المرصاد نت - متابعات
أنهى قادة «حلف شمال الأطلسي» قمّتهم التي عقدوها، على مدى يومين في لندن، بأقل أضرار ممكنة. وعلى الرغم من محاولتهم الظهور بمظهر الوحدة في بيانهم الختامي لتبديد المخاوف من الانقسامات التي تعصف بين أعضاء «الحلف» إلا أن ذلك لم يمنع بروز بعض الخلافات إلى العلن التي غطّت اليوم الثاني من القمة، كما الأول. وقد تسبّب بعض الخلافات في بداية متوترة لليوم الأخير للقمة التي كان يأمل «الحلف» أن تكون عرضاً للوحدة «لأنجح حلف عسكري في التاريخ» وتظهر كيف أن الغرب يمكن أن يقف أمام تحديات من روسيا والصين.
النتيجة الإيجابية المباشرة التي تمكّن قادة «الحلف» من استحصالها، تمثلت في التعهّد بالتضامن لمواجهة التهديدات من روسيا والإرهاب والإقرار بالتحديات التي يمثّلها تصاعد نفوذ الصين، في قمة خيّمت عليها مرة أخرى نوبات غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقد وافق الزعماء الـ29 الذين اجتمعوا على مشارف لندن على بيان مشترك بالرغم من الانقسامات بشأن الإنفاق والاستراتيجية، والتبادلات الحادة بين العديد من رؤساء الدول. لكن المشاعر السيئة استمرت حتى نهاية اجتماع «الحلف»، الذي استمر يومين إذ وصف ترامب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بأنه «ذو وجهين» بعد ظهور شريط فيديو في حفل استقبال في قصر باكنغهام تبدو فيه مجموعة من القادة الأوروبيين وهم يسخرون من ترامب بسبب مؤتمراته الصحافية. ولم يقف ترامب عند هذا الحد فقد ألغى مؤتمراً صحافياً نهائياً كان مقرراً ليعود مباشرة إلى واشنطن على الرغم من تفاخره بإقناع حلفائه الأوروبيين بزيادة الإنفاق الدفاعي وإقناع تركيا بالتخلّي عن اعتراضاتها على اعتماد خطة دفاع محدثة لدول البلطيق وبولندا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هدّد بعرقلة خطة دفاع البلطيق المحدّثة ما لم يوافق حلفاؤه على تسمية المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا الذين ساعدوا في هزيمة تنظيم «داعش» بأنهم منظمة «إرهابية». واستبعد الرئيس الفرنسي احتمال التوصل إلى توافق مع تركيا على تعريف الإرهاب، خلال مؤتمر صحافي عقب قمة «الحلف». وقال ماكرون: «لا أرى أي توافق محتمل». وأضاف: «واضح أننا لسنا موافقين على تصنيف وحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديموقراطي مجموعة إرهابية وأعتقد أن هناك توافقاً على هذا الأمر»، مشيراً إلى نظرائه في «الناتو» ما عدا تركيا.
وبدأ اليوم الثاني والأخير من القمة مع بثّ شريط فيديو يظهر فيه ترودو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس وزراء هولندا مارك روتي، وهم يسخرون من تسبّب ترامب في تأخير اجتماعات الأيام السابقة. وقد أثار ذلك غضب الرئيس الأميركي، الذي انتقد ترودو لعدم تحقيق هدف أعضاء «الناتو» بإنفاق 2% من إجمالي الناتج المحلّي على الدفاع. وقال ترامب إن ترودو «ذو وجهين» مضيفاً أنه «شخص لطيف. أعتقد أنه شخص لطيف، ولكن الحقيقة هي أنني انتقدته بسبب عدم دفعه نسبة 2% وأعتقد أنه ليس سعيداً بذلك». ويأتي كل ذلك بعدما انطلقت اللقاءات أول من أمس في ظل تبادل الانتقادات عقب التصريحات الأخيرة لماكرون الذي اعتبر أن «الحلف الأطلسي» في حالة «موت دماغي» داعياً إلى مراجعة استراتيجيته وإعادة فتح الحوار مع روسيا وإعادة التركيز على القتال ضد الإرهاب الإسلامي.
على العموم ورغم الخلافات، نجح القادة في الاتفاق على «إعلان لندن» بينما سحبت تركيا اعتراضاتها بعدما عقد ترامب اجتماعاً جانبياً غير مقرر مع أردوغان. وجاء في البيان: «في هذه الأوقات الصعبة، نحن أقوى كحلف وشعوبنا أكثر أماناً». وأضاف: «إن رابطنا والتزامنا المتبادل قد كفل لنا حرياتنا وقيمنا وأمننا لمدة 70 عاماً».
من ناحية أخرى تجدر الإشارة إلى أن البيان هو الأول الذي يعترف فيه «الحلف» بالتحدي الاستراتيجي المتزايد الذي تمثله الصين، الأمر الذي كان قد تطرّق إليه الأمين العام لـ«الحلف» ينس ستولتنبرغ أول من أمس وكرّره أمس في مؤتمر صحافي قال فيه: «ناقشنا اليوم لأول مرة في تاريخ الحلف نموّ الصين اقتصادياً وإنتاجها من الصواريخ». واستطرد قائلاً: «نعمل على تشجيع الصين على توقيع اتفاقيات معنا». ستولتنبرغ شدّد، في الوقت ذاته، على إيمان «الحلف الأطلسي» بالحوار مع روسيا، وحاجته إلى علاقات أفضل معها. وأشار إلى أن «حلف الناتو يفضل دائماً الحوار مع روسيا لكونها أكبر جيراننا، وعلينا تجنّب سباق تسلّح معها لأن ذلك سيكون مكلفاً وخطيراً» الأمر الذي انعكس في البيان المشترك، الذي أبقى على احتمال إقامة «علاقة بنّاءة مع روسيا عندما تجعل تصرفاتها ذلك ممكناً» لكنه شدّد على التهديد الذي يمثله نشر موسكو صواريخ نووية متوسطة المدى.
قضيّة «الإيغور» تعقِّد مفاوضات التجارة: واشنطن وبكين نحو تصعيد جديد
لا تشي التوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة بقرب عقد صفقة تجارية بينهما. يزيد من احتمال اللااتفاق التصعيد القادم من الجهة الأميركية فضلاً عن التصريحات الصادرة مِن البيت الأبيض في ما يخصّ أيّ اتفاق تجاري مُحتمل. تصعيدٌ أخَذَ أول من أمس، منحىً مختلفاً بإقرار «النواب» الأميركي مشروع قانون يطالب الرئيس الأميركي بفرض عقوبات على بكين على خلفية قضية الإيغور.
عاملُ توتّر جديد أضافته الولايات المتحدة إلى عوامل كثيرة أخرى في إدارة علاقتها مع الصين. بعد ما يقرب مِن أسبوع على إقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قانونين يستهدفان دعمَ الحركة الاحتجاجية المناهضة لبكين في هونغ كونغ، اعتمد مجلس النواب الأميركي، بغالبية ساحقة مشروع قانون يطالب بفرض عقوبات على كبار المسؤولين الصينيين، على خلفية قضية احتجاز أقلية الإيغور المُسلمة في معسكرات من منطقة شينجيانغ (شمال غرب). المبادرة الأميركية التي أغضبت الصين، يُتوقّع أن تُفاقم حدّة التوتر بين القوتين العظميين، اللتين تخوضان مفاوضات متعثّرة بهدف التوصل إلى «اتفاق أولي» يضع أسساً جديدة للحرب التجارية القائمة. وهي نقطة نبّهت إليها وزارة الخارجية الصينية بإشارتها إلى أن «من غير الممكن ألا يكون هناك أثر على العلاقات» الثنائية، وذلك ردّاً على مشروع القانون الذي لا يزال ينتظر موافقة مجلس الشيوخ قبل رفعه إلى الرئيس للتوقيع عليه أو رفضه. وأكدت الوزارة الصينية أنه في «مقابل كلّ خطأ في التصرف أو التصريح، هناك ثمنٌ يجب أن يدفع. يجب على (المنفذين) أن يدفعوا الثمن».
وتبدو الإدارة الأميركية، الساعية إلى صفقة تجارية مع بكين يبقى توقيتها مرهوناً بمصالح واشنطن، متشكّكة إزاء قرب التوصل إلى اتفاق. فمِن جهة، يحذّر ترامب مِن تأخير «الحلّ» إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، لكنه يؤكد أن «لا مهلة نهائية لديه»، وأن «الانتظار فكرة تعجبه» وأن المسألة مرتبطة به حصراً: «لا أعتقد أن الأمر مرتبط بمسألة إذا أرادوا هم إتمامه (الاتفاق) بل هو متوقّف على مسألة إن أردت أنا إتمامه». لكن وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، سارع إلى تصويب تصريحات رئيسه بالتأكيد أن أهداف ترامب من اتفاق التجارة «لم تتغيّر» وفق ما قال لشبكة «سي إن بي سي»، مهدداً بأن بلاده ستمضي قدماً في فرض رسوم جمركية على المنتجات الصينية في الخامس عشر مِن الشهر الجاري ما لم يحدث أي تغيير حقيقي يدعو إلى التأجيل، مثل تقدُّم موضوعي في المفاوضات. هذه التصريحات استكملها روس في حديث إلى «رويترز»، مفنّداً ما كان ترامب يحاول قوله: «النقطة التي كان يحاول توضيحها هي أننا في حاجة إلى اتفاق ملائم، وسواء جاء في كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أو كانون الأول/ ديسمبر المقبل، أو أيّ موعد آخر، فإن ذلك يُعدّ أقلّ أهمية بكثير من التوصل إلى اتفاق ملائم».
في الإطار ذاته أفادت وكالة «بلومبرغ» بأن كلا البلدين يقتربان من الاتفاق على مقدار الرسوم الجمركية التي سيتم التراجع عنها خلال «المرحلة الأولى» من الاتفاق التجاري من دون تحديد موعد. وبحسب مصادر الوكالة فإن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي، أول من أمس، «لا ينبغي أن تُفهم على أنها تعني أن المفاوضات تتعطّل» إذ أشارت إلى أن المفاوضين الأميركيين يتوقّعون إتمام المرحلة الأولى من الاتفاق قبل تطبيق الرسوم الجمركية في 15 الجاري. أما القضايا العالقة في المفاوضات فتشمل وفق «بلومبرغ» شراء الصين للمنتجات الزراعية الأميركية والرسوم الجمركية التي سيجري التراجع عنها.
المزيد في هذا القسم:
- الصين ترفض المشاركة في محادثات «خفض النووي»! المرصاد نت - متابعات بعد يوم من توجيه واشنطن دعوة لبكين للانضمام إلى الجولة الثالثة من مفاوضات خفض الأسلحة النووية التي ستجرى في موسكو، ردت الصين بالرفض على ا...
- حرب إعلامية سعودية إماراتية قطريه ..ماذا بعد ؟ المرصاد نت - متابعات الاستراتيجية الامريكية تقتضي ان تربط ادواتها وعملاءها بالإدارة الامريكية لكنها تنمّي حالة التنافس فيما بينهم بحيث يبدون متفرقين فكما ا...
- الجرود تعود إلى الوطن: سقوط الأوهام الكبرى المرصاد نت - متابعات يوم 2 آب 2014 احتل «المقاتلون» بلدة عرسال وخطفوا جنود الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وقتلوا مدنيين حاولوا الدفاع عن بلدتهم...
- 28 قتيل و أكثر من 70 جريح في تفجيرات انتحارية في مطار اتاتورك باسطنبول المرصاد نت - رويترز ضرب الإرهاب مجدداً في تركيا مستهدِفاً هذه المرّة أحد المرافق الحساسة في البلاد الذي يفترض أن يكون الأكثر أمانا وهو مطار أتاتورك الدول...
- البرلمان الأوروبي يشكك بنوايا أنقرة ولن تلغى التأشيرات للأتراك المرصاد نت - متابعات كرر رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز موقف البرلمان بأن إلغاء التأشيرات للأتراك في أكتوبر/تشرين الأول لن يتم إن لم تنفذ أنقرة شروط ...
- التوتر في الخليج وأزمة الناقلات تخيّم على اجتماع فيينا! المرصاد نت - متابعات على وقع الأزمة مع بريطانيا اجتمع أطراف الاتفاق النووي (إيران والصين وروسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي) في فيينا على مستوى...
- الرئيس الأسد يستقبل المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين المرصاد نت - متابعات استقبل الرئيس بشار الأسد ألكسندر لافرنتييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والوفد المرافق له. وفي مستهل اللقاء نقل لافرنت...
- الشيخ عيسى قاسم خارج الحصار: فرصة المعارضة لترميم العلاقة المرصاد نت - نادر المتروك قبل أشهر غادر الشيخ عيسى قاسم أبرز المرجعيات الدينية في البحرين البلاد وتوجّه إلى لندن بعد سنتين من الحصار الأمني لمنزله، في تتويج ل...
- الناقلة الإيرانية 'غريس 1'بدآت تغادر جبل طارق! المرصاد نت - متابعات بدأت الناقلة الإيرانية "غريس واحد" تتحرك في طريقها لمغادرة مياه جبل طارق وذلك بعد قرار جبل طارق الإفراج عنها. وفي وقت سابق أعلن رئيس حكو...
- المشهد السوري يحتدم والجيش يصنع البطولات والكلمة ما تزال للميدان العسكري! المرصاد نت - متابعات في ظل الحديث عن التغيرات الدولية الحاصلة لا سيما بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا لأمريكا يخرج البعض ليضع الشأن السوري ضمن الملفات القابلة ل...