«بريكست» يُحيي معركة استقلال اسكتلندا !

المرصاد نت - متابعات

بعد نحو ست سنوات على بتّ مسألة الانفصال عن المملكة المتحدة في صناديق الاقتراع، أعطى «بريكست» دفعاً جديداً لأنصار استقلال اسكتلندا المصمّمين لإعادة فتح النقاش، بالرغم من موقفJansaon2020.1.28 لندن الحازم في هذا الصدد. ومع اقتراب الموعد المحتوم بعد سنوات من التأجيل، لا يلقى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي قبولاً في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية، المقاطعتين اللتين صوّتتا ضد «بريكست» في استفتاء عام 2016، ما يثير مخاوف من حصول انشقاقات في وحدة البلاد.

ويرى الاستقلاليون أن هذا الخيار التاريخي يستدعي معاودة استشارة الاسكتلنديين الذين صوّتوا بنسبة 55% للبقاء ضمن المملكة المتحدة في استفتاء جرى عام 2014، إذ يقولون إن بعض سكان المقاطعة الذين صوّتوا بنسبة 62% ضد «بريكست» بدّلوا موقفهم وباتوا يؤيدون أن تشق اسكتلندا طريقها بنفسها بعد أكثر من 300 عام من الوحدة، ما يسمح لها نظرياً بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ومن هنا، شدّدت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجون، التي تتزعم «الحزب الوطني الاسكتلندي» الاستقلالي، الضغط على الحكومة البريطانية لحملها على تنظيم استفتاء ثانٍ حول «بريكست» وبعثت برسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني «المحافظ» بوريس جونسون، ضمّنتها طلباً رسمياً في هذا الصدد، معتبرة أن فوز حزبها الساحق في الانتخابات التشريعية في كانون الأول/ديسمبر الماضي هو بمثابة «تفويض مُنح لها من أجل ذلك». لكن جونسون رفض ذلك بشكلٍ قاطع معتبراً أن هذا الأمر «سيطيل الركود السياسي الذي عرفته اسكتلندا خلال العقد المنصرم».
موقف جونسون دفع ستورجون إلى اتهام «المحافظين» الحاكمين بتجاهل إرادة الشعب، حيث كتبت في «تغريدة» في موقع «تويتر» قالت فيها إن «المشكلة بالنسبة إلى المحافظين أنهم كلما حاولوا منع الديموقراطية... غذوا دعم قضية الاستقلال».
وأمام تصلّب الحكومة، قد تحاول السلطات المحلية الاسكتلندية اللجوء إلى القضاء لكن الخبراء يرون أن مثل هذا المسعى قلما تكون لديه فرص في النجاح، إذ رأت الجمعية البريطانية للقانون الدستوري أن «مسألة إجراء استفتاء ثان أو لا وبأيّ شروط، شأن سياسي يلقى حلّاً على الساحة السياسية». ويعتقد الكثيرون أن من الأجدى انتظار الانتخابات التشريعية الاسكتلندية المقبلة عام 2021 للحصول على المزيد من الوزن السياسي.
من جهته، صرّح زعيم «الحزب الوطني» الاسكتلندي في البرلمان البريطاني إيان بلاكفورد، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «هيرالد» بأن وزراء حكومة جونسون «المحافظين» قالوا له في أحاديث خاصة إنه سيكون من «الصعب على المدى البعيد» على الحكومة البريطانية أن تستمر في خطها، فيما رأت أستاذة السياسة المحلية في جامعة «إدنبره»، نيكولا ماك إيوين، أنه إذا ما ظهرت غالبية واضحة مؤيدة لاستفتاء جديد، «فسيتحتم على الأرجح على الحكومة البريطانية القبول بذلك».
وفي هذه الأثناء، تجري بانتظام تظاهرات مطالبة بالاستقلال في شوارع إدنبره وغلاسكو. وتحدى حوالى ثمانين ألف شخص البرد القارس والأمطار الغزيرة في كانون الثاني/ يناير دفاعاً عن قضيتهم، رافعين أعلاماً اسكتلندية زرقاء وبيضاء. وفي حال سمحت لندن في نهاية المطاف بتنظيم استفتاء، فإن استطلاعات الرأي لا تعكس أي غالبية واضحة لأي من الطرفين. وقالت ماك إيوين «حصل دفع (في اتجاه الاستقلال) لكنه كان متواضعاً واقتصر بشكل رئيسي على الذين صوّتوا من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي». لكن إن تأتّت تبعات اقتصادية سلبية عن بريكست خلال السنوات المقبلة، فذلك قد يؤجّج الاستياء في اسكتلندا، ويعطي حججاً إضافية للاستقلاليين.

