المرصاد نت - متابعات
عندما مزّقت نانسي بيلوسي قبل يومين خطاب الرئيس دونالد ترامب عن حال الاتحاد أمام الكونغرس، كانت تفصح بذلك عن حنق مكتوم من المرحلة السابقة: عزل ترامب في مجلس النواب من دون شهود أساسيين أو أدلّة ضعف قدرة الديموقراطيين على الإقناع خلال محاكمة العزل أمام مجلس الشيوخ فشل استراتيجيتهم وأخيراً تبرئة الرئيس المرتقبة... كلّها صور حضرت في ذهنها لحظتها، مُذكّرةً إياها بأن المحاكمة كانت خطأً سيكلّف الحزب الديموقراطي الكثير وخصوصاً على المدى القريب أي خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.
عندما أصرّ عدد من النواب الديموقراطيين في آذار/ مارس الماضي، على عزل الرئيس دونالد ترامب، ردّت عليهم زعيمة الأغلبية، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بالقول إن عليهم أن يتجنّبوا القيام بهذه الخطوة ما لم يكن هناك سببٌ مقنعٌ، أو في حال لم يكن هناك تأييد من الحزبين. مرّت أشهر عقب ذلك، تغيّرت خلالها معايير بيلوسي، وخصوصاً مع ظهور قصة ممارسة ترامب ضغوطاً على الرئيس الأوكراني، فولوديمير زلنسكي، لإجراء تحقيق في شأن هانتر بايدن ابن جو بايدن نائب الرئيس السابق والمرشح للانتخابات الرئاسية. بدت «الحكاية الأوكرانية» ساحرة وربما مقنعة، على الأقلّ بالنسبة إلى بيلوسي والديموقراطيين في الكونغرس الذين توالوا على إبداء قبولهم بدء إجراءات العزل. وإن كان ذلك نابعاً من واقع أن ما قام به ترامب لا يمكن تجاهله فقد اتّضح أن عملية العزل لم تحمل المعيار الأهم، المتمثّل في تأييد الحزبين. مع هذا لم تمتنع بيلوسي عن أن تغري نفسها بخرق السيناتور الجمهوري، ميت رومني، صفوف حزبه عبر التصويت بالإيجاب على اتهام ترامب بإساءة استغلال السلطة، لتروّج بناءً عليه لما سمّته «تأييداً من الحزبين». تأييدٌ أقلّ ما يُقال عنه إنه منافٍ للمنطق، ولا سيما أن بيلوسي كان بإمكانها أن تلمس استحالة تحقّقه، منذ بدء إجراءات المحاكمة، مروراً بعدم تعاون الجمهوريين والبيت الأبيض مع الديموقراطيين خلال إجراءات العزل في مجلس النواب، وصولاً إلى الهجمات التي شنّها هؤلاء مع محامِي ترامب على الديموقراطيين في مجلس الشيوخ.
في الواقع، كلّما كانت تقترب المحاكمة من نهايتها، كان يتّضح أن الديموقراطيين لم يصدّقوا للحظة أن بإمكانهم عزل الرئيس ربطاً بمسألة أوكرانيا، بينما شكّل الدافعَ الأساسي لخطوتهم منعُ ترامب من الحصول على ولاية ثانية في تتويج لمسار انتهجوه منذ بداية عهده عبر نشر الفضائح والتركيز على مسألة التدخل الروسي في انتخابات عام 2016. تجلّى كلّ ذلك عبر التحقيق الرديء الذي قاموا به في مجلس النواب وفشلهم في تركيز جهودهم على الحصول على الوثائق والأدلّة ومقابلة الشهود الأساسيين (المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون وكبير موظفي البيت الأبيض السابق ميك مولفاني...)، ما أدّى إلى عدم توفّر المواد القانونية الواجبة لعزل الرئيس.
لقد أعطى هؤلاء الأولوية للأجندة الانتخابية على حساب متطلّبات تحقيق متخصّص وشامل، حتى وصل الأمر بهم إلى أن بدت مرافعاتهم في الشق الثاني من المحاكمة، أي أمام مجلس الشيوخ، كأنها سُخّرت في جزء منها لتبرير قصور أدائهم في الشق الأول من المحاكمة بالاعتماد على تهمة عرقلة عمل «الكونغرس»، حيث عكفوا كذلك على إلقاء اللوم على مجلس الشيوخ بسبب الإخفاق في استدعاء الشهود والمستندات متجاهلين أن عمل هذا المجلس لا يتطلّب منه ما تقدّم بينما كان يجب على مجلس النواب التحقيق وإثبات القضية.
الآن، تنتقل المعركة إلى صناديق الاقتراع التي ستتأثّر حتماً بنتائج المحاكمة، وفق ما تنبئ به المؤشرات الآتية:
أولاً: أظهرت استطلاعات الرأي تحسّن موقع ترامب خلال أسابيع محاكمة العزل. كما أن الحكم بتبرئة الرئيس سيطلق عنان الأخير الذي سيسعى إلى استخدامه كهراوة لضرب خصومه خلال الحملة الانتخابية. يضاف إلى ذلك أن إجراءات العزل أدّت إلى توحيد الجمهوريين خلف ترامب وهذا ما أظهره استطلاع أجراه معهد «غالوب» حيث أعرب 49 في المئة من الجمهوريين عن دعمهم لرئاسته.
ثانياً: يبدو أن ترامب نجح، في النهاية، في القيام بما أراده منذ زمن، أي تشويه سمعة منافس ديموقراطي بارز، هو جو بايدن. وبحسب بيتر بينارت في مجلّة «ذي أتلانتك» تمكّن الديموقراطيون من تنشيط مناصري الرئيس فيما لم يستطيعوا هم تنشيط مناصريهم على نحو مماثل. وبالنظر إلى مدى رغبتهم اليائسة في خسارة ترامب فقد جاء الردّ عليهم عنيفاً ومخيفاً مودياً بضحيته الأولى أي نائب الرئيس السابق. فبايدن الذي بدا العام الماضي أهمّ منافس ديموقراطي لترامب بات الآن مهدّداً، جراء سيطرة نوع من الشك على الرأي العام الأميركي في شأن ارتكابات عائلته في أوكرانيا.
ولسخرية القدر حقّقت جهود العزل هدف ترامب من خلال تحويل أعمال ابن بايدن هانتر في أوكرانيا إلى محور الاهتمام، لتصبح قضية آل بايدن شبيهة بقضية مرشحة الحزب الديموقراطي لانتخابات عام 2016 هيلاري كلينتون عندما طُرحت علامات استفهام كثيرة في شأن رسائل إلكترونية مُحيت من بريدها. بناءً عليه وعلى الرغم من أن ترامب وحلفاءه لم يتمكّنوا من إثبات أيّ عمل سيّئ من قِبَل بايدن إلا أن «القصة الأوكرانية» جعلت 23% من الأميركيين أقلّ تفضيلاً للتصويت لبايدن وفقاً لاستطلاع أجراه موقع «Investor Business Daily» بينما أشار 8% إلى أنهم من المحتمل أن يصوّتوا له. كذلك، أفاد استطلاع أجراه «Hill-HarrisX poll» في الشهر نفسه بأن 54% من المستقلّين ــــ وحتى 40% من الديموقراطيين ــــ رأوا أن «تعاملات هانتر بايدن التجارية في أوكرانيا مسألة من المهم التطرّق إليها في إطار الحملة الانتخابية».
ثالثاً، ربّما تتمخّض عملية العزل عن نتيجة أوسع وأكثر شمولاً، تتمثل في تحسّن موقع الجمهوريين عموماً، انتخابياً. فما قاله زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عن أن الجمهوريين الذي يتحضّرون لإعادة انتخابهم باتوا «في حال أفضل اليوم ممّا كانوا عليه قبل بدء محاكمة العزل» ربما يعبّر عن جزء من الحقيقة ولا سيما أن العديد من الديموقراطيين الذين صوّتوا لعزل ترامب سيعانون من تبعات خيارهم إذ سيكون عليهم إقناع جمهورهم بخلفيات هذا الخيار وخصوصاً في الولايات المتأرجحة.
المزيد في هذا القسم:
- ضرب سفير أمريكا في كوريا الجنوبية بـ''شفرة حلاقة'' في وجهه أصيب السفير الأميركي في كوريا الجنوبية مارك ليبرت بجروح في هجوم شنه مسلح أمس الخميس في العاصمة سيؤول، بحسب ما أفادت تقارير تلفزيونية. ونقلت قناة "واي تي ان" ...
- فلسطين : شهيدان في رام الله وإسرائيل تخشى الضفة! المرصاد نت - متابعات بينما أفاقت الضفة على خبر استشهاد شابين في حادث لم تُعرف تفاصيله الدقيقة بعد حذّرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حكومتها من «استفزاز ...
- إغلاق «القناة» بوجه الإمدادات النفطية: السيسي شريكاً في حصار سوريا! المرصاد نت - متابعات ليس منتظراً من إدارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن تخرج وتقرّ بأنها تمنع النفط عن سوريا. سياسة الحياء من الطاعة للأميركي المستلهمة م...
- المحور السعودي يتنكّر لمواقفه: نرفض العدوان على الأشقّاء! المرصاد نت - متابعات دفع العدوان والهجوم التركي في الشمال السوري بعض الدول العربية التي تشكل المحور المقابل للمحور التركي - القطري وعلى رأسها السعودية والإمار...
- تجدد الاشتباكات في مخيم للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر أمني بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان. وتجددت الاشتباكات بين حركة فتح وحركة "أنصار...
- وزارة الصحة الفلسطينية : شهيد في الضفة المحتلة ! المرصاد نت - متابعات أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد عمر هيثم البدوي (22 عاماً) بعد ظهر اليوم، بعد إطلاق جنود العدو الإسرائيلي النار عليه خلال المواجه...
- كيف يستهدف ترامب الصين في انسحابه من معاهدة مع موسكو؟ المرصاد نت - متابعات إعلان واشنطن عن الانسحاب من معاهدة "القوات النووية متوسطة المدى" المبرمة مع الاتحاد السوفياتي عام 1987 اتساقاً مع وعود ترامب الانتخابية و...
- مواجهات جديدة شرقي القدس..ومحادثات لـ"خفض التوتر" أفادت مصادر فلسطينية عن "اندلاع مواجهات جديدة بين قوات الاحتلال والأهالي في حي رأس العامود شرقي المدينة المقدسة". واصبحت مدينة القدس والبلدة القديمة حيث اعادت ...
- كتالونيا تصرّ على الانفصال ومدريد تصعّد.. في أسوأ أزمة تمرّ بها اسبانيا المرصاد نت - متابعات تصاعد التوتر بين إقليم كتالونيا ومدريد بعد إصرار الاقليم على الانفصال وفي آخر المستجدات رفضت الحكومة الإسبانية الدعوة التي أطلقها رئيس حك...
- واشنطن ألقت أكثر من 26 ألف قنبلة العام الماضي على الشرق الأوسط وتسعي لتقسيم ليبيا الى 3 د... المرصاد نت - متابعات كشفت صحيفة ديلي تلغراف في تقرير جديد لها الاثنين أن واشنطن ألقت أكثر من 26 ألف قنبلة العام الماضي على المنطقة 12 ألف منها في سوريا و...