المرصاد نت - محمد العيد
تستمرّ السلطة في الجزائر في مساعيها لإحكام القبضة الحديدية بوجه الحراك الشعبي. فخلال الأسبوع الأخير أُعلِن عن اتخاذ إجراءات لمنع وصول المتظاهرين إلى العاصمة يوم الجمعة إلا أن ذلك لم يَحُل دون تدفق حشود كبيرة الى الشوارع الرئيسة للعاصمة والمدن الكبرى عبّرت بصوت واحد عن رفض تنظيم الانتخابات الرئاسية بالطريقة التي تريدها السلطة. ودوّى في العاصمة التي استعاد الحراك الشعبي فيها زخمه شعار «لا للانتخابات مع العصابات». ودأب المتظاهرون على إطلاق وصف «العصابات» على بعض رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذين لا يزالون يحتلّون مناصب عليا.
ويُطالب المتظاهرون منذ أشهر من أجل تنظيم الانتخابات برحيل كلّ من رئيس الدولة الحالي عبد القادر بن صالح والوزير الأول نور الدين بدوي وهو ما لم يتحقق إلى اليوم. وهم يرون من خلال ما يرفعونه من شعارات، في الإصرار على الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية في ظلّ بقاء الرموز نفسها استفزازاً لهم ما يدفعهم إلى التصعيد أكثر بتوجيه نقد شديد لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الذي يُحمّلونه مسؤولية الإبقاء على الوضع القائم والوقوف حائلاً دون رحيل المسؤولين المرفوضين شعبياً. كما بات الرجل القوي يُتهم بمحاولة تجديد النظام في انتخابات يتم فيها اختيار الرئيس مسبقاً وهو الاتهام الذي تتبنّاه قوى «البديل الديموقراطي» المطالِبة بالذهاب إلى مسار تأسيسي يتم فيه تعديل الدستور قبل الذهاب إلى الانتخابات.
غير أن السلطة تسير بمنطق آخر مُعاكس تماماً لما تُردّده مسيرات الحراك الشعبي، الذي بدأت بعض أصواتها تنتقده بشدة وتقول إنه لا يُعبر عن حقيقة ما يُريده الجزائريون. وفي اعتقاد السلطة حسبما يظهر من خطابات رئيس أركان الجيش ورئيس الدولة فإن كل الظروف باتت مهيأة اليوم لإجراء الانتخابات وخصوصاً بعد تعديل قانون الانتخابات وإبعاد الإدارة تماماً عن تنظيمها بفعل إنشاء سلطة مستقلّة من أجل ذلك وبالتالي لم تعد ثمة حجة لرفض الذهاب إليها على اعتبار أنها تبقى الوسيلة الوحيدة في نظر السلطة للانتهاء من الأزمة السياسية الحالية.
وتحدّث الفريق أحمد قايد صالح في آخر خطاب له عن مبرّرات الذهاب إلى الانتخابات معتبراً أن «هناك مؤامرة تحاك في الخفاء ضد الجزائر وشعبها، وتم الكشف عن خيوطها وحيثياتها في الوقت المناسب». واتُّخذت، بموازاة ذلك، إجراءات غير مسبوقة، باعتقال سياسيين ونشطاء معروفين في الحراك الشعبي، يتبنون مواقف شديدة الرفض لتنظيم الانتخابات. وفي مقدمة هؤلاء كريم طابو، الناطق باسم «الاتحاد الديموقراطي الاجتماعي» الذي وُجّهت إليه تهمة «إضعاف معنويات الجيش»، ثم تبعه سمير بلعربي أحد الوجوه الإسلامية الفاعلة في الحراك والذي اتُهم بإصدار منشورات من شأنها تهديد الوحدة الوطنية بعدما كتب منشورات على موقع «فيسبوك». وهي التهمة نفسها التي وُجّهت إلى الناشط فضيل بومالة، الإعلامي والأكاديمي المعروف بخطبه القوية خلال الحراك الشعبي. ويوجد حالياً في السجون بحسب المحامين المهتمين بالجانب الحقوقي العشرات من المعتقلين بسبب مشاركتهم في المسيرات أو رفعهم الراية الأمازيغية التي حظرتها السلطات.
لكن هذا المناخ الذي يبدو للبعض منافياً لتنظيم أي انتخابات لم يمنع من الإقبال على الترشح من قِبل العديد من الأسماء المعروفة. ومن أبرز من أكدوا حتى الآن مشاركتهم رئيس الحكومة السابق علي بن فليس الذي أعلن توجيه رسالة إلى رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، يُعلِمه فيها بنيّته تكوين ملف لانتخاب رئيس الجمهورية. وذكر بن فليس وهو أحد ألدّ منافسي بوتفليقة في انتخابات 2004 و2014م أنه عمد الى سحب مطبوعات الاكتتاب الفردية في انتظار أن تؤكد دورة اللجنة المركزية لحزبه رسمياً قرار المشاركة.