ثلاثة أيام تفصل عن الوداع الأخير: بريطانيا تستعد للتحليق منفردة!
دخلت المملكة المتحدة أمس أسبوعاً تاريخياً سيفضي في نهايته ــ الجمعة ــ إلى أن تكون أول بلد يغادر الاتحاد الأوروبي، بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من مساعٍ مضنية للانفصال. البعض يحتفلون، فيما ينتظر آخرون بحزن يوم 31 كانون الثاني/ يناير 2020، الساعة 23,00 ت غ، موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي أرجئ ثلاث مرّات، وكان مصدر انقسام داخلي كبير في المملكة المتحدة. لكن الانفصال لا يعني نهاية تامّة للمتاعب بين لندن والدول الـ27 المتبقية في الاتحاد الأوروبي، بل هو يمثّل انطلاقة لمفاوضات صعبة ستحدّد أسس العلاقة بين الطرفين.

وبهذه المناسبة ستدخل قطعة نقدية من فئة 50 بنساً قيد التداول ستطرح بدايةً ثلاثة ملايين قطعة منها، ثم سبعة ملايين. كذلك، سيلقي رئيس الوزراء بوريس جونسون، المؤيّد القوي لـ«بريكست»، خلال الليلة، كلمة للأمة. وكان هذا الأخير قد قال في تصريح أول من أمس: «يوم الجمعة يمثل لحظة تاريخية في تاريخ مملكتنا المتحدة». وأضاف: «مهما كان تصويتكم في 2016، حان الوقت لنتأمل بثقة ذلك البلد الطليعي الذي سنكونه في العقد المقبل، وللملمة جراح انقسامات الماضي». ويشير جونسون، بذلك، إلى الانقسام بين مؤيدي «بريكست» ومعارضيه، والذي صوّت 52% من البريطانيين لصالحه في استفتاء عام 2016. لكن مهمّة توحيد البلاد لن تكون سهلة أمامه إذ رفضت مجالس النواب المحلية في اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية قانونه بشأن «بريسكت».

في غضون ذلك تبقى هناك خطوة أخيرة قبل النهاية الرسمية لعلاقة دامت 47 عاماً بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي وتتمثل في اعتماد البرلمان الأوروبي، غداً، اتفاق «بريكست» الذي وُقّع الجمعة في كل من بروكسل ولندن. ويأتي ذلك بعدما وقّعت الملكة إليزابيث الثانية، في 23 كانون الثاني/يناير، النص المؤلّف من 535 صفحة والذي تم التوصل إليه في تشرين الأول/ أكتوبر وحوّل اتفاق الخروج إلى قانون بريطاني. وعلى ممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن يُعلنوا موافقتهم كتابياً على النص الخميس وهي الخطوة الأخيرة الرسمية.

غير أن 31 كانون الثاني/يناير موعد رمزي فقط، فلا شيء كثيراً سيتغير، فعلياً ومباشرةً، بعد هذا التاريخ. وينص اتفاق الخروج على مرحلة انتقالية تمتد حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2020، على المملكة المتحدة خلالها أن تطبق قواعد الاتحاد الأوروبي، لكن من دون حقّ التصويت على قراراته. في هذه الأثناء، عيّن الاتحاد الأوروبي سفيره السابق في الولايات المتحدة البرتغالي جواو فاليه دي ألمييدا، سفيراً في لندن، يتولى مهامه في الأول من شباط / فبراير. وتهدف المرحلة الانتقالية، خصوصاً، إلى أن تعمل لندن وبروكسل على البحث في طبيعة علاقتهما المستقبلية، لا سيما في مجال التجارة.

وفي هذا الإطار، يريد جونسون أن ينهي المفاوضات الانتقالية، خلال وقت قياسي، مستبعداً أي إرجاء لموعدها إلى ما بعد نهاية العام. لكن الأوروبيين يعتبرون أن هذا الوقت لا يكفي، وأنه يجب تحديد الأولويات. كذلك، أعلن جونسون بوضوح أنه يرغب في اتفاق مشابه لاتفاق بلاده التجاري مع كندا، مع عدم الالتزام بقواعد التكتل الأوروبي. وفي الموازاة، تريد المملكة المتحدة التفاوض على اتفاقاتها الخاصة للتبادل التجاري الحرّ مع دول أخرى، خصوصاً الولايات المتحدة في ظل إدارة دونالد ترامب، الذي توقّع اتفاقاً تجارياً «مذهلاً» مع لندن. ولكن لن تكون المفاوضات البريطانية ــ الأميركية سهلة، لا سيما مع إعلان لندن أنها ستفرض ضريبة رقمية على الشركات التكنولوجية الكبرى في نيسان / أبريل، رغم تهديد الأميركيين بتدابير مقابلة.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية