المرصاد نت - متابعات
إنَّ ما قدَّمته الإدارة الأميركية تحت مُسمى "السّلام الإسرائيليّ الفلسطينيّ" يدفعنا إلى الوقوف على نقاط مهمّة:
أولاً: على الرغم من أنَّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب هي التي أعلنت عن الخطة، بما تحتويه من تفاصيل كلية وجزئية تتعلّق بمسارات تصفيةٍ كاملةٍ لحقوق الشعب الفلسطيني، فإنّ ذلك لا ينفي أبداً أنَّ إقدام الإدارة الأميركية على هذا السلوك يعود إلى عدة عوامل:
- لم تدعم أي إدارة أميركية مسار التسوية العادل بشكل حقيقي، بل إنّ نجاح أيّ مرشح في الوصول إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، كان نتيجة خضوعه لعدة اعتبارات، بما في ذلك مراعاة الدعم غير المحدود للكيان الإسرائيلي في سياسته الخارجية وضمان أمنه وتفوقه.
- أظهرت الوقائع السّابقة أنَّ الإدارات الأميركيّة المتعاقبة سعت في محدّدات سياستها الخارجيّة إلى تأمين الظروف والمناخات المناسبة للوصول إلى ما يُسمى "صفقة القرن"، بما في ذلك الترهيب والترغيب في التوصّل إلى اتفاقات سلام منفردة شكَّلت نماذج مصغّرة من الخطة الأميركية الحالية، من "كامب دايفيد" إلى "وادي عربة" إلى "أوسلو".
- يتألّف العامل الثالث من شقّين هما تأثير الإنجيليين في صنع القرار داخل الإدارة الحالية، ودور الأخيرة في الدفع نحو تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع بعض الأنظمة العربية، بذريعة مواجهة التمدّد الإيراني، في ظلّ إحداث فوضى داخل دول محور المقاومة.
ثانياً: لا يمكن أن نصف طرح الإدارة الأميركية بأنَّه "صفقة"، فمن المنظور اللغويّ، تعبّر "الصفقة" عن حالة تجارية أو اقتصادية.
ولو تجاوزنا ذلك، فإن الصفقة تتمّ بين طرفين، وتحقّق منافع مشتركة ومتوازية بينهما، ولا يخرج أحد أطرافها خاسراً، بخلاف "صفقة القرن"، التي صبَّت بمجملها في مصلحة الكيان الصهيوني، وتمت في ظلّ غياب الجانب الفلسطيني.
ثالثاً: تمَّ تطبيق ما يزيد على 70 في المئة من الخطة الأميركية خلال السنوات الثلاث الماضية، من خلال فرض إدارة ترامب الأمر الواقع، بدءاً باعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل السفارة إليها، مروراً بتجفيف الموارد المالية للأونروا، وتوطين اللاجئين، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، وإعطاء الضوء الأخضر لضمّ المستوطنات في الضفّة، والسّيطرة الأمنيّة الإسرائيليّة على المعابر كافة، وخنوع السلطة أمنياً للكيان الإسرائيلي، وتطبيع الأنظمة العربية مع "إسرائيل" بشكل متسارع.
ولعلّ الحفاظ على سلاح فصائل المقاومة، وتمسّك اللاجئين بحقّ العودة، وصمود الأسرى، وعدم النجاح في تغيير موقف سوريا، شكَّلت أبرز النقاط الّتي تقلق تل أبيب وواشنطن معاً.
رابعاً: من حيث التّوقيت السياسيّ، يمكن القول إنَّ الإعلان عن الخطة يأتي في إطار خدمة التموضع الانتخابي لنتنياهو وترامب، ذلك أنَّ الأخير يريد محاباة اللوبي اليهودي الفاعل والمؤثر في المشهد السياسي الأميركي ومغازلته، وفي الوقت ذاته، تخفيف حجم الضغوط التي تواجهه داخلياً في ما يتعلق بقضية العزل، نتيجة ملفّي أوكرانيا وتجاوز سلطات الكونغرس.
أمّا نتنياهو، فيريد استثمار الصّفقة حتى يضمن نتائج الانتخابات التي ستُعاد للمرة الثالثة في آذار/مارس القادم لمصلحته. وتشي دعوة واشنطن لخصمه السياسيّ في هذه الانتخابات، زعيم حزب "أزرق - أبيض"، بيني غانتس، واجتماع ترامب معهما قبل إعلان الصفقة وبعده، بأنَّ هناك حراكاً وضغطاً أميركياً للوصول إلى صفقة تتضمَّن تشكيل حكومة وحدة وطنية داخل الكيان، مهما كانت النتائج، لمواجهة التحديات الإقليمية المتنامية.
ولعلَّ إقدام نتنياهو على سحب طلب الحصانة خير دليل على ذلك، ولكنْ ثمة جانب آخر لهذا التوقيت، يتعلَّق بالتحوّلات والتغيّرات التي شهدها النظام الإقليمي، وخصوصاً بعد تبنّي محور المقاومة استراتيجية إخراج أميركا من المنطقة إثر اغتيال الفريق قاسم سليماني.
وبالتالي، سارعت الإدارة الأميركية إلى الإعلان عن صفقتها، من دون انتظار انتخابات الكنيست، خشية حصول تطورات متسارعة تضطرها إلى الانسحاب من العراق أو سوريا قبل الإعلان عنها.
خامساً: في ميزان الربح والخسارة، كانت كفة المصالح الإسرائيلية ساحقة في مقابل حرمان الشعب الفلسطيني من أدنى حقوقه، وهو ما برز في كلِّ جوانب الخطة الأميركية السياسية والاقتصادية والأمنية، إضافةً إلى ملفات "المعتقلين والمعابر واللاجئين".