ويرى كثيرون في علي بن فليس أقوى المرشحين حظوظاً للفوز، ما لم يخرج في اللحظات الأخيرة اسم آخر من أرشيف السلطة يمكنه منافسته. كذلك أعلنت أسماء أخرى ترشحها على غرار عبد العزيز بلعيد، رئيس «جبهة المستقبل» المحسوبة على «التيار الوطني» وعبد القادر بن قرينة رئيس «حركة البناء» التي تنتمي إلى التيار الإسلامي في انتظار ظهور أسماء أخرى مستقبلاً تعوّدت على المشاركة في الرئاسيات، على رغم انعدام حظوظها بالفوز.
ويُدافع المؤيدون للرئاسيات عن فكرتهم بحجج متنوعة أبرزها أن الأزمة طالت أكثر من اللازم ولا بد من رئيس يحظى بالشرعية ليقوم بالإصلاحات اللازمة. كما أن الوضع الاقتصادي في تقديرهم أصبح خطيراً للغاية ما يفرض قرارات قوية يتخذها رئيس منتخب. وتوحي المعطيات الأولية بأن انتخابات 12 كانون الأول/ ديسمبر بفعل توفر مرشحين معروفين، لن تواجه مصير الإلغاء الذي لقيته رئاسيات 4 تموز/ يوليو لكن موجة الرفض الشعبي لها، والتي تتسع يوماً بعد يوم، قد تصبح معرقلاً حقيقياً لتنظيمها ما لم تسارع السلطة الى استدراك الوضع واتخاذ إجراءات لتهدئة الغضب وإقناع الناس بجدوى التصويت وأهميته.
المزيد في هذا القسم:
- لغز إطلاق النار في الخزامي وإمكانية توظيف "بن سلمان" للحادث المرصاد نت - متابعات قبل يومين حدث إطلاق نار كثيف قرب القصر الملكي في السعودية وتعددت الروايات بشأن حقيقة الحادث؛ ففي حين زعمت السلطات إنه حادث عرضي ذكرت الكث...
- تعليق رحلات أوروبية إلى مصر... والسبب المشجعون الجزائريون! المرصاد نت - متابعات ارتباك مصري بعد قرار الخطوط الجوية البريطانية المفاجئ تعليق رحلاتها إلى القاهرة لأسبوع تبعه قرار بتعليق رحلات الخطوط الجوية الألمانية «لو...
- احتجاجات فرنسية ضد زيارة نتنياهو: لا سجاد أحمر لمجرم الحرب المرصاد نت - متابعات دعت منظمات فرنسية وعربية في فرنسا إلى تظاهرة احتجاجية في باريس الثلاثاء رفضاً لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معتبرة أنه "...
- محروسة يا شام ... الحرب تغادر دمشق المرصاد نت -صهيب عنجريني طُويت أمس صفحة «ولاية دمشق» التابعة لتنظيم «داعش» المتطرف في شكل نهائي فيما أعلن الجيش محافظتي دمشق وريفها &l...
- ليبيا : السرّاج يطرح مبادرة مشروطة لـ«سلام»... بلا حفتر! المرصاد نت - متابعات تشهد طرابلس تصعيداً ميدانياً تسعى حكومة الوفاق فيه إلى استعادة السيطرة على مطار طرابلس الدولي من قوات المشير خليفة حفتر التي سيطرت عليه ف...
- مصارف أوروبية تضع يديها على ذهب للحكومة الفنزويلية! المرصاد نت - متابعات نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن مصرفي "سيتي بنك" و"دويتشه بنك" سيطرا على ذهب للحكومة الفنزويلية بقيمة نحو مليار ونصف مليا...
- سوريا : موسكو تعرض الوساطة بين الأكراد وأنقرة ! المرصاد نت - متابعات تقاطع مصالح أبرز أطراف الصراع في سوريا عند ضرورة الحؤول دون مواجهة عسكرية جديدة في شرق البلاد قد يوفّر فرصة لنجاح الرعاية الروسية لحل انت...
- لبنان: إعلان حالة الطوارئ مالياً وحكومة بلا الحريري وباسيل! المرصاد نت - متابعات دخل لبنان مرحلة بالغة الخطورة من الناحية المالية. أمس استسلمت المصارف أمام حاكم مصرف لبنان لعجزها عن تلبية طلبات المودعين الكبار بتحويل ن...
- قتلى في صفوف “داعش” في قصف للجيش العراقي استهدفهم في قضاء الشرقاط المرصاد نت - متابعات في تطور جديد تمكنت قوات الجيش العراقي اليوم السبت من قتل 23 شخصاً من جماعات “داعش” في عملية قصف غرب قضاء الشرقاط في محافظة صل...
- تركيا : حملة الشعارات تتواصل... والتحديات الاقتصادية المرصاد نت - متابعات كما كان متوقعاً اتخذ مرشّح «حزب الشعب الجمهوري» المعارض محرّم إينجه من «يكفي T A M A M» شعاراً لحملته الانتخابية ...