المرصاد نت - متابعات
يتبدى الوطن العربي الآن، لا سيما في مشرقه وبعض مغربه، وكأنه “الأرض الخراب”: دوله تتصدع وتتهاوى حتى تكاد تندثر، فالأنظمة التي كانت تسمى “تقدمية” هي الآن بضع دكتاتوريات، لا فرق بين “الجمهورية” منها و”الملكية”، والأميركيون في كل مكان، براً وبحراً وجواً، وإسرائيل “دولة” عظمى، تتحرش بلبنان جواً وبراً، وتضرب إيران في سوريا، حيث تشاء، متجنبة الصدام مع “روسيا الصديقة”، والعراق مهدد- ـ كدولة ـ بالتفكك، والأردن محمية إسرائيلية ـ أميركية..
أما لبنان فالثورة المستحيلة فتكاد تصطدم بالجدار المكهرب لنظامه المدول الذي لا مكان فيه للشعب لأن “الدول” التي ابتدعته حصنته بالطائفية والمذهبية، لتحول شعبه الى رعايا لزعماء الطوائف التي ترعاها وتحصنها في الغالب الاعم “دول الخارج” مع حصة وازنة للدولة العربية الاقوى لحفظ التوازن، حتى لا تقع الواقعة.
يتسع الظل الأميركي الاسود بامتداد الوطن العربي، ومعه وفيه بطبيعة الحال الاختراق الإسرائيلي، ويتساقط تدريجياً “الحرم” عن التعامل مع “كيان العدو” ويتباهى نتنياهو بأنه بات قادراً على التجول في معظم انحاء الوطن العربي، من مسقط إلى المغرب، مروراً بمصر كمب ديفيد، ثم يفترض انه يقترب من فرض نفسه على العراق بعد “الهزيمة الحتمية للمشروع الإيراني”.
لا دولة مستقلة في الوطن العربي الآن: الجزيرة بخليجها ودولها محميات اميركية مع مشاركة تركية تافهة في قطر؟ ومحاولة للمشاركة مع دول أخرى كثيرة في احتلال ليبيا والتحكم بمستقبل وجودها كدولة موحدة، والإردن قاعدة للأميركيين، تسترهنه إسرائيل في أمنه، وتبتزه دول النفط والغاز في معاش اهله، وفي سوريا تحاول دولتها حفظ وجودها وحماية حدودها، فتستعين بالروس جواً وبإيران براً وتقاتل تركيا شمالاً وشرقاً، واقتصادها مأزوم وعملتها تنهار، وثلث شعبها مشرد بين تركيا ولبنان والأردن وبعض أوروبا والأميركيتين..
الجامعة العربية أثر بعد عين، ومؤسساتها التوحيدية مجرد تكيات سلطانية لعدد من المنتفعين المنسيين، وقد أُسقط العداء عن العدو الإسرائيلي بعدما صالحته مصر والأردن، واختفت دولة ليبيا، وانشغلت سوريا بهمومها الثقيلة، ويعيش العراق صراعاً يقارب الحرب الاهلية بين “مكوناته”، فينعزل الاكراد في “كانتونهم” مع أن النظام قد منحهم رئاسة الدولة، ويعاني “اهل السنة” من تقبل مرحلة ما بعد صدام حسين، ويعجز الشيعة ـ كالعادة ـ عن قيادة الدولة، لا سيما وان المؤهلين لمثال هذه القيادة، والعائدين بمعظمهم من المنفى، متشوقون للحكم إلى درجة الشراهة، معظمهم فاسد وطائفي، والاقلية منهم مغضوب عليها من الأميركيين كما من لصوص الهيكل.
خلا الجو في المنطقة لدول النفط والغاز، التي يتحكم الاميركيون بثرواتها كما بقرارها السياسي، فاقتحمت السعودية اليمن وباشرت قتال اليمنيين بعد خلع علي عبدالله صالح، و”فبركت” دولة الإمارات جيشاً من المرتزقة، نصفه من السودان ونصفه الآخر من بنغلاديش ودول فقيرة أخرى.. وهكذا تقاسم السعوديين والإماراتيون الذين تقل اعدادهم مجتمعين عن اعداد اليمنيين “الجمهورية اليمنية” فاستولى السعوديين على بعض الشمال في ظل حرب مفتوحة، بينما قفز الشيخ محمد بن زايد بالمرتزقة إلى عدن وجوارها في جنوب اليمن ليحرض الأهالي على الانفصال عن صنعاء.. فاذا بهم يحاولون استعادة “أمجاد جمهورية اليمن الديمقراطية” في الجنوب.
على هذا، فعواصم الامجاد العربية الآن هي الرياض والدوحة وأبو ظبي ومعها دبي، في حين تسرح إسرائيل وتمرح في مختلف أرجاء الوطن العربي.
القاهرة مشغولة بذاتها، وقد ابتعدت عن موقع القيادة، وارتضت بالعدو الإسرائيلي شريكاً في الغاز المصري وفي “حفظ الامن” بالشراكة معها في البحرين الأحمر والأبيض، ويفرض سيطرته بالجو على مختلف انحاء العالم العربي، ونتنياهو يتنقل بين القاهرة وعمان ومسقط، بلا مواكبة.
انه العصر الإسرائيلي وليد العصر الأميركي، وليد التقهقر العربي وتغييب الشعب عن القرار.
المثال الابرز يتجلى في لبنان: فمنذ تسعين يوماً يقيم الشعب في الشارع و”الدولة” غائبة، بلا حكومة، والمجلس النيابي معطل،
… ولما ضاق صدر ما تبقى من الدولة بهذا الحراك بعثت بقواتها الأمنية لتواجه عاصفة الغضب في الشارع، فاذا الجرحى بالعشرات والمعتقلون (مؤقتاً؟!) بالمئات.
لا دولة في هذا المشرق العربي الا إسرائيل،
ولا دولة في الوطن العربي عموماً الا إسرائيل،
هليلويا، هليلويا.. دقي يا مزيكة!
قراءة : طلال سلمان - صاحب جريدة "السفير" اللبنانية ورئيس تحريرها منذ آذار 1974 حتى آخر عدد من صدورها بتاريخ 4 كانون الثاني2017م ..
المزيد في هذا القسم:
- العقوبات الإيرانية واللعبة القذرة التي يقوم بها نظام بني سعود المرصاد نت - متابعات تعتبر الطاقة إحدى أهم المتغيرات الجيوسياسية والجيواقتصادية التي تمتلك مكانة خاصة في النظام الدولي والوصول إلى مصادر الطاقة...
- الإمارات ليكس: ترامب يطلب تخريب العراق بأموال السعودية المرصاد نت - متابعات ليست دولة الإمارات التي باتت الجاسوسية صفة ملازِمة لسفرائها في البلدان العربية والأجنبية بعيدة من المخطط الأميركي - الخليجي المعمول عليه ...
- "نجل زعيم الايزيديين": على العالم التحرك لوقف إبادة الاقلية الايزيدية في العراق قال "نجل زعيم الايزيديين" برين تحسين بك الثلاثاء ان الاسرة الدولية لا تقوم بما يكفي لوقف الابادة التي تتعرض لها الاقلية الايزيدية في العراق على ايدي مسلحي "داعش...
- 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس المرصاد نت - متابعات أبرمت بلدية الاحتلال في مدينة القدس اليوم اتفاقاً مع ما يُسمى بـ«سلطة دائرة أراضي إسرائيل» ستُبنى بموجبه 20 ألف وحدة استيطاني...
- محادثات فيينا : آلية التبادل التجاري مع إيران لتفادي العقوبات الأميركية باتت جاهزة! المرصاد نت - متابعات أعلن الاتحاد الأوروبي أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا باتت لديها آلية تجارة خاصة مع إيران جاهزة ومفعلَة بهدف تفادي العقوبات الاقتصادية الأمير...
- يوم القدس العالمي مابين إرتهان الانظمة ويقظة الشعوب ! المرصاد نت - متابعات مابين أنظمة عملية تشبثت بعروشها وباعت الأوطان وخنقت الشعوب وأماتت الضمائر وأضاعت الهوية ودفنت القضية وبين شعوب يحاول عدوها اللدود القديم ...
- فلسطين : «التهدئة» قيد المراوحة... ورواتب «السلطة» 50% المرصاد نت - متابعات رغم استمرار الهدوء الميداني تواصل إسرائيل «تقييماتها» إذ صار ملف التهدئة مع غزة مطروحاً في «الكنيست» ضمن عرض أمني...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد السوري! المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر عسكري سوري بارتقاء عدد من الشهداء في صفوف الجيش العربي السوري وحزب الله إثر قصف بطائرة تركية مسيرة في منطقة الزربة بريف حلب، ال...
- واشنطن تدرج أشخاص وكيانات على لائحة الإرهاب بذريعة ارتباطها بحزب الله المرصاد نت - متابعات فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ضد ستة أشخاص وسبعة كيانات تقول إنهم على صلة بحزب الله في لبنان. وذكرت وزارة الخزانة في بيان لها أن...
- احتدام الخلافات بين أمراء السعودية.. ماهو السبب؟ المرصاد نت - متابعات تصاعدت حدة الخلافات في الآونة الأخيرة بين أمراء السعودية حيث استنكر الأمير وليد بن طلال الحكم القضائي الذي أصدره أمير الرياض بحقّه والذي ...