سادساً: تتمثل النقطة الأخطر والأبرز في كلّ ما تقدم في شقّين أساسيين، الأول هو تراجع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن تطبيق قرارات المجلس المركزيّ، بإعلان حلّ السلطة والانسحاب من "أوسلو".
برز هذا الأمر في خطاب عباس أثناء اجتماع وزراء خارجية جامعة الدول العربية، عندما أعلن أنه أبلغ الإسرائيليين بتحمّل مسؤولياتهم كقوّة احتلال، وفق قرارات جنيف الأربعة، وهو ما من شأنه عدم إعلان الانسحاب من أوسلو بشكل صريح وواضح، واستمرار السلطة في التنسيق الأمني مع "إسرائيل".
وفي الشق الثاني، ليس مصادفةً أن ينشر المتحدّث باسم تنظيم "داعش"، المدعو "أبو حمزة"، تسجيلاً صوتياً قبل يوم واحد من إعلان ترامب الصّفقة، طلب فيه من أتباع التنظيم "مهاجمة اليهود والمستوطنات، وإفشال خطة ترامب، واسترداد ما سلبوه من المسلمين"، مضيفاً: "ندعوكم إلى الالتحاق بجنود الخلافة الّذين يسعون إلى إزالة الحدود والسدود التي تحول بينهم وبين نزال اليهود"، مع ما تضمَّنته الصفقة من نزع سلاح الفصائل في غزة كشرط للاعتراف بدولة فلسطين.
إنّ عدم قيام الفصائل بـ"تسخين" الجبهات العسكرية والدعوة إلى المقاومة الشعبية، قد يدفع الشبان وبعض مقاتلي هذه الفصائل للانضمام إلى "داعش" للقيام بعمليات يريدها الإسرائيلي والأميركي باسم "داعش" نفسه، لإثبات مزاعمهما بأنَّ ما يحصل في غزة إرهاب، ونزع سلاح المقاومة، عبر استقطاب التحالف الدولي بقيادة أميركية قبل مغادرة العراق.
المزيد في هذا القسم:
- السودان: عدة التهشيم لا تلجم المعارضة والشارع يستجيب لـ«تجمع المهنيين» المرصاد نت - متابعات بعدما فشل في إلباسها ثوب الخيانة بات الرئيس السوداني يلمس خطورة الاحتجاجات غير المنظّمة على حكمه فيما لا تلقى دعوات الحوار التي يطلقها أو...
- تونس : مئات المشاركين الإسرائيليّن في«زيارة الغريبة»... تطبيع باسم السياحة؟ المرصاد نت - متابعات أثارت زيارة سياح إسرائيليّين جدلاً واسعاً في تونس ففيما كان يأتي هؤلاء في الأعوام الماضية للمشاركة في تجمع سنويّ بكنيس «الغريبة» وسط تكتّ...
- أموال « داعش»... كم تبلغ؟ وكيف حصل عليها؟ المرصاد نت - متابعات الحصول على الأموال وحركتها وتمويلها أو تصريفها هو أبرز المسكوت عنه في تأسيس التنظيم الإرهابي الذي سُمي إعلامياً بـ«داعش» و...
- سلطنة عمان.. اتصالات مع وزير الخارجية الإسرائيلي وقيادي فلسطيني المرصاد-متابعات قالت وزارة الخارجية العمانية إن الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي تلقى اليوم الاثنين اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الإسرا...
- بعد 7 سنوات على ربيعٍ عربيٍّ لم يزهر.. الانتقال السياسي يراوح مكانه المرصاد نت - متابعات "ثورة أم ربيع أم تحركات أو مؤامرة " كلها مصطلحات لن تغير حال ما وصل اليه الواقع العربي بعد سبع سنوات عجاف أصبحت وبالا على الشعوب التي لم ...
- "ذا غارديان": الأميركيون علموا بمكان البغدادي ولم يستهدفوه! المرصاد نت - متابعات كشف مراسل صحيفة "ذا غارديان" البريطانية مارتن تشولوف في تحقيق له من إربيل عاصمة إقليم كردستان العراقية من خلال مقابلة مع إحدى الأسيرات ال...
- بعد تزايد التوترات بين البلدين.. الهند تعلن قطع المياه عن باكستان! المرصاد نت - متابعات أعلن وزير الطرق والمواصلات والموارد المائية الهندي نيتين غادكاري أن حكومته قررت قطع المياه عن باكستان وتحويل مسار المياه إلى إقليم كشمير ...
- اتفاق أمريكي سعودي للتجسّس على مكالمات الخليجيين ومبالغ خيالية تدفع لزيارة ترامب المرصاد نت - متابعات تم تسريب وثيقة من قبل وسائل إعلام محلية وخارجية كشفت الستار عن صفقة سرية جرت بين واشنطن والرياض وتنص الوثيقة على رفع أسماء الدول الخليجية...
- تصعيد أممي ضد الاعتقالات التعسفية: بن سلمان «منافِق» المرصاد نت - متابعات لا تصمد صورة وليّ العهد «الإصلاحي والمدافع عن حقوق المرأة» كثيراً إذ سرعان ما تتعرض للاهتزاز كلما عادت السلطات إلى موقعها الم...
- الديمقراطيون قاطعوا الجلسة.. لجنة القضاء بمجلس الشيوخ توافق على مرشحة ترامب للمحكمة العليا المرصاد-متابعات أيدت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ اليوم الخميس تعيين القاضية إيمي كوني باريت، مرشحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المحافظة، عضوة في ال...