المرصاد نت - متابعات
أعلنت الصين اليوم الإثنين التعليق الفوري للرسو المؤقت لسفن حربية أميركية في هونغ كونغ وفرض عقوبات على عدة منظمات أميركية غير حكومية.
وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ للصحافيين أن هذه التدابير العقابية تأتي رداً على تبني الولايات المتحدة قانون يدعم التظاهرات في هونغ كونغ.
وأشارت شونيينغ الى أن الحكومة الصينية "ستفرض عقوبات على منظمات غير حكومية أساءت التصرّف" وهي "الصندوق الوطني للديمقراطية" و"المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية" و"المعهد الجمهوري الدولي" و"هيومن رايتس ووتش" و"فريدم هاوس" من دون تحديد ما هي العقوبات.
وترسو سفن أميركية بشكل منتظم في المدينة الصينية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في إطار زيارات تتيح لها خصوصاً تأمين حاجاتها. وفي آب/أغسطس الماضي عرقلت بكين زيارتين لسفن أميركية بحسب البحرية الأميركية. وسبق أن حصلت زيارة للبحرية الأميركية في نيسان/أبريل الفائت، قبل بدء التظاهرات في هونغ كونغ في حزيران/يونيو.
وحذرت الخارجية الصينية الخميس الماضي من أنها ستتخذ "إجراءات صارمة" رداً على القانون الأميركي، مشددةً على أن محاولات التدخل في المدينة "مآلها الفشل" وكان الرئيس الأميركي وقّع الأربعاء الماضي قانوناً "يدعم المتظاهرين ويحظر تصدير بعض المعدات للشرطة في هونغ كونغ" تحت عنوان "دعم حقوق الإنسان والديمقراطية في هونغ كونغ" الذي طرحه مجلس الشيوخ الأميركي وتبناه الكونغرس.
«العزيز هنري» في بكين
هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق من منظور غالبية شعوب جنوب الكوكب أحد كبار مجرمي القرن العشرين. هو مسؤول إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون عن تصعيد الحرب في فيتنام وكمبوديا واللاووس، وعن دعم الانقلابات العسكرية في أميركا الوسطى واللاتينية وزيادة الانحياز الأميركي غير المشروط لإسرائيل. لا حاجة إلى التذكير بالويلات والمآسي التي سبّبتها هذه السياسات، التي أسهم في صناعتها، بالنسبة إلى الشعوب المذكورة.
لكن للصينيين رأياً آخر في «الصديق» أو «العزيز» هنري كما كان يسمّيه الرئيس المصري الأسبق أنور السادات. فالرجل كان مهندس فكّ الاشتباك الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين والذي يعتبره الصينيون منعطفاً تاريخياً بالنسبة إلى بلادهم لعب دوراً حاسماً في نهضتها الاقتصادية والتكنولوجية اللاحقة. الاعتبار الاستراتيجي الذي حكم موقف كيسنجر معروف وهو التركيز على الصراع مع الاتحاد السوفياتي العدو الأخطر آنذاك واستغلال التناقضات بينه وبين الصين للتقاطع والتعاون مع هذه الأخيرة ضدّه وهو ما تم بالفعل في ما بعد. اللافت اليوم بعد المتغيرات الهائلة التي شهدها الوضع الدولي وتَشكّل ما يشبه الإجماع بين النخب الأميركية على اعتبار الصين التهديد الرئيس هو خروج كيسنجر عليه والذي لا يمكن تفسيره بدوافع عاطفية كوجود هوًى صيني لديه أو صداقات قديمة وحجج من الطراز نفسه.
قبل لقائه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في بكين حذّر هنري كيسنجر في محاضرة في نيويورك في الـ14 من الشهر الجاري أمام «اللجنة الوطنية للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة» من «نتائج كارثية أسوأ من الحروب العالمية» في حال ارتفاع حدّة المواجهة بين واشنطن وبكين بسبب عدم تمكّن البلدين من إيجاد حلول لخلافاتهم. الرجل الذي لم يُعرف عنه حسّ إنساني مرهف، اعترف بأن «تطور الصين في عدّة مجالات يمثل تحدّياً بالنسبة إلى الولايات المتحدة»، لكنه أضاف أن «على الدولتين أن تدركا أن صراعاً مستمرّاً بينهما لن ينتهي بانتصار إحداهما على الأخرى... إن لم يتمّ التوصل إلى حلّ ستؤول الأوضاع إلى ما هو أسوأ من الحروب العالمية التي دمّرت الحضارة الأوروبية.
لم يعد من الممكن الاعتقاد بأن طرفاً سينجح في السيطرة على الآخر. عليهما التأقلم مع واقع أنهما أمام هذا النمط من الخصومة». وختم مُذكِّراً بأن «العلاقات بين البلدين شابتها تباينات وخلافات في بدايتها لكننا تعلّمنا التعايش معها لعقود»، معرباً عن أمله في إيجاد تسوية إيجابية للحرب التجارية. الرئيس الصيني أشاد من جهته بجهود كيسنجر لتطوير العلاقات الصينية - الأميركية مؤكداً أن «التاريخ سيسجّل مساهمته المهمة في هذا الميدان». غير أنه أشار إلى أن هذه العلاقات «تمرّ بمرحلة حرجة تتزايد فيها المصاعب والتحدّيات»، داعياً الدولتين إلى تطوير التواصل بينهما حول القضايا الاستراتيجية لـ«تجنّب سوء الفهم والتقدير وإتاحة الفرصة لتفاهم أفضل».
