المرصاد نت - متابعات
اختتم «مؤتمر ميونيخ للأمن» أعماله وسط خلافات وانقسامات جوهرية باتت مترسّخة أكثر من أيّ وقتٍ مضى بين الحلفاء قبل الخصوم. انقساماتٌ غيّبت «العدوّ» المشترك لدول الغرب ليحلّ محلّه عتب أوروبي على السياسات المدمِّرة التي أنتجها شعار «أميركا أولاً» في ظلّ إدارة دونالد ترامب واستتباعه بالانكفاء عن الساحة الدولية. المعزوفة الأوروبية المكرورة معطوفةً على القلق «المبالغ فيه» قابلها خطاب أميركي حاسم لجهة الإعلان المبكر لـ«انتصار» محور الغرب في مواجهة «الإمبراطوريتَين» الصاعدتين: الصين وروسيا.
مَثّل «مؤتمر ميونيخ للأمن»، بنسخته الـ 56 فرصةً لبلورة اشتباك التحالف الغربي وارتفاع الصوت الأوروبي في مواجهة أميركا دونالد ترامب. الأخيرة وإن سعت إلى طمأنة حلفائها القلقين جرّاء تبديل أولوياتها للتركيز على مجابهة عدوّها الأول، الصين فهي سلّطت الضوء على اشتغالها لتعزيز هيمنتها المتآكلة عبر مكافحة تطوّر أيّ دولة تعترض طريقها: روسيا والصين وإيران، أو كما سمّاها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو «البدائل غير الليبرالية».
تجلّت الخلافات الأوروبية ــــ الأميركية في المؤتمر بأوضح صورها حتى صار التعارض في وجهات النظر يُقال على الملأ. سعى بومبيو إلى التخفيف مِن حدّة «القلق» الأوروبي في شأن العلاقة بين ضفتَي الأطلسي في عهد ترامب وتراجع النفوذ الأميركي على الساحة الدولية، وفق الفهم الغربي، قائلاً إن «الغرب ينتصر ونحن ننتصر معاً» وستسود «مُثُله وقيمه» وتتغلّب على رغبات موسكو وبكين في إقامة «إمبراطوريات»، ومساعيهما إلى «زعزعة النظام العالمي» المؤسَّس على قواعد. بهذا المعنى تريد واشنطن الحفاظ على القواعد القائمة، ومحاربة كلّ مَن يتخطّى الأطر التي أرستها الحرب الباردة.
لذلك فهي ترى مثلاً لا حصراً، في برنامج الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، تلاعباً في هذه القواعد، وتحدّياً مباشراً لنفوذها. ومن هنا، سُلّطت الأضواء في المؤتمر على الانقسامات، في ظلّ السجال الذي ازدادت حدّته في شأن مجموعة «هواوي» الصينية العملاقة للاتصالات. وضغطت واشنطن بشدّة لإقناع الدول بمنع «هواوي» من تأسيس شبكاتها من الجيل القادم لإنترنت الهواتف المحمولة «5 جي»، مشيرة إلى أن معدّاتها قد تستخدم لـ«التجسس» لمصلحة بكين. لكن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، كان أكثر وضوحاً حين قال إن «هواوي» مجرّد «نموذج» لاستراتيجية الصين «البغيضة» للتسلّل والهيمنة على البنى التحتية الغربية المهمة، وزاد أن التحدي الأمني الرئيسي أمام الولايات المتحدة قد تَغيّر ولم يعد روسيا، وإنما أصبح الصين.
هيمنت المخاوف مِن تراجع نفوذ الغرب في وجه تزايد النفوذ الصيني والروسي على الاجتماع السنوي لقادة العالم وكبار القادة العسكريين والدبلوماسيين لمناقشة التحدّيات الأمنية. وفي كلمته التي ألقاها لدى افتتاح المؤتمر الجمعة وجّه الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير نقداً للأنانية القومية التي تشيعها أميركا ــــ ترامب عبر رفض «فكرة المجتمع الدولي نفسها»، جنباً إلى جنب تحرّكها «على حساب الجيران والشركاء». ورأى أن شعار «أميركا أولاً» هزّ النظام العالمي، وأجّج انعدام الأمن في عالم غير مستقر، حيث «نشهد زخماً مدمِّراً متزايداً في السياسات الدولية».
وخصّ بالذكر الولايات المتحدة لتراجعها عن المسرح المتعدِّد الأطراف في وقت تتفاقم فيه التوترات بين قوى عسكرية كبرى وفي إشارة إلى شعارَي «لنعيد العظمة إلى أميركا» و«أميركا أولاً»، قال شتاينماير إن الإدارة الأميركية الحالية تصدر إشارات إلى أن على كلّ دولة التصرّف في سبيل مصالحها الخاصة وهو «نهج يميل إلى إفادة الأقوياء فقط». وردّاً على ذلك رأى بومبيو أن «هذه التصريحات لا تعكس الواقع» وأشار إلى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون من دون أن يسمّيه بقوله: «يسرّني أن أبلغكم بأن فكرة أن التحالف بين ضفتَي الأطلسي قد مات مبالغ فيها إلى حد كبير»، منوّهاً بأن واشنطن تؤدّي دوراً أساسياً في المحافظة على أمن أوروبا عبر تعزيز الأمن في الخاصرة الشرقية لـ«حلف شمالي الأطلسي» عند الحدود مع روسيا.
