تسلح جديد بين القوتين. وحذر وزير الدفاع الأميركي الجديد، مارك إسبر، أخيراً، من أن واشنطن «ستفعل ما يصب في مصلحتها»، بينما توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالفعل بنشر صواريخ جديدة. وفي الواقع، يتطلع «البنتاغون» إلى إمكانية تحديث ترسانته لمواجهة صعود الصين التي تريد إثبات تفوقها العسكري في آسيا. ومن الجانب الروسي لا يؤسف الكرملين التخلصُ من أداة يَعتبر أنها تصب في مصلحة واشنطن. يبقى أن انهيار المعاهدة يُضعف الأمن الأوروبي، ويزيد من احتمال عودة المنطقة إلى عدم الاستقرار الذي كان شائعاً في الثمانينيات من القرن الماضي. والأكثر تعبيراً عن ذلك، هو إعلان «حلف شمال الأطلسي» أنه لا يريد الدخول في سباق تسلح جديد، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «قدرته على الردع تبقى موثوقة». وكان «الحلف» قد أعلن سابقاً أنه حتى في عالم من دون معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى ليست لديه نية لنشر أنظمة نووية برية جديدة. ولكنه قال إنه يدرس إجراءات دفاعية أخرى، بما فيها تحسين الاستخبارات والقدرات التقليدية، لمواجهة فترة ما بعد إلغاء المعاهدة.
في خضمّ ذلك، يبقى اتفاق «ستارت» الاتفاق الثنائي الوحيد الفعّال بين واشنطن وموسكو في مجال الأسلحة النووية. وهو ينص على أن يبقى عدد أسلحة الترسانتين النوويتين للبلدين أدنى مما كان عليه في الحرب الباردة، وينتهي مفعوله في عام 2021. وفيما حذر «مجلس العلاقات الخارجية» من أن جولة جديدة ضمن إطار مسابقة التسلح النووي جارية بالفعل في ظل تبخّر جهود منع انتشار الأسلحة النووية، فقد رأى أن الخطوة التي يمكن أن تحدّ من محاذير هذه التطورات هي تمديد العمل باتفاق «ستارت» إلى خمس سنوات. إلا أن المحلل الروسي ألكسندر سافلييف يرى في المقابل أن «فرص تمديد (ستارت) ضعيفة». ويقول إنه «في ظلّ هذه الظروف لا شيء سيكون قادراً على الحدّ من سباق التسلّح الجديد بين الولايات المتحدة وروسيا».
المزيد في هذا القسم:
- الجيش العربي السوري يتقدم نحو مطار الطبقة بالرقة ويقطع طرق إمداد داعش المرصاد نت - متابعات تواصل وحدات الجيش العربي السوري عملياتها العسكرية باتجاه مدينة الطبقة في ريف الرقة الجنوبي الغربي حيث أعلنت إحراز تقدّمٍ بعمق 12 ...
- اللاجئون والمزاج الإردوغاني: تجدّد لعبة الابتزاز ! المرصاد نت - متابعات احتدم التوتر على الحدود البرية بين اليونان وتركيا اليوم الجمعة حيث أطلقت القوات التركية وابلاً من عبوات الغاز المسيل للدموع من جانبها من ...
- مصر حبلى بالغضب.. فهل تنتظر ثورة أم تكتفي بزفرات مواقع التواصل؟ المرصاد-متابعات تبدو مصر حبلى بغضب يملأ أرجائها، ويمكنك أن تلاحظ ذلك بسهولة في مواقع التواصل الاجتماعي وحديث الناس في الشوارع، لكن هل ينتج عن هذا الغضب...
- ترامب وكيم إلى فيتنام: «عرقلة» ديموقراطية وردود كوريّة تسبق القمة! المرصاد نت - متابعات قبل أربعة أيام من القمة المرتقبة بين دونالد ترامب وكيم جونغ أون حاول الرئيس الأميركي التخفيف من حدة التصريحات التي أطلقها نواب ديمو...
- هل تدلّ القمم الثلاث الباهتة على أفول السعودية؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين المراهنة السعودية على الحماية من الخوف في القمم الثلاث التي دعت إليها في مكة المكرمة لم يتجاوب معها كما أملت الرياض أكثر من المجلس ...
- مجزرة الأبيّض تُجدّد الغضب : تعليق الدراسة في السودان حتى إشعار آخر! المرصاد نت - متابعات أعلن السودان تعليق الدراسة ابتداءً من اليوم الأربعاء عقب مقتل طلاب في ولاية شمال كردفان. وخرج آلاف الطلاب السودانيين في تظاهرات كبيرة احت...
- ترامب: خطاب بايدن بشأن هجوم الكابيتول "مسرحية سياسية" لصرف الأنظار عن "فشله" المرصاد-متابعات قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس في إحياء ذكرى مرور عام على هجوم الكابيتول ليس إلا...
- مجلة تركية : شهادات اردوغان الجامعية مزورة ! المرصاد نت - متابعات كشفت مجلة تركية معارضة عن أن الشهادة الجامعية المنسوبة للرئيس رجب طيب أردوغان مزورة. وقالت مجلة 'نقطة' أن أنصار أردوغان قاموا بالرد عل...
- حراك روسي وإيراني في كاراكاس: «تقدم» وسط غموض محادثات باربادوس ! المرصاد نت - متابعات في موازاة قلّة التفاصيل التي تخرج عن المحادثات الفنزويلية التي تستضيفها باربادوس تواصل وزارة الخارجية النرويجية بوصفها راعية الحوار التشد...
- إيران تهدد وواشنطن تدين المرصاد - متابعات أكدت إيران السبت استعدادها للمضي قدما دون التقيد بالاتفاق النووي إذا لم تحترم بقية الأطراف التزامها، في حين حذرت واشن...