قوبلت دعوة الرئيس الصيني الجديدة إلى التفاهم بتوقيع نظيره الأميركي على قانون يدعم المتظاهرين «المدافعين عن الديمقراطية» في هونغ كونغ صوّت عليه الكونغرس. لا تُفوّت إدارته وأبرز أعضائها مناسبة للتوتير مع الصين من خلال تصريحات أو قرارات: تقارير «البنتاغون» الاستراتيجية الحرب التجارية كلام دونالد ترامب عن تكليف إلهي بالتصدي للصين تحديد وزير الدفاع مارك إسبر للأخيرة على أنها التهديد الاستراتيجي الطويل الأمد للولايات المتحدة تعيين أميركية من أصل إيغوري كمسؤولة عن ملف الصين في مجلس الأمن القومي الدعم المباشر السياسي والإعلامي والمادي للاحتجاجات في هونغ كونغ والتي يرفع الكثير من المشاركين فيها الأعلام الأميركية إلخ... يكشف هذا السلوك عن استعجال أميركي لرفع سقف المواجهة.
الصين وعلى الرغم من استعراض القوة الذي أجرته بمناسبة الذكرى السبعين لإقامة نظامها الاشتراكي ما زالت تتبع سياسة خارجية تفسح في المجال أمام احتمال التوصل إلى تفاهمات ولو آنية وتخفيض للتوتر مع أميركا. لا يتناقض هذا التوجه مع اقتناع قيادتها بحتمية استعار المواجهة معها لكنها تسعى إلى تأجيل ذلك قدر المستطاع.
استقبال شي جين بينغ لكيسنجر الذي اجتمع لأكثر من مرة مع ترامب في بداية عهده والذي يمثل بقايا المدرسة الواقعية في النخبة الأميركية «إشارة حسن نوايا» تبدي الاستعداد للبحث عن تفاهمات. لكن حديث كيسنجر عن عدم قدرة أيّ من الصين أو الولايات المتحدة على الانتصار في أيّ مواجهة بينهما وتحذيره من الأهوال التي ستنجم عنها ودعوته إلى التسوية بينهما دليل قاطع على أن التيار الأكثر عقلانية في نخبة الأمبراطورية موقن بحقيقة انحدارها ويوصي باعتماد سياسة التراجع المدروس من السعي لتأبيد الهيمنة الأحادية إلى خيار التعايش مع ندّ صيني.
المزيد في هذا القسم:
- العدو الإسرائيلي يلجأ لهذه الحرب اللااخلاقية والقذرة ولا يبالي . المرصاد نت - متابعات إنها حربٌ إسرائيليةٌ من نوعٍ آخرٍ وطرازٍ مختلف لكنها حربٌ قذرةٌ وغير أخلاقية وخبيثةٌ وغير إنسانية يلجأ إليها العدو الإسرائيلي بصورةٍ متعم...
- المعلم ..الأميريكون استطلعوا مواقع الجيش السوري قبل قصفها المرصاد نت - الميادين أعلن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أن الغارات الأمريكية على مواقع الجيش العربي السوري في جبل الثردة لم تكن غارات خاطفة سريعة وأنها ...
- تقارب «الكوريتين» يستمر... برغم موقف واشنطن؟ المرصاد نت - متابعات يجد الرئيس الكوري الجنوبي نفسه في موقع دبلوماسي دقيق وربما «حرج» وذلك بعد العرض الكوري الشمالي له بزيارة بيونغ يانغ بعد ال...
- زيارة ترامب والائتلاف الغربي العربي العبري ! المرصاد نت - متابعات بعد أيّام قليلة يحلّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضيفاً على السعوديّة ضمن زيارته الشرق أوسطيّة التي ستشمل الكيان الإسرائيلي أيضاً. الز...
- الجيش الجزائري يختبر ورقة بن صالح: الحلّ الدستوري قبل السياسي! المرصاد نت - محمد العيد تشهد الجزائر اليوم حدثاً مفصلياً باجتماع البرلمان بغرفتَيه للتصويت على شغور منصب رئيس الجمهورية ما يعني تثبيت الاستقالة التي تقدم بها ...
- تونس : مئات المشاركين الإسرائيليّن في«زيارة الغريبة»... تطبيع باسم السياحة؟ المرصاد نت - متابعات أثارت زيارة سياح إسرائيليّين جدلاً واسعاً في تونس ففيما كان يأتي هؤلاء في الأعوام الماضية للمشاركة في تجمع سنويّ بكنيس «الغريبة» وسط تكتّ...
- روسيا تسعّر لهيب النفط والسعودية تصارع مشكلات اقتصادية كبيرة خلال عصر النفط الرخيص كشف المغرد السعودي الشهير بـ"مجتهد" ان روسيا تصعد حرب النفط عبر رفع انتاجها الى 11 مليون برميل وتتفق مع الصين بيع النفط بعملة الدولتين، اي غير الدولار. ...
- حلم «الزعيم الأوحد» يتبدّد: بن سلمان مقصقَص الأجنحة ! المرصاد نت - متابعات تدخل العلاقات بين إدارة دونالد ترامب وبين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مرحلة جديدة عنوانها الترويض وإعادة الهيكلة. الإدارة الأميركية ا...
- روسيا تسلم إيران الشحنة الأولى من نظام الدفاع الجوي اس-300 متابعات : أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين استلام بلاده الشحنة الأولىمن نظام الدفاع الجوي الروسي...
- في انتظار عودة الروح الى الأمة: صورة مقربة للواقع العربي.. المهين! المرصاد نت - متابعات لكأنما يدور التاريخ بالعرب القهقرى ليرميهم خارج العصر وخارج أحلامهم وتمنياتهم وإنجازاتهم المنقوصة في القرن العشرين: قبائل وعشائر ببطون وأ...