واستغلّ المؤتمر ليعلن أن بلاده ستموّل مشاريع طاقة في دول شرق أوروبا، كجزء من الجهود الرامية إلى خفض الاعتماد على الغاز الروسي؛ إذ تعتزم عبر «وكالة تمويل التنمية الدولية»، وبدعم من الكونغرس الأميركي، «تقديم ما يصل إلى مليار دولار من التمويل لدول وسط وشرق أوروبا الأعضاء في مبادرة البحار الثلاثة» بهدف «تحفيز استثمار القطاع الخاص في قطاعات الطاقة التابعة لها».
ويأتي هذا العرض وسط معارضة أميركية شديدة لمشروع أنابيب غاز «نورد ستريم 2» (السيل الشمالي 2) الروسي الذي يهدف إلى مضاعفة عمليات إيصال الغاز الروسي إلى ألمانيا. وشدد الوزير الأميركي على الحاجة إلى العمل بشكل مشترك لمواجهة التهديدات التي تشكّلها طموحات روسيا التوسّعية من جهة وتعزيز الصين وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي من جهة أخرى و«حملات الإرهاب» التي تقودها إيران في الإقليم. ودافع عن استراتيجية بلاده بالقول إن أوروبا واليابان وحلفاء آخرين للولايات المتحدة لديهم مواقف موحّدة حيال موسكو وبكين وطهران على الرغم ممّا وصفه «باختلافات تكتيكية».
فرنسا من جهتها كرّرت المخاوف التي أعربت عنها ألمانيا. وقال ماكرون إن الولايات المتحدة «تراجع علاقتها مع أوروبا»، مشدداً على أنّ على القارّة أن تتولّى تقرير مصيرها: «نحتاج إلى استراتيجية أوروبية تعيد إحياءنا وتحوّلنا إلى قوة سياسية استراتيجية». ورأى أن سياسة التحدّي التي انتهجتها أوروبا في التعامل مع موسكو على مدى السنوات القليلة الماضية باءت بالفشل وأن الخيار الوحيد يتمثّل في حوار أوثق لحلّ الخلافات بالنظر إلى أن لا أحد يرغب في المواجهة المباشرة مع الروس. وأضاف: «أسمع لهجة التحدّي من جميع شركائنا. لست مخبولاً لكنّي أعرف أن التحدّي مع الضعف ليس سياسة، بل هو نظام غير فعّال».
المزيد في هذا القسم:
- الصهاينة وعملاؤهم يحتفلون بقتل قادة المقاومة المرصاد نت -الشحات شتا بالامس احتفل الصهاينة وعملاؤهم الاعراب والوهابيين والخليجيين والمرتزقة معا بقتل البطل الشهيد مصطفي بدر الدين وقبل عدة اشهر احتفل ال...
- «دولة غزة» برعاية الإمارات! المرصاد نت - متابعات تأتي محاولة «حماس» لإيجاد متنفس عنها وعن سكان غزة كضرب من ضروب المراهنة المتكررة على أطراف كانت دوماً تمثل عداءً تاريخياً لها...
- مقتل ثلاثة صهاينة وإصابة خمسة آخرين وسط تل أبيب المرصاد نت - متابعات قتل ثلاثة صهاينه مساء اليوم الأربعاء في مستشفى “ايخلوف” متأثرين بجراحهم إثر إطلاق نار في المركز التجاري شارونا شارونا بتل ...
- أسعار النفط تنخفض دون 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ أوائل مايو المرصاد-متابعات للمرة الأولى منذ ما يقرب من شهرين، انخفضت إلى ما دون 100 دولار للبرميل، مما يعكس مخاوف المستثمرين المتزايدة بشأن الركود الاقتصادي في الولايات ...
- الشرطة البريطانية : مقتل أربعة أشخاص في هجوم لندن بينهم منفذه المرصاد نت - متابعات أعلن رئيس البرلمان البريطاني إغلاق مبنى البرلمان وتعليق أعماله مع الإبقاء على البرلمانيين بداخله بعد سقوط ضحايا بإطلاق النار على جسر ويست...
- ما حقيقة دخول قوات البشمركة من تركيا الى كوباني؟ تضاربت المعلومات حول دخول قوات من الأمن الكردي "البشمركة" من تركيا إلى مدينة كوباني السورية. وفي وقت تحدثت مصادر عن سماح السلطات التركية بمرور ٢٠٠ عنصر من قوات...
- سرايا القدس أطلقت 3249 صاروخا وقذيفة وقدمت 121 شهيداً خلال العدوان على غزة اعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في بيان الجمعة انها قصفت "اهدافا صهيونية مختلفة خلال معركة البنيان المرصوص بـ3249 صاروخا وقذيفة من بينها ...
- "هدم المنازل" عقاب جماعي... يقابله المقاومة الفلسطينية المتنامية المرصاد نت - متابعات سبعون عاماً من الهدم المُمنهج لمنازل الفلسطينيين بشكلٍ عام والمقاومين والشهداء بشكلٍ خاص هو ما تفتق عنه الذهن الصهيوني لتوسيع نطاق سيطرته...
- هكذا استقبل العالم 2020م... احتفالات لم تخلُ من الاحتجاجات! المرصاد نت - متابعات أستقبل العالم العام الجديد 2020م اليوم الأربعاء بعروض للألعاب النارية انطلقت من سيدني إلى لندن. لكن أحداثاً بينها الاحتجاجات المتواصلة في...
- جيروزالم أون لاين : أيام السيسي باتت معدودة .. دولة خليجية وضعت خطة 'رحيله ' وجهزت البدل... المرصاد نت - متابعات اعد موقع ” جيروزالم أون لاين ” الاسرائيلي تقريرا حول الأوضاع المصرية مشيراً إلى أن نظام السيسي غير مستقر كما أنه يمثل عبئا...